106 إيمان أحمد

4.5K 209 4
                                    

" مع الوقت هتنسى، الزمن أحسن دكتور زي ما بيقولوا "
- الإنسان عمره ما ينسى إنه احتاج صاحبه في يوم و ملاقهوش، فإزاي ينسى إنه لما احتاج حبيبه اختفى يا دكتورة!

خلصت الكشوفات بتاعة النهاردة و قفلت العيادة و روحت، طول الطريق كنت بفكر في الجملة اللي قالها الرجل دا، قد ايه كان صعب يقولها بس الأصعب كان إنه مصدقها و للأسف مفيش علاج يقدر يخليه ينسى إنه اتنسى و اتقلل من ضعفه و احتياجه، بصيت للخاتم اللي حوالين صابعي بتلقائية، مكنتش فاهمة اشمعن الجملة دي اللي لمستني اوي كدة بس لما بصيت للخاتم حسيت إنه عشان كدا
" تعبانة و مودي مش كويس، بلاش نخرج النهاردة "
ابتسم نفس الابتسامة اللي بتقلل من كل جملة بقولها و قال : ما انتي كويسة اهو، ده شغل دلع و مسكنة عيال فارغة

مكنتش فاهمة فين المشكلة! أنا فعلا كنت تعبانة بس حتى لو بدلع، ايه الجريمة في كده، لبست و خرجت معاه عشان رفضي لحاجة هو قابلها يعتبر غير منطقي و بيتقابل على إنه دلع عيال و كلام فارغ
كالعادة من ساعة ما اتخطبنا الخروجة كلها صحابه و زمايله و قرايبه احيانًا، بيضحكوا و يحكوا مواقف سخيفة مضحكش بس لازم أضحك عشان الناس ميقولوش عليا قافلة و كارههم أو كارهة نفسي، لازم ابقى فرش زي ما بيقول و إلا يتقمص مني شهر بحاله و لازم أنا اللي أصالحه عشان أنا اللي غلطت و اها عشان هو مبيغلطش، كل مرة كنت بحس إني وحيدة و الوحدة بتزيد لما ابصلهم فحس إن كلهم لون واحد، كلهم زي بعض، مندمجين مع بعض و بيفهموا بعض و بدافع داخلي رجلي بتبدأ تتحرك بعيد عنهم ببقى زي طالب أول يوم له في الجامعة من غير صحابه، لازم يبقى قوي و يندمج و في نفس الوقت عايز يقعد في جمب و يعيط
قعدت على كرسي بعيد عنهم، كنت عارفة إن محدش هيحس بغيابي فمقولتش إني همشي و لو هو اضايق حتى فهيضايق لإني مخدتش إذنه مش لإنه قلق لما ملقنيش جمبه
- طيب تمام زي ما اتفقنا النهاردة
اتفاجئت بصوت قريب، بصيت قدامي لقيت شاب واقف جمب الكرسي التاني للترابيزة و بيتكلم في التيلفون، أول ما عينه جت في عنيا استغرب فخدت بالي من فنجان القهوة اللي على الترابيزة و مفاتيح عربية جمبه و كوباية ميه، فهمت إنه قاعد على الترابيزة فقومت بسرعة و أنا مخضوضة و مكسوفة
- لا خليكي
بصتله باستغراب فابتسم ابتسامة حلوة اوي، أول مرة أشوف ابتسامة حلوة كدة بس يمكن عشان دي أول مرة حد يبتسملي!
- مش قصدي حاجة وحشة، أنا بس بقول بما إن المكان عجبك فاتفضلي و لو تحبي أنا ممكن أشوف ترابيزة تانية
كنت مترددة بس قولت : لاء، مفيش داعي اتفضل
- و حضرتك؟
بصتله باستفهام فضحك ضحكة خفيفة و قال : هيبقى من دواعي سروري لو تتفضلي
قعدت و أنا بفكر، معقول جلوسي مع حد يبقى داعي من دواعي سروره و لا دي مجاملة بتتقال لأي حد؟
- تشربي حاجة؟
" لا، شكرًا "
ابتسم و قال : في العادي كنت هصر إنك تشربي حاجة و مكنتش هرضي غير لما تشربي بس باين إنك مرتبكة و لسة بتستوعبي الموقف فمش حابب اضغط عليكي لكن توعديني إنك لو حسيت إنك عايزة تشربي حاجة تخليني أنال شرف إني اطلبهالك
ابتسمتله بدون وعى و لا إرادة مني، ابتسامته معدية، طول ما أنا بصاله حاسة إني عايزة ابتسم و أضحك، حاسة براحة غريبة حتى لما مبيبتسمش، بحس إن الابتسامة مطبوعة على وشه و مرسومة في عنيه، دي كانت أول مرة أشوف إنسان مثيرللبهجة بالشكل دا
بصيت بعيد على الترابيزة اللي فيها خطيبي و صحابه، كانوا مبسوطين و بيضحكوا فسألت نفسي ليه مبتعِديش من ضحكهم ده زي ما اتعاديت من ابتسامته، ليه معاهم بحس بحزن و ضيق!؟
عدت دقايق و أنا بتفرج على الناس لحد ما جت مكالمة للشاب اللي أنا قاعدة معاه، رد و أنا حاولت مركزش معاه عشان ما يفتكرش إني فضولية أو بتصنت عليه بس غصب عني كلامي جذبني
- لاء، بكره مش هينفع خالص، أجله يا حسن عادي، بكره عيد ميلاد ملك هانم و لازم نجهزله و نجهز الهدايا
ضحك و كمل : طبعًا لازم خالو يعمل كل حاجة بنفسه، هو أنا عندي أغلى من ملك، مش هيحصل حاجة لو الشغل اتأجل يومين، حاول أنت تظبطها بس و أنا هخلص الضروري بالليل
كنت مبتسمة لا إراديًا و أنا بسمعه، افتكرت أعياد ميلادي و أنا صغيرة، مخدتش بالي إنه خلص مكالمة غير لما لاقيته بصصلي و ساكت
اتخضيت و قولت بتوضيح : أنا آسفة، سمعت كلامك غصب عني و...
ابتسم و قال : براحة، خدي نفسك هو أنا هحاكمك! و بعدين أنا عارف إني صوتي كان عالي، للأسف مبعرفش اتكلم بصوت واطي أبدًا
استغربت و قولتله : بس صوتك مش عالي خالص!
- دي أول مرة أسمع الجملة دي في حياتي و أول مرة كلامي يرسم ابتسامة على وش حد
اتكسفت بس حاولت اتشجع و اكلمه، كنت مرتاحة لصوته و لكلامه ال.. الجديد عليا
" اصلي افتكرت حاجات قديمة "
- واضح إنها كانت سعيدة
ابتسمت و قولتله : اعياد ميلادي و أنا صغيرة، التورتة و البلالين و الهدايا و الشمع
ابتسم و قال : و ايه المانع من وجودها دلوقتي!
ضحكت بسخرية و قولتله : خلاص مبقتش عيلة، دا دلع عيال
مكنتش عارفة ده لساني و لا لسان خالد، كنت بخاف من حاجة واحدة، إني مع الوقت اتحول لنسخة مصغرة من كلامه و آراءه
بصلي بجدية بان فيها الإستياء و قال : ايه السلبية دي! السعادة متخلقتش للعيال الصغيرة بس، السعادة من حقك في أي عمر و أي حاجة تحققلك السعادة دي اعمليها من غير تردد، السعادة بالذات ملهاش قانون و لا هى حكر على حد
اتنهدت بتقل، كنت حاسة بزحمة جوايا، ما هو يا هو مش واقعي يا واقعه أحلى من واقعي
عيني وقعت على ترابيزة خالد و صحابه، وقفت مخضوضة لما لاقيتها فاضية، طلعت تيلفوني بسرعة اتأكد، متصلش، ايوة متصلش، معقول نسيني!
- انتي كويسة؟
كان قلقان، معرفش ليه، هو ميعرفنيش عشان يقلق عليا، أنا عمر ما حد قلق عليا
بصتله و أنا تايهة و قولت نفس الجملة اللي قولتها لما صحابي اتصاحبوا على ناس غيري و سبوني
" الناس اللي جيت معاهم سبوني و مشيوا "
فضل شوية يستوعب الجملة و هو بصصلي و بعدين قال : أنا ممكن أوصلك لو تحبي؟
كنت موجوعة و تايهة في خمسين قرار في دماغي، مكنش عندي قدرة أفكر في سؤاله فمشيت معاه
خرجت و ركبت معاه من غير ما خاف و لا أكش و لا أفكر، اديتله عنوان العيادة و فضلت ساكتة طول الطريق و أنا مش مصدقة اللي حصل، أنا مش مهمة لدرجة إني اتنسي!
- فين البيت؟
معرفش قال السؤال ده كام مرة بس من الواضح إنه متعصبش و لا زهق
شاورت على العمارة اللي قدام و قولتله : فوق
بص على العمارة و قرأ اليافطة اللي عليها اسمي و قال : هنا!
" ايوة "
استغرب و قال : بس دي عيادة
" عارفة "
هز راسه بتفهم و قال : متهيألي إنها قافلة دلوقتي
نزلت من العربية و قولتله : هفتحها
بصلي باستفهام و تقريبًا بدأ يقلق على قوتي العقلية فقولتله : دي عيادتي
حرك راسه بتفهم و اتنفس براحة، مستغربتش لإن دي نظرة معظم الناس للدكتور النفسي
- أنا ممكن اوصلك البيت عادي
" لا شكرًا، أنا هرتاح هنا أكتر "
ودعته و طلعت، خالد رن كذا مرة، أخيرًا افتكر، مردتش عليه، نمت على الشازلونج و أنا بفكر في حياتي و معرفش عيني غمضت امتى
كنت عارفة اللي هيحصل و أن أنا اللي هتطلع غلطانة و مكنش لازم أبعد عنه و المهم ازاي مستأذنتوش قبل ما امشي و ازاي مردتش على اتصالاته
" و أنت مشيت و مفتكرتنيش "
كان صعب عليا أقول نسيتني بس مكنش صعب عليه يقول : هو انتي عيلة صغيرة هتوهي و بعدين هو المفروض أربطك بسلسة بعد كدة عشان متتحركيش من مكانك

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن