- بقولك ايه ؟
- ها
- انا جعانة اوى
- نامى ياحنان
- لا قولى اتكلمى ياحنان
رخم والله ، انا كائن رغاى ، المفروض يستحملنى ، المفروض ولا مش المفروض !
- صباح الخير يااماما
اتخضت - صباح النور ، حنان هو انتى ك.. كنتى بتكل.. بتكلمى..
- ف ايه يااماما ؟
- كنتى بتكلمى مين بليل ؟
- عُمر ، قالى هيجى من السفر قريب ونروح بيتنا بقى
السكينة وقعت من ايدها - عُمر !
- ايوة وبيسلم عليكى ، سلام بقى هروح لأسماء
يووه ، نسيت اعرف عُمر انى هنزل ، هيزعل منى ، مايزعل ، امبارح سابنى انام وانا جعانة
كنت لسه هخرج من الباب ماما وقفتنى - حنان ممكن متنزليش ؟ ف ضيف جاى النهاردة
- ضيف مين ؟
- هتعرفى لما يجى
دخلت فعلا ، انا اصلا مكنتش عاوزة اخرج ، والله عُمر ده مرزق وابن ناس ، هدخل اكلمه
- هو الضيف جاى امتى صح !
- هيجى بليل
فضلت ف الاوضة طول اليوم اكلم عُمر ، سفره ده مضايقنى اوى ، بس هو وعدنى انه هيعوضنى عن كل ده وانه مش هيسافر من غيرى تانى
- انت وحشتنى ع فكرة
- ماشى ع فكرة
- ايه ماشى دى ؟ مش هتقولى وانتى كمان ؟
قفلت بسرعة لما الباب اتفتح فجأة
- بتكلمى مين ؟
- ايه يااماما خضتينى ، بكلم عُمر
ظهر من وراها راجل غريب وجمبه بابا ، هو ده الضيف ! وجاى الاوضة يعمل ايه !
اتحرك ودخل الاوضة بكل قلة ذوق ، قعد ع السرير جمبى وهو بيبتسم
- هو مين ده ! وداخل كده ليه مش فاهمة
اتكلم - اهدى ، هنتعرف دلوقت ، انا صاحب عُمر وبعتنى ليكى
سبت الموبايل من ايدى ونطيت من ع السرير من الفرحة - عُمر جاى صح !
- هو قالك انه جاى ؟
- ايوة ، قالى هنزل قريب
- وبيكلمك كل يوم ؟
- ايوة طبعا
- بيكلمك ازاى ؟ اقصد هو اللى بيتصل بيكى ؟
- ليه الاسئلة دى
- اصل هما مشددين جامد هناك ، فبسأل علشان كده
- انا بتصل او هو بيتصل عادى
- طب ممكن تتصلى بيه ، عاوز اعرفه انى وصلت
اتصلت بيه وتليفونه مقفول ، حاولت كذا مرة وبرضو مقفول
- مفيش شبكة تقريباً
ماما قعدت ع الارض فجأة وهى بتعيط ، كانت بتقول كلام غريب زى انى ضعت منها وانى فقدت عقلى ، هو ف ايه ! عُمر حصله حاجة !!
لاقيته بيحرك راسه ليهم ، معرفش ايه حصل غير ان بابا مسكنى والحيوان اللى جه ده حقنى وبعدها مش فاكرة اى حاجة ، غير انى صحيت لاقيت نفسى ف مستشفى و.. لا دى مش مستشفى ، انا مع مجانين !
- انا بعمل ايه هنا ياماما ؟
- انتى تعبانة شوية وهتقومى بالسلامة، يومين وهتخرجى
- اتصلى بعُمر ، مش عاوزة مساعدة منكم
- اهدى يااحنان
صرخت - بقولك اتصلى بيه
- عُمر مات ، مات من سنة ، كفاية اللى بتعمليه بقى
بصيت لبابا - ها ؟ مش هتقول حاجة ؟ مش هتقول مثلا انى انا نفسى مت ودى روحى اللى بتتكلم !
وانا اللى مجنونة ! ، المفروض كلكم تبقوا هنا مش انا ، عُمر مين اللى مات ! انا بكلمه كل يوم ، كل يوم والله
لما سابونى افتكرت كل حاجة عيشتها معاه ، اول مرة شوفته ، حبى ليه ، جوازنا ، هزاره ، يوم ماقولتله انى حامل ، يومها ساب الشغل من غير مايستأذن وجه بسرعة ، بسرعة لدرجة ان عربية خبطته ، بس دا مش معناه انه مات ، عُمر عايش ومسافر وهيرجع
هى الاياام هنا مش بتتحرك ليه ! انا زهقت
الدكتور كان بيتصل بيه قدامى كل يوم ، وكل مرة مقفول ، معقول ف سفر طويل كده ، مش هيجى علشان اقوله ازاى عرفت انى حامل ، ف الافلام بيعملوا كده ، بتحكيله انها داخت مثلا وبعدين بتقوله انها راحت كشفت ، ايوة افتكرت ليه عُمر سافر ، زعلان منى لان البيبى مات ، علشان انا وقعت من ع السلم لما عرفت ان العربية خبطته ، فسافر بس دلوقت صالحنى وبيكلمنى عادى
الدكتور الغبى بيحاول يثبتلى ان جوزى مات ، كل يوم ومش بيتعب ، لحد ماجه مرة وهو ف ايده شهادة وفاة ، كانت لعُمر !
الدنيا بتمشى ببطئ وبعدين من غير سابق انذار بتسيب اثر قلم ع وشك ، وقتها بتعيط من الصدمة ومن الوجع ومن الخضة ومن الندم انك مش فايق من الاول
فاكرة يومها كنت واقفة قدام باب شقتنا مستنياه ، ساب الشغل من الفرحة علشان عرف انى حامل ، وبدل مايجى ، جابوه من قدام العمارة بدمه ، وتقريبا ابنه محبش يعيش من غيره فراح هو كمان
- انا شايف انك ممكن تخرجى دلوقت
ابتسمتله - لأ انا تعبانة اوى
- المهم فوقتى ، هتعملى ايه لما تخرجى
- هروح المقابر ، عاوزة ازوره
دى مش مستشفى ، دى سجن ، شمس جوه غير شمس بره ، جوه ف عالم تانى ، ناس عاقلين لدرجة انهم فقدوا عقلهم ، فاهمين لدرجة انهم تعبوا من الفهم !
- حمد الله ع سلامتك
- الله يسلمك يااماما ، هنام علشان تعبانة وبكرة نروح المقابر ، عاوزة اقرأله الفاتحة من هناك
اخيرا هنا ف بيتى ، سريرى واوضتى ، خرجت من هنا انسانة ورجعت انسانة تانية ، سبت جسمى يقع ع السرير وغمضت عينى ، نزلت تحت الغطا بهدومى ، عيونى كانت هتغمض بس لاقيت ماما بتمسح ع شعرى وباستنى من راسى
- وحشتينا
- وكل حاجة هنا وحشتنى والله ، روحى نامى يلا علشان هنروح من الصبح ، حابة اقضى اليوم كله هناك
- حاضر
طفت النور وخرجت ، انا خرجت الموبايل من تحت الغطا
- ايوة ياعُمر ، ايوة معاك دى ماما كانت بتطمن عليا ، انت وحشتنى اوى
#بره_الصندوق
#حنان_سعيد
