حكاية 39

33 7 0
                                    

-يا بابا واللهِ معملتش حاجة.
-‏إنتِ تسكتي خالص، كل دا ومعملتيش؟ أومال لو كنتِ عملتي بقى كنتِ هتعملي ايه؟ ها؟ ردي عليا.
عيطت:
-‏أنا واللهِ مكنش قصدي، احنا كنا بنلعب سوا وهو وقع، أنا موقعتوش واللهِ هي بتكدب.
-‏بتقولي على عمتك كدابة كمان؟ لا بقى دا أنا أربيكي من أول وجديد.
صوت صريخي عِلي، كنت بعيط وبتوجع بأقصي ما عندي، أنا كنت بلعب مع ابن عمتي وبس، موقعتوش، واللهِ ما وقعته، بس أنا دايما محدش بيصدقني، دايما بيشوفوني كدابة، وبابا دايما بيكدبني، ومش بس بيكدبني، بيكدبني وبيضربـ،ـني كمان.

-اهدي يا حبيبتي اهدي.
-‏يا تيتا معملتش حاجة واللهِ، بابا دايما بيضربـ،ـني، جسمي كله فيه علامات مش بتروح، هو بيكرهني يا تيتا؟
حضنتني:
-‏لا يا حبيبتي بيحبك.
-‏بس لما هو بيحبني، بيعمل فيا كدا ليه؟
-‏مش عارفة يا كيان، مش عارفة.

كبرت وأنا عايشة وسطهم على كدا، كل ما بغلط بتعاقب، حتى وأنا كبيرة، وعشان كدا بقيت مبحسش، باردة زي ما بيتقال، مش بحب البشر، ولا بحب حد، ولا حتى بحب أهلي، كرهتهم كلهم، كلهم بلا أي استثناءات، لأنهم مش أهل، حتى جدتي اللي كانت بتقف في صفي، كانت بتشوفني بتعاقب منه وبتسكت مش بتتكلم، بتخاف تتكلم، رغم إنها هي الوحيدة اللي تقدر توقفه، لكن الكل مقتنع إني كدا بربيني وبيعلمني، لكنه كان بس بيخليني أسكت، مكنش أبدا بيربيني ولا بيعلمني، هو كان بس دايما بيبني بيني وبينه حاجز، وبيني وبين أي بشر حاجز
أنا بقيت بخاف
بخاف أخرج الشارع
بخاف حد يقرب مني يأذيني
بخاف أتكلم
بخاف أحب وأصاحب
اتحرمت من كل شيء
حتى الأم، معرفتش شعور إن يكون عندي أم، اتحرمت منها من وأنا صغيرة، مشوفتهاش حتى، ماتت وهي بتولدني، محستش بيها في حياتي.

-كامل مات يا كيان، أبوكي مات يابنتي.
-‏الله يرحمه.
مردتش غير بكدا، محستش بحاجة، ولا فرحت ولا حتى زعلت، عادي، وجوده زي غيابه، مكنش فارق معايا من الأساس، لأنه مكنش أب، مكنش ولا عمره هيكون الأب اللي أتمناه لنفسي، كان مجرد أب في الاسم وبس، لكن غير كدا فهو مكنش موجود أساسًا.

-إنتِ هتتجوزي غيث ابن عمك.
-‏نعم! ودا ليه إن شاء الله؟ أنا مش هتجوز حد، وأعلى ما في خيلكم اركبوه، أنا مش تحت رعايتكم، وأنا أقدر أرفض وبراحتي، محدش هيتحكم فيا، سيبوني في حالي بقى، كفاية اللي عملتوه فيا، ارحموني.
-‏لو متجوزتيهوش مش هتاخدي نصيبك من ورث أبوكي.
-‏مش عايزاه، مش عايزة منكوا حاجة، حتى البيت هسيبه ليكوا وأمشي، مش عايزة من وشكوا حاجة، اعتبروني مت ولا اتقتلت.

فاكرين إني عبدة تحت ايدهم، رغم كل دا عايزين بردو يدمروا حياتي أكتر ما هي متدمرة، عايزين يجوزوني لابن عمي اللي لا شوفته لا هو ولا أبوه مرة في عمري، ولا أعرفه ولا أعرف شكله ولا أعرف شيء عنه غير إنه هو وعمي انتقلوا لاسكندرية بسبب خلافات، هييجوا يصلحوا علاقاتهم على حسابي أنا؟

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن