-إنتِ مجنونة؟ إنتِ بتعملي ايه؟
-إنتِ يا شابة.
-إنتِ يا أخت ردي عليا.
-يا آنسة بتعملي ايه هنا؟
اتخضيت من الصوت، كان صوته عالي أوي، ولأني بكره الصوت العالي ايدي اتهزت مني بتلقائية والسكينة عورت ايدي، أول ما شوفت منظر الدم قدامي حسيت وكأن دم جسمي كله بيتسحب مني، الدنيا بدأت تلف وتدور بيا، احساس بالإعياء ومش قادرة أشوف شيء كويس، لكنني لسه مفتحة عيوني، لحد ما الرؤية اختفت تمامًا.-إنتِ مجنونة؟ إنتِ ايه اللي عملتيه في نفسك دا؟
-أنا مين؟
-أنا اللي مفروض أسألك إنتِ مين.
بصيت حواليا باستيعاب:
-أنا فين؟
-إنتِ في مستشفى.
-هو ايه اللي حصل؟
حركت ايدي حسيت فيها بوجع، بصيت ناحية ايدي بحيث أفتكر ايه حصل لكن أنا مش فاكرة شيء.
-هو أنا حصلي كدا ازاي؟
بص ليا باستغراب، وكأني قولت شيء غريب، خرج برا وسابني، رجع مرة تانية وبص ناحية ايدي التانية، كان فيها اسورة مكتوب عليها "كيان".
-دا اسمك؟
رفعت أكتافي بإني مش عارفة، أنا ازاي مش عارفة؟ طب ازاي عرفت أقرأ؟ أنا مش فاهمة حاجة، الصداع بدأ يزيد، الرؤية اتشوشت، ناس كتير بتظهر، حد بينده وبيقول كيان، يعني دا اسمي؟ أنا مش فاهمة، صرخت بصوت عالي لما الصداع زاد أكتر، حسيت بإبرة بتدخل جسمي وبعدها كل شيء هِدِي."الآلام لا تُنسى، يمكن أن نتناساها، ولكن آثارها لا يُمكن محوها، لا تحاول أن تلمس ندباتك، حتى لا يُعاد شريط الماضي مرة أخرى أمام عينيك."
-أحسن؟
التفت ناحيته، أنا مش عارفاه، حقيقي معرفهوش، شخص مألوف لكنه غير معروف هويته في عقلي، فضلت باصة عليه دقايق، شاب في أواخر العشرينات، شعره أسود وناعم، بشرته بيضا إلى حد ما، دقن خفيفة، طويل، أطول مني بكتير على ما أظن، حسيته شخص لطيف، مش خايفة منه، أول شخص شوفته أول ما فوقت، معرفش غيره تقريبا، يمكن عشان كدا فاكراه هو تحديدًا؟
-إنتِ كويسة.
-كويسة.
-ليه عملتي في نفسك كدا؟
كانت نظراته تجاه ايدي، مش فاهمة؟ قصده ايه؟
-يعني ايه؟
-إنتِ بجد مش فاكرة؟
-مش فاكرة ايه؟
-إنتِ بتتكلمي بجد؟
-أنا مش فاهمة حاجة، هو في ايه؟
-إنتِ كنتِ عايزة تنتحري.
-أنتحر!
أنتحر ازاي؟ مجرد ما سمعت الكلمة جسمي تلج، بدأت أترعش، بترعش من ااخوف مش من البرد، ايه اللي وصلني لكدا؟ أنا مش فاهمة، أنا عايزة أفهم.
-إنت مين؟ إنت مين وعايز ايه؟
-اهدي اهدي مفيش شيء، اهدي بجد أنا مش عايز أضرك.
بدأت أعيط:
-أنا مش فاكرة شيء، مش فاكرة حاجة، ناسية حتى اسمي.
رفعت ايدي وبصيت ناحية الإسورة:
-يعني دي كل ما أملك؟ دي كل هويتي؟ دي أنا؟ أنا عايزة أعرف أنا مين؟ وإنت مين؟ وعايز ايه؟ وفي ايه؟
-اهدي اهدي واللهِ كله هيكون بخير، أنا غيث، هحكيلك كل حاجة بس اهدي بجد، اهدي عشان نعرف نتكلم.
حاولت أهدى لكنني مش عارفة، مش عارفة أهدى، ليه مفيش حد معايا؟ ليه محدش عارفني حتى؟ ليه محدش جمبي؟
-اسمي غيث، صاحب المبني اللي كنتِ واقفة على سطحه قبل ما تيجي هنا، كنتِ.. كنتِ واقفة ومعاكِ سكينة، كنتِ بتعيطي، تقريبًا في شيء كبير أثر عليكِ وهو السبب في انهيارك اللي حصلك دا، ولما جيت عشان أمنعك اتخضيتي واتجرحتي، وقتها أغمى عليكِ من المنظر تقريبًا، والخبطة كانت شديدة لما وقعتي على الأرض، ولأن الجرح كان سطحي مش عميق أوي وإلا كنتِ..
-كنت مُت، مش كدا؟
سِكت، والسكوت طوّل بيننا شوية.
-أنا عايزة أخرج من هنا.
-حاضر.
هروح فين؟ مليش حد؟ ولا ليا وميعرفوش عني شيء؟ ولا هربانة منهم؟ قصتي ايه؟ يا ترى الزمن عمل فيا ايه؟ أسئلة كتير وأسئلة أكتر وأكتر بتزيد، احساس الجهل بنفسك وحش، مؤلم وبيأذي، ازاي مكُنش عارفاني؟ ازاي معرفش عني غير اسمي وبس، ويا عالم هو اسمي الحقيقي أصلا أو لأ.