الفصل الرابع : الملف الاسود (71)

41 9 0
                                    

71
الفصل الرابع : الملف الاسود
البارت الواحد والسبعون
في الصباح
ينزل وسام بعد ان نام لساعتين وجلس يفكر كثيرًا ، انحنى ليجلس ببطء فقد كان جسده يؤلمه اليوم ، جلس بجانبه هتان 
" انت بخير ؟"
"لدي صداع "
" ايجب ان احضر لك مسكن ؟"
"كلا الامر بخير ، اخبرني مالذي استجد بموضوع فهد "
" لا شيء ، هل كان يجب ان تحرقها ؟ "
ابتسم وسام وهو يغطي عينيه دلالة على صداعه
"كان ممتعًا ، رؤيته غاضبًا والسماع لتهديداته ممتع "
سكت هتان ، كان يجتاح تفكيره سؤال واحد فقط ، كيف لوسام ان يرى ان تهديد الاخرين له متعة ؟ اعتقد هتان ان ذوق وسام يصبح غريبًا كل يوم .
جائت خادمة بعد دقائق من الصمت
"سيدي وسام ، ان المحامي يطلب رؤيتك "
يرفع وسام رأسه
" احضريه ، واحضري حبوبًا مسكنة للصداع "
"حاضر "
"الم تقل لي انك لا تحتاج الحبوب ؟ "
"اصبح لا يحتمل "
"اتريد الذهاب للمشفى ؟"
"انه صداع قلة النوم ، انا اجيد التمييز بينهم ، لا تقلق "
تنهد هتان داخليًا وحدق في وسام الذي عاد يدلك جبهته وتذكر
'ان نام على اريكة او سرير سوف يستيقظ بعد ساعتين من الكوابيس التي تراوده'
ظن هتان انه بعد ان نام وسام ذاك اليوم جيدًا فقد يعتدل نومه ، لكنه كان مخطئ ، يعتزم هتان الان على ان يحسن عادات وسام بالراحة والنوم .
جاء المنذر
"اعتذر على ازعاجك صباحًا سيدي وسام "
وقف وسام ببطء وصافح المحامي بابتسامة ، ثم جلس عندما ترك يده وصافح المحامي هتان .
بعد ان جلس وسام اطلق تنهيدة خفيفة وقال
"ما الامر العاجل ؟"
"اولًا حمدًا لله على سلامتك "
"شكرًا لك "
"وثانيًا احمل لك بعض القضايا التي حدثت اثناء غيابك "
اومأ وسام بتفهم
"ما اسمك يا سيد ؟"
"انا المنذر ، اعتقد انك لازلت تنسى اسمي يا سيدي "
ضحك المنذر بهدوء على عادات وسام في نسيان اسمه
" بالفعل قد نسيت  ، هذا هتان انه رفيق جديد لنا "
نظر المنذر لهتان وابتسم بهدوء ونظر له هتان بتعابيره المعتادة .
" لقد حدثت قضيتان اساسيتان ، الاولى فُقدت ثلاث سيارات دودج "
" اوه تلك انا اخذتها انها واقفة خارجًا اظنك لم تلحظها "
صمت المنذر وحدق بصمت في وسام
" كلا لم ارها يبدو انه خطئي اسف "
" اكمل "
" القضية الثانية لقد اخذ مبلغ من ميزانية الشركة "
" انا اخذتها ايضًا ، من سياخذها غيري هاهاها "
صمت المنذر بحيرة
" سيدي وسام ارجو منك اخباري في المرة القادمة اذا كنت تستطيع "
" اعتذر لجعلك مشغولًا "
" لا بأس فهذا عملي ، الان يجب ان انصرف "
" تفضل "
خرج المنذر ، جائت الخادمة و وضعت شريط الدواء وكأس الماء ، ابتلع وسام الدواء بدون ماء و وقف
" هل لديك خطط اليوم ؟"
" لا سوف اقضي اليوم في المنزل "
اتجه وسام لمكتبه وتابعه هتان بهدوء دخل وارتاح على كرسيه وحدق في النافذة خلفه ، التي تطل على حوض السباحة وتغطي الرؤية شجرة كبيرة .
اما هتان فقد كان ينظم الاوراق حتى رأى وسام يغفو
فتنهد ، اقترب منه وايقظه
" نم في غرفتك "
فتح وسام عينيه ببطء و وقف والقى نفسه على الاريكة ونام .
اغلق هتان الستائر وغطا وسام بالبطانية التي تركتها وسن سابقًا ، واغلق الباب وخرج ورأى في طريقه وسن قادمة في اتجاهه
" هل اخي موجود ؟"
" نعم لكنه قد غفى ، هل تريدين ايقاظه ؟"
هزت رأسها بالنفي
" كلا كلا فقط ذهبت الي غرفته ولم اجده فأتيت لأطمئن عليه ، خاصة وانه هادئ كثيرا هذه الايام "
" ارى "
" اتريد كوب حليب ؟"
" سوف افضل كوب قهوة هذه المرة "
" مع اني لا احبذ اعطائك القهوة ولكن كما تريد "
ابتسم هتان ومشى معها للمطبخ ، شيئًا فشيئًا اصبح هتان يشعر بأن وسن مثل اخته الصغرى ، كان يشعر بأن هذا التوأم الذي أجبر على حمايته هم اشخاص يهتمون به ، شعر ان لديه عائلة .
اصبح يستطيع تفهم شعور السعادة ، وشعور الاخوة ، اصبح حقًا يغضب عندما يؤذي وسام نفسه ، ويفرح عندما تكون وسن سعيدة ، اصبح يشعر بالحزن على حال وسام الذي انقلب بعد موت اياد ، اصبح يشعر بالراحة لوجود اشخاص حوله .
تضع امامه القهوة وامامها الشاي
ضحك هتان وقال
" الا نستطيع فقط شرب ذات الشيء؟ "
" اشتقت لطعم الشاي ، اتريد شايًا ؟"
" كلا هذا بخير "
"هتان اريد ان اسألك"
"تفضلي "
" انت تعرف كل شيء عني وعن اخي ، اريد ان اسمعك واعرف عنك ايضًا ، اصبحت الان مثل اخي ، اريد ان اعرف المزيد عنك
ابتسم هتان وارتشف قهوته وقال
" مالذي تريدين معرفته بالضبط ؟"
" همم لنسأل اولًا عن عمرك ؟"
" انا في الثامنة والعشرين  "
" حقًا ، ظننت انك في العشرين من عمرك ؟ لقد فاجأتني ، انك تبدو اصغر من عمرك "
" هذا لطف منك "
" اخبرني عن حياتك "
" دعيني اتذكر ، مات والداي في الخامسة في عملية حيث كان والدي جنديًا ، ثم القيت في دار الايتام ، حيث يجب ان يكون امثالي ، اخذني شخص عظيم ورباني مع ابنائه الاثنين ، كان هذا الرجل لطيفًا وطيبًا معي وكان يعاملني مثل ابنائه بالضبط ، صرت العب مع ابنه الذي كان يصغرني بسنة حتى اختفى ابنه الصغير ، الذي اعتبرته اخي الصغير ، ولم اره منذ ذلك اليوم ، وعندما اصبحت في السادسة عشر دخلت سجن الاحداث وخرجت عندما اصبحت في الثامنة عشر ثم انضممت لتدريب خاص في الجيش ، وتدربت حتى صرت في الثالثة والعشرين من عمري ، وحدث اشتباك خطير "
تنهد هتان واخذ رشفة من قهوته الفاترة الان ، وقال بهدوء في وجه وسن التي تنظر له بحزن
" خرجت عن الاوامر لاحمي رفيقي وبذلك اخذت اول انذار ، وتشاجرت مع رئيسي وهذا كان ثاني انذار ، وشربت في وضح النهار وخلال ساعات الدوام هذا كان ثالث انذار ، و اوقفت عن الخدمة بعدها "
نظرت وسن خلف هتان ورأت سمير يقف وحاجبيه معقودان ، لم تهتم بل نظرت في هتان ليكمل
" بعدها ظللت ابحث عن المهمات والنقابات التي قد تضمني والان انا هنا ، في هذه الفيلا الدافئة "
" هذا غريب "
نظر هتان خلفه بعد ان سمع صوت سمير
" مالغريب ؟"
" مالذي اوصلك لهذه الفيلا الدافئة كما تقول ؟ انا لا افهم "
"تبعت النجم المتلالئ فحملني الموج بلا تعب وكففت عن الدلال ، ثم لا تصدق كل ما اقوله ، انا جيد في الكذب "
ضحك سمير وضرب ظهر هتان بخفة ، ابتسمت وسن وهي تراقبهما ثم سمعت صوت باب قادم من الخارج
" يبدو ان اخي استيقظ "
" لقد مرت ربع ساعة فقط !"
قال هتان بتفاجؤ
" انت تعرفه ، ان نام كثيرًا استيقظ منزعجًا "
" وان نام قليلًا يستيقظ متعبًا ، يجب ان ينام "
"اقنعه ، وانا معك ، اخي هتان "
ابتسم هتان من كلمة ( اخي ) التي لم يعتد عليها و وقف ليذهب لوسام
.
دخل محمد لمكتب فهد بابتسامة واسعة موضوعة على شفاهه
" مرحبًا سيد فهد "
نظر فهد لمحمد باستنقاص
" مالذي تفعله هنا ؟ اردت فرصة اعطيتك الاخيرة ، اردت قوة ، اعطيتك ما تستحق مالذي تريده ؟"
" جئت اسلّم عليك لا اكثر ، اردت ان اخبرك خططي ؛لربما تجد تعديلًا فيها "
" هل انت طالب عندي ؟ هل انت لا تزال تتعلم فنون الطهي عندي ؟"
" الطهي ؟ "
ضحك محمد بسخرية وقال
" طهي الدماء والرصاص لا يحتاج تعليمًا يحتاج قوة "
" القوة بدون عقل كالجسد بلا روح "
" واصبحت تقول الحِكم يا زعيم "
" انا لا اقول الحكم ، بل انت من لا يفقه المنطق الصحيح ، لانك يا محمد رجل تافهه ، انت غبي "
ابتسم محمد ابتسامة شريرة خبيثة واسعة
" العقل ليس مهم كثيرًا للجلّاد ، بل قوة قبضته اهم الا تعتقد ؟"
" اترى نفسّك جلّاد ؟ يا محمد انت مثل الخروف الذي يذهب للمسلخ بنفسه وهو سعيد "
وقف محمد وقال
" ان كنتُ خروفًا ، فأنا سوف اجذب الذئاب الى فخي لاوقع بهم "
وقف فهد هو الاخر وقال
" الذئاب مخيفة بالنسبة لخروف مثلك ، تعال اظن انك لم تحفظ طريق الباب بعد ، سوف اعلّمك لاخر مرة "
خرج فهد من المكتب وهو يشعر بالتعب لمجرد الحديث لفترة قصيرة مع محمد .
وصلوا للباب والتفت فهد لمحمد المبتسم
" ارجو منك الا تأتي الي مجددًا وان اتيت لا تأتني برائحة المخدرات ، واغسل وجهك البودرة واضحة في ملامحك "
فتح محمد فمه ليرد لكن قاطعته الرصاصة التي خدشت خده ، عقد حاجبيه وسحب مسدسه بسرعة بعد ثوانٍ من الاستيعاب .
رأى محمد ثمان رجال مقنعين ومن يبدوا عليه انه اقواهم يمسك المسدس ويمشي في الاشتباك بلا خوف من اي رصاصة طائرة ، ويبدو عليه انه من اطلق الرصاصة التي خدشت خد محمد ، رفع المقنع مسدسه واطلق على الحراسين المتواجدين امام بوابة المكتب ، اصابهم في رؤوسهم ، بالمنتصف ، كقناص محترف .
اختبئ فهد خلف العامود واتخذه حاجز له وكل مافي عقله ليس النجاة ، بل من الحقير الذي تجرأ على مهاجمته .
نظر في المقنع ، محاولًا تحديد هويته من سماته الظاهرة ، طوله والبنية المشية والاسلوب القتالي ، لكن حرفيًا كل شيء كان مبهم ، كان يبدو جديدًا على ساحتهم ، ظن فهد انه من الصغار الصاعدين حتى رأى ركز قليلا و راى المقنع ينظر باتجاهه وعيونه تصغر مما جعله يعتقد ان المقنع يبتسم ، ثم رأى فوهة المسدس تشير اليه ، اختبئ فورًا واطلق على المقنع ، الذي وقعت الرصاصة عند قدمه ، داس المقنع الرصاصة وهو يحدق حوله ، رأى رجال فهد ومحمد كلهم ارضًا مصابين او موتى ، ورأى رجاله واقفين شامخين بدون خدش وبدون حتى ان يأتي بعض الغبار على ملابسهم .
رفع المقنع رأسه ورأى محمد وفهد يركضون بعيدًا
" تبًا "
لحق بهم بسرعة وركض خلفه كل من في فرقته ، رأهم يركبون سياراتهم ويغادرون مبتعدين .
صرخ المقنع بغضب
" تبًا "
#انتهى

Crime حيث تعيش القصص. اكتشف الآن