الجهل مخيف، ولكن المعرفة ليست جيدة دائمًا
لا أعلم لماذا لم أكن أتوقع ذلك، ولأي سبب لم تخطر هذه الفكرة في ذهني.. أنّ صديق ميو الموجود في صفي كان هو ذاته صبي النظارات أوليفر رايتون
كانت تجلس معه، وبجانبه مكان سامويل يتحدّثان بانسجام تام، والأحمق شيون يشاركهما الكلام باستمتاع تام
وكالعادة أن الوحيد الذي لا يجد المتعة في مثل هذه المواقف؛ لأن القدر يكتب علي التواجد مع شخص لا أطيقه، لا أحب وجوده، ولا سماع صوته
وفي ذات الوقت لا أريد أن أترك المكان بسهولة، أن يختلي هذا الشخص مع من أعرفهم بسبب مشاعري الشخصية اتجاهه والتي قد تطغى علي وتجعلني أُفسِح المجال له
يحب الإنسان تعذيب نفسه ليستيقظ شعوره...
أجلس مع ثلاثتهم برفقة صمتي، ولا مبالاتي الظاهرة.. أبدو كشخص شارد في عمق أفكاره، إنما أذني لم تترك التقاط أصواتهم من الهواء
أسندت وجهي إلى قبضة يدي وقد اعتراني شيء من الضجر.. لماذا أفعل ذلك بنفسي؟
تنهدت بانزعاج ويبدو أن ذلك جذب ميو الجالسة خلفي مباشرة فتقدّمت بجسدها قليلًا ناحيتي وقالت بصوت خافت نسبيًا: طلبت مني أن أعرّفك على صديقي وظهر أنك تعرفه.. لماذا تبدو منزعجًا الآن؟
قطّبت جبينًا مثبتًا انزعاجي لها عوضًا عن نفيه: أفكّر بشكل جاد بالطريقة المناسبة التي ستضمن لي إفساد علاقتكما
- ألن تتوقف عن قول مثل هذا الكلام؟
زممت شفتاي بضيق وعدت إلى صمتي مع ضيق أكثر وضوحًا من السابق، أما ميو فقد هدأت عن الحديث وبقيت مستمعة ولم يفتني إلقاؤها بنظرها علي من وقتٍ لآخر
اصطدتها في مرة تنظر إلي وقلت لها بغتة: وأنتِ لماذا تنظرين إلي الآن دون سبب؟
أشاحت بعينيها عني بهدوء شديد واتكأت على الجدار قائلة بدون نفس: لا تشغل بالك
استغربت من تصرفها البارد هذا اتجاهي.. لم أقل لها أي شيء قاسي حتى تظهر ملامح مبتئسة على وجهها، في العادة أنا أقول لها ما هو أسوء بغرض إغاظتها وهي ترضيني بسرعةِ اشتعالها غضبًا.. لعلّي تماديت معها؟ لا أشعر بذلك صراحة
مال جسدي قليلًا على الطاولة الفاصلة بيننا وسألتها باهتمام: هل غضبتِ مني؟
ابتسمت بسخرية: تصرفاتك باتت معروفة فلو قلت نعم سيكون ردّك أن هذا أفضل، ولو قلت لا فسيزيد نشاطك في المضايقة
ولكنني لم أكن أنوي استفزازها بعد أن تجيبني على سؤالي!! هل أبدو لها شخصًا غير مهتم لهذه الدرجة؟
ربما كان علي بذل بعض الجهد من أجل إخفاء استيائي هذا وعدم التصريح به، ربما بدوت جادًا حقًا في جوابي عليها بأنني أريد إفساد صداقتهما.. بغض النظر عن أن جزءًا صغيرًا من هذه الرغبة صادق وأحاول تجاهله
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...