الفصل الخامس : مجلس العظماء (86)

22 7 1
                                    

86
الفصل الخامس: مجلس العظماء
البارت السادس والثمانون
انتقلت وسن لخارج الغرفة وهي تضع الشال حول كتفيها لبرودة هذه الايام خصوصا في منطقة جبلية كالتي يعيشون بها ، كانت كارما نائمة معها بالغرفة ، كان هذا طلبًا من وسن ووافقت كارما بسعادة .
اتجهت للمطبخ لتعد لها كوبًا من الشاي لعله يساعدها على النوم الذي اصبح صعبًا عليها خلال هذه الايام
حتى سمعت صوتًا خارجًا من غرفة الجلوس الداخلية ، دب الخوف في قلبها وهي تتذكر ان وسام قال انه لن يعود الليلة وهتان لن يفارق وسام ، ورائد لا يأتي للبيت اذا علم ان وسام ليس موجودا فيه ، وسمير قال انه مشغول للغاية اليوم . امسكت اقرب شيء جاء بيدها واتخذت منه سلاحًا ، وكان اقرب شي مقلاة البيض ، ذهبت ببطء لغرفة الجلوس و رأت ظل شخص جالس على الكنبة ، رفعت المقلاة لتحاول ضربه وعندها فقط امسك بالمقلاة وسحبها من يدها
" اتضربين زوجكِ يا سيدة؟"
" سمير!، اخفتني "
حاوط سمير خصر وسن بذراعه
" من ماذا تخافين يا اخت وسام؟"
تنهدت وسن ووضعت هي بدورها يديها حول رقبته
"اخاف انا اغادر بدون ان اقول لك وداعًا "
ابتسم سمير وقبّل خدها بلطف
قالت وسن بابتسامة
" اين كنت ؟"
" اعمل لاخوك مدمن العمل "
" انا ارى"
ابتعد سمير عنها وقبّل يدها وقال لها بلطف
" احبك"
ضحكت وسن وابعدت شعرها بخجل
" انا ايضًا احبك ، لكن توقف الان كارما هنا "
" اظن انه علينا النوم بغرفتي"
" اظن ذلك "
.
حدقت نادية بسلطان بعيون مرتجفة
" انت!"
لكنها سيطرت على نفسها
جلس سلطان امامها ببرود ولم ينبس احدهما ببنت شفه
لم تتحدث نادية ولكن عيونها المرتجفة التي كانت تحدق بالمدينة كفيلة بما يكفي لتعبر عن صدمتها الشديدة بتواجد سلطان هنا .
لا تستطيع نادية انكار انها انجذبت لمظهر هذا الرجل في يوم من الايام ، خصوصا حين تزوجا قبل ٢٧ سنة ، كان لسلطان شخصية قوية وحازمة لكن كان فيه ايضا عيب خطير بالنسبة لنادية ، كان عاشق لوطنه ، كان متعصبًا ، وهو الشيء الذي كان غير مريح لنادية التي ترعرعت بعائلة فارهة اعتادت على بيع الاسلحة بطريقة غير مشروعة بالخفاء ، بالنسبة لها كان تواجد سلطان بحياتها خطر ، واكبر خطأ قامت به هو انها انجبت التوأم ، انهارت وقتها وحاولت ان تعيق حملها بأي طريقة لكنها لم تستطع ، اكثر ما اثار ريبتها هو ان سلطان كان سعيدًا بحملها رغم انه لم يكن يحبها شخصيًا ، وتحت ضغط عائلتها اجلت التخلص من سلطان لحين ولادتها لانها لم تستطع التخلص من التوام ببساطة .
وضع النادل المقبلات امامهما وتناول سلطان شوكته وبدا يتناول الطعام بهدوء ثم تحدث
" كيف حال الاولاد ؟"
جفلت نادية ثم التفتت له ببرود وقالت
"لا اظن ان حالهم يهمك "
ضحك سلطان بسخرية وتابعت نادية بعد ان التقطت شوكتها هي الاخرى
" خصوصا وانك تجاهلتهم رغم انك كنت على قيد الحياة"
اجاب سلطان بهدوء
" ليس الامر وكأنني القيتهم بدار ايتام بعد ان عذبتهم لسنتين"
ردت نادية بانفعال
" انا لم اعلم انهم كانوا تحت التعذيب وقتها!"
قاطعها سلطان وقال
" اسمعي يا نادية ، اذا كنت تظنين ان انجاب الاولاد هو فشلك فأنا كأب اراهم اكبر انجاز لي بحياتي"
تعالت ضحكة نادية الساخرة وقالت
"انت تخليت عنهم"
"انت ايضًا فعلتِ"
كلا الجانبين كانوا يعرفون انهم تخلوا عن ضحايا هذه المعركة الصغار ، وكل منهم يلقي بالذنب على الاخر .
تنهد سلطان وقال
"ان تقتلي والدهم ثم تتزوجي بعده ثم تضعيهم تحت التعذيب لسنتين بعدها تلقينهم بدار ايتام كقمامة ، اثناء ذلك تبنين قوى عظيمة بينما يعانون هم كمتسولين ، بعدها بعشرين سنة تعودين لهم وكانك ام حنونة ، اليس هذا ذنبك؟"
" ماذا تقول عن الاب الذي تخلى عن زوجته وظل يناديها باسم زوجته الاولى طوال الوقت ، ثم بعد ان حاولت الام حماية صغارها بابعادهم اختفى الاب وكانه قد مات وعاد بعد عشرين سنة ليبدو كأب حنون عطوف؟ الا تحاول ان تبرئ نفسك يا سلطان؟"
جاء النادل و ابعد المقبلات لينزل الطبق الرئيسي ببطء
"انظري يا سيدة ، محاولة قتلك لي تضعك اساسًا لدمار حياتهم "
انفعلت نادية بوجه سلطان
"انا لم اكن اريدهم بحياتي اصلا!"
رد عليها سلطان بحدة
" هذه هي المشكلة ، لم آذيتهم ان لم تكوني تريدهم؟ لم عدتي ان لم تكوني امًا لهم؟ وان كنت ستعودين لوضع اللوم علي اود ان الفت نظرك انني كنت اراقبهم واساعدهم وكنت بجانبهم طوال الوقت ، لكن انت؟ انتِ اسوأ من حثالة يا نادية"
"لم عدت لي يا سلطان ؟ هل اتيت لتعطيني محاضرة في افعالي مع اولادي"
طعن سلطان شريحة اللحم بهدوء وحركها لفمه ببالغ الاتزان
"اود ان اعلمك بأن خطتك بقتلي فشلت"
ضحكت نادية بسخرية وهزت رأسها باسف
.
تنهد وسام بعد ان ابتلع مهدئاته ، شعر بالقشعريرة تسري بجسده فجاة وحرك نظره لرائد الجالس امامه والذي يعبث بقداحته
" رائد"
رفع رائد عينيه لوسام الذي يفرش مهدئاته امامه وكانه ينتقي ايها سيتناول
"السنا نحتاج قائد حرس جديد؟"
عقد رائد حاجبيه واعتدل بجلسته
" ماذا تعني؟"
وقف وسام من مقعده وهو يتحدث
" لقد تركنا الحارث، واصبح منصب قائد الحرس فارغًا ، ولن يمضي كثيرًا حتى يسير امر الرجال الى فوضى ، فقطيع بلا قائد سينطلق بجنون نحو الهاوية بدلا من الجسر"
"انت محق ، هل تفكر في احد معين ؟"
"ليس لدي احد ببالي لهذا اناقش هذا الامر معك"
سكت رائد قليلا وهو يفكر ثم قال وهو ينظر لوسام
" اظنني اعرف شخصًا مناسبًا "
جلس وسام امام رائد وكانه يرتمي على الاريكة
" من؟"
"تعرفت عليه اثناء موتك"
" لازلت لم تخبرني من يكون"
" يدعى جناد ، كان يرافقني في حلبات قتالات الشوارع"
" الم تترك هذه الحلبات؟"
" هذه هوايتي يا اخي "
سكت وسام قليلا ثم قال بموافقة
" بما انك تضمنه دعنا نقابله "
اومأ رائد ورفع هاتفه ليتصل على جناد ويستعلم عن مكانه
.
بعد ان وضعت التحلية امامهم قالت نادية
"كيف حال اسامة؟"
ابتسم سلطان وهو يتذكر زوجته الاولى والتي انجبت اول ابنائه
"الاكيد انه عاش حياة افضل من وسام لان والدته كانت امرأة عظيمة"
"انا ارى ، انه يشبهك اكثر من وسام"
اومئ سلطان وقال
" وسام لديه شخصية تشابهني واسامة لديه وجه يشبهني، لم يذهبا بعيدًا"
انهو طبق التحلية الاخير وهكذا انتهت وجبتهم ، نظر سلطان بنادية التي ظلت تسرح بالمدينة
حتى هو لا يستطيع ان ينكر ان لنادية جمالًا آسر ، لكن في قلبه كان هناك امرأة اجمل ، ولولا المهمة التي حتمت عليه الزواج من نادية لالقاء القبض على عائلتها ، لكان لم ينظر لوجهها اصلا .
" على العموم يا نادية ، ابتعدي عن الاولاد ، ثلاثتهم"
"انت قلت اني تخليت عنهم ، رق قلبي فجاة خلال هذه الايام ، اود استعادة اولادي ، وسن ووسام ، اما الثالث فلا علاقة لي به ، يجدر بوالدته الامرأة العظيمة ان تعود لاجله"
ضرب سلطان الطاولة بقبضته وسبب فيها تصدعات
"لا تجرؤي على التحدث هكذا عن امراة ميتة ، ريتا كانت لن تتخلى عن اسامة ابدًا "
" انا ارى ، اذا انا مسرورة لعودتك يا سلطان اتمنى ان لا نلتقي مجددا "
تناولت حقيبتها وغادرت المطعم بدون ندم
.
"انت متأكد انه هنا؟"
نظر رائد حوله وحدق بلوحة الملهى الليلي
"نعم قال لي انه هنا"
تنهد وسام ومسح وجهه بعنف ثم تقدم للامام بدون ندم
خلفه رائد وهتان الذين ينظرون حولهم باشمئزاز ، نعم رجال مافيا واستخبارات لكنهم ابدًا ليسوا قمامة الملاهي الليلية
وقف رجل ضخم امام وسام وقال
"الدعوة؟"
نظر وسام خلفه نحو رائد فتقدم وقال
"قل لجناد ان رائد هنا "
حدق الرجل برائد ونقل الكلام لجناد وعاد بسرعة
" تفضل يا سيدي"
ابتسم رائد بوجه وسام وقال
" تقدم ايها الرئيس"
هز وسام رأسه باسف وتقدمهم خلف الرجل ليصل لغرفة مغلقة ، من المكان ظن انه سيرى منظر قبيح بالداخل ، اكثر ما يكرهه في هذه الاماكن هو النساء اللاصقات لكن عندما دخل تفاجئ بان جناد وحده يحتسي الفودكا وهو يستمع للاغاني الصاخبة
"لازلت سكيرًا غبيًا كما عهدتك"
رفع جناد رأسه
" اوه رائد ، اعتقدت انك تمزح عندما قلت انك قادم"
جلس وسام امام جناد وجلس رائد وظل هتان واقفًا يراقب .
"اذا ؟ مالذي احضرك يا زعيم الحلبة"
فحص وسام جناد بدقة ، لديه جسد مفتول العضلات لديه شعر اسود وعيون حالكة ، لم يبدو عليه اي علامة من علامات الادمان بل بدت عيونه واضحة تمامًا ، والغريب ان بشرته بيضاء لا تناسب مظهره .
ومن جهة جناد اول شيء لاحظه هو جسد وسام المتناسق والعضلي استنتج انه قوي لكنه يستخدم عقله اكثر من قبضته .
وحول نظرته فورًا لرائد الذي تحدث
" اولا اعرفك بأخي ، وسام "
اومئ وسام له بلطف وابتسامة ومد له ذراعه باتزان
وصافحه جناد ايضًا
" وهذا هتان "
اكتفى هتان بالنظر لجناد بدلا من المصافحة
"مرحبًا بكم يا رجال دعونا نضيفكم نوعًا معتق من الخمر"
" توقف يا رجل ، لم نأتي لنشرب "
" اذًا ؟ لم يأتي احد لملهى اذا لم يكن يريد ان يشرب ؟"
لاحظ جناد ان وسام يضحك ويهز رأسه باسف
" انظر حتى ان اخوك يوافقني"
ينظر رائد لوسام يجيب وسام بهدوء
" انتما تشبهان بعضكم حقًا ، دعني اتحدث يا رائد "
اومئ رائد وسكت ليعطي وسام فرصة للحديث
" انا رجل حياتي مشغولة ، ولدي مشاكل مع ناس مزعجة كالذباب ، احدهم حاول قتلي مرارًا وبالمرة الاخيرة ماتت فيها خطيبتي "
" ياله من حزن "
قالها بنبرة مرحة بدلا من مواسية لكن وسام لم يهتم وتابع
"شككت ان ذلك الرجل هو من حاول مهاجمتي فارسلت خلفة رجال ، فمات احد اهم رجالي ، قائد حراسي ، واحتاج شخصًا كفوء يأخذ مكانه ، وقد اخبرني رائد انك مناسب لمثل هذا العمل ، طالما ان المتعة موجودة و المال وفير "
اومأ جناد وقال
" انا كذلك لكن الالتزام بعمل ! وقائد حراس؟ ايجب علي حراستك ؟"
ضحك وسام بصوت عال واشار بيده لرائد وهتان
"انا احتاج لحراسة؟ بوجود قوتي؟ بوجود هؤلاء ؟، كلا ابدًا انت فقط ستحرس اماكني ، ممتلكاتي واشخاصي المهمين "
تنهد جناد وقال
" اذا يبدو انني سوف اوافق "
" لكن لدي شرط ؟"
"والذي يكون ؟"
"لا شرب خلال العمل ، ان تأخذ اوامري بمحمل الجد ، ان تأخذ عملك بمحمل الجد "
"انا موافق ايها الرئيس "
" نعم ولا تقل رئيس انها تذكرني باشياء سيئة "
"انا موافق فقط لانه يبدو ممتعًا ، ان كان مملا سوف استقيل"
وقتها تدخل رائد وقال
" اضمن لك انه سيكون ممتعًا لدرجة انك ستمتنع عن النوم"
وقف وسام بهدوء ورفع هاتفه الذي يرن
" مرحبًا ؟"
وخرج بسرعة ليرد على المكالمة
تبع رائد خلفه بابتسامة وهم هتان ايضا بالمغادرة قبل ان يرى جناد يتبعهم
" تعال بعد ان تفوق من سكرتك "
"سيد هتان ، انا اراهن بحياتي انني فائق اكثر منك في هذه اللحظة "
وفي لحظة سدد جناد لكمة خلف رأس هتان ليسقط رجل حاول اصابة هتان من الخلف
نظر هتان للرجل الساقط وضحك بصوت عالٍ
"تعال يبدو انك ستكون ممتعًا "
#انتهى

Crime حيث تعيش القصص. اكتشف الآن