19 صداع

1.6K 145 1.4K
                                    

نبضات قوية في رأسي لا تكاد تختفي إلا وتعود من جديد.. صداع قوي تطفّل علي منذ استيقظت من النوم، وزاده محاولة حفظ ما يمكن حفظه من مادة المهارات في أوقات الفراغ القليلة بين الحصص، ويأبى شيء منها أن يستقر في عقلي

حديث مجموعتي ورؤسهم التي تداخلت ببعضها عندي نظرًا لمقعدي في المنتصف كان يشتتني، يجعل السطور تضيع من أمام عيناي

استسلمت حقًا بشأن حفظ المحتوى فالوضع لن ينفع هكذا.. مع ذلك أبقيت الكتاب بين يداي وتظاهرت بالمذاكرة حتى لا يتم سحبي في الكلام معهم

امتدت يد شيون لتُنزل الكتاب وفي المقابل أرفع له رأسي حتى أنظر إليه، فسألني بجبين معقود: ألم تدرس جيدًا للاختبار؟

ابتسمت بقلة حيلة: لم أدرس من الأساس فقد نسيت الكتاب في الخزانة

التفت إلى سامويل الذي قال على الفور: كان عليك مراسلتنا على الفور حتى يرسل لك أحدنا الدروس!

كان أبعد شيء عني في الأمس هو التفكير بالدراسة والاختبار، فأنا لم أنسى أي كتاب من الأساس.. فقط كما اعتدت، أتلفظ بكذبة بيضاء في الأوقات التي أشعر بأنني غير قادر على احتمال التبرير والتفسير

لكن لا أحد سيفهم ما لم أتحدث، الجميع سيأخذون الأمر من ظاهره ويصدّقون ما هو كذبة بالنسبة لي فقط.. لا أحد يعلم فحوى ما يظنونه حقيقة.. الجميع يساير ما يظنه بمن فيهم أنا

قلت لسامويل: حسبت حسابي أن الامتحان سيكون في الحصة الأخيرة.. لا زال هنالك وقت يمكنني الدراسة فيه

وضعت الكتاب جانبًا وأنا مقتنع تمامًا بما قلته لأنني لن أستطيع مواجهة المنهج والصداع في وقت واحد إلا في حال أردت الخروج خاسرًا من كلتا المواجهتين.. رأسي ودرجاتي

سحب شيون كتابي إليه وبدأ بتقليب صفحاته على مهل: يمكنك حفظ الدروس وقت الاستراحة فهي قليلة جدًا، حتى أنا استطعت إنهاءها في أقل من ساعة

أومأت إيجابًا: لهذا السبب لست قلقًا ولا مستعجلًا

ثم قطّبت جبيني قليلًا وأنا أفكر أن شيون ليس إلا شخصًا مهملًا لدراسته، وفقط لو أنه دَرَس بجدية يمكن لمستواه أن يقفز بشكل ملحوظ ويحاول مواكبة المقدمة

إلا أنه يبدو غير راغب بفعل ذلك من تلقاء نفسه، ولو أن الأستاذ آينس يراقب مستواه الدراسي ما كان سيختلي بالكتاب نصف ساعة كاملة

عاد الخمسة للحديث مجددًا وأنا استمررت في كوني مستمعًا كالعادة إلا من تعليقات بسيطة ألقي بها في وسط كلامهم.. لا شيء أفضل من التركيز على شيء واحد.. حتى أنني مع انسجامي في مواضيعهم فقد ألم الصداع شيئًا من سيطرته علي

كنت قد انتبهت إلى اثنين يجلسان في زاوية الفصل على طاولتهما يتهامسان وهما ينظران إلينا.. شعرت بالريبة حيالهما ولكنني تجاهلت أمرهما، واستمررت في فعل ذلك.. إلا أن الوضع تغيّر عندما رأيتهما يقصدان التوجه ناحيتنا

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن