الـفـصـل الـثالث: علاج باللـكْـ!

7.2K 412 174
                                    

الزهد والصمت كلامهما وجهان للركود، راكد حالك لا تغيير فيه، لاتقوى على الحِراك، لا تقوى على الشرح أو الطرح، لا تملك لمحيطك أدنى اهتمام أو فضول!

زهد يكسو ملامحك، يكسو مسامعك ويكسو أفعالك إن أنت فعلتها، ميت حي لا يشارك البشر الا النظرات القليلة، هي حال يراها الباحث عن راحة باله رضا... رضاك انت عن حالك! وحاشاها أن تكون كذلك!

تجلس بين كلمات تُقال ونكات تسرد بأعين المتابع وأنت أبعد ما يكون عنه، فلا أنت حاضر ولا وعيك متواجد ولا حتى تهتم!

ركود لايفارق الملامح لا يفارق المشاعر ولا يفارق التعبيرات، كل ما يمكنك استخدامه في التواصل خارج عن نطاق الشغف!

كان هذا هو حاله، رجل ضاعت منه زوجته بين ليلة وضحاها، ضاعت منه حياته التي ألفها، لم يعد يريد أى وصال مع تلك الحياة التي حُشر فيها بطريقة ما!

مرت عدة أيام وهو على حاله، راكد كبرك الماء بعد المطر ، لا هواء يمر فيحرك له جفن ولا كلمة حلوة فتفتح له ثغر، فقط يناظر النافذة الكبيرة في غرفته في الصباح ويحملق بالسقف فوق سريره في المساء ،لا يرد ولا يجيب ناهيك عن ابداء طلب او سؤال!

بعد عدة أيام من ابتدائه حالة الصمت تلك، كان القلق قد فتك بقلب أمه فتنازلت عن عجرفة الأمهات الممانعات لللعلاج عند الطبيب النفسي وأخرجت بطاقة تعريف الطبيبة من محفظتها وأخذت تناظر الاسم والرقم، ثم تواصلت معها، فأخبرتها بمكان مكتبها لتقابلها على انفراد لاستشارتها!

♕_______________________♕

في ظهر ذلك اليوم التجأت ڤيڤيان لطبيبة صغيرة السن ماهرة فى مجالها، تحركت ببطئ فى ممر الغرف وأخذت تمرر عيناها على الاسماء المدونة على أبواب الغرف فى قسم الصحة النفسية حتى وقعت عيناها على مطلبها أخيرا، رقعة ذهبية تبدو حديثة التعليق على الحائط كتب عليها بخط أسود أسم الطبيبة زهرة رامي.

طرقت الباب المفتوح ودلفت قبل أن تسمع من يأذن لها بالدخول، فرأت فتاة لا شيء عربي بها إلا لسانها الذي كان يُسهب بنبرة غاضبة:
أيوة وقول للبني آدم المنحرف ده إني مش راجعة قبل ما أخلص اللى ورايا هنا، أقفل دلوقتي بقا!

اغلقت هاتفها بحرج والتفتت للسيدة ڤيڤيان وقالت:
حضرتك السِت ڤيڤيان مش كدة؟ آسفة كان معايا مكالمة مش مهمة اتفضلي اقعدي!

ابتسمت ڤيڤيان بتوتر وأومأت بتحية بسيطة، ثم جلست تتأمل ملامح الفتاة وتسمع صوتها الذي يبدو كصوت مركب على شكلها، بشرة بيضاء وعيون زرقاء وشعر تخالطه حمرة على استحياء مع لون كستنائي طاغي، فابتسمت زهرة وقد ألفت رد الفعل هذا حقا وقالت ببساطة :
آه! ماما مش مصرية بس بابا مصري، قالولي اني شبهها عشان كدة ملامحي غريبة شوية.

شــــظايـــا ثــمينـــة 《النسخة العامية 》حيث تعيش القصص. اكتشف الآن