-بس أنا تعبت.
رفع عيونه ناحيتي وبص ليا بنظرات لوم:
-تعبتي مني؟
-أنا تعبت من كوني الطرف الوحيد اللي بيحاول في العلاقة دي، كل مرة أنا اللي ببدأ، كل مرة أنا اللي بتأسف، كل مرة أنا اللي بحاول لوحدي، إنت مش مخلينا عارفين نكمل سوا يا غيث، إنت وكأنك بتقفل الباب في وشي وتقولي امشي خلاص، مقولتهاش لكن حسستني بيها بدل المرة ألف، ورغم كل دا أنا ساكتة وباقية عليك لأني بحبك، ولأني لسه بحبك رغم كل دا، ولأنك في الأول وفي الآخر بردو جوزي.
قعدت على الكرسي بارهاق، ارهاق نفسي أكتر ماهو جسدي، لمحته بيقرب ناحيتي لكن خلاص كيان بتاعت كل مرة انتهت، مش كل مرة هيطيب خاطري بكلمتين والدنيا تبقى تمام بيننا يومين ونرجع زي الأول، أنا وهو من سنة أصبحنا نكون شخصين بروح واحدة لما اتجوزنا، لما هو مش قد الجواز بيتجوز ليه؟-ممكن تسمعيني؟
-زهقت من نفس الاسطوانة بتاعت كل مرة اللي مش بتنتهي، زهقت من المعافرة في شيء ملوش فايدة، تعبت بقى، ارحمني، إنت في كل مرة كنت بتاخد جزء من روحي، بتاخد جزء من حبي ليك وبتدوس عليه، مش معنى إني بحبك إني هسكت على أي شيء تعمله، تجاهلك ليا، ومعاملتك الجافة والباردة معايا، رغم إن عمري ما قصرت معاك في شيء، حنان وحب واهتمام وعطيتك، لكن إنت عطيتني ايه في المقابل؟ رد عليا إنت عطيتني ايه في المقابل؟محستش بصوتي وإنه كان عالي لدرجة إني لما سكت سمعت صدى صوتي، لمحت دموع في عيونه، لكنها مش هتشفعله أبدا، مش هتشفعله كل ليلة نمت فيها حزينة بسببه، كل ليلة بكيت دموع بسبب كلامه وأفعاله، وفي الآخر بيحبني، حب ايه دا اللي يخلي شخص يأذي الشخص اللي بيحبه؟ اللي بيحب مبيأذيش، اللي بيحب مش بيطول يشوف دمعة في عيون اللي بيحبهم، حتى لو من غير قصد بس أكون فاهمة اللي بيحصل.
-حامل؟
-أيوة، مبارك يا مدام، لازم تتابعي وتاخدي العلاج دا كويس، وبلاش ارهاق لنفسك، وبلاش زعل الفترة دي خالص عشان الحمل يثبت.فرحانة؟ مش عارفة
نور أمل؟ يمكن
إشارة من ربنا إني أكمل؟ ممكن ليه لأطول الطريق من العيادة للبيت كنت بتخيل لو كان ولد، هسميه ايه؟ زين؟ حلو زين، ولو بنت؟ مش عارفة، بس أنا أكيد هحبها أوي لو بنت، هفضل أحضنها دايما، وهخليها صاحبتي، هكون أول صاحبة في حياتها، هكون أنا القريبة ليها دايما زي ما ماما كانت بتعمل معايا، وحتى لو ولد هحبه كل الحب، هعتبره صاحبي لأن عمر ما كان ليا صحاب ولاد، هخليه يكون صاحبي قبل ابني، هعلمه وأربيه كويس، يا الله بجد في روح صغيرة بتتكون هنا؟ أنا مش مصدقة.
دخلت الشقة، الدنيا كانت مضلمة، ولأنني بخاف من الضلمة، نفسي بيتكتم ومش بعرف آخد نفسي خرجت بسرعة برا باب الشقة.
لقيت ايدع بتلحقني بسرعة قبل ما أقع:
-أنا آسف واللهِ نسيت بجد، أنا كان قصدي أفاجئك مكنتش فاكر إن دا اللي هيحصل.
ابتسمت لخوفه اللي كان باين فعلا في عيونه:
-حصل خير.
قومت وقفت وهو دخل شغّل أنوار الشقة، دخلت فمِسك ايدي:
-ممكن تسمعيني المرة دي بقى؟
-اتفضل.
-الفترة الأخيرة أنا معترف إني كنت عصبي، بعاملك وحش، مش معاملة ينفع ست زيك تتعامل بيها أبدا، لكن دا مش قلة حب مني واللهِ أبدا، كل ما في الموضوع إن كان في مشاكل كتير في الشغل، كانت ممكن تتسبب في ضياع مستقبلي المهني كله، وضياع الشركة اللي أنا شغال فيها كمان، كل دا كان ضغط عليا، مكنتش بلاقي حد أفرغ فيه غضبي غيرك، عارف إن كان ممكن أفرغ غضبي بطريقة تانية لكن أنا مكنتش عارف أفكر بجد، أنا آسف.
-غيث مشاكلي هي مشاكلك، ومشاكلك هي مشاكلي، كان لازم تحكيلي وتفهمني، كان لازم أشوف الصورة الكاملة الواضحة، مينفعش تسيبني منهارة بالشكل دا بدون علمي لأي سبب يصبرني حتى، احنا مش بس اتنين متجوزين، بل اتنين اختاروا يكملوا حياتهم سوا، حياتهم بتساوي مشاركتهم لبعض في كل شيء، الحزن قبل الفرح، التعب قبل السعادة، كل لحظاتهم يكونوا هما أول العارفين بيها.
حضني:
-عارف، أنا آسف، مش هتتكرر تاني.
-طب ينفع أقولك حاجة.
خرجت من حضنه:
-أنا حامل.
-حامل يعني ايه؟
-هو ايه اللي يعني ايه؟
ثواني وكان تقريبا فهم واستوعب أنا قولت ايه:
-إنتِ بتتكلمي بجد؟
ضحكت على رد فعله:
-هكدب عليك ليه؟
حضني تاني:
-مبارك يا حبيبي، مبارك، هتكون أحلى بنوتة تشبه مامتها.
-دا كدا كدا، وبعدين إنت هتحبها أكتر مني؟
-أنا شامم ريحة نكد.
-نكد؟ طب اتقل بقى على اللي جاي.
-كوكو يا حبيبتي مش هحب حد قدك طبعا، دا إنتِ الأصل.
ابتسمت:
-حيث كدا ماشي."كنت أنا يومًا ما، لكن الآن كلي أنت."
#كيان_الغيث
#أروى_إيهاب