حنان سعيد17

4.3K 269 4
                                    

- أعملك شاي ياسي أحمد ؟
- لا ياحنان تسلمي
- طب أعملك عصير ؟
بص ليا وهو بيبتسم وأنا قلبي كده زي مايكون هيطلع مني
- لا ياحنان، لو عاوزة تروحي تنامي انتي روحي.
- عارف ياسي أحمد، أنا أعز ماعندي لما بعملك حاجة كده، بكون فرحانة لما بتقولي أعملك حاجة
متكلمش فكملت - وعارف أنا بحب اتحدت معاك أوي، الحديت بيكون ليه طعم تاني كده
- وأنا كمان بحب اتكلم معاكي
- صحيح ياسي أحمد ؟
- تعالي اقعدي ياحنان
قعدت على الأرض قدامه بسرعة - أقولك على حاجة ياسي أحمد ؟ بيقولولي حسي حلو، وأنا بقعد أغنيلك كتير أوي لما مش بتكون هنا
- طب ومش بتغنيلي ليه لما بكون هنا ؟
- ماهو أنا زي مايكون كده قلبي بيدق أوي لما بكلمك ومبعرفش أتكلم حتى، بكون عاوزة أغنيلك وأقولك كل الحلو اللي في الدنيا كده بس مبعرفش، ومبعرفش اتكلم زي بنات البندر كمان.
- بس أنا هطلع أحسن منك وهرسمك.
- صحيح هترسمني !
- أنا بحب لهجتك أوي.
- ياحلاوة ياولاد.
زي مايكون كده ملاك، حاجة حلوة أوي، ومعرفش مالي اتهفيت في عقلي باين، معرفش بقوله الكلام ده ازاي بس هو حلو والحلو لازمن يطلعله الحلو.
- حنان روحي شوفي أحمد حضر شنطته ولا لأ
- شنطته ليه هو هيسافر !
- أيوة وبطلي اسئلة بقى
- حاضر ياست فاطنة
هيسافر ليه ؟ دا البيت بيبقى وحش أوي من غيره، دا انا بعملهم اللقمة وبحس ان قلبي اللي بيعملها علشان عارفة انه هو هياكل، حتى الهدمة بتاعته بغسلها من روحي كده.
- هتسافر صحيح ياسي أحمد !
- يومين وهرجع.
- طب وهتسافر ليه !
كمل حط الهدوم في الشنطة ولا كأني بكلمه
- طب هات عنك أحطهم أنا
- خلاص خلصت.
- ياسي أحمد البيت بيبقى وحش أوي من غيرك
ابتسملي - هجيبلك حاجة حلوة معايا.
- طب ماتاخدني معاك ياسي أحمد، أكيد عاوز حد يخدمك هناك.
- تصدقي فكرة، أنا برضو مش عاوز اسيبك هنا.
- صحيح مش عاوز تسيبني.
ضحك - كلمة صحيح دي بتبقى نكتة لما بتقوليها.
فضلت في الأوضة تايهة من صوت ضحكته، هو أنا مالي كده زي مايكون عاوزة أرقص ولا عاوزة اضحك ولا عاوزة اغني، وحاسة كده زي مايكون في فراشة بتطير في قلبي، عدلت المنديل اللي مدارية بيه شعري لجل مايشوفني حلوة، طب وأنا عاوزاه يشوفني حلوة ليه ! وبعدين يعني هو هيحب خدامة ! ومالها الخدامة مش بتشتغل !
انتبهت على صوته - خلاص ياستي اقنعت ماما وتقدري تيجي معايا.
- طب واحنا رايحين فين ياسي أحمد
- رايح عند عمتي في اسكندرية، كنت هقعد يومين بس طالما جاية نقعد اسبوع
- وهنقعد معاهم الاسبوع ده ؟
- لأ انتي هتروحي على الشقة هناك تظبطيها وأنا هبقى اروحلهم.
فضلت ساعة اتكلم مع نفسي واحنا مسافرين علشان أقول كلمة اسكندرية صح، معرفش بيسموا البلاد اسامي غريبة كده ليه، مالها عزبة الري بتاعتنا اسمها سهل حتى
- فرحانة ؟
- حاسة زي مايكون كده قلبي بيدق.
ضحك - انتي بتجيبي التعبيرات دي منين !
- معرفش أنا مبفكرش قبل ما اتكلم، الكلمة بتطلع من قلبي كده
- ماهو علشان كده بتوصل قلبي على طول
- يالهوي !
- في إيه !
- بتوصل قلبك والله ؟
- بطلي اسئلة ولماضة بقى، أنا هنزل اسلم عليهم وانتي ظبطي هنا براحتك.
دا قالي الكلمة بتوصل قلبه، يعني هي بتخرج من قلبي بتوصل قلبه، كنت زي الهبلة بتخيل الكلمة اللي بتخرج بتلمسه كده، دا كبير أوي، أنا مش هقول اني صغيرة علشان بخدم يعني، أحسن مامد ايدي للخلق، بس هو كبير مقام وكبير في كل حاجة، وبحس نفسي صغيرة أوي قدامه.
تاني يوم مراحش لقرايبه وخدني أنا وخرجني، خدني كدهون وخرجني وسابهم، أي والله سابهم علشاني، والله مابكذب.
بليل الباب خبط فروحت فتحت، لاقيت واحدة لابسة بنطلون معرفش دخلته فيها ازاي، ومخرجة نص شعرها، وحاطة الحاجات الحمرا اللي بيحطوها دي، مش هكذب وكانت حلوة.
- إنتي مين !
- أني حنان، حضرتك اللي مين ؟
بعدتني بإيدها ودخلت - وأحمد فين !
كان قاعد في أوضته بيرسم، قعدت وقالتلي أناديله.
ياسلام ! طب ماهو أنا بعرف أحط حاجات من دي أنا اللي مبحبش، وكمان يعني أسماء بتقولي ان مفيش بنت في العزبة كلها أحلى مني، وكمان ..
فوقت على صوتها - انتي واقفة ليه !
خبطت على باب أوضته ودخلت لما نادالي.
- في واحدة م ..
- سمعت صوتها وكنت خارج
- هي مين دي ؟
- دي أمل بنت عمتي.
خرج فخرجت وراه وفضلت واقفة قدامهم، مكنتش عارفة اتحرك أمشى من أساسه، دول لايقين على بعض، حتى لبسها كده حلو مش زي لبسي، أيوة بس هي معندهاش خشا، في واحدة تخرج من بيتها كده وتخلي اللي يسوى واللي ميسواش يشوف جسمها وشعرها، وايه اللي مهبباه في وشها ده، دا ناقص تشيل وشها وتركب وش تاني، الله وانتي مالك يافقرية، ماتلبس وتحط انتي مفروسة ليه ! ماهو ميقعدش جمبها كده برضو
- حنان لو عاوزة تنامي انتي نامي
- هه !
أنام ! وأسيبهم لوحدهم ! والشيطان يبقى معاهم ! طب ونتعب الشيطان ليه ماأقعد أنا معاهم، أهوه حتى لو فكروا يعملوا اللي يغضب ربنا اطرقعلهم بالشبشب.
هي اتكلمت بطريقة رخمة - تنام ايه ؟ أنا جعانة خليها تعملنا عشا الأول.
- هقوم أنا أعمل، دا وقت نومها
بصلي تاني - روحي انتي متشغليش بالك.
دخلت الاوضة وانا هطق، حاسة في نمل ماشي في قلبي، حد قالك تبصي لفوق ياختي ! لا هو انتي فاكرة ايه ! هيسيب الجبنة البيضة اللي بره دي ويبصلك ! مش هعيط ولا حاجة أنا، ولا همسح دموعي اللي نزلت بمنديل حتى.
خرجتلهم تاني من غير ماأفكر - انت نادتلي ؟
- انتي لسه صاحية ! لا منادتش ولا حاجة
كان قصدي أقول " طب مش محتاجني في حاجة " ، بس خرجت - بحسب نادتلي علشان متقعدوش لوحدكم يعني وانتوا لوحدكم يعني.
معرفش خرجت كده ازاي، بس فجأة لاقيتها وقفت وهي متعصبة - قصدك ايه بقى باللي قولتيه ده !
- مقصدش حاجة أنا ..
- دا ابن عمي، واني أقعد معاه فمعروف قاعدة ليه ومحدش يقدر يتكلم، انما انتي قعدتك مع شاب لوحدك دي يتقال عليها ايه !
كنت فاكرة ان لساني طويل ولمضة زي مابيقولوا، وان لو حد فكر بس يجي عليا، هاكله بسناني، بس حسيت الدموع وقفت في زوري ومعرفتش ارد، معرفتش أقولها ان امي واخواتي بيستنوا الكام جنية اللي ببعتهم من شغلي، وانه زي اي شغل تاني، بأرادتي احافظ على نفسي او افرط فيها، كنت حاسة في سكينة في قلبي، اول مرة حد يتكلم عن عرضي بالشكل ده
فوقت على صوتهم وهما بيتخانقوا، مكنتش سامعة بيقولوا ايه، كنت بفكر في احساس امي لو اتداس عرضي قدامها.
- يلا ياأمل هوصلك علشان تروحي
- بتمشيني بالذوق يعني ! لا خليك بعرف اروح
أخدت شنطتها ونزلت وطبعًا هو نزل وراها، دخلت الأوضة وقفلت الباب، عقلي كان بيردد " وشباب الحي كله كان عينه من الزينة، صوت خلخالها بيطير عقول، ومنديلها اللي بلون الورد لما بتحكم بيها شعرها لجل مايسافر بلاد الله ويخبل باقي الشباب " ، كانت ستي بتحكيهالي وهي بتلعب في شعري كل ليلة، الزينة !!.
تقريبًا نمت في مكاني النص ساعة اللي بعد كده، صحيت على خبطه على الباب، مكنتش قادرة ارد أو افتح، ففضلت في مكاني على الأرض مبتحركش.
- طب افتحي هنتكلم بس.
- ..
- حقك عليا أنا والله، افتحي بقى.
- ..
- طب أقولك على حاجة حلوة ؟ لو فتحتي هخلص رسمتك دلوقت، افتحي علشان أعرف ارسم
- ..
- أمل دبش، بس هي غلبانة والله، متقصدش.
فتحت الباب ووقفت قدامه - هينفع نسافر الصبح ؟
- لأ مش هتنزلي زعلانة، وبعدين لسه في أماكن كتير لاز..
صوتي علي - أنا مش شبهكم، مبفهمش بتتكلموا في ايه، ولا بنبهر بالأماكن اللي بتروحوها، متعودة على سكوت العزبة مش صداع العربيات، لا بعرف البس ولا بعرف اتذوق ولا بعرف اتكلم، بس عندي عرض مش هسمح لحد يمسه، جاهلة ومبعرفش غير أقرأ كلمتين على قدي، بس بفهم وعمري ماجرحت حد بكلمة، متعلمتش علام المدارس، بس امي حطت حكمة الدنيا في قلبي، وأولها اني أكون انسان مبيأذيش.
- هتطلعي هبلة أوي لو بتقولي كل ده علشان كلمة أمل.
- هي عندها حق، أنا مش هي ولا ينفع أقارن نفسي بيها.
- ولا ينفع تقارني نفسك بحد
رمشت بعيني بسرعة، كنت خايفة يعرف يصالحني وأنا كنت خلاص قولت فيها زعلة كبيرة.
- يتفاتلك بلاد ياحنان والله، الدنيا كلها تتحط بين ايدك وتحت رجلك علشان بس ترضي.
يارب قلبي هيخرج مني ! هو ليه بيقولي كده ؟ مش عاوزني ازعل ؟ طب علشان يصالحني يقولي كلام من اللي بيخلي القلب يقف ويدق ويقف ويدق ده !
- بحب كلامك، ملامحك وانتي بتتكلمي، بحس براءة الدنيا فيكي، من المرات المعدودة اللي بشوف فيها الدنيا ممكن تحضن وتحن.
- هو انت بتقولي كده ليه ؟ عاوزني يغمن عليا يعني ؟
- عاوزك ترضي
- وأنا لو فضلت زعلانة انت هتزعل ؟
- عارف ان زعلي مش هيهون عليكي فأيوة هزعل.
- وهتزعل ليه ؟
مسح بإيده على شعره ومتكلمش، فسألته - هو أنا يتفاتلي بلاد بصحيح ؟
- حد يطلع عينه علشان يوصلك، يتوه ويتخبط، وفي الآخر يجيلك بمناديل تحكمي بيها شعرك
- وأحكم شعري ليه ؟
- علشان مش راحم قلبه.
سندت على الباب شوية، وبعدين دخلت وقفلت في وشه، يانهار زي خضار الزرع ! ايه اللي بيقوله دهوه ! خمرة ايه اللي بتسكر ! يجوا يسمعوا كلامه وهما هيقعوا على وشهم من غير حاجة.
معرفتش أنام، كنت بفكر في الكلمة اللي قالتهالي، في كرامتي اللي اتداست دي، الصبح أصريت نسافر، هي برضو عندها حق، ميصحش وجودي معاه كده، كنت بفكر طول الطريق اني اسيب الشغل، بس كنت مترددة، لما موبايله رن وكلم الست فاطنة، كان بيحاول يهدي صوته علشان مفهمش، بس فهمت ان أمل كلمتها وقالتلها على وجودي معاه لوحدنا، معرفش الست فاطنة بتقوله على ايه، يعني واقفة معاها ولا معايا، بس وقتها قررت اني هسيب الشغل.
لما وصلنا مبصتليش ولا كلمتني، وطول اليوم كانت بتتجاهلني، الصبح قبل مايصحوا أخدت هدومي ومشيت.
مش كل الناس مكتوبلهم يحلموا، اللي زينا عيب يحلموا، وحرام يبصوا لفوق، رقبتهم تتكسر !
رجعت لبيتنا، للزرع والشجر، للتراب اللي ريحته أحلى من ألف عطر بيحطوه، حكاوي الستات ومجالس الرجالة، كن الواحد مكانش عايش، عالم جوه العالم !
فات شهر عليا هنا، صبحي زي ليلي، رجعت البيت بس رجعت قليلة الكلام، براقب أكتر مابتكلم، فسروها اني أخدت على عيشة المدينة فمش عارفة أعيش هنا، أقولهم ان بره في وحش كبير ازاي ! يمكن هنا في فقر، بس بره في كره وحقد، اضخم وحشين وليهم أنياب، هنا محدش بيحقد على حد.
- بت ياحنان اصحي.
فتحت عيني - في ايه !
- قومي بقالي ساعة بصحيكي، في ضاكتور بره.
- ضاكتور ! ليه مين تعبان !
- لأ هو شكل الضاكتور، وبيكلم أبوكي علشان يخطبك
قلبي اتقبض - يخطبني ليه !
- علشان تلعبوا صلح سوا
- ياأسماء مش وقتك، عليّ عظيم ماوقتك
- طب قومي بس وفوقي كده.
طالما ضاكتور زي مابتقول يبقى ابويا مش هيقول لأ، طب وقلبي المتساب هناك ده ! لا هو انتي مستنية ايه ! زمانهم عايشين مبيفكروش في اللي مشيت من شهر دي، وهو تلاقيه خطبها، ماهي زي القمر ومتتسابش برضو.
- انتي سرحتي في ايه !
- ماتخرجي تشوفيهم بيقولوا ايه
- عاوزة عمي يقطع رقبتي !
- مش هيقطعها
- يابنتي ماانتي هتخرجي دلوقت تقعدي معاه وتشوفيه
- أبويا قال كده ؟
- أيوة يااختي قال كده.
شوية وخرجت، كنت هتكعبل في هدومي، معرفش قعدت جمب مين، بس ابويا طبطب على كتفي براحة وقالي انا بره.
شكلهم كده والله أعلم زي مايكونوا سابونا لوحدنا، مايسبونا هخاف من ايه !
- أنا مكنتش أقصد لما قولتلك يتفاتلك بلاد اني افوتهالك فعلًا.
يانهار زي خضار الزرع ! عضيت شفتي جامد ومرفعتش راسي، دا مش ضاكتور ياغبية، دا حاجة كده نازلة من السما، بلسم لوجع الروح.
قام وقعد جمبي - عارفة توهت قد ايه على مالاقيت العزبة ! أنا نمت في القرية اللي جمبكم من كتر اللف أصلًا
الفرحة كانت مقيداني، مكنتش قادرة اتلفت ولا اتحرك ولا اتكلم.
- مش هتقوليلي حمد الله على سلامتك طيب !
- بتعمل ايه هنا ؟
- وبتسألي كمان ! على فكرة بقى مش رجولة انك تمشي كده من غير ماتعرفي حد.
- انت فاهم انت بتعمل ايه ؟ أنا مش شبهك.
- مين قالك ؟
اتنهدت - طب انا اتطسيت في عقلي وبصيتلك علشان انت سيد الناس ولازم يتبصلك، انت بقى بتعمل كده ليه !
- بحبك
- ياشتات الشتات !
ضحك - يابنتي كفاية تعبيراتك دي بقى
- أهو أنا مبعرفش اتكلم غير كده.
- ماشي وأنا بحب كده.
- ماتروح فكر
مهتمش لكلامي وقام جاب علبة صغيرة من مكان ماكان قاعد
- ايه دي !
- مناديل تحكمي بيها شعرك
- وأحكم شعري ليه !
افتكرت الكلمة اللي قالها لما سألته كده، فوقفته بسرعة قبل مايتكلم علشان مكنتش هستحمل يقولها، كنت حاسة نفسي هسيح لو سمعتها
- لا لا خلاص متقولش.
فضلنا ساكتين شوية، فقولتله بصوت واطي أوي أوي
- ولا أقولك قولها بسرعة علشان مسمعهاش.
همس - أقول ايه ؟
- قولي أحكم شعري ليه
- علشان مش راحم قلبي.

" حتى قبل ان التقيك، لم نكن أغرابًا "

#أسميته_أحمد
#حنان_سعيد

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن