138رحمة طارق

3K 175 4
                                    

- مكانك يلا.
- في أية؟ انتوا مين؟
مسكت طرف العباية ومشيت ببطء، بتمخطر لحد ما وقفت عنده. ابتسمت بتريقة لما شفته خايف من حته مطوة محطوطة على رقبته. شديت المطوة من الواد جمعة الصبي ومسكتها، مشيتها على رقبة الواد الحليوة وجمعة لسه مكتف دراعته وراه ظهره.
- أنت الي مين يا عسل؟
- أنا .. أنا زين.
- لا وزين فعلا، وأنت يا حلو، يوووه قصدي يا زين، داخل الحارة كدا من غير احم ولا دستور هي وكالة ولا أية؟

غمض عينيه لثواني وبعدين فتحها وقال بهدوء.
- حضرتك مين؟
ضحكت - حضرتي، مسم، عشنا وشفنا، دا بيقولي حضرتي يا واد يا جمعة.
ضحك حمعة بهبل - سمعته يا معلمة.
- معلمة!
بصتله - اه يا اخويا معلمة، معلمة رحمة على سن ورمح.
- تشرفنا.. طب ممكن يا فندم.. قصدي يا معلمة، تشيلي المطوة، أنا برضو ضيف في حتتك.
بصتله شوية ورجعت خطوة لورا - لا عجبتني، وادي المطوة.

قفلت المطوة وخليت جمعة يسيبه فوقف ياخد نفسه.
- هات كرسي يا واد يا جمعة.
جاب الكرسي فقعدت وهو لسه واقف قصادي.
- طب مش هقعد يا معلمة؟
- لا يا روح المعلمة، أنا بس الي اقعد، احمد ربنا وبوس الأرض الي انت واقف عليها إني معلقتكش على باب الحارة الي أنت داخلها من غير اذني.
- أنا مكنتش أعرف إنك كبيرة الحارة دي، أنا لسه مأجر بيت استاد ابراهيم الي في اخر الحارة واول مرة ادخلها كانت النهاردة.
- بيت ابراهيم الافندي الي بيشتغل في السجل؟
- اه هو.
- اممم، لا هو قالي بصراحة، بس انا نسيت، مشاغل بقي.
- والمطلوب مني أية دلوقتي؟
- وأنت مالك متظرظر عليا كدا؟ أكونش ضايقتك؟
- اه ضايقيني.

بصتله شوية ومرة واحدة ضحكت.
- قلت أية يضحك أنا؟
- أصل دمك خفيف يا واد، تعرف، أنا بقالي خمس سنين كبيرة الحته دي، مفيش مرة حد اتجرأ وقالي اتضايقت، وانت ومن اول يوم مش عاجبك؟
- مش قصدي لكن ..
زعقت - أنا ليا احترامي في الحارة دي، وكلمتي بتمشي على الكبير قبل الصغير، وإن مكانش عجبك، الباب يفوت ميت جمل.. يا.. ياحلو.

شديت العباية ودخلت القهوة، أمرت الرجالة يسيبوا يروح بيته، وانا من جوايا حاسة اني متغاظة.. متغاظة اوي كمان.

- يعني مش من هنا يا واد يا جمعة؟
- لا يا ست الكل، دا كان ابن ناس اوي، بس أبوه فلس، وهو تاه في الدنيا بعده واشتغل كل حاجة تتخليها يا معلمة، لحد ما جمع قرشين وأجر البيت والمكتبة الي فيه علشان يفتحها ويشتغل عليها.
- يعني هو هيفتح المكتبة الي في البيت دا؟
- ايوة، دا حتى واقف فيها من صبحية ربنا بينضفها علشان باين هيفرش بضاعته بكرا.
- لا حيث كدا بقي لازم اباركله بنفسي، وسع يا واد.

وقفت قدام المكتبة، شافني بس مبصليش، نهاره اسود، أنا يتجاهلني؟ طيب يا حلو، أنت الي جبته لنفسك.
- مساء الخير يا استاذ.
لف وساب الكرتونة الي في ايديه - مساء الخير يا ست رحمة، نعم، حضرتك عاوزة حاجة؟
- وهي الناس بتستقبل ضيوفها باللهجة دي؟
- والله حضرتك ممكن تدينا فكرة عن الموضوع دا، متهيألي عندك خبرة أحسن مني.
رفعت حاجبي - صوتك عليّ ولا أنا بيتهيالي؟
اتنهد - خير يا معلمة، يلزم خدمة؟
شديت كرسي وقعدت - لا يا اخوايا تسلم، كل الحكاية إن المحل بتاعك ريحه حلو، وعاجبني، فقولت أنورك شوية.
- المحل منور لوحده.
- يبقى يزيد نوره يا اخويا.
- عاوزة حاجة يا معلمة ولا تاخدي واجبك وتتكلي على الله؟

متضايقتش بالعكس، كتمت ابتسامتى وحطيت رجل على رجل.
- أنت بتطردني يا استاذ زين؟
- لا.. لا طبعا العفو.
ابتسمت - ما أنا برضو قُلت كدا، اصل محدش يقدر يعملها حتى لو ساكن جديد ولسه مش فاهم في الأصول كويس.
- استغفر الله العظيم.
- استغفر يا ولا، استغفر خلى ذنوبك تقل والبركة تدخل المحل كمان وكمان.
شد كرسي وقعد قصادي - عاوزة مني أية يا معلمة؟
وقفت - وانا هعوز منك أنت حاجة؟ انت هتقعد تتساهر معايا ولا أية؟
وقف بصدمة - نعم.
- نعم الله عليك يا ولا، خد بالك من المحل كويس لاحسن حد كدا ولا كدا يكون متضايق منك يكسره فوق نافوخك، أنت متعرفش نفوس الناس فيها أية.. بالإذن.

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن