❣part 97❣
وصل اليوم الموعود ..اليوم الذي حملت نفسي من أجله آتية لسويسرا تاركة حياتي في اسطنبول....كان شعوري مضطربا هذا اليوم لم أستطع تحليل أحاسيسي التي تنتابني..ربما الخوف من الموت الذي يعتليني..وربنا الخوف من فقدان الأمل..وربما الخوف من تخييب ظن محبيني..ماذا لو لم تنجح عمليتي؟ماذا لو بقيت طيلة حياتي مشوهة الوجه هكذا..ماذا وماذا وماذا..قطع تساؤلاتي هاته صوت العم كريم حين قال علينا الدخول ^للبلوك^لا أريد توترا حبيبتي هيا..أمسكت بيدي ياغيز بكل قوتي لم أرد انتشالها من بين أصابعي خيفة أنني لا أحظى بملامستها ثانية.إلا أن الوقت حان وعلي الدخول فورا..ارتميت في أحضانه للمرة الأخيرة مستنشقة عطره الفواح والتمست ذقنه ممرة يداي على كامل تفاصيل وجهه كي تبقى هي آخر مرآي قبل دخولي للعملية.همس في أذناي قائلا:لا تخافي يا حبيبتي واعلمي أنه مهما كانت النتيجة سأظل مغرما بك....أمسكت الخالة ناريمان بيدي مدخلة إياي للداخل قائلة :لا تخافي فأنا لجانبك سأكون من طاقم العمل في عمليتك هذه..أراحني الأمر كثيرا..فمجرد التفكير أنها لجانبي تكفيني...استمرت العملية لمدة الست ساعات..كان الجميع على أعصابهم خاصة ياغيز الذي كان منطويا في زاوية من زوايا المستشفى شاردا في ذكرياته التي مرت برفقة هازان..متألما لما حملته عباراته القاسية من ألم في أولى لقاءاتهم.لكم تمنى في لحظته أن تلك العبارات كانت عبارات ملؤها الحب والحنان..كان العم كريم أول من خرج من غرفة العمليات..اسرع الكل ملتمين حوله سائلين بنبرة واحدة:كيف كانت العملية؟
العم كريم: الحمد لله ..لم تكن هنالك مضاعفات أثناء العملية إلا أن النتيجة لن تحدد إلا بعد شهر..
ياغيز: كيف يعني؟ما هي أسوء الاحتمالات يا عم؟
العم كريم: قد لا تزول كل التشوهات من وجهها..وربما تتغير بعض ملامحها وهي غير راضية بهذا..لننتظر داعين الله أن يكون كل شيئ على ما يرام..
الانتظار إنه أصعب من النتيجة بحد ذاتها..كانت الأيام تمر بوتيرة جد بطيئة أو ربما أنا أحسست بهذا لرغبتي الشديدة بمعرفة مصير تفاصيل وجهي..مر يوم ويومان..وها قد أتى اليوم المنتظر..جهزت نفسي لأسوء الاحتمالات .رغبت بأن أكون وحيدة حين نزع الضماد..فقبل العم كريم بذلك..أغلقت باب الغرفة وبدأت الممرضة تنزع الضماد من علي ..كاد قلبي يتوقف..نظرت للمرآة وإذ بالصدمة تعتليني...
"البلوك":هو غرفة العمليات.تلك الدقائق مرت علي وكأنها مئات السنين..لم ترضى أن تشرك أحد في نزعها للضماد سوى الممرضة المسؤولة عنها..أطالت الغياب..كنت ساهيا أفكر فيما إذا لم تنجح عمليتها ما كان عساي فعله لمواساتها..وما هي الكلمات التي أسمعها إياها كي أشد من أزرها..بقيت هكذا مدة من الزمن حتى سمعت صوت صراخها ...لم أفهم ما كانت تتمتم به..تشوشت أفكاري كثيرا فهرولت إلى الباب طارقا إياه..إلا أنها لم تشأ فتحه..اتأكت خلف الباب وهي تذرف دموعها التي سمعت شهقاتها التي اخترقت سماكة ذاك الباب الذي كان حاجزا بيني وبينها..ازدادت حيرتي فلم أفهم ما موضوعها ما سبب بكائها ذاك..رغبت بكسر الباب كان صوتي لا يخرج من جوفي لم أفهم سبب ذلك وكأنني خدرت من أخمص قدماي لأعلى رأسي..استجمعت كامل قواي سائلا إياها بغصة تعتلي صوتي..
ياغيز: هازان رجاءا أجيبي ما هي النتيجة؟لا تتركيني في حيرتي هاته رجاءا..
هازان: قلت لي قبل العملية أنك ستظل تحبني مهما كانت النتيجة أليس كذلك؟
ياغيز: أجل قلت هذا..وسأفعل..
هازان: ألن تمل مني؟ستظل بجانبي؟
قطعت وصال الأمل الذي كنت أتشبث به بعد قولها هذا ..لم يكن ليهمني شكلك يا فتاة ..كان همي أن لا أرى التعاسة على وجهك ذاك..كنت لا أود أن تكوني موضع شفقة الجميع..هذا كان همي يا مدللة فأنت روحي ولا يتخلى عن الروح مهما صار..أجبتها بنبرة حزينة: لن أمل يا هاته...وسأكون ممنونا طول العمر لتواجدك قربي..
هازان: ألن تنظر لفتاة غيري؟
ياغيز: لن أنظر اصلا أمتد بصري من رقتك يا هاته فكيف لي بالنظر لأخرى....هيا حبيبتي افتحي هذا الباب..
هازان: سأفتحه...لكن رجاءا فلتغمض عيناك تلك أود حضنك دون رؤيتك لملامحي..أود استشعار قربك مني كي أمنح القوة.
ياغيز: تمام ..ها أنا مغمض العينين يا ألطف ما رأته عيناي.
فتحت الباب مرتمية في أحضاني قائلة بصوت خافت: ها قد وصلنا للنهاية يا حبيبي..