80 طُفيلي

1K 119 370
                                    

قبل شروق الشمس كان لون السماء مصبوغًا بـ درجة غامقة من اللون الأزرق.. وقتٌ حيث لا يزال الكثيرون نائمون خلاله، وقلّة هم المستيقظين.. أمثال ماكس

أعتاد ماكس دائمًا أن يستيقظ في وقتٍ قريب من الفجر، إلا في أيام العطل الرسمية أو التعب حيث يتأخر بضعة ساعات، وبالرغم من أنه لا يذهب إلى المدرسة في هذه الفترة إلا أنه حافظ على طبيعته

وبهذا يكون غالبًا أول المستيقظين في منزل فينيارد.. يرتدي ملابس الرياضة ويأخذ هاتفه وسماعاته اللا سلكية وينزل للأسفل، فـ يجد الحياة لم تدب في الأرجاء بعد.. حتى جناح الخدم لا يسمع منه صوتًا، فـ ينتهي به الأمر بمغادرة البيت

أصبح هذا روتينه الصباحي.. الخروج والركض في أرجاء المدينة حتى شروق الشمس، وعندما يتأكد من أن والده ونايت قد استيقظا أيضًا

كان يرتدي بدلة رياضية ذات لون أبيض بخطوط حمراء على أطرافها.. وقف أمام بوابة المنزل الخارجية ليقوم بضبط هاتفه على موقع البيت حتى لا يواجه صعوبة في العودة، فلا يزال حتى الآن لم يحفظ شيئًا من شوارع وأحياء أمستردام

وضع السماعات في أذنيه دون أن يشغّل شيئًا يستمع إليه من خلالها.. بدأ بالمشي أولًا كـ استعداد خفيف لجسده إلى أن يخرج من الحي

هواء الفجر كان قويًا بعض الشيء، وباردًا.. قادمًا من وراءه لـ يرسل خصلات شعره الطويلة إلى وجهه فتضايقه.. حاول تثبيتها ضجرًا بيده دون فائدة

من الجيد أنه فكّر بالأمر وصار يحمل ربطة شعر بعد أن لاحظ أن شعره أصبح طويلًا أكثر من اللازم، وهذه الأيام قد تجاوز رقبته بالفعل إلى ظهره

لم يسبق له أن تركه بهذا الطول من قبل.. لقد أصبح أطول من شعر أبيه بشكل واضح جدًا، بالغ في إهماله له..

قام بربط شعره بعشوائية على شكل ذيل حصان.. قوة الهواء لا تساعده في ضم كل الخصل الممكنة إليه، ولكنه فعل ما قد يفي بالغرض لساعة ونصف

خرج من الحي أخيرًا، وهنا بدأت خطواته في التسارع شيئًا فـ شيئًا حتى صار يركض بسرعة مناسبة على الأرصف وبين الشوارع الفارغة

لا يملك مسارًا محددًا، فقط يجري إلى حيث تأخذه أقدامه.. كل الأيام التي يخرج فيها من أجل الركض يكون على هذا الحال فقط حتى يشعر بأنه يملك هذا العالم له وحده، لا يضايقه أحد، ولا يزعجه أو يمنعه كائن من كان عنه

خطط بأن يجعل جولات الركض هذه تساعده في حفظ الطرقات، ولكنه تخلى عن هذا الأمر.. لا يريد أن يقيّد نفسه بأي شيء.. يكفي أنه يركض في عالم يملكه رغم أنه لا يعرف عنه شيئًا

منذ أن بدأ بالعيش مع عائلة ديفاريوس صارت حياته منغلقة على نفسها بلا أي مساحات.. لم يكن يُسمَح له بالخروج دون مرافق.. رياضة كانت أو نزهة أو حتى مشوارًا مهمًا بالسيارة، لا بدّ من وجود شخص ما معه

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن