الفصل السادس : بزوغ الفجر (113)

29 2 0
                                    

113
الفصل السادس : بزوغ الفجر
الموسم الثاني
البارت الثالث عشر بعد المئة
يفتح عينيه ، وهو يشعر بدفئ فراشه ، اخذ دقائق لاستيعاب اين هو ، ثم تحرك من السرير ، غسل وجهه واسنانه وحلق ذقنه ، خرج من الشرفة ليرفع السيجارة لفمه ، يشعلها ، ويدخن بسرحان ، داخله مشتت ، وذكريات كثيرة تداهم رأسه وصور كثيرة لعل اهمها عندما ارتخى اخوه بين يديه ، مضرجًا بالدماء ، ارتجف جسده و سحب سحابة دخان اخرى لصدره ، التفت لصوت الباب ، اطفأ سيجارته في المنضدة ، واتجه للباب ، فتحه و وجد الحارس ، تنهد رائد وتحدث
"مالامر ؟"
"لدينا جولة ترفيهية مقدمة من السيد صافي ، نرجو منك الانضمام لنا "
"دعني ابدل ثيابي "
واغلق الباب ، غير ثيابه ، لثياب بسيطة ، بنطال ازرق غامق وقميص باكمام طويلة ذو لون ابيض ، وخرج من غرفته بعد ان وضع كل احتياجاته في جيبه .
واستقل المرسيدس وهو منزعج ، حتى توقفوا عند مطعم فاخر ، بنوافذ زجاجية عملاقة ، و اثاث ابيض واسود واضاءة الشمس تطغى على الانوار ...
"عندما تدخل يا سيدي ، ستجد حجزًا باسمك ، سنكون ننتظرك هنا "
تنهد رائد وترجل من السيارة واتجه للمطعم ، دخل ليتجه للنادلة
"المعذرة هناك حجز باسم رائد محمد "
"نعم اجل ، من هنا يا سيدي"
تبع رائد النادلة حتى وصلا لطاولة وبانت على النادلة ملامح التوتر ، شاهد امرأة
ليست كأي امرأة ، قد تكون اجمل امرأة شاهدها في حياته ، حسناء باهية الجمال ، بشعرها البني الذي يشابه لون البندق وطوله الذي يصل الى منتصف ظهرها ، وعيونها الزرقاء الفاتحة التي تميل للرمادي ، وجهها الصغير بملامحه الطفولية والحادة في آن واحد ،شفتيها الحمراويتين بفعل احمر الشفاه ، وثيابها الانيقة ...
"المعذرة يا انسة ، هذه الطاولة محجوزة للسيد المحترم"
تحدثت النادلة بالفرنسية فلم يفهم رائد تحديدًا ، جُل ما فهمه هو ان الفتاة كانت جالسة مكانه ، جاء يتحدث عندما وصل لمسامعه صوت الفتاة ، الانثوي ، المبحوح ، بالغ الجمال
"المعذرة هذا مكاني وقد حجزته من قبل "
عندما كانت النادلة سوف تعترض اوقفها رائد متحدثًا بالانجليزية
"لا بأس ، سوف اجلس هناك "
"اعتذر جدا يا سيدي"
اومأ رائد وجلس في المقعد ، ورفع عينيه للفتاة التي صادف انها كانت تنظر اليه ، توتر رائد وابعد عينيه وامسك قائمة الطعام ، ابتسم عندما شاهد قائمة شرائح اللحم ، ثم تنهد وطلب عجة بيض وقهوة سوداء ، تناول طعامه و رفع عينيه لطاولة الانسة ، واكتشف انها غير موجودة .
بانت خيبة الامل في عينيه لكنه تحرك من كرسيه ، وخرج من المطعم بما ان الافطار كان على حساب صافي ..
خرج ووجد الرجال ينتظرونه بالسيارة ، خلسة ركض للزقاق بجانب المطعم ، وخرج من الجهة الاخرى ، لشارع مزدحم ، مليئ بالناس الذين يرتدون ثيابًا غالية وانواع واشكال البشر ، بدأ بالتجول وهو ينظر حوله ، يتسكع وهو مستمتع بالجو الجميل ..
التفت بجانبه واذ هو يرى محل ورود ، بمنظر جميل ، قدماه جرته للدخول ، رائد لا يحب الورود ، ولكن شكل المحل جذبه ، دخل المحل وياللمفاجاة ، وجد الانسة الجميلة التي شاهدها بالمطعم ، ارتبك رائد وبتوتر التفتت للبائعة وطلب منها باللغة الانجليزية باقة صغيرة ، لم يعلم مالذي يجدر به فعله ، هل يخرج ام يهرب ام يسأل الانسة عن اسمها ، اخذ الباقة ودفع ثمنها وخرج من المحل بسرعة وابتعد عنه وهو يسرع بمشيه ..
ثم ادرك انه ابتعد كثيرًا ، والتفت حوله حتى شعر بيد تسحب بنطاله ، انزل عينيه واذ بفتاة صغيرة فرنسية بريئة تحدثت بالفرنسية .
تنهد رائد وهو لم يفهم منها كلمة لكنه مد لها الباقة الصغيرة ، وربت على رأسها ، شاهد بريق الفرحة في عينيها ، كل ما فهمه من كلامها انها تشكره بالفرنسية
ابتسم رائد وتابع سيره ، ثم تنهد واوقف سيارة اجرة ، وطلب منه ان يوصله للفندق ، وارتخى على الكرسي وهو يحدق بالشوارع ، حتى وصل ، فتح الباب ودفع المبلغ ، ونزل عندما التفت لسيارة الاجرة بجانبه شاهد ذات المرأة ، شك رائد لوهلة ، هل كل هذه الصدف معقولة ..
تجاهل كل شيء وسار للداخل ولاحظ انها بجانبه ، شعر بالتوتر ، ضغط زر المصعد وهي بجانبه دخل المصعد وهي معه واغلق باب المصعد ...
تنهد رائد و سمع ضحكة الفتاة ، هذه اول ضحكة يتمنى رائد ان يسمعها كل يوم ، ان تطرب اذنيه مثل موسيقى اوبرا اخاذة ..ثم سمع صوتها وهي تتحدث بالانجليزية
"هذا مضحك نحن نلتقي من الصباح هكذا صدفةً"
ابتسم رائد واومأ
"اجل ، هذا امر غريب "
فُتح باب المصعد ووجد كل من رائد والفتاة انهما يقطنان بنفس الدور وبغرف مقابلة لبعضهما البعض ، ابتسم رائد وقال
"المعذرة"
التفتت له الفتاة قبل ان تغلق الباب
"ايمكنك تناول العشاء معي اذا لم تكوني تمانعي"
سكتت قليلا الفتاة والابتسامة على وجهها
"دعني افكر "
"اذا نلتقي عند التاسعة"
"سوف انتظرك"
اومأ رائد واغلق باب الغرفة ، فتبادر الى ذهنه من في الوطن ، وتوسعت عينيه عندما تذكر ، ضرب جبهته وهو يقول في نفسه
"كيف سهوت عن هذا!!"
رفع هاتفه واتصل على سياف
[رائد! اخيرا اتصلت مالذي حدث معك]
"سياف انا اسف حقا ، لقد انشغلت ولم استطع الاتصال بك"
[سوف نتفاهم في امر تأخرك لاحقا ، ابلغني بالوضع]
"اوه نعم ، لقد سألوني عن علاقتي بوسام فقلت اننا فقط اصدقاء وسوف اقطع علاقتي معه ، ثم تحدثت مع الرؤساء مباشرة ووضعوا نادية امامي وطلبوا مني قتلها اثبات للولاء "
[و؟]
"قتلتها ، لم يكن لدي خيار اخر "
سمع رائد تنهد سياف من الجهة الاخرى ثم قال
[ارتح الان سوف نتناقش حين عودتك ]
"مهلا سياف ، مالذي حصل مع وسام ؟"
[لم يصلني التقرير بعد ، اخر ما اعرفه ان مؤشراته الحيوية مستقرة ولازال نائمًا ]
"حسنا ، هذا جيد "
[ارتح الان ولا تقلق ، وداعًا ]
واغلق سياف الخط ، تنهد رائد والقى هاتفه واتجه للشرفة ، واخرج سجائره ليدخن حتى تحين التاسعة..
.
‏9:00PM
خرج من غرفته وطرق باب الانسة ، لتخرج مرتديةً ملابسها الانيقة ، بفستان احمر ضيق وفرو ابيض يحيط كتفيها .
"شرف لي استضافتك على العشاء انستي"
ابتسمت
"لا داعي ان تكون رسميًا كثيرًا "
ومشت معه حتى مطعم الفندق ، جلسا مقابل بعضهم البعض وسأل رائد المتوتر اولا
"لم تخبريني عن اسمك "
"اجل نسيت ، انا ڤيونا كارتون "
"تشرفت بمعرفتك انسة ڤيونا ، انا رائد "
"من اللطيف التعرف عليك سيد رائد "
سكت كلاهما عندما اتى النادل واخذ طلبهما ، وبانت على عيون رائد نظرات الحنين حينما طلب شريحة لحم مطهوة جيدًا و عصير عنب بدلا من النبيذ ...
"حدثني عنك يا سيد رائد "
"حسنا انا مدير شركة مقاولات ، اتيت هنا لتنسيق شراكة مع مؤسسة اخرى "
لمع بريق من الاعجاب في عيون ڤيونا
"هذا مذهل ، لم يبدو عليك ذلك"
ابتسم رائد عند ملاحظتها و اردف
"ماذا عنكِ ، ماذا تعملين ؟"
"انا مصممة ازياء ، فرع محلي الاصلي في ايطاليا لكني افتتحت المقر في باريس وسوف افتح فرعًا في مدريد "
"هذا رائع اتمنى ان ينجح عملك "
"شكرا جزيلا ، دعنا لا نتحدث عن العمل ، اريد التعرف عليك اكثر "
سكت رائد قليلا ثم قال
"حسنًا ، عمري 31 ، كم قلت آنفا اعمل مدير شركة مقاولات ، وانا اعيش في مدريد "
"هذا رائع ، اذا سنرى بعضنا البعض كثيرًا في مدريد "
"اظن ذلك "
"لدي فرع جديد في مدريد وسوف تصمم المبنى امرأة مبهرة في الفن ، مديرة شركة WK للتصميم الداخلي ، اتعرفها "
ابتسم رائد بورطة يخفيها ، كيف لا يعرف هذه الشركة ، وهل يخفى القمر ؟
"كلا لا اعرفها "
"انها شركة لسيدة جميلة تدعى كارما ، انها فنانة ، وقد تزوجت في سن صغيرة يالهذه المضيعة"
"ربما تزوجت شخصًا يستحقها ، على اي حال كم هو عمرك انسة ڤيونا ؟"
"انا في التاسعة والعشرين من عمري "
"اشعر اني عجوز "
"كلا الثلاثين هي بداية الحياة الحقيقية انا مؤمنة بهذا "
ابتسم رائد لمجاملتها و سمع هاتفه يرن فرفعه ليرى المتصل وشاهد اسم كارما يتوسط الشاشة ، بانت على ملامح الشاب الوسيم معالم الحيرة
"اعذريني انسة ڤيونا ، مكالمة مهمة "
"تفضل "
وقف رائد واتجه لزاوية المطعم
"اجل يا اختي "
[اخي رائد ، صدق او لا تصدق وسام حرك يده وهو نائم ، الطبيب يقول سوف يستيقظ بعد ساعات قليلة ]
"انتِ جادة !"
[اقسم لك ، اكاد اقفز من سعادتي ، اتحرق شوقًا لأن اراه واقفًا يلعب كرة القدم في الفناء ]
"تبقى القليل يا اختي ، ساعات ويكون مستيقظًا "
[هناك امر اخر ، انا خائفة من التحدث فيه واحتاج المشورة ]
"كلي اذان مصغية"
[اخي رائد ، انا احمل طفلا الان ]
"عفوًا ؟"
[انا اكتشفت انني حامل بالامس ، اشعر بالخوف والقلق ، ماذا افعل هل اخبره فور استيقاظه ؟]
"كلا كلا انتظري ، اذا اخبرته الان سوف ينهار ويحمل نفسه عناء وحملًا زائدًا ، انتظري حتى يأتي الوقت المناسب "
[حسنا سوف انتظر ، انت متى ستعود من باريس ؟]
"طائرتي غدا في الثامنة صباحًا "
[جيد ، اتمنى ان تصل بسلام ، الى اللقاء ]
"الى اللقاء "
اغلق رائد الخط وهو يشعر بدفء ان تسأل اخته عنه ، وان يكون هناك شخص يطلب منه المشورة في امور حياته ، ان يحظى باخوات صغار هو امر لطيف حقًا ..
عاد رائد للطاولة و عينيه مشرقة
"يبدو انك حصلت على خبر جيد "
"بل خبر مذهل ، اخي المريض تحسن ، واختي ستنجب طفلا"
ابتسمت ڤيونا لرد فعل رائد
"كم لديك من الاخوة؟"
"اوه امم ، في الحقيقة هؤلاء اشخاص اعتبرهم اخوتي ، احدهم مريض للغاية واضطرت لتركه والقدوم لهنا ، اما اخي الحقيقي فقد توفي منذ ٩ سنوات جراء مرض عضال"
"انا اسف لتذكيرك ، اتمنى ان يتحسن اخوك "
"انا ايضًا اتمنى ذلك "
"بالمناسبة سيد رائد ، هذا هو رقمي ، لنستطيع التواصل في مدريد "
"عندما تصلين لمدريد اتصلي بي ، لاحجز مطعمًا لعشاء فاخر "
ضحكت ڤيونا واومأت
.
فتح عينيه ووجد نفسه في بستان اخضر ، وقف على قدميه وهو يتسائل عن مكانه ، التفت حوله ومشى بين الاشجار والاعشاب ، حتى وصل لطاولة ، تجلس عليها سيدة جميلة ، على ملامحها القليل من التجاعيد ، وعيونها الرمادية براقة ، شعرها اشقر منساب على ظهرها حتى وصل لنهايته وعلى كتفيها شال صوفي رمادي ...
"بُني "
تفاجأ وسام والتفت حوله مجددا ثم اقترب منها وبصوت مرتجف
"امي؟"
اومأت و وقفت لتمسح على وجهه وتربت على شعره وتلمه في حضنها بلهفة الامومة ، وتقبل خده و رأسه مرارًا وتقول ...
"انا اسفة انا اسفة ، كنت استطيع حمايتك لكنهم اخذوك مني واخذوني منك "
"ا- امي ، هل انا مت !"
"كلا يا عزيزي ، لقد اشتقت اليك كثيرًا ، وانت قد كبرت كثيرا ، لقد مررت بالكثير انا اعلم "
اومأ وسام وانسابت دمعة من عينيه
"اجل لقد مررت بالكثير ، كثير جدا "
واحتضن والدته وعانقها بشدة ، شعر بالدفئ والحنان الذي لم يشعر به ولو لمرة طوال حياته ، هذه نادية ، هذه والدته التي انتظرها كثيرًا ...
توقف الوقت عند وسام عندما سمع صوت اطلاق النار والرصاصة التي اخترقت ظهر والدته
"كلا امي امي !"
رفع عيونه للمكان الذي جائت منه الرصاصة وشاهد سامية منتحلة الشخصية ، ثم رأى سامية تموت لكن لم يعرف من قتلها ...
كل ما سمعه هو صوت والدته وهي تهمس بالاسف له
وقتها فتح عينيه ، وهو يقول بصوت مفزوع
"امي!"
ثم استوعب انه في المشفى بالاضاءة الخافتة بالغرفة ، وجهاز الاكسجين فوق وجهه ، والمحلول المشبوك بيده واجهزة تخطيط القلب ، وكارما وهتان الذين وقفوا بجانبه ..
جاء يتحدث لكنه سعل ، سعل كثيرًا لدرجة الاختناق وبعد مدة هدأ وكارما تربت على كتفه
فتح فمه وبصوت مبحوح ومتعب
"مالذي حدث ؟"
ابتسم هتان عندما شاهده يتحدث اخيرا ، ايقن انه بخير
"لم يحدث شيء ، كيف حالك ؟"
"انا مُتعب "
جفل هتان الذي ولأول مرة يصارحه وسام بتعبه
"اين وسن ؟ اين الشباب ؟"
"الجميع بخير ، لقد انقذت الجميع يا اخي "
#انتهى

Crime حيث تعيش القصص. اكتشف الآن