حكاية 46

29 4 0
                                    

-أنا عايزة أتطلق.
-‏مش هطلق.
-‏هيعجبك نروح محاكم عشان تطلقني؟
سكت ومردش، قولت بصوت أعلى:
-طلقني.
-‏إنتِ طالق.

قصة وانتهت، فيها ايه يعني؟
فيها كتير، فيها قلب اتكسر، وحب مـ.ـات من قبل حتى ما يتولد.
قصة ملحقتش أعيش فيها عشان تنتهي، كنت بحاول، بحاول أكمل، رغم إني عارفة إن مفيش حاجة هتكمل، لكني حاولت.

-اتطلقتي! يعني ايه؟ لا يا حبيبتي اهدي كدا، ربنا يهدي سركوا أكيد أحمد هيردك.
-‏مش عايزاه يردني.
شهقت وقالت بصوت عالي:
-‏هترضي بلقب المطلقة؟
-‏ما حضرتك مطلقة يا ماما، هل دا شيء يعيبك؟
عيونها لمعت بالدموع، قد ايه أنا غبية، مكنش ينفع اللي قولته، مكنش ينفع أبدًا.
-أنا آسفة واللهِ مكنش قصدي اللي قولته.
-‏عارفة يا كيان أنا لسه بحب أبوكي.
-‏عارفة يا ماما.
-‏عارفة ازاي؟
-‏كنت بسمع صوت عياطك كل يوم، بسمع كلامك عنه، بسمع كلامك ليه، زعلك منه وليه وعليه، بس هو اللي سابنا يا ماما، ودلوقتي أحمد هو اللي اختار يسيبني زي ماهو سابني، عايزاني أرجع لواحد هو اللي اختار يسيبني؟

مردتش، فضلت باصة ليا، هي أكتر حد عارف وفاهم اللي بمر بيه، لأنها مرت باللي زيه، مرت باللي يشبهه، بعد شوية قامت وحضنتني، كانت بتقولي عيطي، بس أنا مش عارفة أعيط، أنا مش زعلانة، مش زعلانة إني اتطلقت، أنا أصلا مكنتش بحبه، بس على الأقل كنت بحاول، لكن هو عمل ايه؟ بكل بساطة داس عليا.

-كيان مين يابنتي أنا أصلا مش بحبها.
-‏اتجوزتها ليه؟ عشان أرضِي أمي ياستي.
-‏أكيد طبعا عمرها ما هتملى عيني ولا حد يقدر يملى عيني غيرك إنتِ.

كنت بسمع الكلام وبكدب سمعي، معاملته معايا كويسة، مش وحشة، مش مؤذية، لكن قبل ما تكون المعاملة اللي في الوش حلوة، لازم تكون اللي في الضهر تشبهلها، اللي ميصونكيش في السر عمره ما هيقدر يصونك في العلن.

وبكل بساطة طلبت الطلاق، مفكرش حتى يعرف السبب، مجرد ما رميت الكلمة رد عليا بكل برود أعصاب، حتى متفاجئش، متخضش، متهزش، مخافش إنه هيفقدني من ايديه بكل سهولة، وكأنه.. وكأنه ما صدق إني نطقتها.

-هتفضلي قاعدة كدا؟
-‏هعمل ايه يعني يا ماما؟
-‏قومي، وانزلي الشارع، اتحركي، متخليش زعلك يوقف حياتك.
-‏أنا مش زعلانة يا ماما.
-‏لأ زعلانة، متكدبيش، الزعل باين في عيونك، في ملامحك، في سكوتك وهدوئك، في قفلتك على نفسك لباب أوضتك.
-‏هما ليه بيسيبونا؟ ليه بيخلونا نبني حياتنا على أساس إنهم هيشاركونا الحياة دي معانا، وفي لحظة، أو أقل من لحظة بيسيبوا ايدنا اللي حلفوا إنهم عمرهم ما هيسيبوها أبدا، بيحدفونا من فوق سقف طموحنا العالي على صوت خبطتنا على الأرض وتكسير أحلامنا، ليه بيعملوا فينا كدا؟
-‏اهدي يا كيان، اهدي.
-‏أنا بس عايزة أفهم أنا عملت ايه غلط في حياتي عشان أتعاقب كدا، أبويا يسيبني أنا وأمي لوحدنا من صغرنا، جوزي اللي اتجوزته لأني ملقتش حد مناسب غيره، رغم إني محبتهوش، محستش في وجوده بالأمان، بس على الأقل أنا كنت بحاول، حتى هو كمان سابني، طب ليه؟
-‏مبنقولش ليه يا كيان، بنقول الحمدلله، أنا فاهماكِ وفاهمة وجعك، وعشان فاهماه وفهمته أكتر لازم تسمعي مني الكلام دا، ربنا يا حبيبتي مش بيعمل لينا أي شيء وحش، يمكن وقت مشاكلنا وزعلنا بنحس قد ايه المشكلة كبيرة، صعب نتخطاها ونعدي منها، صعب نخرج من المشكلة واحنا كويسين حتى، إلا إن المشكلة بتعدي، مهما خدت وقت كبير بتعدي، وبالوقت بنكتشف إن دا كان أكبر خير لينا، كان الخير لينا ولقلوبنا، بنكتشف إننا لو كنا كملنا زي ما احنا عايزين كنا هنتدمر، بل أكتر من كدا كمان، ربنا رحيم بينا وبقلوبنا، ربنا بيعمل لينا الخير حتى لو احنا مش شايفين الخير دا، ارضي وقولي الحمدلله، ربنا نجاكي من حفرة مكنش هيكون في منها مفر، ولو كنتِ سكتي مرة، كنتِ هتسكتي ألف مرة بعدها.

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن