حكاية 24

48 10 1
                                    

-يلا يا ليلى عشان نمشي.
مسحت دموعها من على وشها وهي بتقول:
-‏نمشي فين بس يا ماما؟ أنا مش عايزة أمشي من هنا، هو بابا مش هيرجع تاني؟
حاولت معيطش قدامها وقولت:
-‏بابا راح عند ربنا يا حبيبتي، بابا عند ربنا، وربنا بيحبه عشان كدا أخده عنده، مش اللي بيحب حد بيحب يفضل معاه على طول؟
هزت راسها بآه فكملت كلامي:
-‏وربنا بيحب بابا، عشان كدا هو أخده يعيش عنده فوق.
-‏يعني أنا هشوف بابا تاني؟
-‏هتشوفيه ياحبيبتي، هتشوفيه، بس دلوقتي ادعيله، ادعيله كتير.
حضنتني وهي بتقول:
-‏أنا بحبك أوي يا ماما.
-‏وأنا بحبك أكتر يا عيون ماما.

أرملة في سن الـ28؟ آه أرملة مش شيء يعيبني، أرملة معاها طفلة 4 سنين؟ مش شيء وحش اطلاقًا، جوزي اتوفى من شهور، مش قادرة أعيش في نفس الشقة اللي كانت بتشهد على كل حاجة بيننا، سواء حبنا أو خناقنا أو مشاكلنا، بس مش قادرة أعيش في المكان اللي هو كان موجود فيه وتفاصيله موجودة فيه، مش قادرة أتخيل إني بقيت أصحى كل يوم مشوفش وشه قدامي، ملمحش ابتسامته وسط يومي، مسمعش صوته اللي تلقائي بيخليني أبتسم، راضية واللهِ بقضاء ربنا وحكمته وإن دا أكيد الخير ليا، لكنني بس مش قادرة، بشوفه في كل ركن وفي كل زاوية من البيت، ليلى كمان بقت بتعاني بسببي، مبتعرفش تنام بالليل بسبب عياطي، ليلى على قد ما هي صغيرة لكنها فاهمة وواعية بكل شيء، هي صديقتي الوحيدة، ومكسبي اللي طلعت بيه من الجوازة دي، عمر كان مكسبي الأول أكيد، لكن ربنا استرد أمانته ليه من تاني، هعترض أنا البشر بقا؟

-طب يا ماما هنروح فين؟
-‏هنروح نعيش مع تيتا يا ليلو.
نطت بفرحة قدامي وهي بتقول:
-‏هييه، ليلو بتحب تيتا أوي، يعني كدا يا ماما هفضل معاها على طول؟
ابتسمت لفرحتها وقولت:
-‏هتفضلي معاها على طول على طول.
-‏الله، أنا بحب ماما أوي.
-‏وماما بتحب ليلو أكتر.

الحزن في قلبي موجود آه، لكنني حابة أكمل، مش عشان حد أكتر ماهو عشان ليلى، وعشان محسسهاش بإن فقدان والدها خلاها تخسر باباها ومامتها في نفس الوقت، لازم أكون معاها، ولازم أقوم بدور الأم والأب، لازم محسسهاش بأي نقص، ولازم كمان مخليش حزني وزعلي يأثر عليها وعلى نفسيتها.

-ماما أنا قررت أرجع أشتغل تاني.
-‏تشتغلي في السن دا يابنتي؟
-‏وماله السن دا يا ماما؟ انت لسه في عز شبابي، ولا خلاص كبرت وعجزت بقا؟
-‏محصلش واللهِ يا حبيبتي، بس كل قصدي يعني إني مش عايزاكي تتشحططي ولا تتعبي، هو أنا قصرت معاكِ إنتِ وليلى في حاجة يابنتي؟
-‏ماهو عشان إنتِ مقصرتيش ولا هتقصري يا ماما يا حبيبتي أنا لازم أشتغل، وكمان أنا مش هشتغل عشان الفلوس، أنا عايزة أشتغل لأني حابة أشتغل، ولا عاجباكِ قعدتي معاكِ في البيت دي؟
-‏وأنا هكره يابنتي لما تفضلي جمبي وتكوني بخير.
مسكت ايدها وقولت:
-‏وأنا هكون بخير لو اشتغلت بردو.
-‏اللي يريحك يابنتي، ربنا يوفقك ويكتبلك كل الخير يا عيوني، وتكوني من أحسن الناس.

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن