96
الفصل الخامس : مجلس العظماء
البارت السادس والتسعين
دفن اعز شخص لديه في المقبرة ، يا لها من مقبرة ، تسرق منه كل من يحب وتدمره ، ومثل الماضي يبكي ليوم ويصمد لدهر ، واقفًا محدقًا بشاهدة القبر ،
فجاة شعر وسام وكأن العالم يدور به بسرعة شديدة ، شعر بعدم استقرار دفع قدمه للعودة للوراء لكنه اساء حساب خطواته وانزلق جسده للخلف ورأسه يملأه الظلام ، وقتها شعر بيدٍ تشده من عضده ، حاول استعادة توازنه ونجح بذلك ونظر لرائد الذي دعمه وهتان كان ينظر اليه بقلق ، ربت وسام على كتف رائد دلالةً على كونه بخير ، لكنه بالحقيقة كان متعبًا للغاية كان يشعر بدوار وغثيان شديدين ، ثم بعد انتهاء الجنازة ومغادرة الجميع جلس وسام على كراسي المقبرة ومد له هتان قارورة ماء بارد ، تناولها وسام وشربها دفعة واحدة لعل دواره ينجلي لكنه عوضًا عن ذلك شعر بالدوار يزداد ، وكأنه سكران ، العالم يدور ، امسك رأسه في محاولة لاستعادة الثبات حتى شعر برجل غير هتان يقف امامه ، رفع راسه و رأى تابع للمخابرات
"الرئيس يريدك "
اومأ وسام ووقف متجاهلًا لحالة جسده المهلك ، وسار خلف تابع المخابرات وخلفه هتان .
.
طرق الباب ثم دفعه للداخل ورأى سلطان جالسًا ينتظره ووجهه شاحب ويرتدي الاسود ، كان وسام بدوره منهك وشاحب و متعب ، جلس امام والده وهتان ظل واقفًا باستعداد والباسل واقف بجانبه وبيده جهاز لوحي .
"من هنا تنتهي مهمتك"
رفع وسام رأسه والتقت عيونه الرمادية بعيون والده الزرقاء، وكلا العينين فاقدة للبريق ومظلمة
"كيف تنتهي المهمة؟ لم ينتهي شيء"
"الخطوة القادمة هي نادية ، ولست واثقًا لتركك تتعامل مع والدتك، الباسل سيتكفل بالامر، انتهت مهمتك نقدر لك اهتمامك بواجبك الوطني "
"واجبي الوطني؟"
"حماية الوطن هذا واجبك تجاه الوطن"
اومأ وسام وعلى فمه ابتسامة ساخرة ثم تابع سلطان وهو لا ينظر لابنه
"سيتم سحب جميع ممتلكات المخابرات الموكلة اليك ، فقط الفيلا التي تسكن فيها ستبقى معك حاليًا ، المستودع الجبلي ، الشركة، كل الممتلكات التابعة لنا سوف تسحب"
اومأ وسام وقال وهو يعتدل بجلسته
"تستطيع سحب كل شيء ، الا مهمتي ، سوف انهيها بالتاكيد "
"انت-!"
"لنضع كونك والدي على جانب ، لانك اساسا تنسى كثيرًا انك ابي ، انا لن اتوقف ، لن اخضع ، كونها امي وكونك ابي متشابهين للغاية ، كلكم متشابهين ، كلكم جاحدين ، لذا انا ذاهب ولن تستطيع ايقافي"
وقف وخرج بدون ان ينظر للخلف وتابعه هتان بسرعة بعد ان نظر مرارًا للخلف وشاهد ابتسامة سلطان الحزينة وسمع الباسل يقول
"لقد تحرك بالطريقة التي توقعناها يا سيدي "
ثم لاحظ ان وسام ابتعد كثيرًا فلحق به ، ثم شاهده يقف عند السيارة ، وفتح الباب ، نظر لهتان وقال بنظرة مهددة
"اياك ان تتبعني يا هتان "
وركب السيارة وانطلق بدون ان ينظر للخلف وصوت الاطارات تردد صداه في المكان
"هذا الغبي "
قال هتان وهو يركض ليستعير سيارة ويلحق به بسرعة ، رفع هاتفه و ضغط عليه بسرعة وهو يركض وضعه على اذنه وقال بدون ان يسمع الترحيب
"رائد ، احضر الحُطام وتعال للموقع الذي سارسله لك"
.
توقف وسام اخيرًا امام فيلا بيضاء عملاقة مطلة على البحر ، كان سيخرج مسدسه لكنه رأى سيارة تتوقف خلف سيارته وتابعتها سيارة كبيرة
نزل هتان من السيارة الاولى وقال
"اتعتقد انك تستطيع فعل كل شيء وحدك ايها الغبي "
نظر وسام لهتان وقال
"لعلي صرت اخشى عليكم كثيرًا "
"لا تخشى علينا ، خف على نفسك ، اقلق على ذاتك المجنونة "
"هل سوف تعيدني بعد ان وصلت الى هنا ؟"
"كلا سوف ادخل معك "
واحتضنه بشدة بادله وسام وقال له
"لا تقلق هتان ، انا بخير "
وقفت فرقة الحطام امام وسام مدججين بالعتاد ورائد الذي كان حاضرًا للمشهد وقلبه يكاد يتمزق على صديقه العزيز ،فوقف امامهم وقال بحزم
"هل هناك خطة؟"
"انطلق بجموح ، لا تدع احدًا يعيش ، واترك لي امر نادية"
اومأ رائد واشار لفرقته لتبدأ بالمداهمة ، في هذه اللحظة كان رائد والحطام يمثلون الاستخبارات ، ووسام يمثل نفسه كبطل للعدالة ، خارج عن الاوامر ، يتصرف كيفما يشاء ، دخل بدون ان يلقي بالًا للعواقب ، لن يهتم للذي سيحدث ، سوف ينهي الامر بالتاكيد .
دخل ولم يكن معه غير مسدس ، مشطين ، واصدقاء يشبهون مضادات الدبابات من قوتهم .
.
اصوات الرصاص العالية ، جعلت نادية تقف بسرعة وتنظر من النافذة ، لكنها لم ترى شيئًا ، شعرت بالخوف ، لذلك خرجت بسرعة من غرفتها وبيدها مسدس ، سمعت اصوات حراسها الساقطين المتألمين ، لكن بعد عدة طلقات اختفت اصوات الالم، لم يعد غير الصمت ، شعرت بحركة من خلفها ، رفعت المسدس بسرعة والتفتت لتراه ، واقفًا بعيونه الحزينة ، و بيده الثابتة التي يحمل بها مسدسًا في وجهها ، بملابسه السوداء التي لم يكن فيها تجعيد واحد ، كانت تشبهه بالسواد.
"وسام ، انزل مسدسك "
هز رأسه بالنفي وقال
"انتِ لستِ امي ، وهو ليس ابي ، جميعكم انانيون "
"وسام بني ، انا والدتك "
اومأ بسخرية وقال
"انتِ وهو كلاكما السبب ، انا لن اسامحكم ، يستحيل ان اسامحكم "
انزلت نادية مسدسها وقالت وهي تقترب منه
"انا اعتذر يا بني ، كان خطأي لعدم فهمك ، والدك اجرم في حقك كثيرًا "
سمعت نادية صوت ناس تقترب ، التفتت لجانب الممر لتجد الباسل ، عرفته جيدًا لانه كان متواجدًا بالمطعم ، وشاهدت هتان ورائد يقفون خلف وسام وينظرون لها بنظرات متقززة
"وسام ، انت لن تتخلى عني صحيح ، انا امك بالنهاية "
اقترب منها وسام واحتضنته هي لتنظر للباسل بنظرة منتصرة وتقول
"كنت اعلم انك لن تتخلى عني"
ثم لاحظت الباسل الذي يبتسم بشدة وشعرت بجسدها ينتفض ، لان ابنها امسك يدها ولواها و كبل يديها وقال
"لست اقتلك لانه ليس من مصلحتي ، لم يحن قلبي ولا لانملة ، هذا لانكم لا تستحقون قلبي"
ظلت نادية تحدق بابنها بصدمة ثم شعرت بجسدها يتم سحبه من قبل الباسل ورجاله الى المجهول ، ربما المشنقة وربما الزنزانة.
.
ربت رائد على كتف وسام وغادر ليعطي الحُطام تعليماته ، التفت هتان لوسام الذي جلس على الارض
"مالامر؟"
"لا شيء ، انا بخير "
"انت لا تبدو بخير "
"اذا توقف عن النظر يا هتان "
سكت وتنهد ومسح وجهه ، والضيق يلازم قلبه ، الم شنيع يطعن دواخله
"وسام وسام "
رفع رأسه لكنه وجد هتان ينظر من النافذة ولا يتحدث ، نظر حوله ليسمع مجددًا
"وسام"
نظر للامام ليجده واقفًا مبتسمًا
"احسنت صنعًا "
حدق بعدم تصديق وقال
"اسامة "
وقتها التفت هتان ورأه ينظر للفراغ وينادي باسامة ، ثم شاهده يقف ويقترب من الجدار الخالي وهو يمد يده المرتجفة ويهمس باسم اخوه ، امسكه هتان واحتضنه وقال
"استيقظ يا وسام ارجوك"
"كان واقفًا هنا اقسم لك ، كان يقول انني احسنت صنعًا "
هنا دمعت عيون هتان عليه وهو يقسم انه رأى اسامة .
.
يجلس في غرفة الجلوس ، وهناك الكثير من الناس بمنزله ، جلست وسن بجانبه وقالت
"اخي ارجوك ، كُل شيئًا "
"لا اريد "
تنهدت وسن عندما رأته جالسًا ضامًا رجليه الى صدره ويحدق بالفراغ ووجهه شديد الشحوب ، تقوم وسن من جانبه وتقول لكارما التي كانت ترتدي الاسود تراقب من بعيد
"حاولي ان تطعميه انا ساكون مع الناس الذي جاؤوا للتعزية "
اومأت كارما وعندما شاهدت وسن تخرج جلست بجانبه
"لماذا لا تبكي ؟"
"اتريدين رؤيتي ضعيفًا "
"اريد رؤيتك تعبر عن مشاعرك ، لا تكتمها لكي لا تتأذى "
"كارما دعيني وحدي "
"كل اولًا "
"دعيني وشأني ارجوكِ"
"وسام ، تناول طعامك ، لكي لا تبدو ضعيفًا ، لكي لا يغمى عليك ، لكي لا تكون فريسة ، كُل هذا ثم اذهب للجحيم "
نظر وسام لكارما وطريقة مواساتها الغريبة ، رغم كلامها القاسي الا انها كانت تربت عليه بحنان ، تناقض شنيع بين الفعلين
.
جلست وسن وهي تقبل تعازي الناس و امنياتهم ، قلبها يوجعها ، اخوها مات ، ووسام في حالة غريبة منذ الجنازة ، وهي تحاول الصمود لكنها تنهار فجاة ، وقفت امامها وقالت
"تعازيي "
"شكرا لك "
عندما نظرت لها شاهدت وسن صديقة قديمة اخر لقاء بينهما كان في سنوات الجامعة ، صديقة بشعر بني وعيون زرقاء بنفسجية وبشرة مائلة للاسمرار
"اوركيد ، اين كنتِ طوال هذه المدة؟"
"اتجول في الانحاء ، اسفة لما حدث لاخيك "
اومأت وسن ثم التفتت وهي تسمع هتان قادم يقول
"وسن ، تعالي قليلًا "
ثم لاحظ هتان اوركيد ، عرف هذه الانسة ، زميلة في المعسكرات الاستخباراتية ، قابلها مرارًا ، وعندما شاهدها استغرب قليلًا لكنه تجاهل وتابع الحديث لوسن بشان وسام .
وهي الاخرى نظرت لهتان وتوسعت عيونها بصدمة ، شعرت بالتوتر لان يُكشف امرها ، لم تعلم هل تهرب ام تبقى ، لكنها عندما رأت هتان يغادر ، وشاهدت ايضًا الباسل يدخل المنزل هدأت وجلست بجانب وسن التي كانت تبتسم رغم الرجفة الخفيفة التي بيدها ، وشحوب وجهها .
جلس الباسل قليلًا ثم وقف واتجه لهتان الذي كان واقفًا بجوار المطبخ ، وقف الباسل امامه وقال
"كيف حالك ؟"
"بخير ، انا جيد لكنه ليس كذلك "
"لدي سؤال وعليك ان تجيبني الان "
اومأ هتان واعتدل بوقفته ليضرب الباسل بسؤال صعب
"بعد ان انتهت المهمة ، هل تريد ان تبقى مع وسام ، ام تريد ان ننقلك لمهمة اخرى "
"برؤيتي للعميلة روبين هنا ، انا لا اعتقد ان المهمة انتهت"
سكت الباسل بتفاجؤ لم يتوقع ان يلاحظ هتان ذلك لكنه ابتسم وقال
"اذا هذا هو قرارك؟"
"سأبقى حتى اطمئن "
اومأ الباسل وربت على كتفه وغادر
التفت هتان واتجه لوسام ليجده جالسًا لوحده ولم يؤكل من الطعام الا لقمة واحدة .
جلس بجانبه وهو يراه لا يتحرك و لا يبدي اي ردة فعل .
.
دخل الباسل وجلس في غرفة الجلوس وهو يفكر في امر الاطفال وسام وهتان والجميع.
جلست زوجته بجانبه وهي تقول
" لابد انك تعبت كثيرًا ، انت تتنهد كثيرًا "
"بالفعل كان يومًا مرهقًا للغاية "
"استطيع ان ارى ذلك ، لكنك امسكت بنادية "
اومأ الباسل ونظر لزوجته وقال
"صحيح ، هذه كانت اخر خطوة في مهمة الاسود "
ربتت على كتفه بلطف
"ليان انا جائع هل يمكنك وضع الطعام "
"بالطبع يا عزيزي ، لكن على الخروج لمقابلة كارما بعد ذلك "
"لا بأس ، لانها الان مع وسام "
"الم تتوتر علاقتهم بعد قتله لماجد ؟"
ابتسم الباسل وقال
"بل انهم اقرب ، تلك الفتاة ذكية للغاية "
"انت محق "
#انتهى
أنت تقرأ
Crime
Bí ẩn / Giật gânالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...