الفصل السابع : العاصفة ( 140)

6 1 0
                                    

140
الفصل السابع : العاصفة
الموسم الثاني
البارت الاربعون بعد المئة
كان يميل الى الشجرة خلفه و وجهه يبدي ملامح هادئة ومتزنة وهو يستمع بتمعن .
نظر وسام بهدوئه المعتاد في عيون سياف ونظرته تظهر كيف انه غارق في تفكيره ، فعلى الرغم من وجهه الهادئ الي ان الافكار في عقله كعاصفة قوية .
" اعتقد ان هناك خائن في صفوفنا "
قال سياف و صوته يحمل جدية ووضوح في كلامه ، كانت عينيه تنظر لعيني وسام مباشرة وهو يتحدث
اومأ وسام بهدوء وبرز تعبير حائر على وجهه
" ادركت ذلك ، لكن مهما افكر في امر الخائن ، لا اجد اجابةً منطقية ، كلّ رجالي معروفون ، فمن سيخونني؟"
" عليك ان تكتشف ذلك يا وسام باسرع وقت ، اذا اكتشفت خططنا وتسربت ، ما بنيناه كل هذه المدة سوف يذهب هباءً منثورًا "
" اعلم هذا ، سوف افكر في طريقة لا تقلق بشان ذلك "
.
فكر وسام بتعبير حائر للغاية وهو يميل بظهره على الاريكة الممتلئة ، قدماه متقاطعتان وهو يحدق في بقعة فارغة .
" من قد يكون"
بدون تفكير استثنى رائد من حساباته لانه كان لديه شعور قوي بانه ليس رائد ، تمتم وسام وهو يحاول التفكير في سبيل لاكتشاف هذا الخائن وتحليل مقدار الضرر الذي تسبب فيه.
حتى شعر بكارما تأتي نحوه وهي تحمل تلك الحزمة الملفوفة باقمشة دافئة بيضاء ، يقع في منتصفها الرضيع اللطيف ، بدات ملامح رونان الصغير تظهر ، حيث ان له عيون فضية لامعة وشعره يميل للأشقر البني كجدته من ابيه ، لون بشرته الابيض الشاحب يشبه والدته الجميلة كارما ، وانفه الصغير الذي يشبه الارنب كان يشابه جدته من والدته ، كان يبدو لطيفا للغاية بتلك الخدود الصغيرة والسمينة .
وكما هو حال الرضع كان ينام بسلام بين يدي امه ، جلست كارما بجانب زوجها ونظرت له بابتسامة حنونة
" مالذي يشغل تفكيرك؟"
" اوه—لا تقلقي لا شيء مهم ، كيف هو صغيرنا ، ايتعبكِ؟"
" ان نتعب هو جزء من دورنا كوالديه ، لكني اذكرك ان اليوم هو دورك في تحميمه "
ابتسم وسام بلطف لزوجته ثم مال ليقبل جبينها بحنان
" هذا فقط؟ اذا كانت اوامر زوجتي ، فانا استطيع ان افعل اي شيء لارضائها "
ضحكت بلطف ثم هزت رونان الذي بدأ يتحرك دلالة على استيقاظه
.
سمير كان يعد وجبة خفيفة لوسن ، عمل كل جهده ليصنع لها طبقا لذيذًا وخفيفا حيث انها سهرت الليلة المنصرمة تراقب وهج التي اصيبت بحمى موسمية خفيفة ، لكن قلق وسن لم يهدئ وظلت تراقب ابنتها طوال الليل حتى الان .
سراج على اليد الاخرى كان يأخذ وقت قيلولته في مهده الصغير ، محتضنا دميته المحشوة على شكل اسد لطيف ، كان يبدو كملاك ينام بسلام .
بدون اي انذارات الهدوء المسالم في المنزل تحول لحالة من الهلع ، حينما بدأ اطلاق النار على كل النوافذ مما ادى الى تكسرها وتهشمها .
انخفضت وسن على الارض ولفت ابنتها بجسدها تحميها من الرصاصات الشاردة .
بدات وهج تبكي من الخوف ، كانت الحمى تجعل اصوات الرصاصات ترن في راسها الصغير
ركضت وسن للمطبخ بجانب سمير ، لانه كان تقريبا بدون نوافذ فالرصاصات الشاردة كانت اقل .
توسعت عيني وسن حينما ادركت ،سراج لازال ينام في الطابق العلوي لوحده!
.
" انت جاد؟"
نظر هتان بتلك العيون الحزينة والمنكسرة لعيون وسام الباردة التي تنظر اليه بقساوة
" انت من افتعل هذا !"
اغمض هتان عينيه يمنع دموعه من الانسياب عندما كان مسدس وسام مستقرا على وسط جبينه ، كان محطما له ان وسام يفعل هذا به .
" كلا ....وسام "
اطلق النار وقتها وتحول كل شي لظلام بالنسبة لهتان
اخر ما رأه هو يده الغارقة بالدماء ونظرة وسام الباردة وهو يدير ظهره ليرحل .
" ـان ، ـتان ، هتان !"
فتحه عينيه عندما اشتد النداء من ذلك الصوت المألوف ، كان غارقا في العرق البارد الذي ينزلق من جبينه ، صدره يرتفع ويهبط بذعر مما رأه ، تفقد جسده ، كان سليما يرتدي ثياب المنزل ، نظر لوجه روبين
" بيني..؟"
" مالامر معك يا هتان؟ اهو كابوس؟"
اومئ هتان ومسح وجهه وتلك الصور عالقة برأسه
" مجرد كابوس سخيف "
.
" لذا انظري ، اذا وضعنا الاريكة هنا ، سيكون هناك مساحة متبقية في تلك الجهة!"
زمت ڤيونا شفتيها بعدم اقتناع واعترضت بملامح غير راضية
" ماذا عن التلفاز؟ هل ستضعه في منتصف الممر ؟!"
فرك رائد جسر انفه وهو يحاول اقناع خطيبته
" عزيزتي ، سنعلق التلفاز على الجدار المقابل بمستوى مناسب"
" رائد ، لا ، سنضع الاريكة هناك وسوف نضع طاولة تلفاز!"
عبس رائد ، في نظره غرفة الجلوس اصبحت ضيقة للغاية
" ما رأيك ان تسالِ كارما ، هي خبيرة وسوف تساعدنا "
فكرت ڤيونا قليلا ثم اومأت باقتناع ، والتفتت لتقطع قليلا من كعكة العسل
" جرب الكعكة انها لذيذة"
" لا احب الحلويات كثيرا ، استمتعي"
" الا يمكنك مشاركتي بلقمةٍ واحدة؟"
تنهد رائد ولعن نفسه داخليا لتورطه بالنساء بعد ان اقسم انه لن يجعل من نفسه اضحوكة مثل وسام، ثم اكل الكعك بوجه مهموم
.
" وسن انتظري قليلا ولا تتهوري!"
" هل انت مجنون؟ سراج في الاعلى والرصاص ينهمر علينا كالمطر! عالاقل على احدنا الذهاب معه ، ابق انت مع وهج!"
" لا! انتظري"
امسك بعضدها بقوة و وضع ابنتها في احضانها مرة اخرى
" سوف احضره انا "
قال ذلك وهو يسحب المسدس القديم من حزامه ، ابقاه بقربه دوما لشرف ذكرى المعارك التي خاضها في يوم من الايام ، لكن اليوم يستخدمه سمير مخاطرا بحياته لانقاذ ابنه الرضيع .
ركض عبر وابل الرصاص الى السلالم ، ولم يتوقف عن الركض رغم الرصاصة التي خدشت كتفه ، لم يتراجع او يخف ، ابنه الان هو الاولوية القصوى وسيفعل اي شيء في العالم لينقذه !
كان بين الحين والاخر يلف ويطلق النار على الاوباش المتوحشين بالخارج
وصل لغرفة الاطفال ، وهرع للغرفة ليجد الصغير سراج يبكي ويصرخ وهو يعانق اسده الصغير
ورجل غريب ملثم بالاسود كان على وشك اطلاق النار عليه ، ركض سمير و ركل الرجل بعيدا عن ابنه ، صدمه الرجل بسحب خنجر ليطعن جانب سمير ، الذي تفادى الضربة وامسك برسغ الرجل ليلويه ، ثم ركل معدته وبكل برود لوى يده اكثر ليكسرها .
فجأة شعر ببرودة مسدس على رأسه من الخلف
" الا تتوبون ايها الحمقى؟"
قال وهو ينحني ويعرقل الرجل الملثم بقدمه ، مما جعل الرجل يفقد توازنه ويطلق رصاصات عشوائية ، توسعت عيني سمير عندما اتجهت احد الرصاصات لابنه سراج الباكي ، واغمض عينيه لكي لا يرى المنظر الموحش القادم .
شعر بانه فشل كوالد ، شعر بشعور مقزز من الذنب والالم .
لكن صراخ سراج لم يتوقف ، تفاجئ سمير وفتح عينيه
ليجد الاسد المحشو بفتحه في منتصف راسه القماشي ، تنهد سمير بإرتياح ثم التقط الرجل من عنقه ولواها ليكسر عنقه من شدة غضبه .
حمل سمير سراج بسرعة وعانقه الى صدره بقوة ليخبئه عن قسوة الرصاص المتطاير .
ثم بدون ادراك ، شعر سمير بالرصاصة تخترق ظهره ، لكنه لم يستسلم بعد ، شد قبضته حول ابنه وركض للدور السفلي مجددا بعد ان اطلق النار على الرجل الذي لوى ذراعه .
وصل اخيرا الى المطبخ ، ليضع سراج بجوار والدته التي كانت تختبئ خلف جزيرة المطبخ امسك وجه وسن بين كفيه وابتسم
" عزيزتي "
نظرت وسن في عينيه بدون رد نظرت لابتسامته الحنونة والمطمئنة
" حاولي الاتصال بالنجدة بينما اقوم بالهاء هؤلاء الغجر ، ايمكنكِ فعل ذلك من اجلي؟"
اومأت وسن بلا وعيٍ منها ، لكنها وثقت به ، وعلقت املا بان احدا ما سيأتي وينقذها حتما .
قبّل سمير جبينها بلطف ، ثم قبّل خدود الرضع السمينة قبل ان يركض ليقاتل.
نظرت وسن لبقعة الدماء التي وسخت الارضية الخشبية ثم دمعت عينيها.
لقد كرهت هذا حقا ، هذا الموقف يتكرر مرة اخرى وهي حقا تكره ان تكون محاصرة مثل فأر في زجاجة .
تشبثت بطفليها ودفنتهم في احضانها وبقت تدعو ان تمر الليلة بسلام ، ويدها تتصل بكل الارقام ، لكن لسبب او لاخر كان هاتفها لا يلتقط اشارة
من شدة غضبها وحزنها ، شعرت باليأس والقت الهاتف على الارض مما جعله يتكسر
.
هاتفه كان على طاولة القهوة في غرفة الجلوس
بينما هو كان يمشي ذهابا وايابا في غرفة الطفل وهو يهود الطفل بهدوء ويغني التهويدة التي كتبتها والدته في رسائلها الكثيرة .
يربت على ظهر طفل بكل رقة وحنان و عينيه تتبع ملامح ابنه الصغيرة، كانت عيني الرضيع مغلقة وهو مرتاح بين ذراعي والده القويتين .
لم يتصور وسام يوما انه سيكون في هذا الموضع ، يهود لحمه ودمه للفراش ويرمي هموم العالم خلف ظهره .
ثم ادرك شيئا فجأة وتوقف عن الحركة
" ليس المهم الان هو من هو الخائن بل كيف اعرف الخائن "
لم تظهر كاميرات المراقبة شيء غريب وكان الجميع في المكتب يقوم بواجباته بسلاسة ، لم يكن احد خارج عن الطبيعي.
تذكر وسام فجاة حديث ايزابيلا
' احدهم كان يتحكم بالعصابات الصغيرة في اسبانيا تمهيدا لدخول الشحنة ، جائتني دعوة للانضمام لهذا المخطط لكني رفضت'
من كان يتحكم في العصابات الصغيرة...؟ اذا وجدت هذا المتحكم قد اصل للخائن..
في هذه الحالة ؛ ربما علي جمع العصابات الصغيرة وتهديدهم؟
بالطبع سرقة الشحنة وتخبئتها كانت خطوة ، لكنه يحتاج لخيط اخر يوصله للدليل الواضح .
صوت من خلفه كان صوتا مسنًا ممتلئا بحكمة السنين المتراكمة
" ايثقل كاهلك شيء يا بني؟"
التفت وسام لجده وتبدو على ملامحه الحيرة
" ايمكن ان يعرف النمل الصغير اسم ملك الصراصير يا جدي؟"
" مالهراء الذي تهذي به؟"
ابتسم وسام بإحراج وهز راسه
" لا شيء انسى الامر ، انا فقط اهود رونان لينام "
ثم تمتم وسام لنفسه
" قد لا يعرفون اسم ملك الصراصير لكنهم قد يعملون اسم ملك النمل!"
هذا هو المفتاح!
.
" لوري ايها الكلب اللعين!"
" من الذي تصف بالكلب؟؟"
توسعت عيني لوري من شدة الغضب لكن كلمات الرجل الطويل اللاحقة جعلت الدم يتجمد في عروقه
" لقد اختفت الشحنة!"
" مالذي تعنيه بانها اختفت ! "
" جهاز التتبع لم يعد يرصد اشارة ، ولا يوجد رد من رجالنا "
" اخبرتك انه فخ!"
" اخرس واذهب واستقصي الامر !"
.
وكالمعجزة عصفت القوات الخاصة لوحدة الاستخبارات لداخل الفيلا الصغيرة التي تحولت لحطام .
بالاخص كان الرجل الذي في منتصف عمره يركض وهو يبحث ويكاد يكون وصل لحد الجنون
" وسن!"
رفع سمير رأسه بعد ان سمع الصوت المألوف
"عمي...؟"
امال سمير راسه في حيرة ، كان يتكئ على الجدار بعد ان احس بالدوار من شدة نزيفه ، كان قد حارب حتى خارت قواه ونفد الرصاص منه ، لم يكن ليستسلم ، لكن لم يعد بيده حيلة .
شيئا فشيئا كانت الاصوات المزعجة لاطلاق النار تختفي وتهدئ حتى اندثرت ، ودخل سلطان وتوسعت عينيه حينما رأى حالة سمير
" يا بني هل انت بخير؟"
" وسن يا ابي ، المطبخ.."
قال الكلمات المتقطعة قبل ان يفقد وعيه ويتحول عالمه الى سواد
#انتهى

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 12 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Crime حيث تعيش القصص. اكتشف الآن