حكاية 64

25 2 0
                                    

-إنتِ لازم تروحي لدكتور، مينفعش تفضلي كدا.
-مش قادرة.
-لازم تروحي، عاجبك حالك كدا؟
-أنا تعبت يا ماما، وكل شيء ضاغط عليا من كل اتجاه، وأنا مش حِمل أي ضغط واللهِ، أنا مش قادرة أكمل.
قربت مني، مسكت ايدي، وبعدها مسكت راسي وميلتها على كتفها وفضلت تمسح على راسي وتقرأ قرآن لحد ما نمت.

بدون أسباب، وبدون مقدمات كتير، ليه الواحد فجأة مش بيعرف يكمل حياته؟ ليه بيحس إنه مش قادر يخطي ولو خطوة واحدة تجاه نفسه، أحلامه، طموحاته، أو حتى تجاه الناس اللي بيحبها، فقدان شغف؟ لأ هو المعنى الحقيقي إنه فقدان للحياة واحنا عايشينها..

يأس وحزن من شوية محاولات منفعتش، هدف ورا هدف ومفيش شيء مرتب، عايزة أوصل للي عايزاه دلوقتي، مش عايزة أتعب في شيء، هو ليه من الأساس عشان أوصل لازم أتعب؟ مش المفروض لما أحب حاجة الحاجة دي تيجي لحد عندي؟
يومي روتيني ممل، كل شيء بيتعاد كل يوم، صحيان من النوم، ترتيب الأوضة، تحضير حاجتي لو نازلة مشوار سريع، وفي النهاية بلاقي نفسي على سريري كل يوم بتأمل السقف بدون هدف، بدون وجهة، بدون قدرة وطاقة على مواجهة بكرا، على مواجهة العالم، أو بالأصح على مواجهة نفسي.
كان نفسي يكون عندي صاحبة تسد معايا الطريق ونمشيه سوا، كان نفسي ألاقي ضهر أتسند عليه، مش هما دايما بيقولوا الصحاب سند لبعض؟ ليه أنا مليش سند غير نفسي؟دا حتى نفسي مش قادرة تسندني كويس!
حياتي كلها مقارنات لغيري، دي حققت كذا وأنا كان نفسي أحققها ومعرفتش، هي أشطر وأحسن وأفضل مني مليون مرة، هي وصلت وأنا لسه بفكر هوصل ازاي، هي وصلت وانت واقفة أتفرج على نجاحها بدموع، مش دا كان حلمي؟ أنا أحق بالوصول ليه؟ ليه اتسحب مني؟ ليه اتبخر؟ دا كان بتاعي أنا مش بتاع حد تاني، كان بتاعي أنا واللهِ واتاخد مني وأنا مش حاسة.
طاقتي منتهية، تكاد تكون بالسالب إذا لم تكن أقل، طاقتي انتهت، شعور بالارهاق بيلازمني دايما، مش قادرة أحرك دراعي حتى، الحزن بيتقل جسمنا بطريقة كبيرة، لكن مكنتش فاكرة إن دا حقيقي، لكنه كان أكبر شيء واقعي وحقيقي، الحزن بيحولنا لناس مش شبهنا، ناس منعرفهاش من الأساس ولا لينا أي علاقة بيهم، ولكنهم بس بيشبهونا في الشكل، غير كدا فاحنا منعرفش هما مين من الأساس.
بعد ما كنت بجري وبجري عشان أوصل لحلمي وقفت في نص الطريق بتلفت حواليا، ايه جابني هنا؟ دا مش أنا، ولا دا مكاني، ليه كنت بكافح في طريق مش طريقي؟ ولا مكان مش مكاني؟ بس هو كان حلمي في البداية! بس مش يمكن كان مجرد حلم، حلم مينفعش يتحقق في الواقع؟ حلم مش لايق عليا، أو بالأصح مش ملكي.

قفلت التسجيل وقعدت على السرير حضنت نفسي وبدأت دموعي تنزل بهدوء كعادتها، حياتي واقفة من شهور، ومش بس حياتي اللي واقفة، حياتي وحياة كل اللي حواليا والدايرة المقربة مني، ذنبهم إني في حياتهم، وذنبي إني مش عارفة أكمل.
إحساس كل يوم بيأكدلي إن دا مش مكاني، بيقولي متقوميش من سريرك، متروحيش في أي مكان، إحساس بيخليني تقيلة ومش قادرة أتحرك ولو خطوة واحدة تجاه نفسي، مش عارفة أكون مع اللي بحبهم، مش عارفة أعيش حياتي، ولا أسيب اللي حواليا يعيشوا حياتهم صح.

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن