78
الفصل الرابع : الملف الاسود
البارت الثامن والسبعون
فتح وسام عينيه ونظر حوله
حتى وقعت عينيه على يديه ليرى دماء كثيرة تسيل على اصابعه ، يرتجف وبعدها يرى وينظر حوله لوهلة يرى العالم مظلمًا حالكًا ليس فيه من الضياء نقطة ، حتى يلاحظ هتان النائم على الاريكة بجواره واغراض رائد موجودة على الطاولة وباب الحمام المغلق ، بطانية وسن التي تلفه ، والورود بجانب رأسه ، يعيد نظره ليده ليرى ان الدم اختفى يتنفس براحة ويعود للنوم .
.
يدخل الباسل لينظر لسلطان الذي يحدق بحاسوبه بوجه فارغ .
كان سلطان رجلًا قوي البنية ، في منتصف خمسيناته ، ذو شعر اسود يتخلله بياض السنين ، مقلتاه شديدة الزرقة كأنما البحر والامواج بداخلها ، طويل ، متوازن الجسد لديه من العضلات ما يبرز قوته .
" سيدي "
رفع سلطان رأسه ليرى الباسل وتحركت يداه ليغلق الصفحات المفتوحة على الحاسوب بسرعة
" مالامر ؟"
" جاء تقرير هتان "
لاحظ الباسل توتر سلطان الواضح الذي تحدث
" تأخر تقريره ، اذًا ؟"
" اغمي على وسام بعد ان هلّوس قليلًا ، تم نقله للمشفى"
لاحظ الباسل جفلة سلطان فسكت ليراه يحثه على الكلام
" تم تشخيصه بالانهيار العصبي "
" حالته خطيرة؟"
" لم اعرف بالضبط لكنه ليس بحالة جيدة"
سكت سلطان وهو ينظر للباسل ، ليس لديه فكره مالذي يجب ان يقوله
" سيدي ، اتعتقد انه بسبب ظهورك بالمقبرة؟"
رجفت يدا سلطان و وقف
" لنذهب "
" الى اين يا سيدي؟"
توقف سلطان وهو يفتح الباب ونظر للباسل وقال
" للمشفى "
" لكن سيدي -"
قاطعه اغلاق الباب بوجهه ، تأفف الباسل ولحق بسلطان وهو يتمتم
" ذاك الشبل من هذا الاسد ، ويسألونني لما وسام بهذا التهور الا ينظرون لابيه ؟"
توقف سلطان امام المصعد ونظر للباسل وقال
" هل انت تتذمر الان ؟"
" لا ، سيدي "
" هيا بنا "
.
يستيقظ هتان ليرى وسام يخرج من دورة المياه وهو يسحب المحلول الوريدي معه .
" لماذا لم توقظني؟"
" كنت مستغرقًا بالنوم لم اشئ ان ازعجك "
" انا ارى ، كيف اصبحت الان ؟"
" انا افضل بكثير ، لا ادري لماذا لا يمكنني الخروج"
تنهد هتان من عناد صديقه
" اين رائد؟"
" الا ترى انك تكثر علي بالاسئلة؟"
" اجب فقط ايها الطفل "
تأفف وسام وهو يجلس على فراشه ويسحب صينية الطعام له
" نزل ليدخن ، كان سيدخن هنا لكني طردته لاني اشعر بضيق تنفس "
" ماذا ؟ انت بخير ؟"
ابتسم وسام بوجهه
" أتقلق علي ؟"
سكت هتان وتنهد و وقف ليفتح الباب بعدما سمع صوته لكنه استمر وهو يقول
" اتعلم انك احيانا تصبح طف-"
سكت هتان عندما ظهر سلطان امامه ، اعتدل بوقفته وافسح مجالًا له للدخول
ابتلع وسام ما كان في فمه
" من هناك عند الباب ؟"
لم يسمع رد هتان عندما اردف
"هتان ، من هناك؟"
" انه انا "
سكت وسام عندما تجلى سلطان امامه
" كيف حالك ؟"
" انا بخير "
" اذا كنت بخير فلماذا هذا المحلول بيدك؟ وتأكل هذا الطعام الغير مملح ؟ وتجلس في هذه الغرفة البيضاء برائحة المطهر ؟ "
عبس وسام واشار لهتان وقال
" هو من يمنعني من الخروج "
ضحك سلطان وجلس بجانبه
" ما امرك يا بُني؟"
" ماذا ؟ ليس بي شيء استطيع مقاتلة عشرين رجلًا هنا "
دخل رائد وهو يتحدث
" عشرين رجلًا ، ايها الكاذب الكبير كنت تهلوس في الصباح"
" مهلًا هل كنت حاضرًا ؟"
" كنت اقف امامك لكنك لم ترني "
" اصمت فقط "
نظر رائد لسلطان و وقف بجانب هتان بصمت
" اوه بالمناسبة رائد ، هذا والدي "
سكت رائد وهو يحدق بالابن والاب ، متشابهين تمامًا ماعدا فرق السن الواضح على وجهيهما ولون شعرهم
" جئت اطمئن عليك"
" انا بخير "
اومأ سلطان و ربت على رأس وسام
لاحظ سلطان كل شيء ، لاحظ اثار الابر على يد وسام، ولاحظ الجروح التي تسبب بها لنفسه بينما كان يهلوس ، لاحظ الهالات الي تشكلت تحت عينيه من صعوبة النوم ليلًا ، لاحظ ايضًا المهدئ الذي يُحقن في المحلول الوريدي ، لاحظ فقدانه لوزنه وتساقط شعره ، وسمع عن هلاوسه الفظيعة ، عرف سلطان ان هذا كان انفجار وسام بعد ان كبت كل شي بداخله لمدة تزيد عن ١٤ سنة تنهد سلطان ولم يلاحظ نظرته الحزينة غير الباسل ورائد الذي كان يحدق فيه.
وقف سلطان بعد مدة وغادر وتبعه هتان ،
اغلق هتان الباب و رأى سلطان الذي سأل
" ماهو التشخيص ؟"
سكت هتان لثواني ثم قال
" كما ذكرتُ في التقرير انه مصاب بالانهيار العصبي ، حسب تشخيص الطبيب هو في اخر مراحل الانهيار ، اذا استمر هكذا بدون علاج سيصاب بالاكتئاب او اضطراب ثنائي القطب ، يهدده خطر الانتحار في اي لحظة ، و تراوده نوبات من الذهان والهلوسة كما ذكر رائد "
سكت سلطان لثواني ثم غادر المشفى هامسًا
" انتبه له"
ابتسم هتان ، هذه هي المرة الوحيدة التي شعر فيها ان سلطان هو والد وسام حقًا ، رغم انه كان يراقبه منذ طفولته وذرف دموعًا كثيرة على ابنائه الثلاثة المشتتين ، الا انه لم يُظهر لهم نفسه او مشاعره ، ظل يراقبهم من بعيد كالظل تمامًا .
عاد هتان للغرفة وقال
" هل انت مرتاح الان ؟"
" ماذا تعني؟"
دفع وسام صينية الطعام ويتحرك ليغسل يديه
" هل تشعر ببعض الراحة بعد رؤية الرئيس؟"
" اوه ، هممم ، بصراحة لا اعلم "
عاد وسام للجلوس وهو يرتشف الماء
ابتسم هتان وعاد ليعطيه الشوكلاة التي سلمها الباسل
" ليس من عادات والدي احضار الشوكولاة ام انه تغير؟"
" انها من السكرتير ، ليس من الرئيس"
"ارحتني"
اخذ وسام قطعة منها ويشرب الشاي الذي وضعه رائد امامه
" أيمكنك اجابة تساؤلاتي ؟"
" تفضل اسأل "
ابتسم رائد الذي جلس امام وسام على كرسيه وقال
" اولًا ، كيف عاد والدك من قبره اهو زومبي او ما شابه؟"
"ا-"
" انتظر سوف اسأل كل اسئلتي ثم اجب عنها "
اومئ وسام بصمت
" ثانيًا لماذا يناديه هتان بالرئيس ؟ وثالثًا من نحن بحق الجحيم؟"
" اولًا لو كنت اعرف كيف عاد والدي من قبره لاخبرتك ، ثانيًا والدي يكون شخصًا مهم للغاية بالدولة ، رائد الا تتسأل يا صديقي العزيز كيف خرجت من السجن؟"
سكت رائد وكأنه لاحظ فجاة
" غبي كما عهدتك يا صديقي، بسلطات السيد سلطان الفائقة اخرجتك واعطيتك فرقة الحُطام التي قدتها ، واخيرًا نحن مجرد عملاء مزروعين بسرية لندمر هذا القرف "
" انا ارى ، يبدو انك لست متفاجئ من رؤيته ، اين رأيته قبلًا؟ "
" في المقبرة ، بعدما غادرتم ظهر امامي للمرة الاولى"
تناول رائد الشوكولا ثم قال
" ليست لذيذة انها محشوة بالفراولة "
.
بعد ٣٨ يوم
ابتسم وسام بعد ان خطى خارج المشفى ، مرت الايام ببطئ شديد ، بالطبع كان يتذمر طوال الوقت لكن لم يكن يسمعه احد
" اوه بالمناسبة وسام "
نظر وسام في هتان ، الذي اصبح يفوز في بطل تعكير مزاج وسام
" فهد طلب لقائك منذ يوم زيارة الرئيس لكني اجلته لان الطبيب اخبرني بأن امنع الناس المزعجة من رؤيتك"
" يالك من ولد طيب يسمع كلام الطبيب ، هذا اول شيء جيد تفعله منذ وقت طويل يا هتان"
عبس هتان الذي كان يحمل حقيبة وسام ، اصبح هتان يعمل كممرض خلال تلك ال ٣٨ يوم ، يعطي وسام ادويته ويمنعه من القفز من النافذة ويوقظه عند هلوسته ، ويحضر له طعامه ويجهز له ثيابه ، وكل هذا جحده وسام في ثواني .
" ايضًا لماذا لم تخبر وسن اننا عائدون ؟"
" لتصبح مفاجاة "
توسع عبوس هتان الذي ركب بجانب رائد الذي يقود
" انت لا تحتمل احيانًا "
" احيانًا ؟ انا متفاجئ انك لم تستقل الى الان "
ضحك برق الذي كان جالسًا بجوار وسام في المقعد الخلفي.
" انت تسخر مني "
" انا غير متفاجئ انك لاحظت لتوك ، استيعابك اصبح ابطئ"
بعد وصولهم للفيلا نزل وسام بحيوية
تغير وجهه تغيرًا جذريًا ، اصبح وجهه مشرقًا واستعاد بعض وزنه ، لم يختفي الحزن من عينيه لكنه اصبح اقوى .
دخل الفيلا وهو ينظر حوله ليرى وسن جالسة في الصالة وتلك الانسة بجانبها .
'ماذا كان اسمها؟ اه نعم كارما '
اقترب وسام وطرق الباب
رفعت وسن رأسها
" اخي رائد يجب ان تتو-"
شهقت وسن ووضعت يديها على فمها وقالت
" يا الهي اخي !"
احتضنته بسرعة وقالت
" لماذا لم تخبرني انك ستخرج من المشفى اليوم ؟ هتان لم يخبرني ايضًا "
ضحك وسام وبادلها العناق
"منعته من اخبارك "
جلست وسن و دعت وسام للجلوس بجانبها
لكن قبل ان يجلس ابتسم بهدوء و صافح كارما التي بادلته الابتسامة الهادئة الخالية من المشاعر
" هل استعددتي للزفاف؟"
#انتهى
أنت تقرأ
Crime
Misterio / Suspensoالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...