إن كنّا مُطالبين بأن نتفهم بعضنا البعض، فـ لماذا يكون هذا مطلبًا صعبًا تستثقل النفس فعله وهي راضية به؟ محاولة فهم المقرّبين لنا تبدو مهمة مستحيلة، وضع الأعذار لشيء غير واضح المعالم هي أكاذيب نُجبر أنفسنا على ارتدائها حتى نضبط اهتياجنا
إن كنا مرتبطين ببعضنا فلماذا لا تتشارك أرواحنا الفهم عوضًا عن محاولات التفهّم البائسة لننقذ أنفسنا مما قد يصيبنا من خذلان الأشخاص الذين ارتبطنا بهم؟
إن تشاركنا نفس الدماء والحياة، فأين المشكلة في مشاركة أفكارنا التي لا نستطيع النطق بها؟ البوح صعبٌ دائمًا ولكنه أمرٌ لا بدّ منه؛ لأننا لا نمتلك لاقطات أفكار في أرواحنا
لشخصٍ كتوم، فإن محاولة الحديث عما يشعر به وتوضيح أسباب ما يفعله هو بمثابة اقتلاع لكلمات تجذّرت في عمق قلبه.. يكون النطق بذلك مؤلمًا إلى هذا الحدّ
لـ كيان عاطفي، فإن وصفه بالبرود واللامبالاة هو ضرب بالسياط على جسده لذنب لا يمكن القول عنه ذنبًا.. إنه يهتم حقًا، يقلق بكل تأكيد! ولكن لديه طريقته الخاصة في التعبير عن اهتمامه بغيره
الغير بالنسبة له ليسوا سواسية، هم على درجات مختلفة في التعامل معهم، وتبديل أمكانهم بترقيتها أو تخفيضها مع مرور الوقت هو أمرٌ وارد
الكل يملك هذا النظام، ولكن طُرق إدارته لا يمكن إحصاؤها كميًا ولا حصرها عدديًا.. نحن مختلفون، نسبيّون.. تتفاوت درجات عاطفتنا وكتماننا، عقلانيتنا وصراحتنا.. يمكن أن تطارد الواحدة الأخرى، وليس مستحيلًا أن تتعاكس الطرق، وفي أحوال أخرى فإنها تتصادم وينتهي الأمر بنا إلى أن نتناقض.. يُستعصى علينا فهم أنفسنا!
ليس عدلًا أن نُلام على عدم فهمنا للناس إن كنا في المقام الأول نقع في فخّ ضياع ذواتنا وصعوبة فهمنا لكينونتنا
والآن.. كيف يمكن لـ كريستوفر أن يُقنِع نايت بالعودة معه إلى المنزل؟
لا يستطيع الوصول إليه من الأساس حتى يقدر على إقناعه.. يرفض رؤيته، هاتفه مغلق، ولن يستغرب إن كان قد قام بحظر جهة اتصاله..
لقد كان نايت بالنسبة له طفلًا يسهل فهمه، يمكن التعامل والتفاعل معه، حتى وإن كان متطلّبًا ومدللًا إلا أنه سهل الإرضاء سريع النسيان لضغائنه
طفولة ابنه كانت الفترة الأكثر تقاربًا لبعضهما.. رغم أن نايت كان يعيش في أمستردام مع جديه، وكريستوفر لم يكن مستقرًا تمامًا معهم بُحكم عمله ومشاكله ثم دراسته في لايدن ومعيشته بين المدينتين.. إلا أنها الفترة الأكثر امتلاءً بالحب والاهتمام الصريحين اللذين قدّمهما كريس لـ نايت.. كانت الفترة المليئة بالذكريات الدافئة رغم كثرة الضغوطات
لا يظنّ أن نايت يتذكّر الكثير بحكم صغر سنه، كريستوفر وحده من يفعل ذلك.. الأكبر هو أكثر من يتذكر
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...