99
الفصل الخامس : مجلس العظماء
البارت التاسع والتسعين
خطى خطواته خارج المصحة النفسية ، لم ينسى ، يستحيل ان ينسى ، لكنه لم يضعف ، لم يخضع لهلاوسه ، تقدم علاجه بسرعة ، كما انه علم ان مستبعد من كل المهمات والاعمال ، علم انه مطرود ، لذلك لم يستعجل ، اخذ الامر بهدوء و روية ، ابتسم بهدوء وهو يمشي لسيارة الحارس الذي جاء يقلّه ، كان وسام يحدق بالشوارع ، بيده كيس ادوية ، واوراق تسجيل خروج المشفى ونصائح الطبيب .
.
رنّ وسام جرس الباب ووقف منتظرًا قليلًا ثم بانت له خادمة فتحت الباب وانحنت له .
دخل البيت وشاهد وسن تخرج من المطبخ بثيابها البسيطة والمريحة ، ووجهها قد استعاد لونه وقد استعادت الوزن الذي خسرته ، اقتربت منه وامسكت وجهه بيديها
"مرحبًا بعودتك يا اخي "
ربت على راسها بابتسامة وقال
"مرحبًا بكِ"
"تعال للداخل "
سلّم وسام حقيبته وكيس الادوية للخادمة وذهب مع اخته لغرفة الجلوس ، جلس على الاريكة ووضع الاوراق التي معه على الطاولة ورأى سمير يدخل الغرفة ، سلّموا على بعضهم البعض وجلسوا ، وقال وسام في ضحك
"اغيب عنكم لشهر واراكم قد تغيرتم ، اصبحت ترتدي نظارةً يا سمير "
اومأ سمير وامسك بطرف نظارته الطبية وقال
"حكم الحاجة يا اخي ، شعرت بضعف في نظري خلال هذه الفترة فاجبرتني هذه الانسة الجميلة على استخدام نظارة "
"اذا لم اجبره ستجده يصطدم بالثلاجة ظنًا منه انها الباب"
ضحك وسام قليلا ثم قال
"كيف هي احوال عملك؟"
"وجدت عملًا في شركة عملاقة ، انا مديرة التسويق "
"هذا رائع ، الستما تعملان في نفس الشركة؟"
"كلا ابدا "
"لماذا ؟"
"لا للفساد يا اخي"
ضحك ثم هز راسه باتفاق ثم قال
"هل تسمحين لي بالذهاب للنوم ، انا مُتعب "
"بالطبع ، جهزت لك غرفةً في الاعلى "
كانت وسن هي من رفضت واصرت على ان يبقى وسام عندها حين خروجه ، واخبرها هو انه لا يريد ازعاجها وسوف ينتقل لشقة اسامة لاحقًا .
وقف وسام وربت على رأس وسن التي ابتسمت له ، وصعد هو لغرفته ، فتح الباب ، وشم رائحة عبق الياسمين في الغرفة النظيفة ، بالسرير البني الدافئ ، والاضائات الصفراء ، كانت غرفة بسيطة وصغيرة ، احبها وسام ، فتح حقيبته واخرج ثيابًا للنوم ، بدل ثيابه ودفن نفسه في فراشه واغمض عينيه ، وسرعان ما سرقه النوم من واقعه.
.
امسكت وسن الاوراق وبدأت تقرأ التقارير بتركيز ، انتظم ضغط دمه و نبضات قلبه ، لذا انخفضت احتمالية اصابته بامراض القلب ، جهازه التنفسي لازال متعبًا قليلًا ، لديه حساسية في الصدر ، اكتسب وزنا وجسده اصبح اكثر صحة ، لقد تحسن بالفعل بالنسبة لحالته النفسية ، تخلص من الافكار الانتحارية ، وايذاء النفس والهلاوس والذهان ، لكنه لا يزال يعاني من نوبات هلع وقلق مفاجئة .
"انا سعيدة "
ابتسم سمير الذي كان يقرأ التقرير معها بابتسامة وهو يشعر بسعادة بالغة .
سمير قضى حياته بجانب وسام ، كانوا قريبين كثيرًا من بعضهم البعض ، التقوا في دار الايتام وعاشوا معًا حتى هذه اللحظة ، حتى عندما ابتعدوا ظل تواصلهم دائم ، سمير شاهد وسام في كل حالاته ، وعاش مع وسام الطفل ، ووسام المتهور ، ووسام المكتئب ، ووسام الغاضب ، ووسام الحنون ، ووسام اللطيف ، سمير شاهد كل اشكال وسام ولم يتذمر ابدًا ظل يدعم صديقه ويشاهده من الخلف بفخر ، ويحزن عليه ، ويغضب من اجله ، ويبكي بدلا منه ، ويساعده حين يحتاج ، وكان وسام يفعل المثل معه .
.
فتح وسام عينيه وشاهد النور يتسلل من نافذة غرفته ، ظن انه نام ساعتين فقط لان الشمس لازالت مشرقة ،جلس وشاهد السرير في حالة مزرية من نومه الفوضوي ، التفت لهاتفه ، امسكه وفتحه وجد رسالة من كارما ورسالتين من وسن ، ثم انتقلت عيونه للساعة ليتفاجأ بأنه نام يومًا كامل .
ثم فتح رسالة وسن
{اخي انا ذاهبة للعمل ، فطورك على الطاولة ، انتبه لنفسك}
{اه نعم ، هناك سيارة في المرآب استخدمها جيدًا ، اعلم انك لا تريد البقاء بالمنزل }
ابتسم وسام ثم فتح رسالة كارما
{صباح الخير ، هل تناولت فطورك ؟}
اجاب عليها بهدوء والابتسامة لم تفارق شفتيه
[كلا ، لقد استيقظت لتوي ]
شاهدها ترد على الفور
{لا تتخطى وجباتك }
[امرك سيدتي الجميلة]
واغلق هاتفه ، وقف ، واتجه لدورة المياه ، ليغسل بقايا النعاس من على عينيه ، بدل ثيابه ، ارتدى بنطال اسود ، وقميص ابيض ، و سترة زرقاء ، رشّ عبق عطره على صدره ورقبته ، وخرج من الغرفة ، سرعان ما سمع مواء قط وسن الرمادي ، عند باب غرفته ، قرفص امامه وداعبه قليلا ، ثم سمع رنة رسالة قادمة من هاتفه
{ونعم نسيت اخبارك ، لكن هل يمكنك ان تطعم ليو من اجلي؟ الخدم في اجازة وقد نسيت اطعامه }
تنهد وامسك القط واتجه ليطعم القط وليتناول طعامه .
.
خرج من منزل وسن واستقل السيارة ، وقاد طوال الطريق وهو يستمع للاغاني ويغني معها ومزاجه في حالة مذهلة ، يرتدي نظارته الشمسة ويبتسم باستمرار .
توقف امام مبنى شاهق ، وانزل نظارته ودخل للشركة واتجه لمكتب يعرفه .
عندما وصل وكان سيهم بطرق الباب والدخول قاطعته السكرتيرة وقالت
"عفوًا سيدي كيف يمكنني ان اساعدك؟"
"اه صحيح ، هل الانسة كارما هنا ؟"
" اجل انها موجودة ، من اقول لها ؟"
"وسام سلطان "
سكتت السكرتيرة قليلا ، وطرقت الباب ودخلت ثم سمع وسام طرق الكعب العالي قادمًا تجاهه بسرعة ، وقفت امامه وامسكت وجهه بيديها النحيلتين وقالت
"متى خرجت من المشفى ؟"
امسك يديها وانزلها من وجهه وابتسم ثم قال
"الناس تقول مرحبًا بعودتك اولا "
"نعم صحيح ، لماذا لم تخبرني ؟ متى خرجت ؟ اين نمت ؟ لم تنم وحيدًا صحيح؟"
ضحك وسام ثم لاحظ نظرات السكرتيرة التي تبتسم وهي تنظر اليهم وكانها تشاهد مسلسلًا رومانسيا فقال
"ما رايك بالدخول والتحدث "
"اوه نعم انت محق، تعال من هنا "
وامسكت يده ودخلوا لمكتب كارما الواسع جلسا على الاريكة ، وقال وسام الذي شاهدها لا تريد ان تترك يده
"مالذي فعلته في غيابي؟"
"ليس بالشيء الكثير ، صحيح وسام هناك شيء اردت سؤالك عنه لكني لا اجد الوقت المناسب"
"اسالي "
"قبل سؤالي ، ماذا تريد ان تشرب ؟ قهوة مثلجة محلاة؟"
"مُنعت من القهوة ، سوف اكتفي بالماء"
اومأت كارما وهي قد شطبت القهوة من قائمة المشروبات المتاحة .
بعد ان دخلت السكرتيرة ووضعت الاكواب وغادرت التفتت كارما لوسام وقالت
"والان سؤالي "
"اجل انا استمع "
"عندما زرت بيتك لاول مرة حين اعطيتكم تعازيي بموت لميس"
"نعم اتذكر ذلك ، ماذا حدث؟"
"كانت هناك امرأة في بيتك ، تدعى نادية ، هل تعرفها؟"
"اتغارين علي؟"
"من نادية العجوز ؟ كلا انا اغار عليك من سكرتيرتي"
انفجر وسام بالضحك ثم هز رأسه بأسف
"هل تريدين معرفة قصة حياتي ؟"
تفاجات كارما بالرد الذي لم تتوقع ثم اومأت بخفة ليبدا وسام بقصته بالطبع لقد حذف اجزاء سلطان والاستخبارات ، شيئًا فشيئًا حتى وصل لجزء
"ونادية تكون والدتي التي القت بي بعيدًا واكتشفت لاحقًا انها عدوتي وانها من حاولت قتلي مرارًا "
كانت كارما متفاجئة مصدومة ، لهذا كان حاله مدمرًا هكذا ، بسبب هذه القصة التراجيدية المؤلمة ؟ كارما كانت تشعر بالحزن ، شعرت وكأنها من تعرضت للتعذيب وليس وسام ، ثم شاهدته يبتسم
"بالطبع يا كارما انا حذفت بضعة اجزاء من قصتي ، الاجزاء التي لم استطع التحدث عنها ، لذلك لا تغضبي مني ، سيأتي اليوم الذي سوف اخبرك فيه بكل شيء"
"انا لن اغضب منك ابدا وسوف انتظرك"
قالت وهي تمسح على ظهره بحنان ، كادت تبكي بدلا عنه ، كانت سوف تلفه بيدها لكنها رأته مبتسمًا وليس للحزن مكان في وجهه .
"لقد عطلتك عن عملك يجب علي المغادرة ، لكن هل يمكنك غدًا تناول العشاء معي ؟"
"اهذا طلب موعد؟"
"يمكنك قول ذلك ، اتريدين مواعدتي ؟"
ضحكت كارما
"اياك وان تتاخر علي غدا "
"في تمام السابعة ، لا تتزيني كثيرًا اخشى على قلبي من السقوط"
.
خرج من مكتب كارما وسار الى السيارة ، شعر وسام بقليل من الوحدة حيث لم يكن هتان هنا حتى يلاحقه وينصحه ويحذره ويمازحه ، لم يكن يتبعه كالظل ، خسر وسام ظله .
فتح باب سيارته وخلع معطفه والقاه على المرتبة ثم ركب السيارة وانطلق لوجهته التالية ، بعد ان وصل ، ترجل من السيارة ودخل من البوابة ، اعتاد على القدوم الى هنا ، شاهد قبره ، قبر وسام سلطان ، جلس بجانب القبر ، يتذكر الماضي ، يفكر مالذي سيفعله الان؟ كيف سينتهي به المطاف ، ماهي الوجهة التي سيتخذها الان ، ليس لديه عمل ليس لديه منزل ولا رجال ، كل ما لديه هو القليل من المال ، فكر وسام في بداياته كيف دخل عالم المافيا في صغره ، قبل ٧ سنوات ، عندما كانت بداياته ببيع السجائر والدخان حتى اكتسح هذا السوق ، ولفت انتباه الكبار والذي كان من بينهم فهد الذي قدم له الدعم ، وانشأ وسام قاعدته ونشر سمعته بصفته بطلًا للعدالة ، ثم بدأ كابوسه اللامنتهي من سبع سنوات حتى يومه هذا .
قام من القبر وتجاهل جميع قبور المقبرة ، تجاهل كل الشاهدات وتوقف امام قبر اسامة ، لم يفكر كثيرًا بل ربت على القبر ونظفه قليلا ثم غادر المقبرة بسلام .
.
وصل ، وترجل من السيارة ونظر للشركة وابتسم ، لاول مرة يأتي كغريب وليس كمدير الشركة ، عندما همّ بالدخول ، وقف امامه حارس وقال
"افصح عن هويتك "
لاحظ وسام انه حارس لم يره من قبل ، فتنهد وشعر بالغرابة قليلا ، القى نظرة على كل الحرس ولاحظ انهم تغيروا جميعًا ، لهذا لم يتعرف عليه احد ، فقال
"وسام "
"انت ممنوع من الدخول "
سكت وسام ثم ضحك قليلا وقال للحارس
"اخبر الرئيس باسمي "
نظر الحارس لوسام بشك ، لكنه ارتعش حينما رأى نظرته الواثقة والحادة ، مخيفة تلك النظرة ، بل هي مرعبة ، نظرة متعطشة للدماء ، لن تتدخر جهدًا في الهجوم والقتل، جعلته تلك النظرة يذهب ويبلغ الرئيس ، وبعد ثوانٍ شاهد وسام كل من رائد وجناد قادمين اليه ركضًا .
"اخي!"
ابتسم وسام وفتح ذراعيه لرائد الذي عانقه بشدة ، ذلك العناق الاخوي الحنون ، شد وسام على رائد الذي تمسك به وكأنه غير مصدق لتواجده ، تذكر وسام حين عاد بعد كذبة موته في السجن ، عانقه رائد بذات هذا العناق ، ابتعد رائد وامسك وسام من كتفيه
"انت بخير ؟ لم تعد تعاني من اي الم صحيح؟"
بلا وعي عادت ذكريات رائد لمحاولة انتحار وسام وكيف كان محطمًا مزلزلًا حينها ، كيف كان قاسٍ على نفسه بالكلام والافعال ، لاحظ رائد ان وسام لم يكن يرتدي معطفًا وكان يرتدي فقط قميصًا باكمام قصيرة ، ومن هنا شاهد يد وسام التي بها اثار الابر الكثيرة والتي تحولت للون البنفسجي ، وشاهد وسام يتحدث.
"انا بخير ، تقاريري تقول اني بخير ، والطبيب فقط حذرني من الانتكاس ، قال اني لست في امان تمامًا لذا علي توخي الحذر ، لا اعني حالتي النفسي بل الجسدية ، خلال الازمة اخبرني ان ثلاث اجهزة بجسدي اضطربت قليلًا وقد يؤدي هذا الى مضاعفات ، غير ذلك ، انا بخير تمامًا يا صديقي"
اومأ رائد بابتسامة لطيفة ودعى وسام للدخول .
شاهد الحارس كل ذلك من الجانب بعيون متسعة ، كان رائد دائمًا باردًا معهم كان يأمر الجميع بالتنفيذ ومن يأبى يعاقب بطريقة رائد ، لم يره من قبل يبتسم هكذا ، شعر الحارس ان هذا الرجل وراءه سر كبير ، ولاحظ المشهد التالي.
اقترب وسام من جناد وقال بممازحة
"الا زلت تلهو مع النساء يا جناد؟"
"كلا يا سيدي ، ليس لدي وقت لهذا ايها الزعيم"
"لست زعيمًا بعد الان ، لا زعيم ولا رئيس ، انا مجرد صديق"
قال رائد وهو يسير بالامام
"بالنسبة لنا انت دائمًا الزعيم بغض النظر عن اي شيء "
ابتسم وسام واومأ بلطف
شاهد الحارس هذا المشهد حتى اختفى الثلاثة من امامه
"احتاج ان ادخن سيجارة "
قالها وهو يشعر انه فقد كل ذرة طاقة لديه .
.
دخل وسام المكتب وشاهده على حاله ، وسمع صوت رائد
"اجلس في مكانك "
كان رائد يشير الى المقعد خلف المكتب فقال وسام
"كلا هذا لم يعد مكاني "
وجلس في الكرسي امام المكتب
"هو مكانك الان "
"لقد اقسمت على الا اجلس هناك ابدا ما دمت انت في حياتي موجود "
"لماذا لم تجلس هناك حينما مت ؟"
"لانك كنت موجود في حياتي "
سكت وسام ، هذه الجملة فقط كانت كفيلة بزرع ابتسامة هادئة و سعيدة على وجه وسام ، شاهد وسام رائد يجلس امامه .
"ماذا ستفعل الان ؟"
تنهد وسام وهو ينظر من النافذة
"ليس لدي فكرة ، كوني اعيش حياة عادية غريب علي ، انا حتى لا املك مسدسا على خصري "
ابتسم رائد ثم تحدث وهو يجمع يديه ويتحدث بجدية
"اخي ، ما رايك بالراحة في الريف "
"استُبعدت اذا ، كنت اظن ان هذا سؤلمني لكني سعيد ، الريف جيد ، لعلي سوف احزم امتعتي واقضي ما تبقى من حياتي بالريف "
لاحظ وسام ان عيون رائد مرهقة ، وهناك فنجاني قهوة على مكتبه .
"انت ايضًا احرص على الراحة "
"لا تقلق علي ، انا اقوى منك "
ابتسم وسام ثم سأل
"لا تتباهى لم يتغير شيء ولازلت اقوى منك ، اوه صحيح هل سيارتي لازالت واقفة هنا ؟ التجول بسيارة سمير القديمة مرهق "
"بالطبع حرصت على تنظيفها كلما اتسخت "
"شكرا لك يا صديقي، هل يمكنني ان استعير سيارتك غدًا؟"
"اذا كنت تريد ان تستعيرني شخصيًا فلك ذلك"
لم يستطع وسام تمالك نفسه وانفجر بالضحك .
كانت سيارة وسام واقفة في مكانها منذ وفاة اسامة ، وقف وسام وقال
"اردت الاطمئنان عليكم ، سوف اغادر لكيلا اعطلكم "
"كنت اظن انه يمكنك اعطائي نصيحة"
عقد وسام حواجبه
"بشأن ماذا ؟"
"بطل العدالة ، ما مدى ثقل اللقب؟ "
"كمثل جبلٍ على كتفك "
"اذا جناح العدالة ؟"
ابتسم وسام وربت على كتف رائد الذي ابتسم ، وقد فهم وسام من كلامه انه تم تعيينه بدلا منه ، فقال في هدوء
"جناح العدالة بالطبع افضل من البطل "
وغادر وسام بهدوء و رائد يشعر بالانزعاج في زاوية من قلبه وسأل جناد
"هل يجب علي ان اجعل احدًا يتبعه ، انا لازلت قلقًا "
"انت تخاف كثيرًا ، الزعيم تغير ١٨٠ درجة لا تقلق عليه "
"اتظن ذلك ؟ شعرت ان في نظرته وداع ، وفراق ، نظرةً رأيتها قبل الانفجار ، اشعر بخطر "
"توقف عن القلق كثيرًا ودعنا نلتفت لعملنا "
اومأ رائد الذي عاد للوحة التخطيط .
.
المحطة الاخيرة
ماذا عن مشاهدة غروب الشمس على الشاطئ ، جلس على كرسيه المعهود ، وبيده كوب شاي لطيف ، جلس يتأمل البحر ويحتسي الشاي وحده ويفكر ، يفكر كثيرا في نوع الحياة التي سوف يعيشها ، فكر في مكان سكنه ، طريقه عيشه وكيف سيتخلى عن مهمته ، كيف سينسى وطنه الذي ضيّع كل شيء في سبيله ، فكر كثيرًا ، ثم فكر في الشيء الوحيد الذي يقع تحت ملكيته ، فيلا الريف ، فكر وسام في مجموع المال الذي لديه ،واستنتج انه يضمن له حياة كريمة ، لكن ما كان يزعجه كونه سيمضي هذه الحياة وحده ، ثم همس والابتسامة مزروعة بوجهه
"ثم دعنا نفعل ذلك !"
بعد دقائق من الصمت والتفكير انهى وسام كوب الشاي ، وغربت الشمس كان سوف يهم بالمغادرة ، لكنه سمع صوتًا مألوفًا من خلفه
"كنت اعلم انني سوف اجدك هنا "
التفت وسام للخلف و ابتسم
"زياد !"
عانق كل منهما الاخر ثم قال زياد
" انا مغادر يا وسام ، جئت اودعك "
"الى اين ؟"
"الولايات المتحدة ، جائني عرض وظيفي لذلك انا مغادر ، لم يبقى لي شيء هنا "
اومأ وسام وربت على كتفه
"انت محق ، اتمنى لك حياة طيبة ، ولكن لا تنساني اتصل علي من وقت لاخر "
اومأ زياد وربت على راس وسام وغادر وهو يقول
"انتبه لنفسك "
وقف وسام في مكانه ثم اجرى مكالمة هاتفية وغادر المكان .
.
في اليوم التالي
السابعة مساءً تحديدًا
يقف بسيارة رائد التي استعارها امام باب بيت كارما ، التي خرجت وصوت الكعب العالي يطرق ويتردد صداه بالمكان ، ركبت السيارة وقالت
"مرحبا "
"اهلا بكِ انستي"
"انستي؟ هل عدت بالزمن بطريقة ما ؟"
" بل انا مغرم بكِ بشكل لا تستطيعين تصوره"
"ما علاقة هذا بسؤالي "
مد وسام يده لتشبك هي يدها بيده ، وهي تبتسم
"الى اين نتجه ؟"
"مفاجأة "
"انا اشعر بالفضول "
كانت ترتدي فستانًا احمرًا قصير يصل الى نهاية الركبة ، بقماش مخملي و وشاح من الفرو الاسود ، بشعرها المموج الاسود ، وعيونها المرسومة بدقة ، ويديها الرقيقتين بخواتم في اصابعها ، وحذائها ذي الكعب العالي ذو الصوت الرنان ، نظرت هي له ، بنطاله ذو اللون البني وقميصه الابيض ومعطفه الاسود الطويل ، وشعره المرتب ، وعيونه السعيدة ، وابتسامته الهادئة .
وصل وسام واوقف سيارة رائد ثم نزل وفتح الباب لكارما وامسك يدها ليساعدها على النزول
"البحر ؟ كيف سنتناول عشائًا هنا "
"اتبعيني فقط "
امسك يدها ومشى معها حتى وصلوا لطاولة في منتصف الشاطئ سحب الكرسي من اجلها ، وجلست هي ثم قال هو
" ما رايك في المكان ؟"
"اود بصدق اعطائك رأيي ، لكن المكان مظلم للغاية لا ارى شيئًا "
ابتسم وسام وضغط زرًا كان تحت الطاولة ، وفي لحظة انارت الكثير من الاضائات وشاهدت كارما وقتها منظرًا عجيبا ، رأت نفسها في منتصف قلبٍ من الورود والشموع والانارات الجميلة ، التفتت له ، لتجده غير موجود على كرسيه
"كارما "
التفتت لتجده راكعًا على ركبةٍ واحدة ، فاتحًا علبة فيها خاتم الماسي براق ، والابتسامة تكاد لا تبرح وجهه الوسيم
"هل تقبلين الزواج بي ؟"
صمتت ، كل ما كان بامكانها فعله هو ان تذرف الدموع
"اا ، لحظة كارما لماذا تبكين "
قال بارتباك فسمعها بصوتها الباكي
"انا سعيدة للغاية لا اعرف ماللذي يجب ان افعله"
تنهد وسام واعاد سؤال براحة اكثر
"كارما يا حبيبتي ، هل تقبلين الزواج بي ؟"
وقفت كارما امامه ، وسحبت شهيقًا وزفيرًا ثم قالت
"نعم انا اقبل "
امسك يدها بلطف و البسها الخاتم الالماسي في يدها اليمنى في اصبعها البنصر ، ثم قبّل يدها ، ووقف ، واحتضنها طويلًا ، وبادلته هي .
كان يمسح على شعرها ويربت على ظهرها بحنان ، ابتعدت عنه هي وقالت
"دعنا ناخذ صورة "
ضحك وسام وقال
"هل يجب علينا ذلك ؟"
"بالطبع لكي نريها لاطفالنا في المستقبل "
امسك وسام هاتفها والتقطوا لهم صورة سعيدة ، بل صورًا سعيدة ، توثيق للذكرى ، للابتسامة لسعادة في قلوبهم ليوم كبير .
#انتهى
أنت تقرأ
Crime
Mystery / Thrillerالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...