138
الفصل السابع : العاصفة
الموسم الثاني
البارت الثامن والثلاثون بعد المئة
كان ساكنا على مقعده ، يحدق بلا هدف في البخار المتصاعد من قدح الشاي ، عقله كان مغمورًا بالافكار ، والخطط .
حتى هذه النقطة كل شيء كان يسير بسلاسة وثبات بالنسبة لخططه ، لكنه يشعر ، ان هناك شيء مفقود ، واحساسه الغريزي الي طوره خلال هذه السنوات اشعره بالبرد في عموده الفقري ، هناك شيء قادم بالتاكيد .
لم يلاحظ حتى الباب الذي طُرق ودخل الرجل صاحب الاعين الكهرمانية بهدوء ، كان يمشي لحيث تواجد المكتب بهدوء ، ورائحته التي تبدو كالسجائر تفوح في الغرفة .
لم يبدو وسام منزعجًا من الرائحة ، لكنه رفع مقلتيه عن قدح الشاي ببطء الى رائد ، مشيرا بذقنه الى المقعد ، وعند اشارته جلس رائد براحة وتحدث بهدوء
" معلومات ايزابيلا صحيحة ، وجدت شحنة تحمل كمية مهوولة من الممنوعات "
اومأ وسام وتحدث بعد صمت قصير
" بالطبع ، ليس من مصلحتها الكذب في امر حساس كهذا ، لكن لا تثق بها بعد ، مهما اعطتنا من معلومات تأكد منها اولا "
" حسنا ، على اي حال ، الشحنة حاليا ترسو في ميناء روان في فرنسا ، ستدخل اسبانيا بريًا او جويًا كما يبدو "
نظر وسام للاسفل ، وحدق قليلا في قدح الشاي ، كان يفكر ، والكثير من الاسئلة تتبادر لذهنه
-من خلف الشحنة؟
-لم يستخدمون الطريق البري الاقل امانا؟
واهم سؤال تبادر الى ذهنه المعقد كان
-كيف عرفوا ان الطريق الاقرب لمينائنا هو ميناء روان ؟
تحدث بوسام بعدها ببطء
" اخبر سياف ، دع الشحنة تدخل ، وسوف نتصرف نحن بها "
" امرك"
وقف رائد متجها للباب لينفذ الامر ، وقبل ان يدير المقبض ، اهتز المكتب فجاة جراء هزة ارتدادية
تمتم رائد على عجل
" زلزال؟"
" كلا ، انفجار "
اجاب وسام الذي تثبتت عيناه على الباب السري خلف المرآة
" اعلن حالة استنفار ، هناك هجوم "
وفي ذات اللحظة صاح جناد نيار
" هجوم من الباب الرئيسي! احموا الزعيم ايها الحطام!"
تحركت التروس في عقل وسام بسرعة ، على الرغم من وجهه الهادئ ، اول رد فعل استطاع القيام به خلال عملية تفكيره ، هو قلب طاولة المكتب لسد الباب السري وتجهيز سلاحه ، لاحظ دخول هتان لمكتب بمشط رصاص والقاه باتجاه رائد .
ثم ثلاثتهم سمعوا صوت دوي من السطح
رائد:" هذا جنون!"
هتان:" مروحية ، انهم بكل جدية يهاجمون بمروحية!"
وسام تنهد ثم تحدث وعينيه تفحص المكتب
" ياللازعاج"
رائد:" انت محق ، هذا مزعج للغاية! لا يمكننا ان نحكم عالم سفلي لدولة واحدة بهدوء!!"
بدأ اطلاق النار في المكتب ، والتروس في عقل وسام مازالت تتحرك، وعقله يتسارع بالحلول والافكار .
الوضع الحالي كان يتم الهجوم عليهم كفئران في زاوية ، عدد لا بأس به يهاجمون من الباب الامامي ، واخرون يدفعون الباب السري ، وهناك تلك المروحية اللعينة ايضا ، من وراء هذا بحق الجحيم؟
كان عقله يتسارع بالافكار وكان غاضبا ، كان دمه يغلي ، لكنه التزم الصمت وفضل ايجاد طرق للخروج من هذا المأزق باقل الخسائر.
لم يأخذ الامر كثيرا حتى دُفعت طاولة المكتب للخلف ، احتمى الثلاثة في اي حاجز قريب وبدأ اطلاق النار ضيق المدى في غرفة! غرفة المكتب ذات الابواب الزجاجية ، والتي بطبيعة الحال تدمرت كلها ....
.
من جهة اخرى ، هرعت روبين للسطح ممسكا بالبندقية الرشاشة بيدها ، ثم لاحظته بجانبها بمسدسه ، شعرت بثقة اكبر لانهم كانوا شخصين .
بدأ اشتباك السطح ، والرصاص المتطاير في كل مكان كان منظرا مرعبا ، مثل وابل ، صوت ارتطام خراطيش الرصاص الفارغة على الارض كان يملأ الهواء بعد الانفجارات الصغيرة .
لم تلاحظ روبين التي كانت مركزة على الاشتباك ان سهم كان يطلق على ارجل المعتدين واذرعهم ، ومعظم الرصاص كان موجّه للفراغ ...
من تحليل روبين المتواضع ، لاحظت انهم 5 معتدين ، هي بدورها اطاحت بـ 3 ، وهو اصاب اكتاف واقدام الاثنين الباقين ، الذين زحفوا للمروحية فارين من هذا ...
لكن روبين ، التي كانت ولازالت معروفة بعنادها وقلة صبرها ، رفعت بندقيتها الرشاشة واطلقت على محور المروحية، لكن سهم اوقفها بسرعة
" ايتها المجنونة! سيسقط السقف عليهم ان اسقطتي المروحية!"
" هل نتركهم يهربون؟!؟!!"
سكت سهم الذي لم يكن لديه اجابة ، لكن روبين العنيدة لم تتوقف بل و ركضت نحو المروحية مطلقة على صدور الفارين ، قد تكون وحشية....لكنها ستفعل المستحيل لكيلا تدعهم يفرون بجلدهم ، على اقل تقدير ... عليها اسرهم .
.
الحطام ونيار وجناد كانوا يواجهون هجوم الباب الامامي ، الامور كانت تسير بسلاسة ، حيث انه لا يوجد احد متردد في الاطلاق والاطاحة بالعدو ، دافعًا عن حياتهم ، وزعيهم .
في لحظة حرجة توقف مسدس جناد عن الاطلاق ، تأكد من مخزن الرصاص ، لكنه لازال محشوًا ، هل...هل تعطل المسدس الان؟
لاول مرة ترتجف مقلتي جناد قليلا ؛ لم يكن خوفا ! كان خيبة امل بنفسه ، كيف سمح لنفسه بان يتلف سلاحه ؟ كيف يقع في هذا الخطأ .
حدق في مسدسه بوجه فارغ ، حتى سحبه نيار للخلف من ياقته وصاح عليه
" أجننت؟؟"
" عذرًا ؟"
" اتقف مثل بقرة ضائعة في وسط اشتباك وتبدي هذا الوجه الحائر!"
" اه- نعم لقد تعطل مسدسي "
ناوله نيار مسدس اخر على عُجالة وتابع القتال ، ليس الان وقت اللوم والعتاب ، انه وقت التخلص من هؤلاء اللقطاء .
.
عض وسام على شفتيه عندما اسقط المشط الفارغ الثالث على الارض ، هذا كان جنون كامل ، 10 رجال يهاجمون من هذا الممر ..
قطرات العرق تنزلق من على جبين هتان وهو بدأ يشعر بالارهاق .
رائد كان يبقي عين على كليهما ليهب لانقاذهما عند الحاجة.
وسام الذي كان يريد تغير موقعه ليقترب من المهاجمين ، صاح عليهما
" احميا ظهري!"
" لا ! توقف!!"
لم يستطع رائد ايقاف وسام الذي ركض عبر الرصاص ، وبلا وعي ركض رائد خلفه ، وفي ذات تلك اللحظة ، اخترقت رصاصة جانب بطن رائد الذي انهار على ركبتيه فورًا
" رائد!"
توسعت قدحتيه برعب
'لا ... ارجوك.....ليس الان....'
الغضب الذي كان وسام يكبحه لم يستطع ايقافه ، و راح يركض كالمجنون للخمس المتبقين من المعتدين ، يطلق الرصاص بدقة وبلا توقف ، بدا كانه مجنون ، لكنه كان يدرس كل خطوة ، وكل حركة ، ومعتمدا على دعم هتان من خلف قبض على رقبة اللقيط الذي اطلق على رائد .
" كيف تجرؤون!"
" وسام! ابقه على قيد الحياة! علينا استجوابه!"
عيني وسام المحتقنة بالدماء لم تكن تستمع لكلمات هتان ، بل شد قبضته على حلق المعتدي .
" اتجرؤ! على اذية صديقي!!"
.
على رأس الطاولة الدائرية كانت عينيه تتجولان بهدوء بين سطور التقارير .
رعد:" اذا؟"
ليث:" التقدم في المهمة يسير بسلاسة! ليست الا مسألة وقت قبل ان تُمحى كل التهديدات!"
ابتسم ساري وقال وهو يحرك قلمه على الاوراق امامه ، بصراحة لم يكن يكتب شيء معين ، لكنه كان يحاول التحكم برد فعل غير سويّ كاد يخرجه.
رفع رعد حاجبه وسأل
" مالذي يضحكك ايها السيد ساري؟"
" نعم، انا تذكرت الجدال الذي خضناه حول تعيين العميل وسام "
" ما امره ؟"
" كنا متشككين في اهليته على اداء المهمة ، لكنه لم يؤدها على اكمل وجه فقط ، بل وتولى امر التخطيط والتنفيذ والتقييم من البداية حتى النهاية "
كان ساري ، وبطريقة غير مباشرة يسخر من احد الموجودين في الغرفة
تنهد سلطان وتحدث بابتسامة هادئة
" انا مرتاح لاكمال المهمة على اكمل وجه "
هز صقر راسه بخفه
" لا ، لم ينتهي الامر بعد ، لا زالت التهديدات موجودة ، لا نستطيع الراحة بعد "
.
سارت بثقل عبر ممرات الڤيلا متسندة على الجدار ، ودموعٌ تجمعت في زوايا عينيها .
" ج- جدي"
صاحت بالم ، بصراحة لم يكن الامر كما شاهدته بالمسلسلات والافلام ، لكنها علمت ان الوقت حان ، ونادت بيأس
" جدي! انجيلو!"
هرع اليها الجد ديمون بوجه متجهم
" مالامر يابنتي!"
تمسكت كارما به وقال والدموع في عينيها ويدها مستقرة على ظهرها
" جدي ، خذني للمشفى ارجوك ، اعتقد انني سوف الد "
توسعت حدقتي الجد ونظر الى انجيلو الذي اومأ بسرعة مناديًا للخادمات ليدعموا كارما للسيارة .
كانت البهجة والقلق مختلطين في قلب الجد الذي اول شيء فكر فيه هو الاتصال بوسام !
.
نظر حوله بعدم ارتياح
'اين انا؟'
حدق حوله ثم رأى ، جثة محترقة ، لونها اسود كالفحم ، لكنه علم ، وعلم يقينًا ، كانت هذه ذكرى اي يوم .
" اخي رائد ، هذا ليس وسام!"
بقي رائد صامتا ونظر في وسن ، ليته صدقها في ذاك اليوم ، تمنى لو كان قد آمن بكلمات اخت صديقه العزيز
" رودي!"
صوت مألوف ناداه من الخلف ، التفت بعينين مثقلة و رآه يقف هناك ويبتسم
" لنذهب!"
مد وسام يده بابتسامته المشرقة والناعمة ، ومحياه الهادئ ، عينيه التي اظهرت دفئ خاص لرفيقه في السلاح
امسك رائد بتلك اليد ، وغمره النور ، غمره الهدوء .
ثم شعر بشيء يبلل خده ، وفتح عينيه ليراها جالسا متمسكة بيده ودموعها تتساقط على خده
" ڤيونا؟"
نظرت اليه وهو يحدق بها بعدم فهم ، كانت عيونها منتفخة من كثرة البكاء
" شكرا للاله!!"
قالت هذا وهي تعانق عنقه برقه ، وتطبع قبلات محبة على خده
" اقلقتني حتى الموت! ارجوك لا تفعل هذا ثانية"
ابتسم رائد ، ابتسامة ناعمة وحنونة مملوءة بالحب والاهتمام ، دفن وجهه في منحنى رقبتها وهو يستشعر دفئها الذي يحيطه .
" قبل ان تسأل ، جميع اصدقائك بخير "
ضحك رائد واومأ
" اعلم "
" انت...تعلم؟ كيف؟"
توسعت ابتسامته الهادئة وقال بنبرته السعيدة متجاهلا الالم والارهاق
" راودني حُلم "
لحظة من السكوت تمر قبل ان يمسك بوجهها بين كفيه
" بالمناسبة "
" اجل؟"
" كان هناك سؤال يخنقني ، واود ان تجيبيني عليه "
" بالطبع! اسالني اي شيء!"
" ڤيونا...ايمكنك جعلي اكثر رجل سعيد...وتقبلين بي زوجًا لكِ؟"
توسعت عينيها الزرقاء الناعمة قليلا ، واشرقت عينيها ، كانت السعادة تغمرها من رأسها حتى اصابع قدمها
" اين الخاتم والزهور ؟"
سألت بنبرة مازحة ، فضحك رائد وهز رأسه باسف ، ثم احضر يدها لشفتيه وقبّل جانب معصمها
" ايمكنك النظر في جيب سترتي؟"
نظرت ڤيونا للسترة الجلدية على الطاولة القريبة، وقفت واخرجت من السترة علبة مربعة جميلة الشكل
" هذا...؟"
" بصراحة كنت اريد ان أتقدم لك في حال افضل...لكني لم استطع تمالك نفسي حين فتحت عيني و وجدتكِ بجانبي "
امسك رائد العلبة ، ودفع الخاتم بلطف في اصبعها، ثم قبل اصبعها وهمس بعينيه الهادئة والمُحبة
" أحبكِ"
احمرت خجلا ولم تستطع الا ان تضغط على يده بنعومة ، لتخبره انها تشاركه هذا الشعور المعقد واللطيف والحنون.
.
هرع لداخل غرفة المشفى وانحنى لها ، طبع قبلة حنونة على جبينها
" احسنتِ صنعًا يا عزيزتي "
ابتسمت بتعب وهي تنظر له ، ثم تنظر للاسفل مرة اخرى الى الرضيع المستقر بين ذراعيها ، ملفوفًا في ملائات بيضاء ومنعشة ، ووجهه الذي لازال احمرا ، لكنه كان لطيفا للغاية ومحبوبا .
قبّل وسام جبين ابنه اللطيف ورحب به وهو يداعب الخد الصغير باصبعه السبابة
" مرحبا بك في العالم ، يا بني ، رونان "
تحرك رونان بارتياح في حضن والدته وتحت لمسة والده ، محاطا بالدفئ والحنان .
رفع وسام عينيه لكارما وقبلّ خدها مرارًا
" شكرا لكِ على هذه السعادة "
رحب وسام وكارما بابنهما الاول رونان في هذا اليوم
.
جيهان" يالهي انظرن له!~"
حملت جيهان الوليد بين ذراعيها وفي تنظر له بعيون لامعة
وسن" هيه ، نعم انظري انه يشبهني"
تحدثت وسن بالهراء وضحكت روبين التي هزت راسها
روبين" ايتها الحمقاء ، لم تتضح ملامحه بعد فكيف نعرف من يشبه؟"
ڤيونا" على اي حال اتمنى له حياة طويلة وسعيدة بجانب والديه"
اومأت كارما بسعادة
ڤيونا " على اي حال نسيت اخباركم؟"
نظرت الفتيات لها بفضول ، وهي بدورها رفعت يدها اليمنى بالخاتم الالماسي في بنصرها ، بعنجهية مزيفة
" هل...اخي رائد؟"
اومأت فيونا بحماس وتلاشت عنجهيتها وهي تكاد تقفز فرحا
كارما"هذا حلم؟"
وسن"يبدو انه حلم"
كارما تمتمت بسعادة ولكن الصدمة بادية على وجهها" لا اكاد اصدق "
تعافت وسن من الصدمة وابتسمت بسعادة
" مبارك!!"
طُرق الباب وقتها ونهضت وسن لتفتحه
" اه كارما انه اخي "
ابتسم وسام لاخته وقال بصوت هادئ
" ايمكنك ان تعطيني رونان لوهلة؟"
" حسنا ، لكن لم؟" وسن الفضولية لم تستطع كبح جماح فضولها ، فضحك وسام ضحكة مكتومة بهدوء وقال
" عليه ان يرى اعمامه "
" اهه! فهمت "
حملت وسن رونان بحذر وناولته لوسام الذي عانقه لصدره و مشى بعيدا
.
دخل الغرفة بخطى ثابتة
وعندما لاحظه رائد اعتدل بجلسته وانتقلت نظراته للملائات التي يحملها وسام بين ذراعيه
" ما—؟"
اقترب منه وسام واراه رونان
" يالهي!"
ضحك وسام وقال بصوت حاني
" رونان ، القي التحية على عمك رودي"
" لا تعلم الفتى هذه التراهات "
حمل رائد رونان وبابتسامة سعيدة، لقد اصبح عما لطفل اعز اصدقائه .
" انا سعيد"
تمتم رائد بهذه الكلمات وهو يمسد رأسه الطفل باصابعه
اومأ وسام وهو يبتسم بسعادة ايضا
" انا ايضا"
#انتهى
أنت تقرأ
Crime
Mystery / Thrillerالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...