-مش قادرة كفاية، كفاية حرام.
مسك ايدي جامد وقال:
-استحملي، عشان خاطري، عارف إنك تعبانة، خلاص هانت مفاضلش غير حاجة بسيطة خالص ياحبيبي وهنمشي.
قولت بضعف:
-مش قادرة يا غيث، مش قادرة.
-يا دكتور مفيش أي شيء يتاخد، مسكن أو أي حاجة؟
-غلط يتاخد وسط الجلسة، كدا الجرعة وكأنك بتخليها بلا مفعول، حاول تخليها يكون عندها اقبال شوية ناحية إنها تعيش وتكمل، الارادة والعزيمة بتفرق في سرعة العلاج.
-طب الجرعة هتخلص امتى؟
-خلاص على وشك.
كنت سامعة الكلام، بس مش فاهمة حاجة، أنا حاسة بوجع في كل جزء في جسمي حاسة بنار بتمر فيه، مش أول جلسة، لكنني آخر فترة بقيت بحس بالوجع مضاعف، بحس الوجع زيادة، بحس بوجع بينهشني وبيفضل ملازمني لحد معاد الجلسة اللي بعدها، لوكيميا بعالج فيه بقالي سنتين، ولما الدكتور يديني الأمل إنه خلاص اختفي يرجع من تاني بل أقوى من الأول كمان، الحمدلله راضية، لكنني تعبت، كرهت ملامحي، وشي الدبلان، شعري اللي معدتش فاكرة شكله لأنه مش بيلحق يطلع، جسمي اللي قرب يختفي من فرط النحافة اللي فيه، أنا كل ذرة في جسمي بتتعب معايا، كل ذرة في جسمي مش قادرة تتحمل، لو في شيء واحد مخليني أكمل فهو غيث، لأني عارفة إنه مش هيقدر يعيش لوحده، عارفة إني كل حياته، ملهوش حد غيري، هيضيع لو مشيت، مكنتش أبدا بخاف من الموت، لكنني دلوقتي بخاف، بخاف عليه من بعدي هيحصل فيه ايه ولا هيعيش ازاي، غيث متعلق بيا وكأني أمه، غيث أكبر دافع ليا إني أكمل وهو عارف دا كويس.-ارتاحي وهعملك حاجة تاكليها بسرعة.
مسكت ايده بسرعة وقولت:
-مش عايزة أكل، أنا عايزاك إنت، خليك هنا متمشيش.
حضني بشويش لأنه عارف إني من أي لمسة بتوجع، لكن لمسته عمرها ما توجعني أبدا، حسيت بدموعه بتنزل بصيت ليه وقولت:
-إنت متعرفش إن دموعك دي غالية عندنا ولا ايه؟
ابتسم ابتسامة صغيرة وقال:
-هتسيبيني؟
-لو عليا أنا فأنا عمري كله ميكفيش إني أعيشه معاك كله، عايزة أعمار فوق عمري عشان يكفوا، لكن الأمور دي مش بايدينا، مين عالم هيمشي قبل مين، مين عالم هيروح قبل التاني، كل دا بين أيادي ربنا، وإنت عارف من البداية إني راضية بأي شيء الحمدلله، وإني مش زعلانة، أنا بس تعبت، تعبت من كتر الوجع اللي بيمر في جسمي، بضيع الباقي من عمري في معاناه عشان بس أزود كام يوم في عمري، طب وايه الفايدة ما أنا كدا كدا عايشاهم وأنا بعاني، أنا بس نفسي أعيش بجد قبل ما عمري ينتهي.
حضني ليه من تاني وقال:
-كيان دا مكانك، إنتِ مش هتسيبيه أبدا، مش هسمحلك تسيبيه.
-يا غيث دا مش بمزاجنا يا حبيبي افهم.
-عارف يا كيان عارف وفاهم وراضي، بس صعب صعب أوي.كان نفسي بس أسيبله حاجة مني تفكره بيا، لكن حتى دي مقدرتش أعملها ليه، معرفتش أسيبله حتة مني تكمل معاه الطريق ومتسيبهوش لوحده، لكن غيث هيقدر يكمل.
-ووعد هطلب منك طلب.
-أكيد يا كيان اتفضلي.
مديتلها ايدي بجواب وأنا بقول:
-دا محدش يفتحه غير غيث، وغيث مياخدوش غير لما أنا أكون بقيت في مكان تاني.
عطتني ضهرها وقالت:
-كيان متقوليش كدا.
مسكت ايدها وقولت:
-قربت يا وعد، النهاية قربت، أنا حاسة، بس أنا مش متضايقة ولا زعلانة، أنا فرحانة، فرحانة إني هرتاح من المعاناه اللي كنت رامية نفسي فيها.
حضنتني ودموعها قالت كل شيء هي مكنتش قادرة تقوله، عيطنا سوا، وعد مش مجرد صاحبة، وعد هي كل حاجة، وعد معايا من صغري، عارفة كل كبيرة وصغيرة عني، طبطبت على كتفها وقولت:
-لا ما أنا مش هفضل أعيط هنا، أنا عايزة أتبسط، وعد ابسطيني.
-شوبيك لوبيك وعد الهبلة بين ايديك.
ابتسمتلها بحب، ومسكت ايدها وهي حركت الكرسي ومشينا، لأن جسمي أصبح جسم هزيل مبقتش قادرة أقف وأتحرك حتى.-في مفاجأة ليكِ على فكرة.
-الله مفاجأة ايه؟
-بصي هناك كدا.
بصيت ناحية ما كانت بتشاور ولقيت غيث، كان جميل، جميل بشكل يليق بآخر مرة هشوفه فيها، كان عشا رومانسي بيننا، لكنني مهتمتش بشيء، كان وجعي كل ما بيزيد كل ما ببتسم أكتر وأكتر، عيوني منزلتش من على عيونه لحظة، كنت عايزة أفضل باصة ليه أقصى مدة، عايزة عيوني متشوفش غيره، بس حتى هو كان عارف، عارف ورغم كل دا صامد ومنهارش قدامي للحظة.
-أنا بحبك.
مسك ايدي وضمني لحضنه وقال:
-وقلبي محبش ولا شاف ولا هيحب حد غير كيان.
ابتسمت برضا، وسمحت للوجع إنه يتمكن مني، سمحت له لأني راضية بيه.
---------------
-البقاء لله، كيان كانت سابتلي الجواب دا قبل ما تتوفى بيوم، وقالتلي أعطيه ليك بعدها.
بمجرد ما سمعت اسمها بس كل حاجة اتلخبطت، كل شيء كان ساكن لكن بمجرد سماع اسمها كل شيء كان بيتحرك كل شيء مكنش ساكن، أخدت الجواب وفي لحظة كنت بعيد عن الكل، دي آخر حاجة من ريحتها، آخر شيء هيفضل ساكن معايا للأبد منها.
"وإنت بتقرأ دلوقتي عارفة إني هكون اختفيت من حياتك، هكون مش موجودة معاك دلوقتي، لكنني حواليك شايفاك بس مش قادرة أتواصل معاك، حاسة بيك وعارفة كل شيء بتمر بيه، عارفة قد ايه بتعاني في غيابي، عارفة قد ايه بتحبني، عارفة قد ايه إنت حزين و وحيد من بعدي، لكن أنا مش هكون مرتاحة وأنت كدا، مش عايزاك أبدا وحيد، عايزاك غيث اللي أعرفه زي ما كنت أنا موجودة معاك، واعرف دايما إني عمري ما هزعل منك لو كملت وشوفت حياتك، أصل الحياة مبتقفش، لكن الذكريات بتكمل، وأنا أكيد سيبت ليك ذكريات تفتكرني بيها، ياريت تمسح دموعك دلوقتي وتفكر في مستقبلك وحياتك الجاية، إنت لسه صغير وقدامك وقت طويل، وخليك فاكر إن قلبي دايما حواليك، دايما حواليك وبيحبك وبيتمنى ليك التوفيق في كل خطوة بتخطيها."
خلصت قراءة الجواب للمرة المليون وأنا بمسح دموعي، رغم كل شيء لكنها بتفكر فيا، رغم كل حاجة حصلت ورغم تعبها لسه باقية عليا وعلى حبها ليا، رغم كل شيء مش هقدر أكمل من غيرها، ورغم كل شيء مش هقدر أشوف حد غيرها أو من بعدها."كنت أنا يومًا ما، لكن الآن كلي أنت."
#كيان_الغيث
#أروى_إيهاب