153 حنان سعيد

8.1K 173 2
                                    

- السلام عليكم، أستاذ أحمد؟
- أيوة.
- مع حضرتك حنان سعيد، منظم حفلات، أتمنى مكونش اتصلت في وقت مش مناسب، وبعتذر إني اتصلت كده لكن دا الرقم الوحيد اللي قدرت أوصله و..
- أنا بعيط.
بصيت لأسماء وأنا متنحة، كنت بتنفس ببطء، من صدمة الكلمة أعتقد، أو لأنها من راجل، راجل معرفهوش تحديدًا.
سكت شوية مش عارفة أقوله ايه، وحسيت بإحراج إنه أكلمه في شغل وهو في الحالة دي، وبإحراج أكتر إني أقفل كمان كده، معرفتش استخدم جملة أخرج بيها من الموقف.
فكرت أقوله إني هتصل في وقت تاني لكن سمعت صوت عياطه، فسكتّ.
أسماء شاورت لي بعينها تسألني في ايه، فحركت كتفي إني معرفش، خرجت وقعدت في أوضة تانية ساكتة، سيبته يعيط وسرحت في الشخص اللي بيقف على المسرح وضحكته بتوصل للقلب قبل صوته، إيه ممكن يوصله لإنه يعيط لشخص ميعرفهوش، صعبة تيجي من راجل.
انتبهت إن الموبايل قفل بعد ربع ساعة، فحمدت ربنا إنه قفل من نفسه، مكنتش عارفة أتصرف إزاي، أنا عامةً مش بعرف أهوّن على الناس بالكلام، ولو بعرف فمش هعرف أهوّن عليه.
وقفت علشان أروح لأسماء لاقيته بيرّن، مردّتش علشان لو كان اتكلم في حاجة تخصه مكنتش هعرف أكلمه، وكمان لو بنت كان الموضوع هيبقى أسهل، رن مرة تانية ففتحت الموبايل من غير ما اتكلم.
قال - أنا آسف والله، كنتِ عاوزة ايه؟
- أنا اللي آسفة كان المفروض أتكلم مع مدير أعمالك الأول أشوف وقت مناسب لكن والله معرفتش أوصل غير للرقم ده، ممكن حضرتك تقولي وقت أتصل ف..
قاطعني - أنا جعان أوي.
سكت مفهمتش أنا ايه علاقتي، كمّل - واحشني محشي أمي أوي، بتعرفي تعملي محشي؟
- نعم!
- محشي، مش عارفة يعني ايه محشي؟
- لأ عارفة أكيد، لكن مبعرفش أعمله، قصدي ايه علاقة المحشي دلوقت؟
- علاقته إني جعان أوي، أنا مكلتش النهاردة خالص.
معرفش ليه اتفاجئت، أنا مالي! قولتله - مكلتش خالص!
- آه والله، وحاسس إني دايخ.
- مفيش أكل عندك؟
- أنا عاوز محشي.
- طب اشرب عصير أو أي حاجة وبكرة كُل محشي.
- ما هو مفيش حد يعملهولي.
- طب أشرب عصير طيب علشان متدوخش.
- وهتجيبي لي محشي؟
- أنا؟
- أيوة.
- مش بعرف أعمله والله.
- ولا ماما بتعرف تعمله؟
- لا بتعرف.
- طب قوليلها تعمله.
صوته كان بدأ ينام، فقولتله حاضر علشان نخلص في الليلة دي، قالي - والله لو ما جبتيه بكرة ما هاكل.
- طب أجيبه فين؟
- هو إنتِ مين الأول؟
اتنهدت، حسيت فجأة إني تعبت من الكلام، قولتله - أنا حنان س..
- أيوة أيوة، معلش والله مصدع أوي ومش مركز.
- مفيش حاجة، أتصل بحضرتك بكرة بقى علشان الشغل؟
- لا هتجيبي لي المحشي بكرة.
- أجيبه فين؟
- هبعتلك لوكايشن كافية دلوقت، هاتيه بكرة الساعة 2.
- حاضر.
قولتله حاضر وخلاص، مكنتش ناوية أروح في مكان، ومكنتش هعرف أقول لماما تعمل محشي كده كمان، وبعدين فرضًا المكان طلع بعيد عني، بس هو أنا محتاجاه، دا أول شغل ليا وأول وآخر فرصة هاخدها من أستاذ خالد، أنا بحاول من سنة وشهرين وطول الفترة دي كان بيرفض، أول مرة يوافق، قالي لو قدرت أقنع أستاذ أحمد بيا فهو موافق، بس حلّفني إني أقوله إني دي أول حفلة ليا.
انتبهت على صوته - إنتِ معايا؟
رديت بسرعة من غير ما أفكر - معاك.
سكت شوية وبعدين قال - أول مرة حد يقولي إنه معايا.
- عندك عصير؟
حسيت إني قليلة الذوق أوي إني بقفل كلام بالشكل ده وخصوصًا إنه تعبان، بس كنت زهقت.
- لأ معنديش.
- طب مش بتعرف تعمل؟
- مش قادر.
- إنت تعبان أوي؟
- مش حاسس بدماغي ومش قادر أفتح عيني.
- طيب حاول تنام وبكرة ه..
- حفلة ايه اللي كنتِ بتتكلمي عنها.
اتشجعت وقولتله بسرعة - أيوة الحفلة، أنا بنظم حفلات، هو الحقيقة دي أول حفلة ليا، لكن والله أنا شاطرة جدًا، يعني..
سكت معرفتش أقول ايه، فسألني - شغالة فين؟
- مع أستاذ خالد.
- أيوة، طب وهو مكلمنيش ليه؟
- علشان المفروض إني أقنع حضرتك بيا.
حسيته ابتسم - حد يقنع حد كده؟
- طب أعمل ايه؟
- اتكلمي بثقة، وقوليلي يا أستاذ أحمد أنا حنان سعيد، منظمة حفلات، وأستاذ خالد طلب مني إني أكون المسئولة عن حفلة حضرتك، فمحتاجين نتكلم علشان أعرف حضرتك تحب ايه.
رددت نفس كلامه بعده، كإني بغبان، قالي بصوت مش راضي - لأ ناقصك ثقة.
- أنا متوترة دلوقت أوي، ممكن أتصل بكرة هكون أفضل من كده والله، وهتكلم بثقة.
- بثقة جامد أوي؟
- آه والله، بس أنا دلوقت متوترة.
- يعني مبتعرفيش تعملي محشي، وبتتوتري، ومش عارفة تقنعيني، أومال بتعرفي تعملي ايه!
- أنا.. أنا والله..
- بكرة تجيبي المحشي، ولو عجبني فاعتبريني موافق.
وقفل من غير ما يقولي إنه هيقفل، قليل الذوق.
يعني دلوقت مستقبلي واقف على محشي ماما! خرجت بسرعة وروحت المطبخ، لاقيتها واقفة بتعمل أكل، حكتلها كل حاجة، قالتلي وهي مستغربة - زمان الشغل كان بيقف على التعليم والتعب، دلوقت بيقف على الأكل!
- لا مش واقف على الأكل، واقف على المحشي.
- صعبان عليا والله، خلاص هصحى من بدري أعملك.
- والله يا ماما لو وافق لأبوسك بوسة كبيرة.
يا ني، كنت نسيت أسماء خالص والله.
صحيت الساعة 12 ونص على صوت رسالة فيها الوكايشن، أنا كنت نسيت، لوهلة امبارح توقعته بيهزر، أنا مش فاهمة ليه بيقولوا عليه مغرور ومعاملته وحشة، دا طلع طيب أوي وصعب عليا، طلع لوحده ومحتاج حد معاه، الناس دايمًا بتحكم من بره.
صليت ولبست وأخدت الأكل معايا، وطول الطريق كنت بتدرب أتكلم بثقة، أنا لو نجحت المرة دي هتف على خالد، حقيقي هتف عليه، ياما ذلني وقلل مني.
وصلت لاقيته قاعد وبيتكلم في الموبايل، وقفت قدامه ولسه هتكلم لاقيته قفل وبيبصلي وهو مستغرب، سأل وهو بيبص على الشنطة في إيدي - ريحة محشي دي صح، قولي صح.
خطفها من إيدي قبل ما أتكلم، مقليش أقعد حتى، فتحها وبدأ ياكل وهو مش مركز مع حد، هو قليل الذوق ماشي لكن كنت حاسة إني عاوزة أعيط عليه مش منه، قعدت وأنا مش مركزة، كنت ببص عليه هو بس، ملامحه طفولية وهادية، بسيط، وقليل الذوق، وطيّب جدًا.
بعد فترة بص لي - عارفة أنا مكلتهوش بقالي قد إيه؟ بقالي 3 سنين، من وقت ماما ما ماتت، تعرفي إنه أكتر أكلة حنان الأمهات بيقع فيها، هما مش بيلفوا ورق على رز، بيلفوا فيه حنان.
مش عارفة ليه دعيت ربنا وقتها إني مموتش وأسيب ابني كده، بس افتكرت إني مش متجوزة أصلًا فمعنديش ابن أساسًا.
- ضروري تتعلمي تعملي محشي، دا مهم جدًا.
- حاضر، بالنسبة للشغل ف..
- الأكل كله مهم، دي وسيلة للتعبير عن الحب.
- أكيد طبعًا، الشغل اللي كلمت حض..
- بتعرفي تطبخي أصلًا؟
بدأت أزهق - أصلًا؟ لا مش بعرف أطبخ أصلًا.
اتعصب - ليه كده؟ ليه؟
- خير!
- لازم تتعلمي تطبخي، إزاي بنت مش بتعرف تطبخ، هتعبري ولادك عن حبك إزاي؟
- ما هو في اختراع اسمه الحضن، بنحضنهم عادي ولادنا مش عيب.
- ولادنا؟
اتحرجت أوي، دا مش قليل الذوق، دا معندهوش ذوق خالص - مقصدش، قصدي ولادنا، مش قصدي كده، قصدي ولادنا بعدين يعني، يوووه، ولادنا إنت فاهمني؟ مش ولادي أنا وإنت، لأ ولادي أنا وبعدين خد نفس، وولادك إنت، فاسمها ولادنا، إنت فاهمني ولا أنا بعك أكتر ولا ايه؟
- حلو المحشي قولي لماما تسلم ايدها.
- حاضر، كنا اتكلمنا عن الشغ..
- لا للأسف ورايا ميعاد مهم دلوقت، مرة تانية بقى.
وسابني ومشي!
- قليل الذوق أوي يا أسماء، مشوفتش حد قليل الذوق كده، لكن شكله حنين، وصعبان عليا إنه عايش لوحده كده، تقريبًا وفاة مامته مأثرة عليه أوي.
- احنا ملناش دعوة، دلوقت الشغل هنعمل فيه ايه!
- والله ما أعرف، وآخر فرصة بكرة، شكلي مش هحقق حلمي.
- اللي هو ايه؟
- إني أتف على خالد.
اتصلت بيه تاني لكن مردش، يعني طفحت المحشي ودلوقت مش هترد!
بعدها بساعة اتصل بيا، قالي بسرعة - هو مش كنتِ عاوزاني في شغل؟ هو فين الشغل ده؟
- ما هو أنا ات..
- بلا أنا بلا إنتِ أنا مبحبش شغل العيال ده.
- أنا بتوتر على فكرة كده، ولما بتوتر بعيط والله، فمن فضلك كلمني بهدوء.
- مش أنا النهاردة كلت محشي.
معرفش ليه انتبهت جامد معاه وفرحت علشانه أوي، كلمته كإنه أسماء صاحبتي - دا بجد؟ فين؟
- واحد صاحبي مراته كانت عملاله، لحظة، هو أنا بحكيلك حياتي ليه! لا بجد أنا عمري ما قولت لمخلوق إني بعيط دي! إنتِ مالك ومال حياتي أصلًا.
- والله ما عملت حاجة.
- بس كان طعمه حلو أوي.

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن