108 يوم مختلف

954 102 240
                                    

في كل يوم نعيشه تتكرر لحظة استيقاظنا من النوم بدون أن يكون فيها أي تغيير، بحركة ثابتة نجد وعينا قد قفز إلى هذا العالم

ما يحصل قبلها من أحلام سواء كنا نتذكرها أم نسينا جزءًا منها فهي مختلفة تمامًا عن كل يوم، ولا سيما أن هنالك أيام لا نشاهد فيها الأحلام أو ربما يعود الأمر لنسياننا لها بالكليّة، وما تعليل ذلك إلا أنها لم تزرنا في نومنا

ننخرط بعد استيقاظنا إلى أفعال تشابه ما قمنا به في الأيام السابقة، وكلما مضى الوقت يقلّ هذا التشابه ويزداد الاختلاف الذي لا يشعر به الأغلبية ربما بسبب الاعتياد والركود، فتمرّ الأيام باهتة ومتشابهة

المهم أنه لا يوجد أي تطابق يتكرر باستمرار إلا اللحظة التي نفتح فيها أعيننا على عالمنا الصغير...

هذا التكرار الثابت يبدو كشعيرة تبثّ الطمأنينة في قلوبنا

مهما حدث في اليوم السابق، وأيًا كانت الأفكار والمشاعر التي راودتنا قبل أن يغطس وعينا في بحر عميق، فإننا نأمل عند استيقاظنا أن نبدأ يومًا جديدًا يحمل مجهوله لنا لحظة سعيدة

أو ربما في أسوء الظروف والأوضاع النفسية قد يصبح هذا التكرار لعنة يتمنى المرء بسببها ألا يفتَح عينيه مطلقًا على سبيل التغيير

عندما تُصبِح المتشابهات في حياته مُرهِقة ومُهلِكة إن استمرّ في عيشها كل يوم..

عندما يفقدُ المستقبل المجهول هويّته ويُصبِح شيئًا من السهل توقعه..

عندما يكون هذا العالم الصغير خانقًا وضيقًا ليتحمل شخص فَتَح عينيه فيه

فإن هنالك أمل وحيد ينبض بضعف، وهو أنه سيأتي ذلك اليوم المنتظر الذي سيُغلِق عينيه فيه ولا يفتحهما مجددًا.. إما أن يأتي من تلقاء نفسه، أو يجلبه المرء إلى حدّه

كانت حياتي خليطًا بين الشعيرة المطمئنة واللعنة القاتلة، وكلّ حياة هي كذلك.. لا تمشي أبدًا على وتيرة واحدة ولا لون ثابت، فهي متعرّجة ومتموجة مثل دفتر رسم يعود لطفل مشاكس لا يريد أن يكبر عن شخبطته

حملتُ غطاءً خفيفًا بعض الشيء إلى غرفة المعيشة التي لم يكن ينيرها إلا ضوء الصباح من الباب الزجاجي، وقد كان كافيًا ليغمرها بالنور والدفء

وما كان ذلك ليُعيق ماكس من أن يغفو على الأريكة ليُصبِح هذا الجاحد الوقح ملاكًا مُسالمًا وجدتُ صعوبة في تجاهله وتركه ينام مكشوفًا هكذا

فقمتُ بتغطيته ليشعر بأمان أكثر في غفوته هذه، فالغطاء بالنسبة لي هو حضن دافئ لا يحتاج إلى أذرع.. كامل الغطاء وكامل جسدي، إنه حضن لا شوائب فيه، ونحن محظوظون لأننا نحصل عليه كل يوم

جلستُ على الأرض أمامه، وأسندتُ ظهري إلى حافة الطاولة لأتأمل نوم الشيطان في لحظة نادرة ستزول بزوال استيائي منه، وتعود بعودتها

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن