الفصل الثاني: لعبة خايبة!

10.9K 554 217
                                    

أتعلم كيف يكون حال من اعتاد أن يكون تحت وطأة الأمر الواقع ؟!

أتعلم مدى شعوره بالعجز وزوال الحيلة؟ أتدري كيف يشعر بكفاه المقيدان من خلف ظهره ربطا في قدماه ليجر أسيرا لما لم يطلبه حتى بل فُرض عليه!

أتعلم كيف يستمر غضبه بالتنامي داخله فلا يستطيع صده ولا رد ما وقع عليه؟

الأمر الواقع موقف لا مفر منه يتعرض له بعضنا أو كلنا !

ولكن ليس كلنا من اعتاد الاجبار والغصب فأصبح اعتياده في ذلك الموقف هو الغضب العارم ، هذا هو ما انفجر بداخل كريم .

لم يعد أهلا للمواقف الاجبارية ولم يصبح حتما حكيما بها ،بل واصبح لا عقلانيا ولا منطقيا في ردات فعله.

كان في الماضي رجلا يخشى ان يؤذي قلوب محيطينه، فصبر عليه ليرضي من حوله مع دفن عدم رضاه هو!

فيرى من حوله حولوا استرضائهم لحق مكتسب، فأصبحت راحته بساط يفرش فى الطين ليمروا هم عليه نظاف لامعين، وهو الوحيد محاط بالقذارة.

تصنمت بداخله عقلانيته وتراجعت حكمته، وجمدت كل ما يمت لعقله بِصلة وفقط تراءى أمامه مقصلة الأمر الواقع!

في تلك اللحظة نظر لأمه نظرة المشدوه ، إن كذب العالم بأكمله لن تكذب عليه أمه ، نظر للطبيب فرآه يومأ بالإيجاب.

فأخذ ينظر حوله بهلع يبحث عن أي شيء ينصفه أو يصدمه بما يقولونه، فوجد هاتف أمه الذي اشتراه لها بيوم الأم منذ عامين فوجده عليه لصاقة حماية الشاشة التي تأتي مع الهواتف الجديدة.

فتح الهاتف يناظر التاريخ فوجده الرابع من مايو من سنة الفان واثنان وعشرون.

ما معنى هذا ؟ ما معنى كل تلك الترهات القبيحة ؟ أسنتان من عمره أنقضيا يريدون محوها ؟ بل ومحو مؤنسة قلبه معها؟!

ظل يحدق بشاشة الهاتف بنظرات تطلق شذرا ، أخذ صدره يعلو ويهبط يكاد المحيطين عد أنفاسه وسماع أصواتها ،بدأ صدره يضيق وكأنه يركض بحياته من هجوم وحشي!

ظل في مكانه على سريره يتعرق وغضبه يتملك منه شيئا فشيئا، يحاول فهم التاريخ الذي يقرأه على الهاتف بين يديه أو ما يُروى عليه لكن كل محاولاته عجزت عن الفهم.

ثم وقعت نظراته على ساقيه المجبرتان ورفع عيناه تجاه المصباح الصغير على الطاولة المجاورة لسرير المشفى.

في اللحظة التى سقط الهاتف من يده أرضا، كان قد مدّها تجاه المصباح يمسكه مقلوبا رأسا على عقب، ثم بعزم غضبه هوى بقاعدة المصباح يحاول تحطيم الجبيرتان اللاتي تحفان ساقاه ، وصوته يهدر غضبا:

شظايا ثمينة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن