131
الفصل السابع : العاصفة
الموسم الثاني
البارت الواحد والثلاثون ومئة
جلس بعد ان اعاده الالم لرشده ، الم ذراعه ، ايقظه من سكرته ، نظر حوله ولم يجده ، لم يجد لا جثة ولم يجد شخصا واقفًا ينتظره ليستيقظ ، خاف رائد ، خاف كثيرًا ، لم يشعر حتى انه فوق نقالة الاسعاف ، ولم يشعر انه كان بعيدا عن موقع الانفجار ، كل ما رآه هو حريق بعيد ، وصفارات سيارات الشرطة ، ومرشات الاطفاء ، الصراخ واصوات اللاسلكي ، كل الاصوات تتداخل ببعضها البعض ، ورأس رائد ينبض ، الالم الراسخ في ذراعه ايقظ ذهنه مجددا بعد ان كاد يتخدر .
همس وهو ينظر حوله ويرتجف
"و- وسام؟ ، هل مات مجددا؟"
"ايها القائد من الجيد انك مستيقظ!"
نظر رائد لنيار الذي قدم اليه وهو مبتسم براحة
"نـ نيار ، اين وـ وسام ، اين اصيب ؟ اهو بخير ؟"
عقد نيار حاجبيه من حالة رائد التي كانت غريبة عليه
"القائد انه-"
"رائد لقد استيقظت؟"
تنهد رائد براحة عند رؤية وسام القادم من بعيد ، على الرغم من الكدمات التي تملأ وجهه ويديه ، تحدث رائد بقدر ما يملك من هدوء
" لم تمت !"
" كيف ساموت؟ لقد سحبتني من شعري "
كان يضحك وهو يتحدث كي يثبت انه لا داعي للقلق ، مد وسام ذراعه وربت على كتف صديقه وقال
" لا تقلق وارتح ، سيكون عليك ادعاء المرض امام الانسة ڤيونا"
ضحك رائد وارخى جسده ليعود للاستلقاء على النقالة وهو يشعر بأن العالم يدور من حوله ، والاصوات تتداخل ببعضها لذلك اغمض عينيه ليستريح مجددا .
عندما اغمض رائد عينيه ، ازال وسام ابتسامته واعاد الجو البارد من حوله ، ونظر لنيار وقال
" انقلوه للمشفى فورا "
" ايها الزعيم يجب ان تعالج اصاباتك ايضا!"
"سكار،انا لا احب تكرار كلامي "
ومشى وسام تجاه سيارته متجاهلا ندائات نيار خلفه ، متجاهلا كل شيء ، الغضب الان يعميه والموت كان على بعد شعرة منه ، لذلك ركب سيارته ، وعاد لمنزله ، ومن حسن حظه انه لم يكن هناك احد بالمنزل سوا جده ، الذي نظر له وقال بعيون متفاجأة
"وسام! مالذي حدث؟"
نظر وسام لجده اثناء مشيه وقال وهو يركض لغرفته
"انفجرت قنبلة، علي الاسراع يجب ان اقابل العم دانيال ثم الحق برائد للمشفى"
"لحظة انتظر!"
.
فتح عينيه بشكل مشوش ، لم يعتد على هذا ، المستشفيات وهذه الرائحة ، لم يكن في هذا الموقف منذ مدة طويلة ، شعر بالضماد يلف ذراعه و رأسه ، نظر ليمينه ووجد كرسي عليه حقيبة وهاتف ، عقد حاجبيه واعتدل بجسده ، في المقام الاول لم تكن اصابات رائد حرجة ، ارتداد الانفجار افقده وعيه ...
شاهد ڤيونا تتدخل الغرفة وعندما نظرت اليه جالسا قالت بنبرة هامسة
"رائد!"
اقتربت منه وجلست بجانبه لتسأل
" هل انت بخير ؟"
" اجل نوعًا ما ، كيف عرفتِ اني هنا؟ "
"اتصل بي نيار "
اومأ رائد ، ثم وضع رأسه على كفه وهو يفكر ويحاول استرجاع ما حدث ، ثم رفع رأسه وسأل
" اين هاتفي ؟"
" لقد تهشم "
نظرت ڤيونا لرائد الذي يبدي نظرة مشوشة ، وبهدوء اقتربت منه وعانقته ، ربتت على ظهره لتريحه ولاحظت انه اتكئ برأسه على كتفها بدون كلام ، ايقنت ڤيونا انه لم يكن معتادا على هذه الامور وانه الان كان حقا حائر الذهن ..
كان رائد يفكر ، مالدافع الذي جعل الوغد الياباني يفجر المركز التجاري هكذا ؟ مالخطأ الواقع في خطتهم المحكمة ؟ ومالخطوة التي قد يتخذها وسام وهو في اوج غضبه ؟ ، ثم سمع طرق الباب ورفع رأسه عن كتف ڤيونا وابتسم لها ثم سمح للطارق بالدخول ، دخل جناد وهو يمشي متثاقلا
" كيف حالك ؟"
" انا بخير ، اين وسام ؟"
رفع جناد كتفيه بعدم معرفة وقال بهدوء
"نيار يلحق به ويبدو انه عند الزعيم دانيال "
"مالذي يخطط له يا ترى !"
.
نظر دانيال بالشاب الجالس امامه ، بالخدش المؤلم الواقع على عظمة خده اليسرى ، يحدق به بحزم وكأن هناك كرات نارية محترقة بعينيه الخاوية من اي شعور انساني ...
"وسام ، انت تعلم اننا لن نستطيع قتل هيروشي مباشرة؟ ذلك سيدمر كل خططنا ويجعل الملك غاضبا ويلاحقنا ، ليس انا وانت فحسب ! بل وجميع من نحب "
اعتدل وسام بجلسته ، ورفع قدمه فوق الاخرى ليجلس بقدمين متقاطعتين وقال
"لا اخطط لقتله بشكل مباشرة ، ولا اخطط حتى لجعلهم يكتشفون انني من تسببت بموته "
"كيف ستفعل ذلك ايها الغر ، كيف ستخدع عيون ملوك المافيا جميعهم ؟"
مد وسام اصبعه ليشير على دانيال
" لدي انت يا عمي ، انت تعرف شخصًا او اثنين قد يكونان مفيدين في ايقاع الفأر بالمصيدة "
ابتسم دانيال وهو يحتسي الشاي الاسود المخمر ، كان يبدو مستلذًا بتلك المرارة والحلاوة التي تداهم فمه بآن واحد.
"انت محق ، اعرف شخصا ، لكن هناك عدة مشاكل بشخصيته "
"صدقني ، استطعت التعامل مع مجانين مهووسين بالقتل ، لا اظن اي شيء سيقف عقبة في طريقي"
ثم قال بهمسة ، الغضب بادٍ فيها ، ومشاعر الانزعاج والكره عارمة ..
"لاقتلن هذا الكلب الياباني ، ولن يعرف اي احد في هذا الكوكب انني من قتله باستثناء ثلاثة اشخاص ، انا وانت والمجنون الذي سيصبح الشريك الجديد "
ضحك دانيال الذي كان معجبًا بجرأة هذا الشاب ، ولوهلة تذكر نادية التي كان الغضب يجتاحها بسرعة ، وبدلا من ان تحاول الهدوء تفكر بطريقة للانتقام ..
"وسام ، السر الذي يعرفه اكثر من اثنين ليس بسر "
"اذا فهو مخطط ، مخطط مجهول المصدر ، مؤامرة اخطها بيدي انا "
.
حدق هتان بالسقف ، راجع اخطائه ، هل كان سيكون مستعدا لمواجهة موت وسام و رائد الذي كان وشيكا اليوم ؟
هل كان سوف يسامح نفسه ان مات صديقه وهو منزعج منه ؟ عقد هتان حاجبيه من رغبة عارمة بالبكاء اجتاحت صدره ، فقط عند تخيل مشهد جنازة فظيع ، حيث مات صديقه ميتة بائسة لا يستحقها ، اهذا ما ينتظره ليتحرك ويحادث وسام؟ هل كان هتان سيكون سعيدا لو فعل وسام ذات الشيء معه ؟ بدأ هتان يستوعب سبب انزعاج وسام ، ومدى اهمية ما نسي اخباره له بحجة الانشغال .
نظر للامام وشاهد سمير يقلب في قنوات التلفاز وهو مستلق على الاريكة ، وابنته مستلقية فوق صدره
"سمير "
"اجل ؟"
"سوف اسالك سؤال واجب بكل صراحة ، اذا كان هناك شخص بحياتك تخبره كل شيء عنك ، كل صغيرة وكبيرة ، وفجاة تدرك ان هذا الشخص لم يخبرك بأنه كون عائلة ، على الرغم من انكما قريبين للغاية ، وانكما رفقاء بالسلاح ؟"
نظر سمير للسقف وهو يربت على ابنته
"اظنني سوف احزن وانزعج ، ثم سوف انتظر هذا الشخص ليبرر موقفه ، صدقني ، انه ينتظرك لتبرر "
" مالذي تعنيه ؟ انا لا اتحدث عني "
" اجل اجل هذا واضح "
.
وهو يمشي خلال ممرات المشفى ، شعر ان عقله فارغ ، شعر فجاة ان قلبه خاوي من كل شعور حزين كان ام سعيد ، وصل عند الغرفة ، وشعور الذنب يطعن دواخله ، كل اذى اصاب صديقه يظن وسام انه هو السبب فيه ..
طرق الباب ودفع الباب قبل سماع الاجابة ، شاهد صديقه واقفا بقرب النافذة ويكاد يشعل سيجارته ، وعندما نظر اليه اخفى الولاعة خلفه بسرعة ..
"لا تدخن بالمشفى "
دخل واستلقى على الفراش
"عذرا ، انا المريض هنا "
" المريض لا يدخن ، لذلك انا المريض لاني لا ادخن ، كما اني متعب للغاية ولو عدت للمنزل كارما سوف تستوجبني استجوابًا اسوأ من استجوابات رامي شخصيا"
ضحك رائد ثم نظر لصديقه خائر القوى
" اين ذهبت ؟"
" ابني خطط الانتقام ، انت متى سوف تخرج ؟"
"وقتما اريد ، اتريد الخروج ؟"
" اذا كنت تشعر انك بخير دعنا نذهب لاي مكان "
اومأ رائد وهو يشاهد وسام بغطي وجهها بيديه وهو يتنهد
كان اليوم عصيبا ...
.
تنهد نيار وهو ينظر للوحة الطوارئ ، الجندي المجهول المتعب كان جالسا ينتظر زعيمه ليخرج ليستمر بملاحقته ، لم يكره نيار هذه المهمة ، بل احبها ، لانه اعتبر نفسه اقوى حتى من ظل الزعيم ، اصبح شخص لا يفارق الزعيم ولا يستغنى عنه ، شعر نيار انه قد اصبح ذا اهمية وخصوصا بعد ان عاش حياته على الهامش...
نظر ليده ولاحظ الضمادة التي تغطي جرح عميق على كفه ، اصيب به وهو يُرمى بعيدا عن موقع الانفجار بعد ان حاول الدخول مجددا لاحضار وسام ورائد ثم تذكر كيف عاتبه وسام عندما علم بانه لحق بهم ، وامرهم الا يضع جسده في طريق الاذى لايًا كان ، شعر نيار بالدفئ ، بعائلة ، بإخوة...
رفع نيار ناظريه وشاهد وسام ورائد يخرجون وهم يتحدثون بهدوء وقف نيار ولحق بهم ثم اقترب من وسام وسأل بهدوء
"هل خضعت للفحص ايها الزعيم ؟"
" اجل "
كذبة
"انا بخير "
كذبة
"لا داعي للقلق"
كذبة
عرف نيار ان وسام يكذب لكنه لم ينطق باي شي يدحض كلامه ...
"كما تقول ايها الزعيم "
.
امام البحر على مقعدهم المعتاد ، جالسين وهم يحتسون الشاي بصمت اثقل ارواحهم ، كل منهم لديه اطنان من الكلمات في جوفه ، لكنه لا يعرف كيف يخرجها ..
"لماذا عدت من اجلي ؟"
لم يلتفت رائد عند صوت وسام المتسائل ، وقال وعيونه على البحر الذي يدفع امواجه التي تتلاطم على الصخور بقسوة ..
"لانك لا تستطيع الموت ، على الاقل بوجودي لن اسمح لك بتركي "
كانت مشاعر رائد كلها مختصرة في هذه الجملة ، يرفض رائد خسارة عائلته مجددا بعد ان خسرها مرة واحدة ، وعندما اعطاه وسام العائلة والدفئ والاخوة ثم ينتظر منه ان يتركه يموت بهذه السهولة ، كان قلب رائد ممتلئا بالامتنان الصادق والمحبة ، والولاء .
"لا تعصي اوامري مجددا "
ابتسم رائد في جملة صديقه التي قالها بنبرة منخفضة وحانية
"امرك ايها الزعيم "
لم يسمع هذا الحوار غير ثلاثة ، القمر والبحر ونيار ، الذي كان صامتًا وفي قلبه يجيب على سؤال وسام
'لماذا عدت من اجلي ؟'
كانت الاجابة التي في عقل نيار ابسط كثير مما يتخيل وسام
( لانك ستعود من اجلي )
اجابة نيار كانت مكبوته بصدره ، لكنه ابتسم حين ايقن ان الزعيم لن يغادر بهذه السهولة ، والموت لم يعد مهربا كما كان في السابق .
.
بعد اسبوع
أشبيلية 📍
11:00AM
"سيدي هناك رجل في الخارج يريد لقائك "
"من يكون ؟"
"يقول انه الزعيم دانيال ارسله "
عقد الرجل الجالس على المكتب حاجبيه ، بثيابه الرسمية السوداء وربطة عنقه الرمادية ، جسده مفتول العضلات ونظرته الثاقبة ، كان متوسط الطول .
"ادخله"
بعد ثوانٍ نظر في ظل الرجل نحيل البنية ، الذي يبدو اطول منه قليلا ، كان له عيون رمادية باهتة و شعر اسود مجعد ، كانت عيونه لامعة رغم لونها الباهت ؛ على وجهه الابيض الشاحب .
خلف هذا الرجل كان يسير آخر يراقب محيطه بحذر وهو ملتزم بظهر السابق ، حتى اصبح يخطو على ظله وكأنه يريد ان يكون مكانه ، في ظل هذا الرجل ، ايضا كان هناك رجلٌ ضخم ، هائل البنية ، له شعر وعيون سوداء وبشرة سمراء بعض الشيء .
وقف صاحب المكتب مرحبا بالمجهول الذي ما ان بان وجهه حتى عرفه ، حق المعرفة.
صافح القادم يد المرحب و عندما همّ بالتعريف عن نفسه قال صاحب المكتب
"اهلا بك ايها السيد الشاب وسام "
ابتسم وسام واومئ بابتسامة مريحة وهادئة
" سررت بلقائك ايها السيد آدم "
آدم تايمز ؛ مدير شركة قود قيم لالعاب الاطفال البلاستيكية في داخل اسبانيا ، وقائد عمليات توريد المخدرات من جميع انحاء العالم بعيدا عن اسبانيا .
كان معروفا بقيمه الاخلاقية العالية ، كما انه كان محطما خلال الايام القليلة السابقة بسبب فقدانه لزوجته ، كان وسام يفهمه ، اكثر من يعرف هذا الشعور هو وسام ، كان يبدو ان ادم لم يكن يحب وسام ، من نظرته ومحاولته للدخول لصلب الموضوع بسرعة.
"تفضل بالجلوس "
جلس وسام واستقر كل من نيار وجناد خلف وسام ، وهم بدورهم لم يكونوا يبدون حسن نية تجاه آدم .
اما وسام فكان يبتسم بأريحية وكأنه في نزهة وليس امام زعيم المخدرات في جميع العوالم السفلية .
في منتصف مدينة اشبيلية كان مكتب هذه الشركة في مبنى شاهق .
"دعني لا اضرب حول الادغال وادخل في صلب الموضوع ، انا اطلب تعاونك "
"عفوا ؟"
ابتسم وسام وهو يتحدث باستمرار وكأنه امر بديهي
" اريد تعاونك ، لدي بضاعة اريد تصديرها الى كوريا "
" ارفض"
توسعت ابتسامة وسام بدلا من العبوس وقال بهدوء
" اتريد الرفض قبل سماع باقي عرضي ؟"
#انتهى
أنت تقرأ
Crime
Mistero / Thrillerالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...