❣part 87❣
استندت على عمود للكهرباء...قام سكان القرية باستدعاء طبيبهم وقد كان يوسف نفس الشاب الذي حدثنا صباحا عن جمال هازان...
يوسف : لقد استنشقت الكثير من الدخان لذا علينا منحها الأكسجين....يا أنت..ألست حبيبها؟تعال فأنا بحاجة إليك حين استعادتها لوعيها...
يافوز: ياغيز عليك أن تكون قويا هيا...فأنت سندها الوحيد هيا...
اقتربت منها...خفت أن تكون هذه آخر لحظاتي معها..كانت تهذي بكلامها ..كان الألم يعتصرها.فبالرغم من فقدانها لوعيها إلا أنها كانت تتخبط من شدة الألم عليها...قام الدكتور بما يلزم من اسعافات أولية...كانت المسافة بين المدينة والقرية كبيرة مما جعل سيارة الإسعاف تتأخر...ما إن أفرغت رئتها من دخانها المستنشق بدأت باستعادة وعيها...كانت عيادة القرية قد خلت من مسكن الألم..لذا ظلت بآلامها تلك...كانت سكين حادة تخترق فؤادي واصلة لأعماق قلبي حين سماعي لأنينها...لم أستطع التحمل فبدأت عيناي بهمر الدموع دون توقف...سقطت دموعي على خدها الذي التهمته النيران...فتحت عيناها محدثة إياي والألم بادي عليها قائلة...
هازان: لا تذرف دموعك رجاءا..كما قلت سابقا هذه العينان ليست لها الحق في ذرف الدموع لأي سبب كان...
ياغيز بغصة في صوته: أنت لست أي سبب وحسب...أنت روحي ومسببة نبضي...رجاءا فلتهدئي..لا تتحدثي رجاءا..
هازان: كنت أود كثيرا لقاء والدتي..لكن القدر شاء أن يفرقنا وأن لا يجمعنا ثانية...إذا تعرفت عليها قم بإيصالي مدى حبي وشوقي لها...
ياغيز: هازان لا داعي لكلامك هذا رجاءا...ستتحسنين أنا واثق بهذا..
هازان: لعب الزمان بنا وغدر الظاهر أننا وصلنا لنهاية المطاف ياغيز...فلتعدني بإكمال حياتك دوني كأني لم أكن..
ياغيز: أنت نبضي هازان ألا تفهمين؟أنت روحي وسبب عيشي..لا تتركيني رجاءا.. لا يمكنني العيش دونك صدقني..ألم الاحتراق ألم لا يضاهيه أي ألم..يتمنى الإنسان الموت للخلاص منه..تمنيت الموت والإبتعاد..أصلا لقد عشت كفاية أخذت قدري من الزمن..لم يستصعب علي ترك هاته الحياة سوى حنيني لرؤية والدتي ..شوقي لأخي وتركي لياغيز وحيدا يصارع متاعب الحياة....
بقينا على حالتنا تلك قرابة الثلاث ساعات..حتى انهار جسدها الصغير ذاك من كثرة الأنين... وصلت سيارة الإسعاف ..كان أول ما قام به الأطباء هو القيام بتخديرها قصد التخفيف من الألم..صعدت معها للسيارة حيث أنها لم تقم بإفلات يدي..كانت أصابعها متشبثة على يدي..كانت تلك عادتها عند خوفها أو شعورها بالألم ....وصلنا للمشفى فجهزت غرفة العمليات حيث أن قلبها لم يتحمل كل ذلك الألم...ذاقت علي الدنيا بما رحبت...لم أحظى بحبيبة قبلا إلا هي كانت من وهبت لي الحياة وها أنا أمتحن بفقدانها..كنت مستعدا للتضحية بما ملكت لاستعادتها...بالرغم من أنني كنت محاطا بكل معارفي محاولين الشد من أزري إلا أنني أحسست نفسي وحيدا في دوامة الحياة..بعد قرابة الساعتين خرج الدكتور..لم أعلم كيف حملتني قدمي وأوصلتني أمام الطبيب كنت شبه مخدر وكأن قطعة من قلبي قد انتشلت سألت الطبيب بهلع عن حالتها..
الطبيب: لقد مرت العملية بسلام ولم تكن هنالك أية مضاعفات...إلا أن
كنت أخاف من كلمة "إلا أن"فهي لا تبشر بالخير أبد..أكمل الدكتور قائلا : إلا أنها ستبقى بعاهتها تلك...لقد تشوه نصف وجهها
ياغيز: المهم أن هذا لا يؤثر على حياتها صحيح؟
الدكتور: لا هذا النوع من العاهات لا يؤثر ...يصطحبه القليل من الألم الذي يتمكن الإنسان من مجابهته..لكن الأهم هو تقبل المريضة لوضعها هذا...أرجوا أن تقفوا معها في محنتها هذه حين استيقاظها..والآن بالإذن منكم..
يافوز: شكرا لصراحتك دكتور....
بهار: كيف ستواجه هازان هذا كيف...كيف ستنظر لنفسها بالمرآة بعد هذا...
ياغيز: المهم أنها على قيد الحياة..لا يهم الباقي..
بهار: لا تتغابى رجاءا يا ياغيز..نحن نتحدث عن فتاة...جمال الفتاة سر تواجدها يا هذا..
يافوز: بهار ..خففي من توترك هذا حبيبتي رجاءا..
ياغيز: لن ندعها وحدها..سنقف بجانبها ..ستتعود على حالتها هذه..
بهار: لا تضحك على نفسك ياغيز...ستمقت نفسها ..كيف لها تقبل فكرة تشوهها كيف؟أنا خائفة عليها حقا..لا أدري ما عسانا نفعل حقا لا أدري...