82
الفصل الخامس: مجلس العظماء
البارت الثاني والثمانون
#ماضي
بعد ان استيقظ من سباته وظل يحدق بالسقف ، و زاره طبيبان وثلاث ممرضات ، دخلت الممرضة بهدوء
" سيد وسام ، حان وقت تغيير الضماد "
اومأ وسام بدون ان يتحرك ، ذلك لعدم قدرته على الحراك اساسًا ، شُخّص بكسور في الاضلاع ، وحروق من الدرجة الثالثة في الكاحل ، حروق بسيطة في الرقبة واليد وجرح كبير في الصدر، خلع في الكتف ، والتواء في الكاحل وظن الاطباء ان نجاته كانت معجزة حقيقية .
اقتربت الممرضة ورفعت الجزء العلوي من السرير وساعدته على الجلوس لتبدأ بتغيير الضماد ، وعندما وصلت لضماد رقبته قال بهدوء
" اريد مرآة "
"عفوًا سيدي ؟"
" اريد ان ارى الحرق "
كان يتحدث ببهوت بصوت قد يبدو حادًا ولكنه هادئ ، خالٍ من الحياة ، كان يتحدث بصوت اشبه برماد .
اومأت الممرضة واحضرت المرآة وبدلت الضماد على مرأى انعكاس الحرق في المرآة .
كان يحدق بالحرق كأنه وسام شرف جديد اضيف لمجموعته ، كان اشبه بنظرة فخورة ولكن حزينة ، نظرة تتسأل لما هو على قيد الحياة وتتساءل لم حدث ذلك ؟ ونظرات كثيرة تعبر عن حزنه الشديد ، الحزن الذي ينتشله من كل ابتسامة يحاول ان يبديها ، هذه هي الصدمة التي يحاول تخطيها .
خرجت الممرضة ومعها ادواتها والمرآة واعادت وسام لوضعيته السابقة .
بصراحة كانت الممرضة تستغرب من هذا المريض الذي يقطن الغرفة 603 بالمشفى ، كان غريبًا جدًا ، لم يزره احد وكان دائمًا يبدي ملامح مشتتة ، ويأتي رجل بشعر اشقر بني كل يوم ويسأل عن حاله ويختفي ، لم يطلب ولا لمرة مسكن لشدة المه ولم يستدعي الممرضة ليلًا ، ولم يكن يتناول الطعام ابدًا حتى برزت عظام وجنتيه ، كان يأبى قبول مساعدة احد كما لو انه يفضل ان يحبو على قدميه على ان يستند على احدهم ، كان مثل جثة على قيد الحياة.
عاد وسام يحدق بالسقف بهدوء مميت ، السقف الابيض الخالي من الحياة مثله ، لا شيء غير الشقوق الغريبة التي نتجت عن قِدم الدِهان ، الاضائات البيضاء المعمية ، رائحة المعقمات التي تملأ الغرفة ، ضوء الشمس الخافت الذي يتسلل من خلف الستارة ، اصوات ضحك الممرضات وكلامهم ، بكاء عائلات فقدت فردًا منهم ، ركض الاطباء وصراخهم لانقاذ شخص ما، باب غرفته الذي يبقيه مفتوحًا دائمًا ، و وسام لم يتزحزح و يظل يحدق بالسقف البارد .
سمع فجأة طرق الباب ظن انها ممرضة ما .
حتى اقترب الرجل الذي رأى طيفه تلك الليلة .
لم يتكلم وسام ، قد يظن احدهم انه فقد النطق من طول صمته ، لكن الرجل ذو الشعر الاشقر البني سحب كرسي وجلس بجانبه ، لم تتحرك عيون وسام عن السقف بستثناء لحظة دخول الرجل التي لاحظها عبر تحريك مقلتيه لزوايا عينيه واعادها للسقف مجددًا .
تحدث الرجل اولًا
" دعني اخبرك بما حدث "
لم يتزحزح وسام لكنه لاحظ ان الرجل قام ليغلق باب الغرفة وعاد للجلوس
" انا ادعى هتان ، انا اكون الظل الذي يلاحقكك "
هنا تحركت عيون وسام لهتان ، لازالت عيونه مشتتة لكنه اظهر استماع لهتان
" منذ بداية المهمة كنت الاحقك بأمر من رئيس الاستخبارات ، وطُلب مني التدخل حين تكون في اعلى مراحل الخطر "
تنهد هتان وهو يفحص وسام بنظراته وتعلقت عينيه على الضمادات التي تلف ٦٠٪ من جسده
"تلك الليلة استطعت انقاذ شخص واحد من الانفجار ، وخسرنا وليد جراء ذلك "
لاحظ هتان ارتجاف عيون وسام عندما ذكر موت وليد عندها شاهد وسام يفتح فمه ليتحدث
"هل- هل حياتي كانت تستحق ان يُدفن وليد بسببها ؟"
"من اجل الدولة ؟ نعم ، غير ذلك انا لست متأكد "
تنهد وسام واعاد نظره للسقف
" متى اخرج من هنا ؟"
"يقولون بعد اسبوع ، جراحك خطيرة "
"ايمكنني العودة للمنزل ؟"
" اخشى انه لا يمكنك ذلك ، الخطر الان تسلل لمنزلك وايضًا "
نظر وسام لهتان بتساؤل
" عائلتك ، اختك وخطيبتك واصدقائك ، كلهم يظنون انك ميت وهم الان يقيمون الحداد عليك ، كانت جنازتك قبل ثلاث ايام ، لكنك كنت في غيبوبة اثناء ذلك "
"انا ارى "
رد فارغ تمامًا من التفهم والاستيعاب لكن تجاهل هتان ذلك ووقف ليجيب على هاتفه الذي رن وعندما عاد وجد وسام غاطًا بالنوم .
.
#الواقع
فتح عينيه ليدرك انه نام على كرسي المشفى ، دخل دورة المياه وغسل وجهه وخرج ليلتقي برائد نائم في السيارة ، طرق الزجاج واستيقظ رائد فورًا بحكم نومه الخفيف
"لنذهب "
"اين ؟"
" للانتقام "
بعد دقائق وصلوا للمستودع الذي قيدت فرقة الحطام فهد فيه ، لم يستطع وسام الابتسام ولم يستطع تمثيل الهدوء والبرود واستفزاز فهد ، لم يكن يريد سوا خنقه بين يديه حتى يموت ، ثم يحرق جثته ويرميها بالبحر ، لهذه الدرجة وصل حقد وسام والمه .
ارتفعت زاوية فمه حين رأى فهد يستيقظ
"ارى انك ارتحت بالنوم ، هي يجب علي ان احضر لك بطانية ايضًا ؟"
ارتجف فهد من الرعب وكل خلية بجسده تنتفض من شدة الهلع .
"اتعلم ، اطلاق النار عليك ، حرقك ، خنقك ، كلها طرق رحيمة انت لا تستحقها ، حتى محمد الافعى استحق القليل من رحمتي ومات برصاصة، لكن انت ايتها الذبابة اللعينة لا تستحق طرف أُنملة من رحمتي ايها السافل الحقير"
"وسام اتركني انت لا تعلم مالذي قد يحصل لك اذا علم الكبار انك قتلتني "
صرخ وسام الغاضب واشتدت عروق رقبته قائلًا
"كبار كبار كبار لا يوجد كبار يحمونك "
جفلت فرقة الحطام من الصرخة وظل رائد جالسًا بالزاوية يراقب بهدوء بدون ادنى تفاعل
"لا احد سيحميك الان ، حذرتك مرارًا ، لكنك تلاعبت برجالي وقتلت احبائي واظهرت وجهك بكل قذارة تخبرني انك لست الفاعل "
"اقسم لك انني لم اهجم عليك بالمقهى "
"انت تعلم انني لا اعني هجوم المقهى ، اتذكر جنازتي ؟ اتذكر اياد ؟ اتذكر محمد الذي دسسته لقتلي ؟ اتظنني ابله ايها الارعن ؟"
سكت فهد الخائف الذي يرتجف كمثل غصن شجرة جاف حان خريفه او كمثل تيس وحيد وجد نفسه محاطًا بالذئاب الجائعة
"اليك سير الرحلة ، سوف اقطع اطرافك ، واخنقك بيدي لاشفي غليلي ، ثم سوف ارميك بالبحر ، وادفن اطرافك هنا المحطة الاخيرة قابلة للتغيير"
اصبح فهد يرتجف بهيستيرية ويبكي لماذا؟ لانه يعلم ان وسام لا يكذب ولا يمزح ، خاصةً حينما يقول سير رحلة التعذيب وهو ينظر بهذه النظرة الدموية وهذا الصوت الذي يشبه بفحيح افعى تلتف حولك ، افعى بل تنين هذا ما كانت عليه هالة وسام .
اشار وسام للرجال لتبدأ هذه الرحلة
شعر وسام ان هذا التعذيب قليل ولن يشفي غليله لكنه اقصى ما يستطيع في الظروف الراهنة و رضي به وقرر انه سيتابع مافي باله في باقي اعضاء المجلس .
.
اما في المجلس
عقد الزعيم اجتماعًا طارئًا اجتمعت به كل الاطراف
"للاسف ايها الاخوة والاخوات نحن فقدنا جلاد المجلس فهد "
قال ماجد بدون ادنى تعبير للحزن كانها كلمات عليه ان يقولها فقط
قالت ريناد باشبه ما يكون تسرعًا
"هذا الطفل تخطى حدوده علينا ايقافه "
قال فاهد الذي ينقل نظراته حول الحاضرين بهدوء
" انا اتفق مع ريناد "
نظرت ليان حولها وقالت بهدوء
"اليس من الافضل ان نضمه لنا بدل محاربته ؟"
نظر ماجد لليان وقال بلمعان اهتمام بعينه
"مالذي تعنينه ؟"
"اعني نحن فقدنا جلاد المجلس ، لنحضر قاتله على انه الجلاد الجديد ويصبح بصفنا ونضمن انه لن ينقلب ضدنا"
كان هناك وجه متوتر بالمجلس قال بصوت خفيف
" كلا ، علينا قتله بسرعة "
هذا هو فارس الذي تحدث بتسرع لكن بصوت شبه واضح
"الست تبالغ يا سيد فارس ؟ نحن لم نعرفه الا من فهد ، الا يعني هذا ان فهد كان يفعل شيئًا جعل وسام يقتله ؟"
قال خالد بجلسته المعتدلة وكلامه المنمق
"انا ارى انه من الافضل التخلص منه "
"اما انا فأرى ان نجعله قبضتنا "
انشق مجلس العظماء لشطرين في هذه اللحظة والحيرة منتشرة بالاجواء ولا يزال ماجد لا يبدي اي اهتمام
.
#الماضي
"الا يمكنك ان تكون ظلي بدون ان تلتصق بي هكذا ؟"
"انا ارى انه من الجيد ان يكون هناك شخص لحمايتك ايها الرئيس "
"تبًا لا تنادني بالرئيس هذا يثير اشمئزازي "
"اعتذر ايها الرئيس "
"فقط ابتعد عني "
قال وهو يدخل الشقة التي اعطتها الاستخبارات لهم ليقطنو بها خلال هذه الفترة
"اذًا ماهي مهمتنا "
قال وسام وهو يجلس على السرير ببطئ
" علينا تصفية بعض الاشخاص وملاحقة اخرين ، لدينا شهر تمامًا لاتمام هذه الاربع مهمات ، وبعدها سيمكنك لقاء عائلتك مجددًا"
امسك وسام بملف المهمة برفق وبدأ يقرأ المعلومات بخفة ليخزنها بعقله الذكي وينهى هذه المهمات بسرعة .
.
#الواقع
حدق وسام بجسد فهد الذي تصفى من الدماء وحدق بيده التي اصبحت مليئة بالبثور نتيجة هيجانه بالسوط على جسد فهد ، بصراحة طوال هذا الوقت وسام كان سارحًا في الماضي والالم .
جلس على الكرسي امام جسد فهد وقال بهدوء
" ارمو اطرافه في المجاري وارموه هو بالبحر "
تغاضى عن خنق فهد ليس رحمة له بل لانه لم يعد له قوة على الحراك ، كان متعبًا جدًا ومحطمًا للغاية .
وهكذا مات اول فرد بالمجلس على يد بطل العدالة هذا
#انتهى
أنت تقرأ
Crime
Misterio / Suspensoالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...