حكاية 28

43 7 1
                                    

-هتهربي يا كيان يا بنتي؟
-‏أيوة ههرب، لما تبقوا عايزين تجوزوني جوازة زي دي عشان كلام الناس يبقا أيوة ههرب.
-‏وتجيبي العار لأبوكي يابنتي؟
قعدت على السرير بضعف وقولت:
-‏انتوا اللي عايزين ترموني يا ماما، عايزين تجوزوني والسلام، دا كله عشان خلصت دراستي؟ هو أنا عنست يا ماما مثلا؟
-‏فشر يا عيوني، دا إنتِ ست البنات كلهم، وست الستات وست أي ست هنا، لكن إنتِ عارفة هنا مش هيسيبوكي في حالك يابنتي، متحطيش راس أبوكي في الوحل بسبب أفكارك دي، ارضِ باللي ربك كاتبُه ليكِ، هو أكيد كاتب ليكِ الخير يابنتي.

كل دا عشان سابوني أتعلم برا جو الأرياف بتاعتهم، كلام الناس مسابش أبويا في حالُه، دي بنت والبنت ملهاش غير بيت جوزها، دي بنت ازاي هتسمحلها تتعلم، دي بنت ازاي هتسافر القاهرة وتتعلم لوحدها، دي بنت اقطع رجلها ومتخليهاش تتحرك من جمبك، دي بنت اقطع لسانها ولا تخليها تطلب منك طلب زي دا ولا إنها تسيب بيت أبوها، دي بنت، مشكلتها إنها بنت.

-موافقة يا بابا.
قام وقف بفرحة بانت في صوته:
-‏بجد يابنتي؟
ضحكت من جوايا باستهزاء، أبويا عمره ما أخد بكلام الناس، دلوقتي أخد بيه، دلوقتي بس أخد بيه، وأنا وهو عارفين كويس هو بيعمل كدا فيا ليه، لكننا رافضين نعترف قدام بعض، هو بيعاقبني بطريقته، لكن أنا مش معترضة، مش معترضة لأنه مهما كان هيفضل والدي، مهما حصل مش هقدر أعصيه.
-بجد يا بابا.
-‏هبلغ عمك راشد ييجي هو وابنه بكرا بالليل ونتفق على كل حاجة.
-‏اللي يريحك يا بابا، عن اذنك.

كنت دايما غيرهم، دايما كنت مختلفة عنهم، دايما كان عندي طموح يختلف عن طموح باقي البنات، كل البنات هنا هدفها وحلمها راجل كويس تخدمه ويسترها والسلام، لكن أنا لأ، أنا كبرت و وعيت على الكتب، بابا كان موفرلي كل سُبل التعليم مش حارمني من أي حاجة، ولكن بحدود، علمني ديني وخلاني أحافظ على نفسي في غيابه قبل وجوده، سمح ليا إني أسافر القاهرة لوحدي وأتعلم، آه كنت قاعدة مع خالتي هناك لكنه سمح ليا رغم معارضة الكل لِيه، ليه دلوقتي جاي يجبرني على الشيء الوحيد اللي مينفعش يجبرني عليه؟ هو فاكر إنه كدا مأجبرنيش وعطاني حرية التفكير، لكن دا محصلش، لأن حتى لو متكلمتش وفضلت ساكتة كان هيترجم سكوتي دا موافقة على كلامه، أنا بس مش عايزة أظلم نفسي مش عايزة أكون وحشة في حق نفسي، مش عايزة يوقعني حظي في نصيب واحد بنفس تفكيرهم، عايزة حد يشبهلي، مش ضروري يشبهلي أوي على الأقل يكملني.

-مش هتشوفي عريسك يابنتي؟
-‏مش مهم، كدا كدا يعتبر بقينا لبعض، مش إنت موافق يا بابا؟ أنا كمان موافقة.
-كتب كتابكوا بكرا بالليل.
-‏تمام.

مش عارفة كان مفروض مني أبدِي ردة فعل عاملة ازاي، لكنني مش فرحانة، ولا زعلانة، أنا خايفة بس يكون شخص مش كويس، بس أكيد بابا مش هيرميني لأي حد كدا، بابا مهما كان بيهتم بالعادات والتقاليد ومهما كان سايبني على راحتي إلا إنه بيحبني وأنا عارفة دا كويس، ومقدراه جدا، لكن مش دايما هيكون صح، يعني ايه أتجوز وأنا معرفش حتى اسمه! لا اسمه ولا شكله ولا هو منين ولا ابن مين ولا أي حاجة، شيء يضايق، احنا مش عايشين أيام زمان عشان دا يحصل، بس ما باليد حيلة مضطرة أستسلم للوضع بصدر رحب، وحتى لو كنت شوفته و وافقت بابا على كلامه مكنش هيفيد في حاجة، هي جوازة ولبست فيها وخلاص.

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن