58 ذكريات

982 109 215
                                    

نستمرّ في قضاء أيامنا وساعاتنا دون الشعور بمرور الوقت، وكأنه إجراء هامشي لا يستحق التفكير في أمره إلا عندما تصفو أذهاننا وتفرغ رفوف حياتنا مؤقتًا مما يشغلها، فنتفاجأ بالتاريخ واليوم الذي وصلنا إليه، ونخاف من الحياة ومضيّها سريعًا بلا إحساس منا

ولكن ما تلك اللحظة إلا لحظة تفكير عابرة.. تستمر إلى أن تمتلئ حياتنا مجددًا وننشغل بتفقّد الجديد الذي تحويه وتجربته تاركين الوقت وراءنا كـ البائع الذي يضايقنا أثناء تقضية مشترياتنا

نحن نشتري ولا نعي حتى نفقد...

أمشي وأنا حائر في الفراغ منذ ساعات.. أراقب الوقت ويراقبني.. في حذر مني وعتاب منه.. ما كان باليد حيلة وأنا لا أملك أي مخططات أقضيه في تنفيذها حتى وصل بي الزمن إلى الظهيرة

تخدّرت قدماي من طول المشي ولم أُنزِل بهما أي رحمة تريحهما.. يمكن إخراس الوقت بذلك، أن ما استهلكته منه في المشي بلا وجهة جيّد لصحتي في المقام الأول

استوقفتني الكثير من المتاجر أثناء نزهتي الطويلة على الأقدام.. دخلتها رغبة في ترتيب ذاكرتي بمطالعة كل ما هو عشوائي من الممكن أنه ارتبط بموقف سابق حصل لي

أظن أنني مستعجل حقًا على تنظيم كل الفوضى والبعثرة في حياتي.. بالرغم من أنني ضعت وآثرت البقاء منتظرًا لعلّ أحد يجدني لأتبعه، ولكن ها أنا أفعل ما لم أخطط له.. أعمل على ترتيب حياتي وتوضيح نقاطها.. متى كنتُ بهذه الشجاعة التي تجعلني أواجه نفسي وحياتي؟

لعل حلولي كـ ضيف في منزل لا أذهب إليه إلا لزيارات قليلة وقصيرة يجعلني أرغب بالعودة سريعًا إلى بيتي حتى لا أُثقِل على المضيف بطول مكوثي عنده

بالفعل كان الذهاب إلى منزل آينس خيارًا صائبًا.. لو ذهبت عند آليستر أو ليا لكنتُ في وضع معاكس تمامًا للآن!!

خلال نزهتي شاهدت الكثير من المواقف داخل عقلي من أوقات مختلفة.. المفرح والمحزن، المؤثر والعابر، المهم وغير المهم، الكبير والصغير.. خوارزميات كثيرة ومعقدة عمل عقلي عليها حتى يساعدني على استعادة توازني سريعًا دون تضييع فرصة الاختلاء الثمينة التي لم يكن ليوافق أبي عليها في الظروف العادية

مررت قبل وقتٍ قصير بـ قرطاسية صغيرة، دخلتها وتجوّلت داخلها متفقدًا بضائعها.. أخذت وقتًا طويلًا عند قسم الدفاتر وأوراق الملاحظات، والأخيرة ذكّرتني بفعل سخيف قمت به عندما كنتُ طفلًا مدللًا في السابعة من عمري وفي الأيام الأولى من العطلة الصيفية والتي كانت مملة جدًا لا أنشطة فيها

لم أفعل شيئًا سوى مشاهدة أشرطة الأفلام طوال النهار، واستثني من ذلك الخروج مع جدّتي لوقتٍ قصير من أجل المشي.. جدّي في العمل وأبي الذي كان يُكمِل دراساته العُليا إلى جانب وظيفته لم ينتهي فصله الدراسي بعد لذا لم يكن حاضرًا في مساءات بداية عطلة الصيف تلك

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن