لا أخبار اليوم عن نايت سوى أنه متغيّب عن المدرسة بعد أن غادرها بالأمس في منتصف اليوم الدراسي بـ عذر مجهول حتى له، ما لم يصدّق قول آينس بأنه كان يعاني ألمًا في الرأس
وبالطبع ما كان ليصدّق بكامل كيانه أن هذه الحقيقة، هو يعلم بالفعل أن نايت يحاول التعايش مع نوبات صداع مفاجئة ولكنها لم تؤثر عليه في المدرسة كثيرًا
كان بإمكانه أن يقتنع بالأمر ويفكّر بأن ألم الرأس وصل معه إلى حد غير قابل للاحتمال، ولكن سؤاله للفتاتين اللتين تجلسان أمام مقعد نايت عنه جعله يشك في كون الصداع هو السبب الوحيد لخروجه، فـ كلتاهما قالتا أنه كان بخير وبصحة جيدة
نوبة صداع مفاجئة؟ قد يكون ذلك مُحتملًا...
ما من شيء بوسعه فعله إلا ترك الأقوال على حالها تطفو أمامه، فـ لن يعرف الحقيقة إلا من نايت نفسه ويشك أصلا في أنه سيخبره.. إنه معتاد على الكذب..
قاده هذا الأمر إلى ناحية سؤال آخر، وهو عن قدرته على حضور حفل ميلاده؟ كان يتوقّع وصول رسالة رفض منه، ولكن بما أن مساء اليوم قد حلّ دون شيء من هذا فبإمكانه أن يظن بأن الأمور سارت على ما يرام، ونايت سيأتي غالبًا..
دخل ماكس إلى مبنى نادي السباحة الرياضي.. تأخر الوقت كثيرًا على أن يكون أحد فيه، وبالفعل لا أحد من أعضاء نادي السباحة كان موجودًا، ومع ذلك فإن الباب كان مفتوحًا
سار داخله مُرهفًا سمعه لصوت تراشق ماء المسبح وضربه الواضح بصداه في المكان، وصوت خطواته كانت دخيلة على ذلك
أخيرًا وقف أمام مسبح كبير بعمق مترين موجود لغرض تشويه سطحه المتموّج بضربه وإثارته ليغدو عنيفًا، فتاة وحيدة كانت سبب قدومه إلى هنا برسالة تخبره أنها في نادي السباحة من أجل اللهو قليلًا بالمسبح
بالطبع.. تلهو بهذه القوة في مسبح بعمق مترين! من يجرؤ على الظن بأنها سـ تلعب بـ كرة الماء الملونة في حوض سباحة مطاطي ذو الأقل عمقًا على الإطلاق؟
أوقفها عن تجديفها السريع الذي يزيد المسافة بينهما وهو يقول بملل: ألا تزالين تسبحين حتى الآن ديانا؟!
طغى صوته على ضجيج الماء المتراشق بعيدًا عنه فتوقفت عن السباحة فورًا واستدارت للوراء حيث وجدته واقفًا عند حافة المسبح يضع يديه في جيوب بنطاله وحقيبته معلّقة على كتفه وينظر إليها بشيء من الاستنكار
أخرجت كفيها من الماء ورفعتها تغطي شفتيها اللتين عضتهما متورطة.. انغمست بالكامل في السباحة ونسيت أنهما سيعودان معًا إلى المنزل
حاولت تدارك الأمرك بابتسامة متوترة: لقد كنتُ على وشك الخروج بعد جولة سباحة واحدة، ولكنك جئت أبكر مما توقعت!
قطّب جبينه متضايقًا: أبكر؟ لقد تأخر الوقت بالفعل والمدرسة أصبحت فارغة وأنتِ تخططين لجولة أخرى!
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...