ها أنا قد وصلت.. إلى المكان الذي بدأ منه كل شيء.. سكن لومبارت
لم أُخلِف وعدي الذي قطعته على نفسي قبل يومين، بأنني سآتي الإثنين بعد نهاية اليوم المدرسي مع ساعات العقاب إلى هذا المكان حتى أعيد المفتاح لمرقده أسفل المزهرية
عندما دخلت من بوابة هذا المسكن بسيارة الأجرة كنت قادمًا من أجل نسيان نفسي السابقة في أمستردام.. من أجل حياة لا تختلف عن حيوات الناس العاديين.. ببساطة كان هدفي أن أعيش بهدوء فقط
أُغرِمت بالمكان، بكل شيء فيه.. حسدت نفسي على حقيقة عيشي ثلاثة سنوات كاملة داخله؛ لأنني بحد ذاتي كنت مفتونًا وغير مصدّق للسكن الذي كان يحتضن كل تفاصيل أحلامي بالحياة الهادئة والمتواضعة..
تلك الخيالات التي نتمناها وقت العزلة عن البشر.. الانعزال في منزل على شاطئ، أو في كوخ يستوطن غابة جبلية، أو مزرعة في ريف سويسرا.. بالنسبة لي كان هذا الخيال يتمثّل واقعًا في سكن لومبارت
غادرته، والآن أعود إليه مجددًا ولكن بحقيقتي الأصلية.. فتى العاصمة والمراهق الثريّ ابن عضو في مجلس النواب
ليس بسيارة أجرة، بل مع سائق خاص يقود سيارة بأحدث إصدار لها
في النهاية لم يكن هنالك أي مفرٍ من نفسي
الآن كل تلك الأحلام تبددت، وزالت الألوان الزاهية للمرافق التي أمرّ بها الآن لتعود إلى حقيقتها.. اعتيادية، لا شيء مميز فيها يستحق التأمل
هذا المفتاح الذي أضغط عليه بين أصابعي سيكون آخر شيء يصلني بمسكن لومبارت.. ما إن أعيده فإنني سأنهي كل ما بدأ من ذات المكان
°°°
المنزل A 413 المملوك لأسرة رينيه المكوّنة من زوجين تجاوزا الخمسين وابن وحيد يعمل في أمستردام، وهما الآن يستقبلان طالبة تبادل في مدرسة رانسي الخاصة اسمها ميو آلونسو
يالبساطة القصة عند ذكرها بهذه الطريقة! لن توضّح مطلقًا العلاقات المعقّدة التي أملكها مع ثلاثة من أربعة أشخاص يسكنون هذا البيت
كان الباب الحديدي مفتوحًا كما العادة فسّهل علي الدخول تاركًا السيارة واقفة مع سائقها أمامه.. خطوت إلى الطاولة القابعة على يساري والتي تزينها المزهرية.. رفعتها وأعدت المفتاح إلى مكانه ثم غطيّته بها
وبهذا انتهى الأمر، وحتى مع فتح ميو لباب المنزل وتصنمها مكانها تحدّق لم يشكّل الوضع فرقًا عندي، لست أنوي تبرير وجودي هنا أو حتى الكذب، سأترك التيّار يسير بي حيث يريد
- يمكنك الدخول نايت
ما قصدها؟ توقعت منها أن تسأل عن سبب وجودي هنا لا أن تدعوني للدخول إلى المنزل
على كل حال رفضت: آسف.. لقد تأخرت عن العودة للمنزل والسائق ينتظرني.. يجب أن أغادر
تركت مقبض الباب وقال: لقد عدت للتو من المدرسة كما أرى
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...