177 إيمان أحمد

3.2K 150 5
                                    

- اللي واخد عقلك يتهن...
" هو بيبصلها كدة ليه!؟ "
- هو حر ركز....
" امم، طب كملي أكل و إنتي ساكتة "
من الحاجات المستفزة لما نبقى كلنا بناكل و بنتكلم في مواضيع كتير و في اتنين فاكرين نفسهم في جنينة الأسماك
" مش أنا اللي عليا المواعين النهاردة "
خناقة كل يوم في رمضان اللي بتنتهي بجملة ماما المشهورة: افضحونا قدام الناس بقى
سبتهم و طلعت على السطح، مريم كانت فرشت الأرض و جهزت الشاي زي كل يوم، كنا بنتكلم شوية و نتفرج على الشارع شوية و كوبايات الشاي جمبنا على السور
- بصي!
الكوباية كانت هتقع من الخضة، اتفاجئت و اضايقت لما شوفته، سألت مريم باستغراب: هو أحمد رجع امتى و ايه اللي رجعه أصلًا؟
هى كمان كانت مستغربة، فقالت: مش عارفة
و بعدين ضحكت و قالت: ياااه لسة بتكرهيه
" أسعد يوم في حياتي لما عزلوا من العمارة "
- و في حياة العمارة كلها، إنتوا كل يوم تقريبًا كنتوا بتتخانقوا و تقلبوا العمارة كلها
" كان عيل مستفز و تنح و شايف نفسه أوي "
مريم بصت عليه تاني، كان واقف قدام العمارة بيتكلم مع عم محمد البقال، شكله متغيرش كتير، لسة ضحكته رخمة، اه ولله عنده ضحكة غريبة، عمرها ما فشلت في إنها تعصبني
- و لسة شايف نفسه، شايفة الشياكة و الوقفة حتى ضحكته، تحسي إنه رايح يعمل انترفيو مش رايح يصلي
بصيت عليه عشان أشوف اللي مريم بتقول عليه ده، مغرور و متكبر و بيتنك على الفاضي و .. شافني
كان بيسأل عم محمد على حاجة تقريبًا، فشاورله على العمارة و وقتها رفع راسه بس لفوق أوي، شافني بس عادي، استنيته ينزل رقبته قبل ما تتلوح بس فضل مشعلقها لفوق، كنت بصاله باستغراب، ابتسم، فبعدت عن السور، بجح و عبيط و ايه البصة دي! اتعصبت و نزلت تحت و لحظي إن مريم ما شافتش اللي حصل، كانت خدت الكوبايات الفاضية و نزلت تحت
" هى ايه الفساتين دي يا مريم؟ "
- هما تقريبًا مش عاملين حساب اللي فوق ال 150 سم العيد ده
يوم طويل، حرارة فوق الاربعين و الشمس ضاربة في راسي مباشرة، و لف في الشوارع و على المحلات كلها، صيام و عطش و في الأخر ملاقيش هدوم عدلة تتلبس، بصراحة مش عارفة ايه المهزلة اللي معروضة في المحلات دي، شكلها مش هتمشي غير جيب و بلوزات ... ثانية واحدة، الجيب كمان قصيرة! إحنا ننام العيد ده بقى أو نأجله لحد ما يصمموا هدوم طويلة و الاستايل بتاعها شيك و محترم و بعدين مين اللي اخترع مصطلح الميني دريس ده، يعني ايه ميني دريس!؟
- أنا خلاص مبقتش قادرة
قعدنا على سلالم العمارة، لا أنا و لا هى فينا حيل نكمل، عيني جت على شقة أحمد القديمة، لاقيتها مفتوحة و في حركة جواها، مريم سألت البواب و قالها إنهم هيرجعوا هنا تاني و بيوضبوا الشقة، مريم بصتلي بتلقائية و اللي هو قُرعت طبول الحرب بس الحقيقة أنا كنت تعبانة و الجو حر و كل اللي أنا بفكر فيه السرير و المروحة
- فاضلك كتير؟
" قربت أخلص اهو، طلعي إنتي الحاجات فوق و أنا هخلص الطبقين دول و أحصلك "
العزومات دي مش بينوبني منها غير المواعين الكتير أوي دي، ليه كل كام يوم عزومة؟ ايه الفراغ ده و بعدين لو تبطل تعزم محمود و خطيبته دي أنا هبقى مرتاحة أوي، يعني الواحد نفسه يفطر من غير ما يستغفر كل شوية، لبست الاسدال بتاعي و طلعت لمريم
- هتطلعي فوق بردو؟
" أيوة يا معتز "
- كان نفسي أخلع زيكم كدة بس مش هيسبوني في حالي
" مش هيسيبوك و لا مش هتسيب الماتش "
ضحك و قالي: باين أوي كدة
بصيت للصالون و صوتهم العالي و التيلفزيون و قولت بتريقة: خالص
سيبتهم و طلعت فوق، أصلًا أنا بحب الجو فوق علطول و خصوصًا في رمضان، الشارع بيبقى شكله حلو من فوق مع الزينة و هما بينقسموا الرجالة في مكان و الستات في مكان أما محمود و خطيبته فدول يا عيني بيفصلوهم بالعافية، فاكرين فيلم أبو على بتاع كريم عبد العزيز و الاتنين الحبيبة اللي مبيسبوش بعض أبدًا، اهو نفس المنظر ده
" إنتي بتعملي ايه هنا؟ "
- كنت نازلة
" ليه!؟ "
شكلها مكنش بيقول خير أبدًا
- مش هينفع نطلع النهاردة
" و ايه اللي مش هينفعه؟ "
شاورت بإيديها جو، فزقتها و دخلت، ناقصني كلامها المبهم، وقفت مكاني لما لاقيته واقف عند السور و بيشرب كوباية شاي، كان و لازال أكتر بني آدم بيعصبني حتى أكتر من محمود و خطيبته
" حرامي أماكن و قلود "
بصلي و ابتسم، مكنش متفاجئ، مستغربش كلامي، يعني لسة زي ما هو، أحمد اللي أعرفه، حط إيديه في جيوبه و قال: قماصة
يخربيت تناكة اللي جابوك بس ده معناه إنه قاصد زي زمان بالظبط، بيعمل كل حاجة بتعصبني حتى طريقته في الكلام
- بتقولي ايه؟
" لسه هقول، متستعجلش "
ابتسم و قال: إيمان المعتادة
" قصدك ايه؟ "
- مبتعرفيش تشتميني غير في سرك
نفسي أديله بالبوكس في مناخيره أكسرها و بعدين ايه النضارة دي، حد يلبس نضارة شمس بالليل، حاجة منتهى الغرور و التناكة و...
و ها هى الضحكة المستفزة المعتادة، بصتله بقرف و معرفتش أمنع نفسي حقيقي، مريم قربت مننا و حاولت تتدخل بس هى عارفة إن الخناقة لو بدأت محدش هيعرف يحوشنا عن بعض
- بردو بتردي في سرك
ابتسمت باستفزار و قولت: أحمد المعتاد
- قصدك ايه؟
" غلس و تنك و مغرور و...
قاطعني: حرامي أماكن و قلود
" كويس إنك عارف نفسي "
- أنا عارف نفسي بس اللي قولته ده تعريفك ليا مش تعريفي لنفسي
" جدك سقراط عامل ايه؟ "
ضحك هو و مريم و قرب مني برخامة و قال: لسة مش شايفك
" و مش هديله الشرف ده "
مريم وقف بينا و قالت: لا إنتوا كدة دخلتوا في العمق اللي أنا مبفهمهوش
بصلها و قال: إزيك يا مريم
ابتسمت و قالت: يااه لسة فاكرني
بصلي و هو بيرد عليها: إيمان من غير مريم، صعبة
كنت بجز على سناني من الغيظ، هو بارد كدة ليه و بعدين بيتكلم و كإننا كنا صحاب و لا قرايب و جايين نجيبه من المطار، ايه العشم ده كله!
متوقعتش اللي مريم قالته: يعني قصدك تقول إنك عرفت إيمان و عارفها لدرجة إنك عرفتني
ثواني.. منين بيودي على فين!؟
ابتسم و مردش على كلامها و رجع بكل هدوء و برود لمكاني يكمل كوباية الشاي بتاعته، شرب شوية و بعدين بصلي و قال: بردت
" زي دمك "
- أحسن ما تبقى حامية زي دمك
" على الأقل تلسعلك لسانك يمكن يتعدل "
مريم كانت بتشدني و أنا مصممة إني مش هنزل و ده بقى مكاني و مش هشرب كوباية الشاي غير هنا و اها هى حبكت
رد ببرود: و حد منعك؟
" اللوح اللي واخد مكاني لو يبعد شوية يبقى كتر خيره "
- لو خيره هيكتر باللي يريحك، فقلته أحسن
اتعصبت و بدأت الخناقة و زي زمان مريم نزلت تنادي على بابا و العيلة كلها، معتز طلع الأول و شد مع أحمد و كانت الخناقة اللي بجد هتبدأ بس بابا وصل و بعدهم عن بعض، زمان كانوا بيبعدونا عن بعض و خلاص المرادي بابا وقف يحضن في أحمد و جو السلامات و رجعت امتى و اللي زاد و غطى إنه عزمه على كوباية شاي تحت بدل اللي بردت، كنت هموت من الغيظ و القهر و أنا شايفة الابتسامة بتاعة أنا اللي فوزت في الأخر
قرب مني و قال: خليكي فاكرة، أنا اللي حببتك في الشاي
بصتله بعصبية، نزلوا كلهم تحت و ماما وقفت تزعقلي قبل ما تنزل و اللي هو مفيش فايدة فيكي، مش هتكبري، زمان حاجة و دلوقتي حاجة
وقفت مكاني و ايوة مكاني و مش هقف في حتة تانية و مفيش حاجة اسمها كبرتي دي، ايه علاقة الحاجات اللي بحبها بإني كبرت، مريم قعدت تهديني و تتكلم في مواضيع تانية عشان تخرجني من المود ده، شربت من كوباية الشاي، لاقيتها بردت، حطيتها على السور تاني و أنا بفتكر أول مرة شربت فيها شاي، مكنتش بحبه أبدًا و شربته عندًا في أحمد و للأسف اتعلقت بيه و معرفتش أبطله
" يعني ايه بقى هيقعد هنا علطول دي!؟ "
ماما باستغراب: هو إنتوا مولدين فوق روس بعض، مالك إنتي يقعد علطول و لا ميقعدش
" مليش دعوة بيه بس ده معناه إني هشوفه كل يوم و هو أصلًا قليل الذوق و تنك و بيتعمد يضايقني دايمًا، لا و ايه هيسكن في الدور اللي فوقينا كمان "
ماما: هو حر و بعدين إنتي اللي بتسكتي أوي
" و أسكت ليه!؟، عايزاه يحرق دمي و اسكتله، ليه! بيعرف يتكلم و أنا لاء "
مريم كانت فطسانة على نفسها من الضحك و ماما كلها شوية و هتشد في شعرها، بقالنا ساعتين على الحال ده و كالعادة أنا اللي غلطانة، سابتلي الأوضة و خرجت بعد ما قالتلي مليش دعوة بيه و ما اختلطش بيه حتى و كإني ملهوفة عليه أوي و لا مهتمة بيه، دا د.. دا حرامي أماكن و قلود
- و لما أبوكي يجي و يشوفك كدة؟
" مالي كدة!؟ "
- و لا حاجة، بتفرقعي ديناميت مع العيال في الشارع
" و ايه يعني! حتى الفرحة صعبتوها علينا "
أديتها واحدة عشان تولعها بس مريم جبانة طول عمرها، مرضيتش و فضلت واقفة جمب مدخل العمارة زي القطة المبلولة، سبتها و كملت و هى واقفة تتفرج من بعيد
" خد، روح اشتري تاني من عم محمد "
- يا بنتي حرام عليكي بقى، كفاية كدة، إنتي خلصتي خمس علب لحد دلوقتي
" خمسة بس! "
- ولله
خدت العلبة من الواد و فتحتها و لسة هطلع واحدة لاقيت ماما بتناديلي من البلكونة و بتزعق و بتقولي إنه بابا جاي دلوقتي، الواحد ميعرفش يعمل اللي يفرحه في المجتمع ده أبدًا!
ولعت الديناميته اللي كانت في إيدي و مريم هتعيط و هى بتقولي: يلا يا إيمان بقى، إنتي سمعتي طنط قالت ايه، لو عمو جه و شافنا كدة هيسو...
رمتها فمريم طلعت تجري و تستخبى، بعدت شوية و أنا بضحك، مريم بصتلي بعصبية و قالت: إنتي ولله ع..
- عيلة صغيرة
كانت ناقصة غلاسته هو كمان، كان طالع من العمارة حاطط ايده في جيبه
" محدش طلب رأيك "
رد بكل بساطة: و أنا مش مستني حد يطلب عشان أقول رأيي
" اهاا، معلش أنا نسيت إنك بجح و رخم و شايف نفسك و..
قاطعني: حرامي أماكن و قلود
هزيت راسي و أنا بابتسم بتأكيد، فقال: و إنتي قماصة
مريم قربت مني و أنا ببصله بكل الكره اللي في الدنيا، شدتني و قالت: يلا بقى
بصيت حواليا لحد ما عيني جت على بيت عم نجيب جارنا و ما أدراكم ما عم نجيب، مبيكرهش في حياته قد الدوشة و العيال اللي بتلعب جمب الشباك بتاعه، ولعت ديناميته و رميتها براحة عند الشباك بتاعه، وقفت قدام أحمد و قولتله: ولله، أنا قماصة
ابتسم و قال: جدًا
طب افتح ايدك كدة، رفع حاجبه بس فتح ايده، حطيت فيها علبة الديناميت و الولاعة و قولتله قبل ما أطلع أجري على جوه: على فكرة، حبيت الشاي عشان هو يتحب مش عشانك
و قبل ما يستوعب الي بيحصل، الديناميت فرقع في نفس الوقت اللي بابا رجع فيه و طبعًا عم نجيب خرج يزعق و يشتم اللي جابوه و بابا بصله بصدمة و افتكروا كلهم إن هو اللي بيفرقع بعد ما العيال شاوروا عليه، خد شوية كلام من كل اللي في الشارع و أنا واقفة بتفرج من البلكونة
مريم باشفاق: ولله حرام عليكي
" قال ايه قماصة، خلينا نشوف بقى مين اللي بيتقمص "
بابا دخل و قعد يحكي على اللي حصل تحت و إنه مكنش متوقع إن أحمد عقله صغير للدرجادي و ماما طول الكلام مستغربة و كل شوية تبصلي بشك و أنا طبعًا بريئة بس مريم اللي مبتعرفش تتحكم في توترها دي كانت هتفضحنا، فضلنا نتكلم لحد السحور و اكتشفنا وقتها إن مريم هانم نسيت كوبايات الشاي فوق، فسيبتها تعمل السحور و طلعت اجيبهم، مريم جارتي و بنت عمي في نفس الوقت و في رمضان تحديدًا الشقتين بيبقوا مفتوحين على بعض، كسلت اشغل اللمبة و روحت أجيب الكوبايات علطول، جمعتهم و لسة هشلهم حسيت بحاجة جمبي، اتخضيت و اتفزعت بعد ما اتأكد إن في حد واقف قدامي بس ملامحه مش واضحة أوي، طلع تيلفونه و شغل الكشاف، فاتفزعت أكتر، ولله و لا أبشع كوابيسي
" إنت بتعمل اي هنا دلوقتي؟ "
- كنت بشرب شاي
حرك التيلفون ناحية الأرض، فشوفت الفرشة و كوباية الشاي، شلت الصنية بسرعة و كنت لسة هتحرك، فوقف قدامي و قال: ارتحتي
" ايه! "
- اللي عملتيه ريحك، بقيتي مبسوطة يعني
" إنت اضايقت؟ "
معرفش ليه سألته السؤال ده، ابتسم و قال: عايزة الصراحة، أنا نفسي أمسك الصنية دي و أفشفشها فوق دماغك
اتعصبت و قولتله: يبقى أنا ارتحت و اتبسطت
قرب مني، فحطيت الصنية بينا و بدأت أخاف بجد
- أنا مضايقتش عشان الفصل البايخ اللي عملتيه، أنا اللي مضايقني إن والدك افتكرني عيل و خد عني فكرة وحشة
استغربت من رده و دورته في دماغي أكتر من مرة بس مفهمتش، ليه مهتم برأي بابا فيه؟
" و بالنسبة لباقي الناس "
- ميفرقش معايا الناس
" و اشمعن بابا يعني و لا هو ليه تصنيف تاني و أنا معرفش!؟"
ابتسم و قال: والدك
والدك من أبوكي تفرق جامد يا جماعة خدوا بالكم، الواد ابن ناس و محترم أوي بس تنح و تنك و رخم و....
ماما ندت عليا فاتخضيت و الصنية كانت هتقع بس هو مسكها، خدتها منه و نزلت جري قبل ما تطلع تجبني من شعري و حصلت الحاجة اللي مكنتش اتوقعها، فضلت طول الليل بفكر فيه و في كلامه و كل مواقفنا من الأول حتى و إحنا عيال و معرفتش أنام إلا كام ساعة قبل الضهر
- إنتي ماشية بتفقري كدة ليه؟
" مش قادرة يا مريم، عايزة أنام "
وقفت تنقي الخضار و أنا اشتريت الحاجات اللي ماما عايزاها و رجعنا و أنا حرفيًا بنام شوية و برد عليها شوية، منه لله اللي كان السبب، نمت أول ما روحت و مفوقتش غير على الساعة تسعة بالليل، ماما و البيت كانوا معزومين عند عمي، لاقيت مريم بعتالي على الواتس إنهم حاولوا يصحوني بس كنت رايحة في سابع نومة، فسابوني، شربت و صليت و كلت حاجة خفيفة، عملت كوباية الشاي و لبست الأسدال و طلعت على السطح، نفخت لما لاقيته حاطط الفرشة بتاعته و قاعد، هو عجبه المكان للدرجادي، كان بيقرأ في كتاب و مندمج و جمبه كوباية الشاي، اتحرجت و قررت أنزل
كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ
وفي عصر التصويرِ
وفي عصرِ الرُوَّادْ
كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً
في فلورنسَا.
أو قرطبةٍ.
أو في الكوفَةِ
أو في حَلَبٍ.
أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ.

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن