-بس أنا حبيته.
-لكن هو محبكيش.
-ليه؟
-الحب مفيهوش ليه يا كيان.
-ليه قلبي دق لِيه وقلبه حتى ملمحنيش؟
-مش نصيبك يا كيان، مش نصيبك.
أكتر شيء مؤلم إنك تحب ومتتحبش، أو تفتكر إنك بتتحب وتتفاجئ بإنك شخص مُهمش، شخص ملهوش مكان من الأساس.
-غيث سافر.
حسيت دقات قلبي قلت ونفسي مبقاش منتظم، قولت وأنا بحاول صوتس يطلع عادي:
-ربنا معاه ويوفقه.
-بس؟
-بس ايه؟
-مش هتقولي حاجة تانية؟
-مفيش حاجة تتقال.
مفيش حاجة تتقال فعلا، مفيش حاجة هينفع تتقال، كل الكلام والحروف اختفت واتبخرت، كل شيء أصبح باهت وحزين، صدق اللي قال غياب أحبابنا بيطفينا، صدق اللي قال اللي بيحب مبيمشيش، وهو كان ناقصلُه بس إنه يحبني، ناقصلُه بس قلبه يدق ويميل ليا، لكنه مال لبُعدي عنه.
-كفاياكِ حُزن على ناس متستاهلش يا كيان.
-مين قال إنه ميستاهلش؟
-ومين قال إنه ميستاهلش؟
-إنتِ لسه بتدافعي عنه رغم اللي عمله فيكِ؟
-وهو كان عمل ايه من الأساس؟ محبنيش؟ على الأقل هو محبنيش وبس، مسببليش أذى تاني، مشي وسابني؟ تمام لكنه لا جرح قلبي ولا كرامتي.
احساس صعب إنك تفضل دايما تحط في مبررات للي قدامك وفي لحظة المبررات دي متبقاش كافية إنها تقنعك إنت شخصيا، بتكون حاسس إنك بتنافق نفسك بتضحك عليها، دي مش الحقيقة، كل دا غلط، غلط جدا كمان، بس قلوبنا مش ملك ايدينا، قرأت قبل كدا إن القلب ملهوش علاقة بمشاعرنا، وإن دي اشارات عصبية من المخ مش أكتر، القلب مش عليه شيء إلا إنه ينفذ وبس، لكن قلوبنا بتتعبنا دايما، بتفرض الحزن علينا في أوقات غريبة، ياترى ياقلبي امتى هتفرح؟
-غيث تعبان.
-ماله؟
-مش عارفة بس نقلوه المستشفى، عمك وباباكي هيسافرلُه مطروح.
أنا وهو ولاد عم، لو كنا في الصعيد دلوقتي كان زماننا متجوزين، ينفع يبقا هو تعبان دلوقتي كدا وأنا قلبي بيتقطع من الوجع عليه ومش قادرة أروحله؟
-كيان.
-نعم يا بابا؟
-هتيجي معايا مطروح.
قلبي دق بفرحة وقولت:
-ليه؟
-عايزك تيجي معايا، مش عايز أسيبك لوحدك هنا.
ابتسمت وقولت:
-حاضر يا بابا، هدخل ألبس وأجهز وأجيلك نمشي.
واللهِ ظروفنا دي غريبة جدا، بتحطنا في مواقف نفسنا نتحط فيها، وفي أوقات بتسحل الأرض بينا، حصل خير يعني حصل خير.
-هو فين؟
ياكش يتقطع لساني، أهو كلهم بصولي وضحكوا، هما أصلا عارفين إني بحبه، بس هو حلوف لا يبالي أقسم بالله منه لله على كسرة قلبي دي.
-مسموح لشخص واحد يدخل، تدخلي إنتِ يا كيان؟
واللهِ عمو دا قلبي، أروح أحضنه دلوقتي؟ لا لا بابا واقف وهيقولي كلمة غير لائقة.
-لا يا عمي ادخل إنت وأنا وبابا نتطمن عليه من الدكاترة.
حط ايده على كتفي وقال:
-لا ياحبيبتي ادخلي إنتِ وأنا وأبوكي هنروح نشتري أكل وحاجات ونيجي.
-تمام يا عمو.
كان نفسي الواد غيث يبقا زي عمو كدا ويجبر بخاطر قلبي، لكن هو وحش، وحش بس بحبه.
-إنت كويس؟
حاول يتعدل وقال بصوت كله تعب:
-إنتِ بتعملي ايه هنا؟
-هما اللي خلوني أدخل، عمو وبابا راحوا يشتروا شوية حاجات وجايين.
-ماشي.
ماشي! ايه ماشي دي هو أنا بشحت منه؟ تناحة بتناحة بقا هقعد ساكتة، هخلي النار تاكلك كدا يباي عليا مستفزة مستفزة يعني.
عملت نفسي قايمة وهخرج فلقيته بيقول بسرعة:
-رايحة فين؟
كتمت ضحكتي بصعوبة وقولت:
-بتمشى بس رجلي وجعتني من القعدة الكتير.
-إنتِ بتتعاملي كدا ليه؟
-بتعامل ازاي؟
-بتتعاملي ببرود وكأني وكأني..
قاطعته وقولت:
-وكأنك ايه؟
-وكأني مش فارقلك.
-وليه كأنك؟ ما يمكن إنت كدا فعلا.
-واللهِ؟
-غيث إنت بايعني ومش حاططني في حساباتك من الأساس، أحطك أنا ليه وتشغل تفكيري ليه؟
-عندك حق.
يابن الباردة، لا ريلي بارد، ريلي ريلي قمة البرود.
-أنا رايحة أجيب حاجة أشربها وأكلها بما إن بابا وعمي اتأخروا.
-ما تتهدي بقا.
-أتهد؟ إنت اتجننت؟
-لأ متجننتش إنتِ اللي عايزة تجننيني.
-واللهِ؟ أنا؟ وأنا كنت عملت ايه؟
-معملتيش، مشكلتك إنك معملتيش.
-وطالما معملتش بتعمل كدا ليه.
-لأني بحبك ياغبية.
سكت لما ملقاش رد مني وقال:
-سكتي دلوقتي يعني، بتسكتي ليه؟ لأني بحبك من زمان وخايف عليكِ من نفسي؟ ولا لأنك مبقتيش بتحبيني؟
رديت بسرعة:
-أنا كدابة، أنا لسه..
-لسه ايه؟
-لسه جعانة، هجيب أكل وآجي.
قومت من قدامه بسرعة وجريت عشان أخرج من الأوضة وقبل ما أخرج سمعت صوته:
-على فكرة مش هسيبك تاني، عشان أنا مش لاقيكِ في كيس شيبسي أنا.
يباي عليك وإنت قمر ولطيف كدا، مكنتش تعمل الحادثة دي من زمان بقا يا أخي؟"كنت أنا يومًا ما، لكن الآن كلي أنت."
#كيان_الغيث
#أروى_إيهاب