الفصل الرابع : الملف الاسود (75)

42 9 0
                                    

75
الفصل الرابع : الملف الاسود
البارت الخامس والسبعين
نظرت وسن لوسام بهدوء كانت بمثل حالته ترتجف ، برعب يلتهم قلبها ، نظرت لاخيها الذي يحدق بالقبر بعد ان تم ملؤه ، وغادر الناس شيئًا فشيئًا حتى بقي الاحباب .
رفع وسام عيونه من القبر ونظر حوله ، ثم التفت ليرى الجميع بجانبه حتى زياد المصدوم مثله ، اطلق الصعداء ثم قال بصوت مبحوح
" غادروا اولًا ، اريد البقاء وحدي "
نظر الجميع في بعضهم البعض وانسحبو بهدوء وغادروا المقبرة ، حتى بقي هو مواجهًا للقبر ، نظر للقبر ثم رفع هاتفه وقرأ
( 4،7 )
هذا كان ترتيب قبر والده بالترتيب الطولي والعرضي للمقبرة ، نظر حوله وبدأ يسير ببطئ حتى وقف امام قبر وليد و وضع يده المهتزة على شاهدة القبر
"كان من المفترض ان اكون مت معك يا صديقي ، لو انني مت فقط لما حدث كل هذا ، فقط لو لم اكن موجودًا "
قال بنبرة يأس وغيض من نفسه المدمرة
ثم ابتعد عن قبر وليد بعد ان نظفه قليلًا من الغبار المتراكم والاعشاب الضارة ، ثم التفت لذلك القبر ، الذي بدأت من عنده هذه السلسلة اللامنتهية
وصل عند قبر والده وقرفص امامه ببطئ ثم اطلق تنهيدة عالية وارخى رأسه على ركبتيه وهو امام القبر ولم يكن يخرج غير الشهقات الخفيفة منه .
ثم احس بيدٍ على كتفه ، يد حنونة للغاية
" هتان ارحل "
شعر ان اليد لم تبتعد لكنها اشتدت على كتفه كانها تحثه على النهوض رفع رأسه ونظر للأعلى و وجد امامه الشخص الذي اشتاق له للغاية ، للحظة تلاشى كل شيء امام وسام ولم يشعر بنفسه الا ساقطًا على الارض مغشيًا عليه ، امسك الرجل بجسد وسام الساقط وحدق في مساعده بهدوء
.
فتح عينيه و وجد نفسه مستلقي على كرسي في منتصف المقبرة ، ظن انه كان يهلوس من التعب ، ثم جلس وامسك رأسه واخذ ثلاث ثوانِ ليستوعب انه كان نائم على فخذ احدهم ، نظر ليمينه و وجده جالسًا بجانبه وقال برجفة زائدة
" ابي!"
ابتسم سلطان في وجه وسام وربت على كتفه برفق
بدون زيادة في ردات الفعل بدأت دموع وسام تنساب من خده شيئًا فشيئًا بدأ ينتحب ، بكى وسام ، بكى كل ما عاناه ، بكى كل شيء لم يستطع ان يبكي عليه ، اضعفه والده ، اخرجه من جموده .
نظر سلطان لوسام بقلق ثم نظر لساعته وحدق بوسام مجددًا ، وبدون سابق انذار سحبه لحضنه وربت عليه
" اشتقت لك بُني "
" ابي لميس ذهبت واياد ، كلا امي ، وليد ، مراد ، ابي انا مت وانت مت ولكننا عدنا ، ابي هذا مؤلم ، ابي اريد الموت "
شد سلطان وسام المرتمي بين احضانه بضعف شديد ، انهار كما لم يفعل من قبل .
بعد دقائق ابعده وقال
" بُني لا استطيع البقاء طويلًا ، كن قويًا واصمد وسوف اتي اليك قريبًا "
يقوم سلطان ويربت على رأس وسام قليلًا قبل ان يغادر المقبرة ولا يتبقى الا مساعد سلطان واقف بجانب وسام
ليحميه في حال وجود خطر .
يقترب هتان ويجلس بجانب وسام الذي لازال منهارًا ويبكي كأن الدموع التي لم يذرفها من قبل انفجرت منه ، ان موت لميس كان القطرة التي افاضت الكأس وكان القشة التي قسمت ظهر البعير ، تألم كثيرًا واصبح يبحث فقط عن اي طريقة يخرج فيها المه ، شعر وسام وكأن شيء في داخله يدفعه للبكاء والنواح اكثر فاكثر ، هو لم يكن يبكي لميس وحدها ، هو كان يبكي جميع من اوجعه هو يبكي نفسه ايضًا التي تألمت كثيرًا وظلت صامدة ، كان يجاهد ليتوقف عن البكاء ولكنه كلما شعر انه توقف انهمرت دموعه اكثر ، يبكي كما لو ان دموع العالم اجتمعت بعينيه ، بكى كما لم يفعل من قبل .
بعد ربع ساعة
توقف وسام عن النواح ولم يعد يخرج منه الا صوت الشهقات الخفيفة ، وهو يخبئ وجهه في كفيه ، وشعر بيد هتان تحتضن كتفيه وتشد عليه .
يرفع وجهه من كفيه ويحدق بالفراغ لثواني ، ثم يتكلم
" اشعر وكأن شخص يقتلع قلبي من صدري ويدوسه ويقطعه بخناجرٍ من نار ، اشعر ان احدًا يضعني تحت صخرة عملاقة ويقف فوقها "
هتان يشد على كتف وسام ثم يتحدث
" ربما السعادة لم تكتب لنا ، لكن يا اخي علينا العودة "
" سنعود لكن دعني اعيش هذه اللحظة فقط ، لاخرج فيها ما فات وما سيحدث "
" انا بجانبك دائمًا ، لذا خُذ وقتك ولكن تذكر انه علينا العودة للمعركة ، اذا غابت الاسود ظنت الضباع انهم ملوك "
" يا ويلهم مني هؤلاء الجبناء ، سوف اريهم الجحيم على الارض "
"انذهب للمكتب ؟"
اومأ وسام و رفع رأسه للاعلى ، وجهه شديد الحُمرة وعينيه منتفخة و بريق الدموع لازال عليها ، والهالات تحت عينيه برزت ، رجفته لم تختفي وهو يغلغل يده بشعره ليحركه قليلًا ثم يقف ويلتفت لهتان
" لنذهب "
وقف هتان خلف وسام وغادرا
اومأ هتان خلسة لمساعد سلطان الذي غادر فورًا مع جميع الحرس الذين كانوا يطوقون المنطقة
في حقيقة الامر هتان لم يغادر ابدًا المقبرة بل كان موجودًا من تلك اللحظة التي اخبره وسام بها بالرحيل الى اللحظة التي غادر فيها سلطان تاركًا وراءه وسام منهارًا
.
نظر الى الاعلى ليحدق بناطحة السحاب العالية المتواجد فيها المكتب ، في الشركة التي تديرها المخابرات والتي يمثل وسام دور مديرها ، دخل للمبنى وصعد حتى وصل للدور المتواجد فيه المكتب ، فتح باب المكتب وخطى خطواته للداخل وراى رائد جالسًا على الاريكة واضعًا يده على رأسه بينما اغراضه ملقاة بلا اهتمام على الطاولة امامه ، نظر حوله ثم سأل بتفاجؤ
"متى خرجت من السجن يا رائد؟"
نظر رائد للاعلى والصوت المألوف يرن باذنه ، حدق في عيون اسامة الزرقاء والتي تنظر اليه بهدوء منتظرةً اجابته
"خرجت منذ فترة طويلة ولكني كنت الاحق محمد في الخفاء"
"انا ارى ، لذلك لم ارك حتى عندما عاد وسام "
" نعم كنت منهمك في مطاردة تلك الافعى حتى انهيتها"
جلس اسامة بجانب رائد وقال بنبرة غير مصدقة
" اقتلت محمد؟"
" نعم ، في ذات اللحظة التي هاجم احدهم وسام"
"اهناك خسائر اخرى في الهجوم ؟"
هز رائد رأسه نافيًا وقال
" اعتقد ان المستهدف في هذا الهجوم كان وسام ولكن لميس وضعت في الوسط واقتنصت حياتها جراء ذلك"
"هذا التفسير المنطقي الوحيد "
.
وصلا للمكتب وتوجه وسام فورًا لدورات المياه
غسل وجهه وفركه بقوة ، نظر للمرآة امامه ، عيونه التي غادرتها الحياة ، فكر وسام قليلًا ، كيف ان الناس حوله يختفون كما لم يكونوا موجودين من قبل ، اهذا انا الذي كنت ابحث عنه ؟ اهذا هو بطل العدالة الذي لطالما اردت ان اكونه ؟ الابرياء يموتون بسببي فأين العدالة فيما افعل ؟، تذكر وسام ما اخبره به والده
'بُني لا استطيع البقاء طويلًا ، كن قويًا واصمد وسوف اتي اليك قريبًا'
فضل وسام ان يبدو قويًا ، على الاقل امامهم و وعد نفسه ان هذا سيكون اخر انهيار ولن يبكي مجددًا ابدًا .
مسح وجهه بالمناديل ثم غادر دورات المياه متجه للمكتب وهتان يتبعه بهدوء ، متوشحين بالاسود حاملين جبال من الهموم في صدورهم .
فتح وسام باب المكتب وكان باستقباله وجه اكثر شخص يحتاجه في هذه اللحظة ، كاد يخرج دموعه مرة اخرى لكنه امسك دموعه بشدة .
حتى التقى وسام للمرة الثانية اليوم بحضن شخص اشتاق له
ربت اسامة على ظهر وسام اثناء العناق وطال عناقهما لدقائق الصمت كان السيد فيها
وعندما ابتعدا شد اسامة على كتف وسام الواضح عليه اثار البكاء ، الحمرة التي تحت عينيه والانتفاخ البسيط ، اللمعان في بؤبؤه بسبب الدموع المتحجرة ، ورجفة يديه الغير مسيطر عليها ، اسامة كان حزينًا ايضًا لكن ليس على لميس ، كان حزينًا على حال اخيه ، واخته ، كان يرى كم يحاولون الصمود وحدهم .
جلس وسام على الكرسي خلف مكتبه واطلق الصعداء ثم حدق بالموجودين هتان ورائد وبرق والحارث واسامة وشخص اخر ينظرون لوسام بترقب .
تحركت يد وسام لدرج مكتبه المغلق برقم سري ، فتحه واخرج الملف الاسود و وضعه بقوة على الطاولة حتى سُمع صوت صدا هذا الارتطام
فتح الملف وقال
" نحن لا نعرف من هجم علينا في ذلك اليوم ، محمد مات في ذات لحظة الهجوم لذلك ليس هو من فعل ذلك ، وفهد جبان للغاية ، وانا اشك بهؤلاء اللعناء "
وفتح الملف ومد يده بهدوء كانت اول صفحة باسم ماجد ناولها لهتان وقال
" كل واحد سيجمع لي معلومات عن الشخص الذي اعطيه ورقته ، اريد كل شيء عنهم كل ما تعرفونه عنهم "
الورقة التالية كانت لريناد وناولها لبرق
التالية كانت ليان واعطاها للحارث
ثم فارس فاعطاها لرائد
ثم جائت ورقة فهد امامه فطواها واخرج ورقة خالد واعطاها لهتان وقال
" انت تجيد البحث لذلك ستكون هذه مهمة ممتعة لك "
ثم نظر بالشاب الاخير المتواجد معهم
" أأنت متاكد انك تريد الخوض في هذا يا الياس؟"
" بالطبع ! انا اود ان اكون معاونًا لك يا سيدي ، انت انقذت جدي "
نظر له وسام ثم ناوله ورقة فاهد وهو لا يرتجي منه الكثير من المعلومات
" لا تستهن بمعلومات المشردين والفقراء يا سيدي"
ابتسم وسام بوجه الياس ابتسامةً متعبة لكنها قوية تحمل معنى الثقة والقبول .
" بعد تنتهوا من جمع المعلومات ، اقترحوا طريقة لقتل الشخص الذي تكون ورقته معكم ، وسوف نناقشها قبل تنفيذها "
#انتهى

Crime حيث تعيش القصص. اكتشف الآن