-يعني ايه حب يا كيان؟
ضحكت وأنا بقوم من مكاني وبتمشّى:
-دا موضوع يطول شرحه.
-قولي.
روحت قعدت على طرف السرير، وعيني متثبتة على نقطة، نقطة بعيدة، وبلا هدف، ابتسمت لمجرد ما تخيلت شخص مجهول قدامي، شخص بحبه وبيحبني:
-الحب مفهومُه بيختلف من شخص للتاني يا وعد.
سندت كفها على دقنها:
-ازاي؟
-كل واحد بيشوف الحب من منظورُه ومفهومه هو، بيشوف اللي ناقص عنده ومحتاج يلاقيه في الشخص اللي قدامه، أنا مثلا يا وعد، مش ناقصني شيء في حياتي، عندي أهل صحاب شغل هواية بحبها، لكن رغم حياتي اللي تبان مثالية إلا إني مفتقدة شيء في غاية الأهمية.
-وايه هو يا كيان؟
قومت مشيت خطوتين ونغزة غريبة احتلت قلبي:
-مفتقدة التفاهم، إن حد يفهمني، يفهمني من عيوني، ميصدقش كلامي وقت عصبيتي لما بيخرج مني كلام مش قاصداه، كلام غبي ممكن ينهي علاقتي بأي حد، مفتقدة الحنية، ناس كتير حنينة عليا مش هنكر، لكنني أرق من إن حد يتعامل معايا بعنف، بيبان إني مفيش شيء بيهزني، لكنني من مجرد هوا ممكن أقع ومقدرش أقوم مرة تانية، أكتر شيء ممكن يأسر قلبي ويخطفني إن محدش يفهم أفعالي بطريقة عكس اللي في بالي، تفتكري يا وعد ممكن ألاقي حد يشبهني ويشبه قلبي؟
حطت ايدها على كتفي بحنية أخت:
-هتلاقي يا كيان، هتلاقي أكيد.ازاي الإنسان يثق في شخص غريب عنه ويسلمه مفاتيح قلبه وعقله ويحط ايديه بين أياديه ويسلم نفسه ليه بكل إرادته الحرة؟
أنا دايما بحس بحب جوايا كبير لشخص ما، غير معروف مجهول، لكنني عارفة ومتأكدة إنه لما ييجي هحبه أوي، رغم كل عيوب شخصيتي إلا إن قلبي لو حَب هيساع الدنيا كلها بحبُّه.-ما تقابليه، مش يمكن توافقي؟
-مش عارفة يا وعد، أنا خايفة، حاسة بشيء غريب بجد، ومش هعرف أرفض أقابله، شكل بابا حبه أصلا.
-أجيلك طيب؟
ابتسمت بحُب:
-لا يا حبيبي تسلمي، هخلص اليوم وهكلمك أحكيلك أكيد.وجود شخص معاك في ضهرك دايما، بيحاول يسندك ويدعمك أوقات خوفك وقلقك ورعبك من الحياة، الشخص دا أهم شخص في الحياة، حاول قدر الإمكان تحافظ عليه، لأن خسارته كبيرة جدا.
-عندك أي أسئلة؟
كنت قاعدة منكمشة في نفسي، فين كيان الجريئة اللي كانت بتهري العِرسان أسئلة؟ القطة أكلت لسانها؟ ياربي منك يا كيان.
-حضرتك كويسة؟
-حضرتي!
ابتسم وابتسامته كانت لطيفة خالص:
-ياه طلعتي بتتكلمي أهو.
أخدت نفس كبير وخرجته ببطء:
-علاقتك بربنا عاملة ازاي؟
-علاقتي بربنا أهم شيء في حياتي، أولى أولوياتي كلها، بحاول أنتظم في الصلاة في الجامع وعلى صلاة الجماعة، وبصلي قيام الليل أحيانا مش دايما، لكنني دايما بحاول أحسن من نفسي.
كنت مبتسمة وحتى هو لاحظ دا وابتسم على ابتسامتي، حلو أوي أستاذ غيث دا، لذيذ كدا ميتزهقش منه أبدا.
-شايفك فرحتي بالرد بتاعي؟
-هتوافق تسيبني أشتغل؟
-لو حابة فأكيد مش هيكون عندي مانع، لكن متقصريش في دورك كزوجة.
-وحضرتك هتساعدني في شغل البيت؟
-أكيد، الحياة الزوجية مبدأها الأساسي التعاون والتشارك، لكن أكيد مش هتسيبيني يعني أعمل الشغل كله.
ابتسمت:
-لو جيت في يوم وحصل بيننا خناقة، وكان لازم إنت اللي تنهيها، ومثلا كانت بيني وبين مامتك، رد فعلك هيكون ازاي؟
-مش هزعل أمي أكيد، هراضيها، وهراضيكِ، وأكيد لو والدتي مكنتش موافقة عليكِ وحباكِ مكنتش هكون هنا دلوقتي.
رده كان جميل جدا، اللي يفضل مراته على والدته دا ميكُنش أبدا زوج جيد، إطلاقًا.
-لو حصل بيننا في يوم مشكلة هتحلها ازاي؟
-لو الغلط عندك هحاول أناقشك فيه بكل هدوء، ولو الغلط عندي المفروض نتناقش فيه بهدوء بردو، لأن الحياة لا تخلو من المشاكل أكيد.
-لو حصل بيننا نصيب أنا مش عايزة فرح.
-وأهلي؟
-أنا آسفة بس لو حضرتك مش موافق فأنا مش مضطرة أشيل ذنوب ليلة كاملة وفيها معاصي كتير تغضب ربنا تحت مسمى إنها ليلة في العمر.
-فاهمِك.
كان بيقولها بنبرة هدوء وابتسامة صغيرة لطيفة كدا ظهرت، لا لا اللطف دا كله كتير على قلبي بجد.