بضعة خطوات أخذتها مع ميو للأمام نفسح مجالًا حتى يزاول الباب ما صُنِع من أجله، فوقفنا عند صف النوافذ الممتد على طول الرواق انتظر معرفة ما جاء بها للحديث معي
صخب معتاد من الطلاب في وقتٍ كهذا، يدخلون من فصولهم ويخرجون، يمرّون من أمامنا، بينما كلانا الوحيدان الواقفان في ذات المكان
لم تبدو لي ميو راغبة بقول ما عندها على الفور، إذ عقدت ذراعيها أمام صدرها وبؤبؤها الرمادي منجذب لحركة الأشخاص أمامها، كما كانت تطبق على فكّها بشدة كما لو أنها تقاوم توقها الشديد لإخراج ما يدور في بالها
حال لم أكن أترقّبه من هذه الفتاة الجامحة.. لم يكن يكبحها أحد عن التلفظ بما تريد، ولكنها الآن وجدت نفسها تردعها عن فعل ذلك
حائرة... ولم يرق لي ذلك!! إن لم تضع حدًا لترددها فوقتي سيصبح قربانًا لتخاذل جموحها أمامي ولمرّته الأولى، فتطوعت لتأجيج نيرانها عليّ عن طيب خاطر حتى تطرد نفسها من منطقة حيرتها
إتكأت بكتفي على زجاج النافذة والذي حمل نفحة من برودة الجو في الخارج وبابتسامة جانبية قلت لها: إذًا ميو هل أتيتِ مسرعة كل هذا الطريق لمحادثتي فقط؟
اتسعت ابتسامتي عندما حدجتني بنظرة حادة والتفتت بكامل جسدها تواجهني حتى تستطيع الرد علي بنبرتها القوية المعتادة معي: صادفتك أمامي فقط لأنني كنت قادمة لرؤيتي صديقي، فرأيتها فرصة مناسبة لأتحدث معك
أشرت إلى باب الفصل المفتوح أمامنا: يمكنك الدخول كما ترين إن لم تكن لديكِ الشجاعة لقول ما عندك
من أسفل غرة شعرها الأسود انتبهت لتعرّج حاجبيها في تقطيبة منزعجة: ومن قال لك أنني لا أملك الشجاعة للحديث؟
اكتفيت بضحكة خفيفة وهز كتفي كإجابة على سؤالها، فيما تابعت هي بنبرة تحذير منخفضة: توقف عن نشر الإشاعات عن شجاعتي!!
- إذًا تحدثي من فضلك فأنا انتظر!
زفرت نفسًا قبل أن تقول: كنت أريد أن أتحدث معك منذ ليلة العشاء في المطعم ولكن لا أعلم ما كان خطبك بالضبط وقتها
أومأت إيجابًا أعطيها إشارة بأنني أفهم ما تقوله ومهتم لما لديها من كلام باقٍ، خصوصًا وأن شيئًا من الراحة طفت على صدري إذ في ذلك اليوم غالبًا لم يعطي الزوجين رينيه موافقتهم للعمل في منزلي
- وما هو هذا الشيء؟
- نايت.. أنت غادرت المنزل دون سابق إنذار وقد جاء رجلين لأخذ أغراضك.. أما كان عليك أن تتحلى بعض الأخلاق وتأتي بنفسك على الأقل حتى تشكر كاميل وكارلا على استضافتك؟
وهل أنا مضطر لفعل ذلك؟ أنا أردت مغادرة منزلهما قبل أن أُكمِل يومًا كاملًا فيه، إلا أن كارلا من أصرّت على بقائي وقتها؛ لذا ما الشيء الذي يدعوني لشكرها على فعل أنا لم أكن راغبًا بأن تقدّمه لي ولكنها عاندت من أجله؟
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...