يوم جديد يُضاف إلى عدّاد الأيام التي قضاها شيون في منزل والده.. مرفوض وجوده هنا باستمرار أيام الدوامات، يمكنه أن يقضي المدة التي يريدها في العُطَل معه، لكن ليس ولديه مدرسة اليوم التالي لأن المسافة بعيدة قد تجعله يتكاسل على قطعها
ينتزع الموافقة من والده انتزاعًا حتى يسمح له بالمبيت عنده في وقتٍ كهذا، ولعلّ قلب آيزاك قد رقّ عليه هذه المرة لكونه وحيد في المنزل بما أن ماريوس لا يزال يقضي أيامه هنا.. سمح له بفعل ما يرغب
في العادة لا يستيقظ شيون إلا في الوقت الضائع إن كان لديه شيء مُلزَمٌ بفعله فورًا.. يحب أن يستغل الوقت إلى آخر رمق له في النوم
يترك منبه هاتفه يرن ولا يفعل له شيئًا يُسكته، هو قادر حتى على اعتبار صوته المزعج تهويدة تزيد نومه عُمقًا.. لا يستعيد يقظته إلا بعد أن يستوعب أن أطال في غيابه عن العالم الواقعي
هنا يبدأ سباقه مع الوقت في دخول الحمام وغسل وجهه وأسنانه.. ارتداء ملابسه وبالطبع وجبة فطوره التي لن يتنازل عن تناولها ولو وقعت السماء على الأرض، حتى ولو كانت كأس حليب فلا بأس.. السائق المسكين الذي ينتظره ليأخذه للمدرسة وقد وصل توتّره إلى أقصى حدٍ عنده بسبب الزحام الذي علق فيه ومن أنه لن يستطيع إيصال السيد شيون بلايث إلى المدرسة في الوقت الناسب
روتين صباحي فوضوي للغاية.. منذ أيام تدريبه كـ مُنتِج كانت حياته مبعثرة بهذا الشكل.. ينام في أي مكان، يستيقظ قبل مواعيده بوقت قصير لا يكفيه حتى يتجهّز على أكمل وجهه، كثيرًا ما قابل زملاءه في الوكالة بوجه ناعس ومظهر مبهذل
عاداته تلك قد نزفت منه بعد أن خرج من الوكالة وعاد مراهقًا عاديًا ولكن أثرها باقٍ فيه قليلًا لديه ولم يستطع التخلّص منها، ويظهر ذلك عليه في صباح كل يوم
في الليل كان آلويس قد هدّده كلما سنحت له الفرصة بإخباره أن يُغلِق منبه هاتفه فور رنينه، لا أن يتركه يُوقظ كل من في المنزل بينما هو ينعم بالنوم في سلام دون مراعاة.. يوجد رجل مريض في البيت، وطفل صغير أيضًا
حتى أنه جاءه في غرفته قبل النوم وذكّره بالأمر...
لا يعلم.. هل كان ذلك بسبب آلويس وتهديداته المستمرة التي جعلت عقله الباطن يكوّن آلية دفاعية تحميه من كل ما تلاه على مسامعه؟ لأنه أغلق المنبّه واستيقظ كإنسان طبيعي بعد فترة طويلة
لا تهويدات نوم مزعجة، ولا سباقات مع الزمن.. استيقظ وعاش صباحه مثل أي بشريّ على وجه الأرض!
أنهى ارتداء ملابس المدرسة وتأنّق كما لم يتأنّق من قبل.. كان في العادة يكتفي بترتيب مظهره، ولكن الآن ولفُسحة الوقت المتاحة له اكتشف عيوبًا قد لا تبدو كذلك وقام بتعديلها حتى أصبح شديد الرضا عن نفسه
تناثر رذاذٌ من زجاجة عطره الصباحي وفاحت رائحته الخفيفة والحلوة.. فرك كفيه ومررهما على عنقه ثم نقطة آخر السطر تمثّلت في ابتسامة أرسلها لنفسه من خلال المرآة
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...