20 قاتل

1.4K 144 621
                                    

كنت في طريقي إلى البوابة الرئيسية للمدرسة.. أسير على مهل بعد أن انتهى عملي في الحضانة.. عدد الأشخاص قليل مقارنة بالذروة بما أنه لا يبقى سوى من لديه أنشطة لا صفية أو منتسبين لنوادي المدرسة

من خلال العدد القليل للطلاب الذين يتقدموني بخطواتهم للبوابة ولا أرى غير ظهورهم كان هنالك واحد فقط يقف معاكسًا لاتجاهنا ويحدّق ناحية يساره بشرود

ابتسمت بخفة وتسارعت خطواتي من أجله بغية حفظ ما سيضيع من وقتٍ حتى أصل إليه.. أدار وجهه ناحيتي عندما اقتربت منه فتقدّم ليقطع ما تبقى من مسافة بيننا: بوركت جهودك

قالها شيون لي فرددت عليه: وأنت أيضًا

بدأنا بالمشي معًا في الباحة متجهين ناحية مواقف السيارات حيث تنتظرنا المركبات لتقلّنا إلى منازلنا، وخلال ذلك قلت له: منذ مدة ويراودني الفضول عن عملك في المطعم.. ماذا تفعل هناك؟

رفع يده اليمنى وبدأ يعدد على أصابعه: غسيل الصحون، تنظيف الطاولات، ترتيب الكراسي، حمل صناديق الأغذية للمستودع.. أمور من هذا القبيل

ارتفع حاجباي تعجبًا: كل ذلك في ساعتين؟!!

ابتسم وهز رأسه بثقة: لأنني سريع الحركة عندما يتعلّق الأمر بالعمل.. كما أنني معتاد

- ويدك؟

أشرت برأسي ليده اليمنى التي كان يعدد عليها وقد كانت براجمه محمّرة بشكل واضح ومتقشّرة ولاصقات جروح صغيرة تغطّي ظاهر كفه وإصبعين منه.. نظر إلى يده وقال: الجروح؟ هذا طبيعي بسبب كثرة العمل.. يداي دائمًا ما تكون هكذا بما أنني أستخدمهما باستمرار

- إنهما في حالة سيئة حقًا

- ليس كثيرًا.. إنهما الآن بخير مقارنة بالسابق

لا أفهم السبب الذي يجعل شيون يعمل في وظائف الخدمة وما شابهها من أعمال، فهو بالتأكيد غير محتاج لأجورها حتى يبذل كل جهده فيها والذي يجعل يداه متأذيتان بهذا الشكل.. ليس مضطرًا للقيام بكل هذه الأمور، ففي النهاية وظائفه هذه هي التي جعلته واقعًا في عقاب جسدي مرهق داخل مطعم المدرسة

في بعض الأوقات هو يقوم بأشياء لا أستطيع فهم مغزاها والفائدة التي ستعود بها عليه.. إلا أنه بالنسبة لي يبدو كـ شخص حرّ

اقترب شيون مني وأنزل رأسه قليلًا إلى كتفي يحاول استنشاق شيء ما، وبشكل دفاعي ابتعدت عنه وأنا أسأله مستغربًا من تصرفه: ما الأمر؟

رفع رأسه لي وأجاب: كانت هذه الرائحة منك إذًا!!

- أي رائحة؟

- العطر.. أشعر بأنني شممتها في مكان ما من قبل، واليوم كانت تحيطني ولم أعرف من أين مصدرها إلا للتو

ثم حرّك رأسه متسائلًا وأردف: أين شممتها يا ترى؟

- ذلك ليس مهمًا حتى!!

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن