الـفـصـل الـسـادس: إيطالي بخطين!

5K 271 112
                                    

يضيع الامل منا فنشعر وكأننا في فضاء نحوم بلا إرادة، لا تلويح ذراعين سيحركك ولا تجديف ساقين سيدفعك، وحتى إن التويت على نفسك فلن يفيد إلا فى قلبك رأسا على عقب في مكانك، انت مجرد جسد عالق فى اليأس بلا وجهة.

في ذلك الفراغ الأسود خالي الوسط يخيل إليك نور دافئ مُشع يقترب منك رويدا رويدا يلامس طرفك، فتتمسك به بأطرافك الأربعة، فإن تمكنت منه فهو سبيلك الوحيد، وملجأك الأخير وفُلك إبحارك من بحر الفضاء الراكد هذا!

فى بضعة اسابيع مرت كان كريم حبيس الفضاء، سجين بلا قيود، واقع تحت ما لا يقوى على حمله، وإمساكه لتلك الحلية الفضية كان اول معالم جزيرة ويابسة فى رحلة غرقه تلك، بل كان بوابة النجاة.

كعاشق يسهد الليل يتغزل فى حبيبته، كانت ليلته طويلة رافعا للورقة الفضية أمام عينيه، عالما بان هذه القطعة الصغيرة قد لامست لهيفة قلبه، الان يمكنه الاطمئنان نوعا!

هي لم تهرب منه، بل اخبرته ان ينتظر، ولكن مهلا كان هذا حلما عابرا أكان عليه الاعتبار به! أكان عليه ان يهيم فى الخيال لمجرد توصية فى اغلب ظنه من شيطان احلامه!

رأسه فاضت واغدقت بالافكار المتضاربة، مجرد حلم! لِما يصدقه! بل مهلا لحظة! اي حلم هذا الذي تتمسك فيه بشيء فتجده على فراشك فى الصباح التالى، هذا ضرب من الجنون لا الخيال!

هل هناك من يحيك له نوعا من المؤامرات؟ أهو صديق عمره؟ أهي ربيبة امه؟ الطبيبة؟ ام انها خليلة الفؤاد؟ الاحتمال الاخير مر كالعلقم، لكن كيف عساه يتغاضى عنه وهو في تيه فقط مع اول خطواته على اليابسة.

دس رأسه بين الوسائد كعادته وكأنها عازل عن الدنيا، عليه النوم باي حال لديه جدول حافل بالغد، بين علاج فيزيائي للذراع ومتابعة لحال الساق، وايضا وصلة جديدة من الاستفزاز المتبادل على شكل جلسة نفسية مع زهرة، على غير الاعتياد هو بالفعل أصبح أكثر تشوقا لجلساتهم، ليس لأنها تسمعه ولكن ليعلم ما ورائها! او من!

♕_______________________♕

في صباح اليوم التالى بدأ بأول ما يكرهه، وجه زهرة ذا الملامح صارخة الجمال برأس أحمر يمقته، كانت تتبختر فى حجرته جيئة وذهابا تثير اعصابه.

اختارت نفس المقعد والطاولة من الجلسة السابقة، لكن هو لم يغير مكانه من على الفراش، هي حتى ايقظته من نومه، لم يشق حلقه جريان كوب من الماء ناهيك عن الفطور!

كانت كل نظراته ناحيتها ساخطة كارهة، اى طبيب نفسي هذا الذي يتحين الفرص لازعاج مرضاه، كانت زهرة مثالا يحتذى به فى ازعاج الناس بل التفنن فى السخرية والان حرمانهم من الطعام.

تحركت وكأنه في منزلها، صوت جرجرة الاثاث على الارض، تُحيل أماكن المقعد والطاولة وتقيس المسافة بينهم وبين النافذة، كانت تتكلم وكأن هناك من يحادثها:
كدة احسن عشان فيتامين D.

شــــظايـــا ثــمينـــة 《النسخة العامية 》حيث تعيش القصص. اكتشف الآن