68حنان سعيد

3.6K 199 1
                                    

- ولد ولا بنت ؟
- بنت
ابتسمت - الله يباركله فيها
- مش هتنزلي معايا نباركلهم ؟
- اسبوع كمان ياأمي، أكيد البيت في ناس كتير دلوقت
كانت هتخرج من الأوضة بس وقفت تاني - حنان انتي بجد مش زعلانة ؟
- أنا ازعل لأحمد ياماما ؟ يعني لو مفرحتش ليه هفرح لمين ؟ كنت زعلت في اليوم اللي خطب فيه غيري واليوم اللي اتجوز فيه غيري واليوم اللي عرفت انها حامل، يعني مسك ايد غيري وحضن غيري، هاجي دلوقت وازعل علشان ربنا رزقه ببنوتة ! لأ مش زعلانة، فرحناله
- بتكذبي عليا ؟
- في وجع شوية صغيرين، شوية صغيرين والله
قعدت تاني - وانتي مش ناوية تشوفي حياتك ؟
- ما أنا شيفاها أهوه، بترقى في شغلي، باخد الكورسات اللي عاوزاها وبطور نفسي، بعمل كل اللي نفسي فيه
- حياتك التانية ياحنان ومتعصبنيش
- ايه ده قصدك اتكلبش يعني؟ يا أمي انا اتخلقت طير حر طليق ولا يجوز تقييد الطير الحر
- يالهوي هتفتح في الكلام اللي مبفهمهوش ده
- ولا يجوز أيضاً ..
- بس بس أنا هقوم أشوف اللي على النار أحسن.
مبيكونش في حاجة على النار أصلا، بس الكلام ده بيبقى باكيدچ على بعضه كده
بقيت أب يا أحمد؟ بقى عندك بنوتة واخدة ملامحك ووجعي؟ جت اللي هتقولك يابابا وأنا كنت معتقدة إنك مش هتعرف تكون أب لغيري ! ، متوجعتش لما خطبت، بس كنت مستنية على أمل تسيبها، ومتوجعتش لما اتجوزت علشان مكنتش حاسة ولا مستوعبة أصلًا، بس اتدبحت لما عرفت انها حامل، ومعرفش ليه بس يومها صدقت ان بقى ليك بيت تاني غير حضني !.
هو عايش في الشقة اللي تحت شقتنا، بعد ماوالدته اتوفت اتجوز في نفس الشقة، وبرضو كنت متخيلة انه هيتجوز بعيد وأنا ارتاح.
- يلا ياحبيبي ننزل بقى نباركلهم عيب كده.
- حاضر ياأمي هقوم البس.
بعد جوازه كنت بشوفه صدفة وأنا نازلة، بس عمري مابصيتله، معرفش ملامحه اتغيرت ولا لأ، أول مرة شوفته بعد جوازه كنت عاوزة بس أعرف اذا كان فرحان ولا زعلان، بس مقدرتش ارفع عيني وأشوفه، وهي شوفتها مرة واحدة بس، وأعتقد مش بتخرج كتير لإن ماما نفسها بتقول انها مش بتشوفها.
ماما خبطت على الباب، دي أول مرة ادخل بيتهم بعد ماسيبنا بعض، أنا معزتهوش في وفاة والدته !
شوية وفتح الباب، عيني وقعت على ايد ماما بدون قصد، مرفعتش عيني بس كنت شيفاه باصصلي، سلّم على ماما، معرفش ليه كنت واقفة وكأني مستنية حاجة وحشة أوي هتحصلي، إحساس الخوف اللي قبل العقاب ده والمدرس بيقرب منك بعصا.
كلمة إذيك ياحنان اللي قالها، وكل حاجة مرت قدام عيني كشريط، فرحتي بيه، خطوبتنا، الأحلام اللي كانت وردي زيادة عن اللزوم علشان كده متحققتش، الطريق اللي كنت عارفة انه مستحيل يكمل من غيره، وللأسف طلعت صح، أنا مش عارفة أكمل من غيره.
- بس أنا سيبت حاجات كتير أوي عاوزها علشانك، صعبة تتنازلي عن حاجة علشاني !
- اتنازلت ؟ انت بتتنازل ومستني مقابل يعني ؟
- لأ مستني تقدير.
- وأنا مش بقدر ياأحمد ؟ في فرق بين اني أقدر وبين اني اتنازل كمقابل، واللي بتطلبه مش سهل، انت عارف اني بشتغل، عارف اني عندي أحلام وعاوزة أحققها، مينفعش تحبسني في قفص.
- يعني مش هتسيبي الشغل ؟
معرفش وقتها كنت بتكلم عن اقتناع ولا دفاع بس مفكرتش وقولتله لأ مش هسيبه.
بعد سنة ونص من بعده بفكر، أنا غلطت لما اختارت نفسي ؟ لما موافقتش اضيع تعب سنين علشان تعب سنين تانية ؟ وهو كان غلطان ولا كان عنده حق انه يجردني من طموحي ؟ اجابة الأسئلة ملهوش لازمة دلوقت، اللي أقدر أقوله ان كان نفسي كل ده يتحقق معاه، كنت اتمنى أنجح بس أكون جمبه.
لما دخلنا توقعت اني هدقق في ملامحها، أشوف اللي أخدته وقدرت تبقى مكاني، أو هو سمحلها تكون مكاني، بس لما شوفت البنت نسيت مراته ونسيت ماما ونسيته هو كمان.
ملامحها مش باينة أوي بس فيها منه، وريحتها حلوة أوي، وإيديها الصغيرة كمان حلوين أوي.
مراته اتكلمت وهي بتبصلي - حساها شبهك.
قلبي دق جامد، بصيت لماما وحمدت ربنا ان أحمد مكانش موجود كان بيجبلنا حاجة نشربها، بس هي مش شبهي وهتكون شبهي إزاي والرابط الوحيد اللي كان ممكن يجمعني بيها اتقطع.
ابتسمتلها - دا أنا على كده حلوة أوي بقى.
- شوفتك مرتين، بس الظروف مسمحتش أكلمك، بسبب تعبي مكنتش بخرج، حتى وأنا في بيت أهلي مكنتش بخرج كتير برضو.
- تعب الحمل تقصدي ؟
أحمد وقتها دخل فسكتنا كلنا
- إيه ده سكتوا ليه ؟ أخرج تاني !
- ياريت مش ملاحظ انك الراجل الوحيد هنا.
قعد جمبها - طب مش هخرج رخامة بقى.
لأ مليش حق أزعل دلوقت وقلبي يوجعني من هزاره معاها، كان معايا وأنا اللي ضيعته من إيدي، لأ هو اللي ضيعني من إيده، هو اللي قارن بين حياتي وحياتي، واضطريت أختار الحياة اللي هتبقى، اللي بيحب مينفعش يخير، صح ؟ يبقى هو مبيحبنيش، لحظة هو أصلا اتجوز وخلف وعاش حياته لسه بتسألي كان بيحبك ولا لأ !
- يا حنان إفهمي، وقتك هيكون متقسم بين الشغل والبيت و..
- وانت عاوزني ليك لوحدك، كمل الإسطوانة الحلوة اللي بتقولوها.
اتنهد - دا اللي واصلك من كلامي يعني !
- أحمد علشان نقفل الموضوع ده، أنا قادرة أوفق بين شغلي وطموحي وبينك، محتاجة منك بس مساعدة، تعوض الناقص عندي، زي ما أنا هعوض الناقص عندك، لكن رفضك كده من غير سبب أنا مش هقبله
- دا آخر كلام عندك ؟
- أيوة.
- وآخر كلام عندي
- قصدك إيه  ؟
- قصدي يا أنا يا شغلك ؟
خلعت الدبلة - شغلي.
الأفكار كانت بتجري في دماغي ومكنتش قادرة أوقفها فشاورت لماما علشان نمشى.
حقه يختار البنت اللي هيرتبط بيها، وحقي أختار الحياة اللي هعيشها، هو اللي غلطان، هو اللي مش فاهم، وهو السبب.
قطعت رسايله من فترة كبيرة، من وقعت ما عرفت انها حامل، اتوجعت يومها أوي وكرهته وكرهتها، مفيش حاجة تفكرني بيه أقصد، غير .. غيري
كنت لسه هنام لقيت ماما بتخبط على باب الأوضة جامد، قبل ماأقوم وافتح لاقيتها فتحت ودخلت، كانت بتعيط جامد
قومت مخضوضة - في إيه !
- مرات أحمد اتوفت
وقفت شوية بحاول استوعب الجملة، يعني إيه ماتت ؟
سألت بغباء - مرات أحمد مين ؟.
لحد النهاردة مش متخيلة يعني ايه الموت ممكن يقرب من حد أنا أعرفه أو كلمته، بحس ان الناس اللي أعرفها الموت مينفعش يعرفهم، وان لازم أكون أنا أول شخص الموت ياخده، علشان مبستحملش وجع الموت بالذات، ماتت إزاي وانا كلمتها ؟ كلمتها وحبيتها، وكرهي ناحيتها اختفى من زمان والله، طب وبنتها ! وأحمد !، لحظة يعني إيه موت أصلًا.
فات شهرين من اليوم ده، وكل يوم كنت بنزل ببطء من قدام شقته يمكن يخرج وأشوفه، أنا منزلتش مع ماما أعزيه ومعرفش ليه والله، عرفت من ماما ان اخته هنا من شهر علشان البنت، طب وهو مش بيخرج علشان أشوفه ليه !.
وأنا راجعة من الشغل لاقيت أخته واقفة قدام الشقة، ابتسمتلها وكنت هطلع فوقفتني - انا مستنياكِ من بدري
- مستنياني؟ طب تعالي اطلعي طيب
- لأ هنا اقرب، تعالي ندخل
وقفت مترددة شوية، كنت خايفة ادخل، ممكن علشانه، وممكن علشان ريحة الموت اللي اكيد لسه ساكنة جوه.
أخدتني من ايدي - متخافيش أحمد مش هنا
ياربي ! لسه اسمه لوحده بيخوف القلب، الاسم لسه سايب علامة
فضلت شوية تكلمني عن صعوبة انها تهتم بالبنت وبيتها مع بعض
- بصي ياحنان من غير مقدمات ملهاش لازمة، انتي عارفة اني بعتبرك اختي، ولسه بحبك من وقت خطوبتك انتي وأحمد
سكتت شوية وبعدين قالت بسرعة - أحمد عاوز يتقدملك، وقالي أشوف رأيك الأول.
معرفش ليه متفاجئتش، كنت مركزة مع البنت وهي شيلاها.
- مش بس تتجوزي أحمد، وتقبلي تكوني أم.
- أنا مقصدش حاجة وحشة بالسؤال والله، بس أحمد عاوزني ولا عاوز أم للبنت ؟
- هتبقي هبلة أوي لو تفكيرك وصلك لكده، أحمد بيحبك.
- بس هو اتجوز، يعني حب غيري.
- بنت خالتي كان عندها القلب قبل جوازها من أحمد، و ..
سكتت لما البنت عيطت، مدت ايدها - تاخديها ؟
شيلتها وأنا شامة ريحته فيها، حاسة اني لمساه هو !
- أنا مش هسيب شغلي.
- وهو مش معترض.
ياربي ! جاي يوافق دلوقت ! يعني كان هيحصل ايه لو وافق من الأول ووفرنا كل الوجع ده
- أنا موافقة، بس موافقة أكون أم للبنت بس
- يعني ايه ؟
- يعني مش علشانه، هو لازم يفهم ده.
- حاجة تانية ياست حنان ؟
- و .. وبس.
مش هغفرله انه سابني واتجوز، اتجوز وعنده بنت، مش هعرف اسامحه عليها، بس مش هبلة علشان اتنازل عن أجر اني أربي طفلة والدتها اتوفت.
أول كلمة قالها أول ماقعد قدامي - علشان البنت بس ؟
كنت بحاول أوقف عقلي من انه يفتكر اول مرة قعدنا فيها، كنت خايفة الشريط يمر قدامي فازعل منه تاني
- ساكتة ليه ياحنان ؟
- أيوة علشانها بس
- طب وأنا ؟
- انت سبت زمان، وأنا نفس الشخص اللي سيبته، فدلوقت مش منطقي أ..
قاطعني - موافق
- وشغلي ؟
- موافق
- و .. وكمان ..
- موافق برضو
كنت حاسة اني هعيط، قلبي كان واجعني أوي
- هتعيطي صح ؟ خلاص أنا هقوم واعتبريني موافق على كل حاجة.
خرج فعيطت !
مكانش فيه خطوبة، كتبنا الكتاب بعد شهر، وأنا رفضت يتعمل فرح، طبعًا ماما وافقت وهي مش طيقاني بس أخدت وفاة مراته الأولى حجة
حلم بيتحقق بعد عمر كامل، طب ايه اللي كان هيحصل يعني لو كنا اتجوزنا من غير كل ده طالما من نصيب بعض !
- هاتي البنت تنام معايا النهاردة
- لا ياماما سيبيها
- اسيبها فين ! هاتي البنت متعانديش
- هو أنا صغيرة هعاند !
- النهاردة بس
- لا النهاردة ولا بكرة، هي هتنام معايا.
معرفش أنا بتحامى في البنت من ايه ! بحبه وفي نفس الوقت موجوعة منه، مش قادرة الومه لانه حقه ولا قادرة اجتاز الموضوع واغفر، وبعد كل ده أخيرًا بقى معايا بس مش متقبلة فكرة اني اعدي اللي حصل كده.
- مش هتتعشي ؟
- مش جعانة، تصبح على خير.
هو مغلطش، شاف حياته مش أكتر، بس غلط في حقي، حقيقي مش عارفة أقول ايه غلطه تحديدًا بس غلط.
- مبحبش المكرونة
- مين قال اني هعمل مكرونة؟
- لأ بعرفك لتعمليها يعني
- مش هعملها
- ومش هتسامحي؟
- أسامح على ايه؟
- بلاش السؤال ده، مبقتيش تحبيني؟
- أنا واقفة مكاني من يوم مابعدت، أنت اللي قطرك مبقاش يقف في محطتي
ابتسم - سواق القطر تعب.
وقتها نام على رجلي، وحط ايدي على راسه - وعاوز يرتاح.
معرفش ليه مقومتش، مخرجتش اللي جوايا وعاتبته حتى، كنت بمسح على شعره وببص للبنت اللي نايمة جمبي.
اعتقدته نام، بس بعد نص ساعة اتكلم من غير ماسأله - كانت مريضة قلب، مقدرتش أقولها لأ، هي اللي عرضت فكرة الجواز عليا وعارف انها مش سهلة ان بنت تطلب كده، ومعرفش موافقتي كانت زعل منك علشان سبتيني ولا احترام لطلبها اللي عارف انها داست على كرامتها علشان تطلبه، أو ممكن خوف عليها ارفض فتتعب أكتر، مكنش ينفع أقولها لأ، ولا كنت برفضلها طلب، احساسي الدايم اني بخونها علشان بفكر فيكِ كان بيخليني أعملها اللي هي عاوزاه، قولتلها عنك علشان أريح ضميري، بس عمري ما ارتحت، كنت تعبان ولسه تعبان، حاسس اني بجري من سنين طويلة وعاوز أنام، عاوز ارتاح.
ونام، غمض عيونه ونام، وأنا كمان فجأة كنت عاوزة أغمض وأمحي كل اللي فات ده وأنام وأصحى ليوم جديد، يكون أول يوم أقابله فيه ..
مكنتش هعرف أفضل صلبة طول الوقت، هو عارف إني بحبه، وعارف اني كنت مستنية أبقى معاه، كل اللي فات كان بيتمحي لما بيبتسم، حرفيًا كنت بنسى كل حاجة، حتى مبقتش عاوزة أعرف ليه مكنتش معاه من الأول، ليه اتجوز قبلي وبقى ليه بنت مش مني، مبقتش أفكر، علشان بقيت فرحانة.
بعد سنة فهمت السبب، علشان بعد سنة عرفت إني مستحيل أجيب له بنت أو ولد حتى مني، ومش زعلانة والله، أنا بس واقفة قدام حكمة ربنا مش عارفة أفكر.
يعني ربنا جبر بخاطر مراته الأولى بيه، وجبر بخاطره وخاطري أنا كمان ببنتها، يعني لو كنت اتجوزت أحمد من الأول كان وقتها أنا وهو النهاردة بنجري على الدكاترة والمستشفيات، أو ممكن وقتها الحب يختفي ويطلب إننا ننفصل ووقتها عمري ما كنت هسامحه، مش عارفة كمان ممكن ربنا يجبر بخاطري كمان مرة بعدين أو لأ بإنه يرزقني ولاد مني، بس أنا بقيت راضية للي جاي وراضية عن اللي فات، الإنسان لو يُصبر بس هيفهم.
- متعمليش مكرونة مش بحبها.
- مين قالك إني هعمل مكرونة؟
- بقولك يعني لتعمليها.
- لا مش هعملها.
- سيبك من المكرونة خالص، بتحبيني؟
- مش وقتك خالص على فكرة.
- مشغولة في ايه؟ البنت ونايمة، والأكل وهنعمله سوا دلوقت، ايه شاغلك.
- يا أحمد حاول تفهمني، كلمة مش وقتك خالص دي معناها إني مكسوفة.
- إنتِ مكسوفة يا تي؟
- ها، هنبدأ الرخامة أهوه.
- سيبك من كل ده، بتحبيني؟
- هات بس السكينة من جمبك كده أقطع الطماطم دي على ما تخلص كلام.
مسك السكينة وقربها من رقبتي - انطقي، بقولك بتحبيني ولا لأ؟
- يا عم والله بحبك.

"حتى قبل أن التقيك، لم نكن أغرابًا"

#أسميته_أحمد.
#حنان_سعيد.

اسكريبتاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن