حنان سعيد2

11.9K 500 17
                                    

كانت أم كلثوم لحظتها بتقول " اللى شوفته قبل مااتشوفك عنيا ، عمر ضايع يحسبوه إزاى عليا ؟ "
وهو ؟ هو كان واقف بقميص أبيض توهت لما شوفته بيه ، ماسك قهوة بإيده وساند على سور بلكونته ، ميعرفش إن ف بنت بعيد عنه مسافة ضحكة ، شايفاه من بعيد عمر حلو ، حلو اوى يشبه ضحكته
الصبح كان لسه بيفتح عيونه ، شوية وهينزل يروح شغله ، ولسانى هيردد زى عادته كل يوم كلام أحلام مستغانمى " عساها تطاردك رائحتى ويحتجزك حضنى وتخذلك النساء جميعهم ، فتعود منكسراً إلى ّ "
وأخاف بعدها ، لأ ياارب ميجيليش بوجع لأ
ميكونش دوايا ويجيلى بوجع ياارب !
- هتاخدى برد ، إقفلى الشباك
بصيت لماما وإبتسمت ، كل يوم ماعدا الجمعة والسبت بتشوفنى بإبتسامتى دى ، وطبعا علشان هو معندوش شغل الجمعة والسبت ومش بشوفه
نزلت بسرعة علشان الكلية ، أنا بصحى بدرى جداا ، ومش باخد وقت ف لبس أو فطار ، علشان ف نص ساعة بتضيع وانا واقفة قدام الشباك علشان أشوفه وهو بيشرب قهوته
حد قالى مرة إن الأرواح ليها عالم خاص بيها ، الروح سر كبير ، ومستحيل روح تحب روح والروح التانية متحسش بيها ، علشان الأرواح بتتواصل
بس مش عارفة ليه حاسة ، لأ أقصد متأكدة إنه مش حاسس بحاجة ناحيتى ، إحنا إنتقلنا هنا من 4 سنين ، وعيلته سكنوا قصادنا بعد سنة واحدة ، يومها ماما كانت فرحانة ان ف ناس هتبقى قصادنا ، بتقولى الجيران نعمة وسند علشان كده الرسول وصى عليهم
ماما إستقبلتهم وسلمت عليهم ، وساعدتهم كمان وهما بيرتبوا الشقة ، وانا اكتفيت إنى أبص من الشباك
لحد ماشوفته ، كان شبه نور ظهر فجأة لبنت عايشة تتلمس جدران الوحدة ، ظهر زى أى فارس لكل الأفلام العربى القديمة ، عمرى ماشوفت ملامحه عن قرب أو حتى سمعت صوته ، بس ف خطاوى عمر الشريف وخفة دم حسن يوسف ، الفرق الوحيد ان من أول مااظهر والدنيا مبقتش أبيض وأسود ، بقت لون تانى يشبه جمال البرفيوم بتاعه
- طب مش بتنزلى ليه وقت مابينزل علشان يشوفك
- دا انا يغمن عليا
- يُغمن !! لا يبقى متنزليش طالما هيغمن عليكى
ضحكت - يااهبلة ، وبعد مايشوفنى ! هيحبنى !
- الأفلام بيحصل فيها كده
- أكتر واحدة بتندمنى إنى بحكيلها حاجة
- عم الناس
هو هيجى ، هيجى من غير ماالفت إنتباهه ، من غير مااعمل حاجة تكسر حيائى ، أو تقلل من كرامتى وكرامة أهلى ، هيجى علشان انا بدعى كل يوم إنه يجى
- تليفونك بيرن يااحنان
بصيت للرقم وقفلته
- رقم برضو ؟
مردتش ع أسماء ، عقلى كان مشغول ف حاجة تانية أهم
كل يوم الصبح ، العالم كله بيسكت اول مابيخرج ، وقتها بس بسمع صوت العصافير
وأسماء الهبلة كانت بتقولى - هو الحب حلو ؟
- هو ف حاجة بتحلى وهى مش حلوة !
وأنا نازلة الكلية الفون رن تانى ، المشكلة إنه مش رقم واحد ، بيتصلوا ويسكتوا ، اللى هو إحنا فاضين فهنتصل ونسكت !
- السلام عليكم
- ...
- عارفة إن محدش هيرد والله ، طب بتتصلوا ليه ؟
- ...
- يعنى أنا فاضية كل شوية أعمل بلوك لرقم !
- متعمليش بلوك بالله
الشنطة وقعت من ايدى وانا نازلة سلم البيت ، ووقفت وإيدى بتترعش ، يمكن علشان مكنتش متوقعة رد أصلا ، أو علشان طلع صوت ولد !
فضلت 10 دقايق ساكتة من الخضة وبعدين أخدت الشنطة ورديت - أيوة ، مين ؟
- ..
- هتسكت تانى !
- معنديش حاجة أقولها
- طب بتتصل ليه ؟
- خليكى معايا بس لحد ماتوصلى الكلية ، مش هتكلم والله
كنت بتحرك وانا مش ف وعيى أصلا ، بس مقفلتش ، فضلت سامعة صوت سكوته وساكتة
لما وصلت لبوابة الجامعة قفلت
منكرش إن المكالمة دى خلتنى أفكر إنى أتصل بيه وأسمع صوته ، أو أعمل زى ماأسماء بتقولى أنزل ف الوقت اللى بينزل فيه ، بس انا عارفة انى أضعف من انى أعمل كده
- مش هتنامى ؟
- شوية كده يااماما
أنام ازاى والحلوف لسه مروحش البيت ؟ لحظة ايه ده ؟ دموع دى ؟ انا بعيط ؟
والله لما ربنا يستجيب ويخليه من نصيبى لاطلع كل ده عليه
- حنان ، نامى بقى
- حاضر يااماما والله بطفى النور
طفيت النور فعلا وكنت هقفل الشباك لقيته جاى ، فضلت واقفة لحد ماادخل البيت واطمنت
دى اكتر حاجة وحشة ف الحب من طرف واحد ، يعنى مثلا مش هقدر اتخانق معاه انه موقفنى للساعة 2 بليل ف البرد علشان اطمن انه وصل ، ولا هقدر اروح احضنه حتى ، مش حب ف الحضن نفسه ع قد ماانه الوسيلة الوحيدة اللى هحس بيها اننا واحد
- انا حبيته من كلامك عنه
- حبى الكلام بس علشان معلقيش من شعرك
الرقم إتصل تانى ومردتش ، كنت متضايقة إن ف حد عايش الوجع اللى انا عيشاه ، غير إنى بحب أصلا
ف المرة التانية رديت - ها ؟
- مضايقك ؟
- عاوز إيه ؟
- مش عارف
سكت شوية وبعدين سأل - إنتى ف حياتك حد ؟
- إنت تعرفنى ؟
- لأ ، بس عاوز
- طب بما إنك متعرفنيش ، آه ف حياتى حد
صوته إتقطع خالص ، ربع ساعة وانا سامعة صوت نفسه بس ، معرفتش ألوم نفسى ع اللى قولته ولا ألومها ع انى رديت اصلا
شوية وقفل ، بصيت من الشباك للغبى التانى ، الغبى السبب ف كل ده ، كنت حاسة بعجزى ، حاسة إنى زى ريشة الهوا بيطوح ف قلبها ومش مهم هى ، مش مهم المرسى اللى نفسها تقف عنده
الساعة كانت 2 بليل لما الرقم رن تانى فرديت ع طول
اول ماافتحت قولتله - بص أنا آسفة ، والله مااق..
- أسكتى
- أنا بس ك..
- أسكتى يااحنان
سكت شوية وبعدين قولتله - انا عندى 20 سنة ، قلبى أصغر من رعشة إيدى كل مااكلم غريب ، أصغر من كل خطوة باخدها ف الدنيا دى ، أصغر من إنه يدق ، وفجأة لما جه قلبى مش بس دق ، قلبى إنتفض ، أنا متعلقة ف إيده من 3 سنين ، من اول يوم عينى شافته
تعرف ؟
أنا الوحيدة اللى واقفة ف القصة دى ، انا الطرف اللى بيحب والطرف اللى يعرف ده ، واقفة بلوح بإيدى لشط قريب وهو ميعرفش إنه نجاة
بحبه ، بحب قميصه الأبيض ، بحب صوته اللى مسمعتهوش وملامحه اللى معرفهاش ، بحبه لما بيضحك وانا عمرى مااشوفته بيضحك
مفيش جوايا مكان لغيره ، هو مالينى من جوه ومفيش أمل يكون ف غيره ، كان لازم أقولك كده
- يعنى هو ميعرفش إنك بتحبيه ؟
ضحكت - الشباك بتاعى وبلكونته ، والعصافير والقهوة اللى بيشربها الصبح والصبح يعرفوا وهو ميعرفش
- أنا آسف ، انا مش زعلان متزعليش نفسك علشانى
- ممكن أسمع سكوتك وقت مااتحب ع فكرة
ضحك ومعرفش ليه إتخضيت لما سمعت صوت ضحكته ، قفلت ومعرفتش أنام ، طبعا مقدرتش أصحى أشوفه وروحت الكلية بالعافية ، طول اليوم وانا بشتم ف صاحب الرقم بسبب كده بس كنت فرحانة لحد ما
- خايفة ياأسماء ميحسش بيا بعد كل ده
- يااحنان مينفعش تقفى ورا شباك كل يوم وتزعلى إنه ميعرفكيش
- ماانا بدعى ، يعنى أدعى واخليه يشوفنى الإتنين !
- بطلى هزار
صوتها بقى عالى مرة واحدة - خلاص لاقيتها ، مش مامتك تقريبا كل يوم عندهم ، خليها تسأل مامته بطريقة غير مباشرة إذا كان ف حد ف حياته وكده
- آه ، علشان ماما تقولى بتسألى ليه ويبقى شكلى فنلة
- فنلة !! ألفاظك يااحنان ، وبعدين مش أحسن مايتعمل معاكى الجلاشة ويطلع مرتبط
- جلاشة ؟ وألفاظك يااحنان ؟ دقيقة سكوت بقى
طبعا مكنتش هعمل بفكرتها ، هو انا هبلة اعمل كده
- ماما ، مش هتروحى عند .. هناك .. قصادنا هنا ، ف ال..
تقريبا فهمت بتكلم عن ايه - هروح ، بس مالك ؟
- مفيش حاجة ، بس كنت بسأل إذا ..
- لا إله إلا الله
قعدت جمبها - ماتسألى لو كان يعنى ، قصدى لو ف حد ، بصى هفهمك ، علشان انا كنت عاوزة أعرف ..
- دا انتى لو شاربة حاجة مش هتتكلمى كده
أخدت نفسى - ماما انا بحب أحمد اللى قصادنا
التلفزيون فجأة سكت وملامح ماما ثبتت ع ريأكت واحد
- ماما
- ..
- إنتى سمعانى !
- وعاوزانى أقول للناس إيه يااهبلة ؟
- متقوليش حاجة ، إعرفى منها بس إذا كان ف حد ف حياته او كده
- أو كده ؟ هو انا ربيت ؟
ضحكت وحضنتها - مااخلاص بقى يااست الكل
الساعة كانت 4 العصر لما ماما راحتلها ، فضلت هناك ساعة كنت قاعدة فيها ع السرير باكل ف ضوافرى ، لأ الحب مش حلو لأ
رميت المخدة لما سمعت صوت الباب وهو بيتفتح وخرجت بسرعة أشوفها ، دخلت وقعدت ع طول من غير ماتتكلم
- ها يااماما ، فهمتى منها حاجة ؟
- أقعدى
بكلمة أقعدى اللى قالتها كده ، عرفت ان ف حاجة
مسكت إيدى - أنا مش هجمل ف الكلام ، محدش هيخاف ع زعلك غيرى ، انا مسألتش ف حاجة ، هى إستقبلتنى وهى فرحانة وبتقولى أحمد هيخطب
ماما فضلت تتكلم والزمن واقف عند كلمة هيخطب ، كنت شايفة شفايفها وهى بتتحرك بس مكنتش سامعة حاجة ، سيبت إيدها ودخلت الأوضة وقفلت ع نفسى
إتوضيت وقعدت ع سجادة الصلاة - أنا مش زعلانة ياارب ، ماما بتقول إن أى حاجة بتحصل ف حياتنا بتبقى خير ، وإن مفيش حاجة وحشة تيجى من عندك أبداً ، مش إنت راضى ؟ أنا كمان راضية ، أنا بس حاسة إن حاجة بتاكلنى من جوه ، حاجة بتعصر قلبى ، انا كل يوم كنت بقعد هنا وبطلب منك تجعله ليا ، أو متعلقش قلبى بيه لو لواحدة غيرى ، مش انا كنت بطلب كده ياارب ؟
طب ماانا فضلت متعلقة وهو هيبقى لواحدة غيرى اهوه ، انا مش معترضة بس انا زعلانة ياارب ، انا زعلانة وقلبى واجعنى
كنت عاوزة اعيط أوى بس معرفتش ، كإن الوجع أكبر من إنه يتبكى عليه ، دا انا كل يوم بحلم باللحظة اللى هيجى فيها ويقولى " انا كمان بحبك ، أنا كمان كنت بشوفك من بعيد " ، كنت عايشة ع أمل إنى همسك إيده ف يوم وأستخبى
فيها من كل القرف اللى هنا
أسبوع وانا بتحايل ع الدموع تنزل علشان أرتاح ، أسبوع وانا مش قادرة أفتح الشباك ، مش قادرة أعمل الحاجة اللى بعملها من 3 سنين ، ودى وجع تانى لوحدها ، كنت شبه المدمنة اللى المخدر بيتسحب من جسمها ومفيش ف ايدها حيلة
سمعت الفون بيرن ولما مسكته لقيته رن 4 مرات وانا مسمعتهوش ، كان نفس الرقم
- مش بتنزلى الكلية ليه ؟
- ..
- قاعدة ف اوضتك من أسبوع ليه ؟
- ..
- إنتى إتعديتى منى ؟
- أسكت
- مالك يااحنان
- بقولك أسكت
كان ف دوشة جوايا ومكنتش هستحمل دوشة بره كمان
- طب قوليلى ف ايه ونلاقى حل
- عاوزة حد معايا
- بابا فاضى بكرة ؟
قلبى وقع ودموعى وقعت معاه ، مكنش حل ، بس مكنتش عارفة أفكر ، كنت عاوزة أقوله أنا بقى تحت عيونى هالات مش هتشوف عيونى منهم ، قلبى مفيهوش مساحة لحد ، هتيجى أمسح ف جدارن قلبك وجعى ، كنت عاوزة أقوله إنى هظلمه بس محتاجة حد معايا
- طب انا عاوزة أعرفك
- هجيلك بكرة
خرجت قولت لماما وعرفتها إنى موافقة قبل اى حاجة
- بتغلطى
- لأ ، انا دلوقت بتعاقب
- وبتعاقبى اللى هيجيلك دا معاكى ليه ؟
- انتى تعرفى هيخطب إمتى ؟
بان ف عيونها شفقة - لأ مروحتش هناك تانى
- متبصليش كده ، انا كويسة
- طب أجلى قرار الموافقة ده بعدين
- لأ انا مش عاوزة أبقى لوحدى
دخلت الأوضة وبصيت لأوضته وعيطت ، زى اليتيمة اللى بتبص لكف أب ، كان عندى قدرة وقتها أخبط ع باب بيته وأقوله إنه ضيع حب مش هيلاقيه ، وإن ف حاجات كتير كانت مستنية وجوده وهو قتلها ، إنى كنت إخترت كل حاجة ف بيتنا ، لونه ، شكله ، تقسيمته ، كل حاجة
بيتنا ؟ كنت هقوله إنت هدمت بيتنا وهو متبناش
صحيت على صوت ماما
- الضهر أذن إصحى بقى ورانا حاجات كتير
ساعدتها ف ترويق البيت ، لأ كنت بطلع اللى جوايا فيه ، بدأت أحس بتأنيب ضمير للى هعمله
بس مهتمتش وكملت
لبست فستان زهرى وخمار أبيض ، الساعة كانت 5 وهما هيجوا 6
ماما فضلت لآخر دقيقة تقنعنى أغير رأيى ، بس أنا إمبارح كنت بفكر إنى مش هتحمل وانا شيفاه ماسك إيد واحدة تانية ، لازم يكون ف إيد أمسك فيها وأعيط ، عاوزة إيد تمسح دموعى ، وفكرت إن ممكن يكون الشخص اللى جاى هو الشخص اللى ربنا كاتبهولى ، ماانا عارفة إن ربنا بيعوض وكنت مستنية عوضه
فوقت من تفكيرى ع صوت ماما وهى بتضحك - نورتوا
مسكت مخدتى اضغط عليها ، كنت متوترة وخايفة وتعبانة وجسمى تقيل ، كنت تعبانة اوى
اول ماما مادخلت عندى بصيت ف الأرض - تعالى ياالا عاوزين يشوفوكى
غمضت عيون عقلى ومشيت وراها
قعدتنى جمبه ، وقعدت جمب بابا
كتمت دموعى بالعافية ، انا مكنتش عاوزة كده ، المفروض اكون فرحانة مش تعبانة بالشكل ده
ماما كانت بتتكلم معاه ، انا حفظت صوته فحسيت بألفة ، او يمكن علشان الحاجة الوحيدة اللى أعرفها
سابونا لوحدنا وفضلت باصة ف الأرض ، هو عارف قبل ماايجى حالتى اصلا
- مش هتبصيلى ؟
جفنى إتهز فغمضت خوف لأعيط
- طب مش عاوزة تعرفى إسمى ؟
رفعت عيونى ليه وشهقت - أحمد !
ضحك - بس ، يقولوا إيه بره ؟
- إنت هنا ؟ طب إزاى ! ، مش إنت..
- حنان أسكتى
- أنا كنت فاكرة .. ، انت الإتنين !
- بقولك أسكتى
بصيت لملامحه وكأنى ببص لحلم بعيد بُعد السما وأخيراً إيدى طالته
- أنا كمان بحبك ، أنا كمان كنت بشوفك من بعيد

" حتى قبل أن ألتقيك ، لم نكن أغراباً "

#أسميته_أحمد
#حنان_سعيد

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن