مساءً.. اجتمعت عائلة فينيارد في زاوية حديقة المنزل الواسعة متحلّقين حول طاولة مستطيلة يجلس على رأسيها الشخصان الأكبر سنًا، ثم على الجانب نايت في مقعد طويل لوحده، ومقابله على مقعدين فرديين كريس وماكس
كانت أحاديثهم متنوعة ومختلفة الاهتمامات.. عن جديد أقاربهم، وما هو رائج هذه الأيام، وحتى الأحداث القريبة أو السابقة التي لم يتسنى لهم الكلام فيها
الانشغال في تجاذب أطراف الحديث جعل برودة الجو قابلة للاحتمال، ولعلّه مع اندماجهم في الكلام والاستماع لبعضهم نسيت أجسادهم ذلك وما عادت تشعر سوى بدفئها الداخلي وحرارتها الطبيعية
بعد التنقل من موضوع إلى آخر نظرت أوكتافيا إلى ساعتها لتجد الوقت لا يزال في بدايات العصرية، فنقلت بصرها بينهم وسألت: أ لن يخرج أحدكم اليوم من المنزل؟
كون السؤال كان مطروحًا لهم جميعًا فـ تم اعتبار الصمت بأنهم فعلًا لن يخرجوا من البيت، وأكّد كريس ذلك بعد برهة: لا يبدو أن أحدًا يمتلك خططًا أو مواعيد لذلك
لوت أوكتافيا فمها بإحباط: للأسف الشديد.. كانت لدي بعض الأغراض التي حجزتها من خلال المواقع الإلكترونية وينبغي علي استلامها من المعارض.. قلتُ بأن أي واحد وهو في طريقه يمكنه تفقدها وأخذها
ثم نظرت إلى ماكس ونايت وطلبتهما قبل أن يتطوع أحد لفعل ذلك: هل يمكن لأحدكما أن يقوم بهذه المهمة؟ إنها ثلاثة معارض فقط.. أقمشة وأثاث وأدوات قديمة
قال روبيرتو: أليس من الأفضل أن تذهبي لاستلامها بنفسك حتى تتأكدي إن كانت جيدة لكِ؟
وضعت أوكتافيا يدها على فخذها وأجابته: كنتُ سأحب فعل ذلك، ولكن أقدامي صارت تؤلمني منذ فترة ولا أستطيع المشي بأريحية كما في السابق
نظر روبيرتو إلى العصا المائلة على كرسيها وقال بتفهم: لهذا أراكِ تتجولين بالعصا.. ظننتها مجرد زينة
أمسكت أوكتافيا بعصاها ومررت أصابعها على سطحها الأملس واللامع بينما تنظر لها بطريقة مريبة وابتسامة غير مريحة: آمل أن تكون إجراءً مؤقتًا من أجل صحتي، ولكن بصراحة هي مفيدة في أشياء أخرى غير الارتكاز عليها وقت المشي؛ لذا لن أسمح لها بأن تصبح زينة فقط
فهم روبيرتو قصدها، وهذا جعله يبتسم بسخرية: تنصحين بتجربتها؟
هزّت كتفيها: بحسب مدى استحقاق من حولك.. هل يحتاجون رؤيتها كـ زينة أم لا؟
شتت الثلاثة الآخرون نظراتهم لأجل ألا يحصل أي تواصل بصري بينها وبين عينيّ روبيرتو العسلية التي كانت تنتقل بينهم باحثة عن ردة فعل في وجوههم
عادت أوكتافيا إلى موضوعها بعد أن ضاع في هذا الحديث الجانبي وأكملت: كما أسلفت فإن القطع محجوزة بمختلف خياراتها لأنني كنتُ محتارة في تحديد الأنسب من خلال الصور.. أحتاج لرؤيتها حتى أقرر ما سآخذه من كل قطعة
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...