7 ما وراء المشهد

2K 180 540
                                    

غزا ظلام الليل نور السماء وشمسها وظهر القمر أقرب لكونه مكتملًا، لم تحلّ الليلة التي سيصبح فيها بدرًا مضاءً بالكامل بعد

طيلة المساء كنت أستعد من أجل المواعيد التي سأحضرها في أول عطلة نهاية أسبوع لي كطالب في الثانوية.. قد لا تكون كثيرة، ولكنها تكفي لتصبح مُهلِكة لي أحتاج بعدها إلى استراحة محارب قصيرة حتى أستطيع مواجهة يوم الإثنين جيدًا

بما أن مناسبة اليوم رسمية فقد ارتديت بدلة سوداء، مظهرها بعيد عن النمطية المعتادة بالقميص الأبيض وربطة العنق الخانقة بمثل لون البدلة.. فقط اخترت قميصًا أبيض بفتحة عنق دائرية وخامة قماشه أقرب لأن تكون حريرية.. أما شعري فقد صففته على قسمين غير متطابقين ورفعتهما قليلًا حتى يظهر جبيني

كنت شديد الرضا عن مظهري، فبطريقة غريبة جرى اختيار البِدل بسلاسة تامة ودون الحاجة للحصول على تعديلات قد تأخذ وقتًا يجعلني أقرر رؤية غيرها ومحاولة إقناع نفسي بما لست مقتنعًا به

لبست معطفي الرمادي وخرجت من باب البيت عندما أخبرتني الخادمة بأن أبي ينتظرني في السيارة.. أنزل درجات السلم الكثيرة والمضاءة بأنوار صفراء مخفية وتفكيري منحصر على تساؤل واحد أطرحه على نفسي كلما خرجت من المنزل وبدأت في نزول الدرج

كيف نجوت بعد أن سقطت منه؟

قبل عامين تقريبًا كنت قد سقطت من بداية السلّم حتى اقتربت من نهايته بعد أن تعثرت عليه.. النظر إلى مدى ارتفاعه والعدد الكبير للعتبات يصيبني بالقشعريرة كلما فكرت بأن جسدي أخذها كاملة نزولًا حتى آواخر العتبات

كل مرة أحاول طرد هذه الحقيقة من رأسي؛ لأنني ببساطة لا أريد التفكير في الأمر وهذا بحد ذاته أمر مرهق.. كل الأمور المتعلقة بهذا المنزل وأهله مُجهِدة وإن كنتُ بمثابة الجاهل وسط بقعة الضوء

محاولة الهرب من هذا الضوء إلى ضوء آخر كان أول سبب لي للتسجيل في برنامج التبادل دون السؤال عن أي شيء يتعلق به.. أردت أن يتم قبولي به بشدة لأخرج من هذا البيت وأضمن ابتعادي وتحرري منه مستقبلًا، ولكن النتيجة هي بقائي في ظلّه وقتًا أطول لا أعلم له نهاية

وطأت أقدامي الأرض بسلام ثم خطوت بضعة خطوات حيث السيارة السوداء الكبيرة واقفة أمامي فتَح لي بابها آليستر ليظهر أبي جالسًا في أقصاها

دخلتها وأُغلِق الباب ورائي.. كانت السيارة من نوعٍ خاص حيث مقاعدها الجلدية ذات اللون البني الفاتح متقابلة أمام بعضها، والأضواء الصفراء تلقي بضوءها عليها لتزيدها لمعانًا

ألقيت التحية وأنا أجلس على المقعد ليردّها أبي بخفوت دون أن يبعد نظره عن هاتفه المشغول به.. كتمت تنهيدتي واتكأت بمرفقي على ذراع المقعد لأنظر من النافذة وأرى المشهد قد تَحَرَّك مع تَحَرُّك السيارة مبتعدة بنا عن البيت إلى البوابة الخارجية

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن