دخل ماكس إلى عيادة المدرسة فوجدها فارغة.. الطبيبة غير موجودة، والأسرّة مرتّبة ونظيفة، والستائر التي تفصل بين كل وحدة مفتوحة
عدا سرير واحد في الزاوية البعيدة كانت الستائر المحيطة به مغلقًا، وضوء الشمس من خلفها عكس ظلالًا للشخص الجالس عليه
مشى ماكس نحوه وهو ينظر للأرض حيث الحذاء كان ظاهرًا وموضوعًا على الجانب، وتأكد من أنه يخصّ ديانا فقام بفتح الستارة ليجدها قد رفعت رأسها لتنظر إليه بعد أن كانت سارحة في أمور عشوائية
تبدّلت ملامحها فور أن رأته وتأففت بضجر.. مدّت يدها لتسحب سترتها الرمادية المطوية بشكل مرتّب وأنيق من فوق المنضدة الصغيرة
رفع ماكس حاجبيه من تصرفها وقال: لم تعودي تُخفين انزعاجك من رؤيتي بعد الآن
ابتسمت بفتور بعد أن فضّت السترة استعدادًا لارتدائها: أنا مريضة حقًا ولا أرغب بهدر طاقتي البسيطة في مجاملتك، سأحب فعل ذلك لشخص يستحق
وقبل أن ترتدي السترة أمسك ماكس بمعصمها بقوة بسيطة وقام بأخذ السترة منها بيده الأخرى: إذًا استريحي لوقت أطول واجمعي القدر الذي تحتاجينه من الطاقة.. لا تغادري الآن فقد فقدتِ وعيكِ قبل نصف ساعة
- إذًا غادر أنتَ العيادة بدلًا مني حتى أرتاح جيدًا كما تطلب مني
تجاهل قولها وجلس على السرير بجانبها دون أن يترك يدها.. كان يمسح بإبهامه على ظاهر كفّها متحسسًا العظام التي أصبحت بارزة عليها قليلًا بسبب نحفها
زمّ شفتيه بضيق: هل استطعتِ أخيرًا إنقاص وزنكِ كما كنتِ تخططين قبل أشهر؟
- إنه أمر لا يخصّك حتى تسأل عنه
ورغم أنها قالت ذلك بلهجة قاطعة إلا أنه تجاهلها وأكمل: لهذا السبب إذًا فقدتِ وعيك اليوم.. انتهى تصوير المسلسل التلفزيوني فلماذا أنتِ لا تزالين بهذه النحافة حتى الآن؟
نظر إليها ليجدها تفعل ذلك أيضًا بعبوس، فمحا الضيق عن وجهه سريعًا وابتسم ابتسامة محايدة بينما يتفحّص ملامحها التي تحمل علامات مختلفة من الإرهاق مثل ذبول عينيها، وهالات سوداء أسفلها، وشحوب بشرتها
حاول أن يمازحها قليلًا عندما وجد عبوسها في وجهه لطيفًا: تغذيتكِ سيئة بينما أنتِ تجنين مالًا كثيرًا كفنّانة، سيكون هذا محرجًا إن عَلِم معجبوكِ بالأمر!
لم تستطع حتى اصطناع ابتسامة على سخافته، فقط هزّت رأسها وهمست: من الأفضل ألا أردّ عليك من أجل سلامة عقلي...
- لا بأس عندي بأن نبقى صامتين أيضًا ما دمنا نجلس معًا
أغمضت عينيها وحاولت أن تتحلى بالصبر.. ألا يفهم أن مجرد جلوسه هكذا دون أن يفعل شيئًا يرهقها ويستنزفها أيضًا؟!
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...