76
الفصل الرابع : الملف الاسود
البارت السادس والسبعون
ينظر اسامة قليلًا لوسام ثم يسأل بهدوء
" اين زياد ؟"
يحرك وسام عينيه المرهقة حتى ينظر لعيون اسامة ويقول بصوت متعب للغاية
" قد حبس نفسه في غرفته "
" دعنا نذهب اليه "
يسكت وسام قليلًا ثم يومئ ويقف ولكن للحظة يختل توازنه ويتمسك بمكتبه بنظرة مشتتة
يلاحظه اسامة الذي وصل للباب ويعود اليه بعيون قلقة
" انت بخير ؟"
يرفع وسام رأسه ويومئ
" نعم لا عليك دعنا نذهب "
يمشي بهدوء خلف اسامة
بصراحة وسام كان مرهقًا للغاية رغم انه ارتاح قليلًا لكن تراكم الاشياء عليه وانهياره في المقبرة كل ذلك اتعبه ، كان يشعر بالدوار والاعياء ولكنه ظل صامدًا لكي لا يزيد حمل من حوله ، اما نفسيًا فوسام كان محطمًا تمامًا ، كل شعور بداخله تزعزع وبدأ يشكك في نفسه كثيرًا ، متزلزل الامان خائف من الايام ، دواخله ترتجف كفأر خائف لكن من الخارج ؟ هو فقط كأسد شامخ او ذئب وحيد ، صامدًا كما كان دومًا .
بالطبع كان هتان يتابع وسام من الخلف وعندما وصلوا للسيارة ركب هتان بمقعد السائق وركب وسام بجانبه والصمت كان السيد ، ليس لأحد قوة للحديث .
وبعد دقائق وصلوا الفيلا و ترجلوا ، ثم دخلوا المنزل
كانت وسن تجلس في الصالة بصمت كما هو حالهم
حالما رأت اسامة وقفت واحتضنته وقالت
" اخي ، انا خائفة "
مسح اسامة على رأسها ثم لاحظ وسام الذي ينظر اليهم
فتح اسامة يده الاخرى لوسام ، قبل وسام عناق اخيه بكل سرور ، تعانق الاخوة الثلاث لاول مرة .
بصمت فقط ولا شيء غير شهقات وسن وكأنما هي المؤثرات الصوتية لهذا العناق .
هتان كان يقف بجانبهم ويحدق فيهم بأسى
سابقًا هتان لم يكن ليهتم بكل هذا ولكن بعد كل هذه الاحداث ، هتان شعر بشعور قوي يدفعه للتقدم ، ليقف امامهم ويربت على اكتافهم وكأنه يواسيهم .
ابتعد وسام عن حضن اسامة وقال بعد ان ربت على رأس وسن
" دعنا نذهب لزياد"
اومأ اسامة وابعد وسن عنه وقبل رأسها وصعد مع وسام لغرفة زياد .
اما وسن ظلت تحدق بالفراغ لعدة دقائق ثم استوعبت مغادرة اخويها .
.
طرق اسامة الباب ودخل قبل وسام ونظر لزياد الذي يجلس على سريره بملابس النوم وامامه متعلقات لميس
" عل استطيع الدخول ؟"
نظر له زياد وضحك قليلًا ثم قال
" لقد دخلت اساسًا "
ابتسم اسامة وجلس بالكرسي امام سرير زياد و وسام بقي عند الباب
ينظر زياد لوسام ويقول
" وسام "
يجفل وسام ظنًا منه ان زياد سوف يهاجمه لانه يعتقد انه السبب بوفاة لميس
" علينا الانتقام من محمد "
رفع وسام رأسه لينظر لزياد ثم يقول بهدوء وبصوته المرهق
" محمد ميت ، قتله رائد في ذات لحظة الهجوم "
سكت زياد قليلًا ثم قال بعيون تلمع من الدموع المتحجرة
" اذًا ماذا ؟ سوف نظل حزينين هكذا ؟ "
اطلق وسام تنهيدة طويلة اجابةً على سؤال زياد
" علينا البحث عن فرحة ، لن اقبل بأن نخوض بالحزن كثيرًا "
نظر حوله قليلًا ثم لاحظ وسن التي وقفت بجانب وسام و وضعت رأسها على عضده لان هذا اقصى ما يصل اليه رأسها
" نعم ، بعد اربعين يوم بالضبط ، لنقم زفاف وسن وسمير"
وسام رفض وقال
" كلا هذا لا -"
" بل سنفعل هذا يا وسام "
يحدق وسام في زياد
" لكن -"
" ليس هناك لكن، اذا كانت للميس معزةً في قلوبكم افعلوا ذلك "
جفلت وسن وحدقت بزياد للحظة
" زيا-"
قاطع زياد وسام للمرة الثالثة وقال
" لا تعارض وقل حسنًا فقط ، هذا طلبي الوحيد منك"
سكت وسام دلالة على استسلامه
" دعوني وحيد ، اود البقاء وحدي "
نظر وسام في زياد ولاحظ رجفة شفتيه وبريق عينيه يعرف هذه الحالة ، زياد على وشك الانهيار.
خرج الاخوة الثلاثة من عند زياد والتفتت وسن للخادمة
" سيدتي هناك انسة بالخارج تود لقاء السيد زياد "
نظرت وسن في اخويها وقالت
" سوف ارى ما امرها "
اومأ الاثنين والتفت وسام لاسامة وقال
" هناك شيء اود مناقشته معك لنذهب للمكتب "
" حسنًا "
طوال هذا كان هتان متواجدًا .
.
بكى زياد واخرج دموعه وانتحب
فقد كل من تبقى له اخوه واخته
لم يكن يحمل وسام الذنب لكنه ايضًا كان شديد الحزن
وكانت كل الذكريات تداهمه ، يتذكر كيف كانوا يتاقتلون وهم اطفال ، وكيف يواسون بعضهم ، وكيف كانوا سعداء معًا .
بكى حتى نام من شدة تعبه ودموعه لم تجف على خديه
.
عند وسن التي نزلت لترى الانسة
رأت وسن انسة بشعر اسود قصير مجعد قليلًا يصل لمنتصف الرقبة ، عيون رمادية كما هو الالماس تلمع مع انعكاس الاضاءة ، وبشرة شديدة البياض وكأنها من الثلج ، ملامح صغيرة وحادة ، وجسم متوازن ، كانت ترتدي الاسود احترامًا للوضع .
اقتربت وسن و وضعت ابتسامة خفيفة
" مرحبًا "
ابتسمت الانسة وقالت
" اهلا "
" هل لي ان اعرف من انتِ ؟"
ابتسمت الانسة بحزن شديد وقالت
" انا كارما اكون صديقة لميس من الطفولة وجئت اقدم تعازيي لزياد "
" اه هكذا هو الامر ، زياد متعب للغاية الان لذلك لا يمكنك لقائه ، لكن تفضلي وتناولي كوبًا من الشاي لابد ان الجو كان باردًا بالخارج "
ابتسمت كارما في وجه وسن التي اتضح عليها الارهاق
" بالمناسبة انا وسن "
صافحت كارما وسن وقالت بابتسامة رقيقة
" تشرفت بمعرفتك انسة وسن "
" اسقطي الالقاب ودعينا نتناول كوبًا من الشاي بالداخل "
دعت وسن كارما للمجلس الداخلي لتناول الشاي الدافئ
.
وصلو للمكتب ثم التفت وسام لهتان الذي يتبعهم و ربت على كتفه وقال
" اخبر الخادمة ان تحضر لي طعامًا "
كانت هذه طريقة وسام لاخبار هتان الا يدخل وانه لا يريد ان يسمع نقاشهم
اومأ هتان بهدوء وتنحى
دخل الاخوين المكتب ، جلسا امام بعضهم وقال اسامة اولًا لوسام
" لقد مررت بالكثير "
سكت وسام وهو يشيح نظراته عن اسامة
" احسنت صنعًا "
سرعان ما اعاد نظرته لعيون اسامة البحرية التي تخبره بانه احسن صنعًا وانه مر بالكثير
" كنت اود سؤالك عن امر "
" اسأل "
" هل كنت تعلم ان "
ثم سكت ليبتلع غصته وكرر السؤال
" هل كنت تعلم ان ابي على قيد الحياة ؟"
سكت اسامة قليلًا وحدق بوسام وعلم ان سلطان ظهر امام وسام وقال
" نعم "
" لماذا لم تخبرني؟ "
" وسام "
" ماذا ؟"
" اين كنت عندما اختفيت ؟"
جفل وسام ولم يستطع الرد
"ارأيت ؟ مثل ما هناك اشياء لا تستطيع ان تخبرني بها ، هناك اشياء لا استطيع اخبارك بها ، ولكنك سوف تكتشفها يومًا ما "
سكت وسام قليلًا وقال
" حسنًا "
قاطعهم صوت طرق الباب
" ادخل "
دخلت الخادمة وقالت
" سيدي ، نادية هنا "
احتدت ملامح كل من وسام واسامة فورًا
وقف وسام وقال
" دعنا نرى ما تريده هذه المرأة "
وخرجا من الغرفة وفي ذات اللحظة خرجت كارما و وسن من المجلس الداخلي بعد ان تبادلتا ارقام بعضهم واحبو شخصيات بعضهم البعض وكانت دردشتهم ناجحة لجعلهم صديقات مقربات .
تقابلت عيون كل من كارما و وسام للحظة
توقفت وسن امام اخويها وقالت بابتسامة خافتة
" كارما دعيني اعرفك على اخواي ، وسام واسامة"
" تشرفنا "
رد كل من وسام واسامة
" الشرف لنا يا انسة "
ثم نظر وسام لوسن وقال
" وسن ، تلك المرأة هنا "
احتد وجه وسن وقالت لكارما
" كان من الجيد لقائك يا كارما ، اتمنى حقًا ان نلتقي مجددًا "
ابتسمت كارما وقالت
" بالطبع وضعتك ضمن قائمة افضل اشخاص قابلتهم "
" وانتِ ايضًا "
" اذا استأذن الان "
" دعيني اوصلك للباب "
وصلو عند باب الفيلا حيث كانت نادية تقف وهي متكتفة تنتظر احدًا ليظهر
نظرت كارما بعيون نادية وهي متفاجئة وبادلتها نادية بذات النظرات ولكن لم يتفوه احد بكلمة
ودعت كارما وسن وغادرت فورًا
التفتت وسن لنادية وقالت
" مالامر الان ؟"
" دعونا نجلس "
جلسوا في الصالة والصمت السيد
" الن تحضروا لي القهوة على الاقل؟ لم اخلكم بخلاء لهذه الدرجة "
" ما الاعصار الذي رمى بك عندنا ؟"
قال وسام وهو يتناول كوب القهوة من الخادمة التي بادرت باعطائه اولًا ثم اعطت اسامة و وسن ثم وصلت لنادية لترى ان الصينية فارغة وغادرت الخادمة فورًا وكانها تتجاهل نادية
لم تهتم نادية ولكن ابتسامتها توسعت بسبب رؤية تعابيرهم القاتمة التي يعبرون بها بكل بساطة انهم لا يتحملون وجودها .
" تعازيي لك يا وسام "
نظرت نادية لوسام بنظرة فاحصة لتبحث عن ثغرة في تعابيره
"حسنًا "
اجابها وسام بهذه الكلمة قبل ان يحضر الفنجان لفمه ويرتشف القهوة .
" متى عدت ؟"
" هل هذا يهمك ؟"
" ليس حقًا "
" لست مجبرا لاخبارك "
" انا امك "
ضحك وسام بصوت عالي ثم قال
" هذا كان سابقًا الان انا لا اعرف من انتِ ومالذي تفعلينه في منزلي "
" لابد انك متعب ، فقد مات الكثيرون حولك ، اياد ولميس ، يا لهم من عائلة مسكينة احبوك وقابلتهم بالموت"
جفل وسام لوهلة ثم رفع عيونه لينظر لنادية ويقول
" اقل شيء لم ارمهم واعذبهم ، كان مصيرًا اختاروه منذ اللحظة التي سلموا علي بها "
ابتسمت نادية وقالت
" الا ترى ماذا تملك الان بسبب تركي لك؟"
اجابت وسن على سؤال نادية وقالت
" ما يملكه اخي الان بالتاكيد ليس منك"
لم تكن وسن تعرف حقًا من اين اتت املاك اخيها لكنها تعلم ان وسام لا يمكن ان يضع يده بيد نادية ، وبالطبع كانت كل املاك وسام تابعة للاستخبارات ولم تكن ملكه حقًا انها فقط مسرحية ملفقة .
" اذا لندخل في صُلب الموضوع "
قالت نادية بعد ان ازالت ابتسامتها التي ظهرت اثناء حديث وسن
" لقد قتلت محمد يا وسام وحزت انتقامك ، توقف عن قتل الناس "
" ومن اخبرك اني قتلته من اجل الانتقام ؟"
نظرت نادية لوسام الذي رد بابتسامة ثم تابع
" الا تعلمين يا سيدة انني اقتل كل ذو فعل شنيع ، انا بطلٌ للعدالة في النهاية "
سكتت نادية ثم وقفت وقالت
" جئت احذرك من افتعال المزيد من الفوضى "
" سوف اخذ تحذيرك بعين الاعتبار "
غادرت نادية بدون ان تنظر للخلف
# انتهى
أنت تقرأ
Crime
Mystery / Thrillerالنُبذة مالذي يَحدثُ فيَ هَذا العالمِ الموحِش؟ الناسُ أصبح هَدفُهم قتل بَعضِهم البعض والأطفَال أصبحوا ضحَايا بدونِ حُروب و أنا أُدعى ببطلِ العدالة ؛ لمُجرد انني أقتلُ القتلة أنا مِنهُم ولستُ مِنهُم أنا أحارب مَن آذاني و آذى الأخَرين و أحصُل عَل...