الـفـصـل الـخـامـس: جزمة حمرا!

5.8K 319 228
                                    

بعض الذكريات نتذكرها تلفها الأحزان، يمكنك أن تقسم أن هذا اليوم كان غائم أو أن الاضاءة بمكان تلك الذكرى كانت معطوبة أو أنه كان يحفها الظلام، وبعض الذكريات عندما تهل عليك أطرافها توشك أن تغمض عيناك من جمال إشراقها وكأنها مزدانة بالاضواء بل وتكاد تري بعيناك يرعات مضيئة تطوف بين ثنايا الذكرى، فيتهلل بها وجهك وتتبسم ويتوغل دفئ لطيف يدغدغ قلبك.

عندما سألته زهرة عن ذكريات رقية، لم تبذل أي جهد لاقناعه حتى ليتكلم، كان هو من بدأ وحده بلا أي ضغوطات ولا حتى أسئلة منها، بدأ يسرد ويسهب ويصف بلا عوالق، فكان حديثه مليء بالتفاصيل الصغيرة التي كانت تتمرد على قلبه لتخرج للعلن، وها قد خرجت أخيرا.

في منتصف شهر ديسمبر، في طقس ماطر وعاصف، لم تتوقف السماء عن اكرام الأرض مطرا من بداية ساعات الصباح وحتى المساء، باختصار كان يوما شتويا سكندريا بجدارة.

كان الوقت ظهرا، أو بعد الظهر بقليل،في منزل مكون من طابقين، طابق سفلي مفتوح ذا غرف قليلة، وطابق علوي منفصل بخدماته وبينهما سلم داخلي فقط.

في غرفة من غرف الطابق السفلي، لُفّت سجادة الصلاة من على الأرض، بعد صلى كريم وتحرك مسرعا يحملها بدون وعي، متجها للطاولة القريبة القابع عليها هاتفه الذي قد بدأ بالرنين بالحاح ودون توقف، وضع سجادة الصلاة على الاريكة ورفع الهاتف ناظرا لاسم المتصل وتنهد بضيق.

سهيل كان اسم هذا الشخص عندما يكون فى جهة المتصل انذار بأمر كارثي قد حدث، إما له طالبا للمساعدة، وإما للعمل وأيضا طلبا للحل!

مرر يده على شعره واستند جالسا على ظهر الاريكة الزرقاء فى حجرة معيشته، زفر ورفع الهاتف على أذنه بحذر وكأنه يرجو أن يختفي الهاتف والمتصل بمشاكله، ولكن ماذا عساه يفعل إن احتاج صديق العمر للغوث إلا أن يمد يده وينتشله، حتى ولو كان ذاك الصديق مشاغب، سيء المعشر، ملم لكل ما هو مؤذ وقذر!

اتاه صوت سهيل يتحدث بفكاهة كعادته:
كيميز أبو الكرم، حبيبي، أحوالك إيه ؟

تنهد كريم وقد علم أن تلك البداية تعنى أن الحادث يخص العمل! فرد عليه برتابة:
تمام! ايه اللى حصل عندك؟

-حاجة بسيطة خالص يعنى مش محتاجة قلق!

-لو كانت بسيطة خالص مكنتش هتتصل كتير كدة يا سهيل! انجز ايه اللي حصل؟!

-اديك قلتها أهو! اتصلت كتير وأنت اللى لاطعني يرضيك كدة؟

-يا سيدي ولا لاطعك ولا حاجة، ما انت برضو اللى متصل فى وقت الصلاة !

-أوبا، عم الشيخ بقا!

-ومالو هو أنا أطول! وبعدين قلتلك تبطل الطريقة دي، عشان منظرك بيبقى بايخ أوي لما بتتسك كل مرة!

شــــظايـــا ثــمينـــة 《النسخة العامية 》حيث تعيش القصص. اكتشف الآن